محمود موسى صالح

حقاً إن محمود كان هادئاً كالهدوء الذي يسبق العاصفة كان صامتاً رابط الجأش بكل الأحوال.. إنه كما يقولون السهل الممتنع.. إنه المناضل الذي لا يهوى الظهور.. كيف لا وهو الذي يعي خصوصيته وهو ايضاً الذي يعرف ماله وما عليه مثلما كان فعلاً يعي ما يريد إنه يافع كدالية بربرة وحنطة أطرافها ونقاء مياه جوفها وصرامة تراثها.. وعراقة السامر بنساء ورجال بربرة.. وهم يحيون تراث السيوف وعراقة الكوانين.. بهذه الأصالة كان محمود.ق المقاتل الجيفاري بنكران ذاته وتصميم أن لا يعود إلى بربرة إلا بسيفه فإما أن يكون عظيماً في عودته لها أو أن يكون عظاماً في جوفها.. هذا هو محمود القائد المقاتل... محمود الملقب " أبو وسام" هذا الاسم الذي أحبه واختاره لنفسه .. أبو وسام ابن العشرون ربيعاً فلقد لامس الثورة في 28/8/1982 وهو الذي ينتمي لعائلة متوسطة الحال عائلة عمالية.. عاش والده عصامي الحال فهو الإنسان المريض الذي لم يمنعه مرضه أن يكون ماهراً في صنعته ليعيل أسرة من أربع عشر إنساناً. وهو الذي استطاع أن ينشئ اسرة ينحدر منها المتعلم والمثقف والثوري... هذا الإنسان النبيل " أبو عادل" وزوجته " أم عادل" الإنسانة المصونة حيث أنه ما جف دم محمود إلا وكان عرس شهادة أخيه وائل الذي نال الشهادة على مفرق الفالوجا بتاريخ 15/10/2005 وهو ابن الثالثة والعشرون ربيعاً. فهنيئاً لك يا بربرة وهنيئاً لك يا أم عادل وأبو عادل وأنت يا محمود بإقتحامك بربرة ينتصر الدم بعبقه الأبدي الفلسطيني على السيف، لا بل على كل معاني الهزيمة.. يقول أحد رفاق محمود.. إنني لم أكن أشعر أن محمود يخفي تحت هدوئه ميلاد عاصفة وعودة لاجئ. عمل محمود في العمل الحزبي وكان يتردد على المكتب التنظيمي في مخيم جباليا، عُرف رفيقنا بمبادراته الخلاقة واشتراكه بفعالية الجبهة وكان أول من حمل الراية وحافظ عليها فلقد كان لا يستصغر المهام البسيطة محمود كان بسيطاً فلقد نال شهادة الإعدادية في مدرسة " أ" الإعدادية وحصل على شهادة الصناعة " الإمام الشافعي". أحب الرفاق وأحبوه.. انتمى رفيقنا محمود إلى كتائب الشهيد أبو على مصطفى وكان يطالب دائماً أن يكون استشهادياً. ولما عُرف رفيقنا محمود بصدقه وقوة إرادته وتلهفه على الشهادة والتضحية ولقد صان أسرار الحزب والكتائب في لقاءاته ومخاطباته فكان واحداً من الذين تختارهم الكتائب وممن تنطبق عليهم مواصفات العمل الاستشهادي ليكون واحداً من أسرة وحدة الاستشهاديين التي خرجت أبو سرية والسعيدني والقصاص ولقد تم اختياره ليكون أحد حلقات الرد على اغتيال القائد العظيم أبو على مصطفى. لقد كان رفيقنا يعمل في السرايا في سجن السلطة وعندما أراده الحزب قام بالانسحاب من عمله كما تنسحب الشعرة من العجين..ليسلم نفسه إلى رفاقه ويقول أنا جاهز.. يا رفاق... في لحظة الصفر في 2/4/2002 خرج محمود وهو يودع بعينيه والديه وإخوانه وأخواته.. ودون أن يدري أحد بذلك... خرج خروج المصمم القاهر القادر على اختراق الحواجز والمصاعب .. مقبل غير مدبر كما يقولون وكان هدفه بعد أن تواصل مع الرفاق سيراً حتى حدود الوطن المقابل لما يسمى " بكيبوتس إيرز" .. تقدم رفيقنا ملوحاً بيده لرفاقه .. وصيتي لكم يا رفاق أن تستمروا على دروب الشهداء والاستشهاديين فالنصر آت آت.. بهذه الكلمات أسدل محمود الستار.. ستار التواصل مع الرفاق واستمر في مسيرة الصدق حتى تلاحم الرصاص بالرصاص على الرؤوس.. إلى أن استشهد رفيقنا . واعترف عدونا بإصابة ثلاثة إصابة خطيرة من الصهاينة إلا أنه اعترف فيما بعد بموت الثلاثة أثر إصابتهم في العملية العسكرية التي قام بها أحد جنود الجبهة الشعبية. ليروي محمود ثرى هذا الوطن ويحقق حق العودة الذي أراده دوماً المجد لشهيدنا يركع ولكل الشهداء