فكري عبد الكريم خروات

ولد الشهيد البطل فكري سليمان علي في قرية بيت حانون ـ غزة فلسطين عام 1954. تقع قرية بيت حانون ـ حيث ولد الشهيد ـ على الحدود الفاصلة بين فلسطين المحتلة من قبل الصهاينة في العام 1948 وبين باقي الأراضي التي كانت تحت إشراف وإدارة مصر قبيل العام1967 حيث وقعت تحت الاحتلال بعد هزيمة حزيران. يهيمن على بيت حانون الإقطاع والبرجوازية الكبيرة، ولد الشهيد وسط عائلة معدمة، وترعرع في ظل هذا الجو المؤلم، وكان يذهب منذ طفولته مع أبناء قريته إلى الحدود ليشاهدوا الحواجز وقوات الطوارئ الدولية، وعلى مسافات قليلة يشاهدون المستوطنين الصهاينة وجنودهم تدوس وتنهب أرضنا فلسطين أرض الإباء والأجداد، كانت هذه المشاهد تقض مضاجع الرفيق ليل نهار، وكلما كبر كبرت الصورة ألماً وقهراً، على الأرض التي يستغل ثرواتها المحتلون الغزاة، لكن الأمور لم تنتهي عند هذا الحد. إبان حرب حزيران 1967، والهزيمة الناتجة عنها، كانت قرية بيت حانون من أولى القرى التي احتلها العدو الفاشي، بعد مقاومة أهلها وجيش التحرير الذي كان مرابض هناك. مارس العدو في هذه القرية ممارسات تدل على همجيته فأجبر الجماهير المحتجزة أن تنام على الشوك والأقذار وبعد ذلك أخذ جنود العدو يدوسون على أجسادهم، إلى جانب كثير من الممارسات التي لا مجال لحصرها، حيث تظهر جلياً الطبيعة النازية لهذا العدو، عاش رفيقنا الشهيد فكري كل هذه اللحظات، التي تركت بصماتها على حياته وتفكيره، لقد اشترك رفيقنا الشهيد فكري بكل المظاهرات والاضرابات إضافة إلى توزيع المناشير، وآمن بالفكر الثوري، فكر الجماهير الفقيرة والمضطهدة من قبل الإرهاب القومي والطبقي، فكر العائلة المعدمة التي ولد فيا الشهيد لذلك كان التزامه والتحاقه بصفوف الجبهة لتحرير فلسطين، المعبر الحقيقي عن طموح هذه الجماهير الكادحة في العام 1970. حصل الرفيق فكري على التعليم الثانوي وأثناء دراسته كان ملتزماً بالجبهة ويناضل بين صفوف الطلبة، ويقوم بعلمية التنظيم والتحريض والدعاية لبرنامج حزبنا الثوري. لقد كان معروفاً عن الرفيق الشهيد عمله الصامت وكان خلوقاً في تعامله مع الجماهير، وترجمته للالتزام الثوري ترجمة حية وملموسة. كلف الرفيق بالقيام بإلقاء قنبلة يدوية على دورية تابعة لجنود العدو الإسرائيلي بالقرب من النافورة ـ غزة. وقام الرفيق الشهيد بتنفيذ الأوامر الصادرة إليه فألقى القنبلة ولكنها لم تنفجر، وفي هذه اللحظة التي انكشف أمره فيها حاول الفرار للنجاة بنفسه، فأخذ جنود العدو يطلقون الرصاص عليه فسقط شهيداً في تشرين اول / اكتوبر عام 1971. لقد جاء استشهاد الرفيق فكري، بعد فترة شهر من زواجه مبرهناً على حسه الثوري مترجماً بهذا الاستشهاد الإخلاص والتضحية من أجل الأرض العربية، ومن أجل الجماهير المضطهدة، مؤكداً باستشهاده أن البرنامج الثوري هو البرنامج الكفيل بالتصدي لمعسرك الخصم مهما كانت قدرات هذا العدو العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية. إن دماء الرفيق الشهيد فكري لن تذهب هدراً ولكنها ستكون مشعلاً على طريق التحرير الكامل.