حقيقة الاعتراف الإيطالي بفلسطين

حجم الخط

 

ترجمة واعداد: وسام الخطيب

 

"الاعتراف بفلسطين: يوافق البرلمان على مقترحين متناقضين. "اسرائيل" ترحب والسلطة الفلسطينية تشعر بخيبة أمل" هذا ما عنونته صحيفة "لاريبوبليكا" الايطالية في خبرها عن الاعتراف بفلسطين، يوم الجمعة 27 فبراير.

وقالت الصحيفة، بعد بداية فوضوية جداً، وافق البرلمان الإيطالي على مقترحين مختلفين حول الاعتراف بفلسطين. كان أحدهما أكثر وضوحاً وصراحة من الآخر، وهو الذي قدمه الحزب الديمقراطي – صاحب أغلبية المقاعد في البرلمان -، ودعمه حزب اليسار والحرية. والآخر المقدم من بضعة أحزاب يمينية وسطية والتي قررت إخضاع المسألة برمتها إلى اتفاق سياسي بين فتح وحماس.

الأرقام تتحدث بوضوح، 300 عضو في البرلمان صوتوا لصالح المقترح المقدم من الحزب الديمقراطي مقابل 45 صوتوا ضد. وقد وافقوا أيضاً على المقترح المقدم من الأحزاب اليمينية الوسطية. تلك النتيجة أبهجت السفارة الاسرائيلية في روما، التي أصدرت مذكرة تقول: "نحن نرحب باختيار البرلمان الايطالي الذي يقضي بعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ودعم المفاوضات المباشرة بين "اسرائيل" والفلسطينيين، على أساس مبدأ دولتين بوصفها طريقة عادلة للوصول إلى السلام"، وهو ما خيّب آمال السلطات الفلسطينية، حيث قامت ممثلة منظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي بإرسال مذكرة، تقول: "من المؤسف أن القرار غير ملزم باعتراف غير مشروط ورسمي بالدولة الفلسطينية، نحن نطالب الحكومة الإيطالية أن تعترف بفلسطين دون شروط".

وفيما يتعلق بالمقترحين، فإن المقترح المقدم من أحزاب اليمين الوسطية لا يظهر صراحة اعترافاً مباشراً بفلسطين، لكنه يخضع قضية الاعتراف إلى خطوة أولى "تمهيدية". في الحقيقة، إنه يطالب الحكومة بالالتزام بـ "تشجيع التوصل لاتفاق سياسي بين حركتي فتح وحماس، ومن خلال الاعتراف بدولة "اسرائيل"، والتخلي عن العنف، سيحدد الشروط للإعتراف بدولة فلسطينية".

أما المقترح المقدم من الحزب الديمقراطي، فهو أكثر وضوحاُ فيما يتعلق بالإعتراف بدولة فلسطينية، كما وصفته صحيفة "لاريبوبليكا"؛ حيث ينص على "مطالبة الحكومة باستمرار دعم الهدف من انشاء دولة فلسطينية تتعايش بأمن وسلام وازدهار إلى جانب دولة "اسرائيل"، على أساس الاعتراف المتبادل والتسليم الكامل بالإلتزام المتبادل لضمان عيش المواطنين بأمن وأمان بعيداً عن أي نوع من أنواع العنف والأعمال الإرهابية"، إضافة إلى "التزام الحكومة بتشجيع الاعتراف بفلسطين كدولة ديمقراطية ذات سيادة على حدود 1967، وتكون القدس عاصمة مشتركة، مع الأخذ بعين الاعتبار المخاوف والمصالح المشروعة لدولة اسرائيل".

وأضافت الصحيفة، وعلى لسان وزير الخارجية الإيطالي، والعضو في الحزب الديمقراطي، "باولو جنيتيلوني" الذي أعرب عن أفكاره بوضوح، قائلاً: "من حق الفلسطينيين أن تكون لهم دولة، ومن حق "اسرائيل" أن تعيش بأمان في مواجهة أولئك الذين يرغبون في محوها عن الوجود. وبأخذ هاتين الحقيقتين بعين الاعتبار فإن الحكومة تعمل على تقييم الدافع من برلماننا لتشجيع الاعتراف بدولة فلسطينية وبذل أي جهد لاستئناف المفاوضات من الجانبين كليهما".

من جانب آخر، كانت الردود الصهيونية على الموضوع ردوداً باردة ولم تعره اهتماماً حقيقياً، حيث قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية؛ "في الوقت الذي تعترف فيه معظم الدول النامية بفلسطين كدولة، فإن معظم الحكومات الأوروبية لا تعترف بفلسطين، بل تدعم الموقف الاسرائيلي والأمريكي بأن الدولة الفلسطينية يجب أن تأتي من المفاوضات مع "اسرائيل". إن التصويت الرمزي لا يغير موقف الحكومة الإيطالية، التي كغيرها من الحكومات الأوروبية، لا تزال تدعم حل الدولتين عم طريق المفاوضات".

أما فلسطينياً، فقد مارس الإعلام الرسمي السلطوي التضليل كعادته وذكر الخبر من زاوية التطبيل للجماعة المتنفذة فيها التي تستجدي اعترافات رخيصة من المجتمع الدولي، حيث رحبت قيادة السلطة الفلسطينية بمشروع القرار الإيطالي، واعتبرته انتصاراً جديداً حققته الدبلوماسية الفلسطينية. تلك الأدوات السلطوية فشلت مرة أخرى في محاولات التلميع والتخدير وترطيب الأجواء قليلاً تمهيداً لمزيد من التنازلات والتفريط بشعبنا وحقوقه.

إن موقف الترحيب الفلسطيني الرسمي بمشروع قرار من هذا النوع، لا يساوي الحبر الذي كتب فيه، وهو استخفاف بعقول شعبنا واستهتار بنضالاته وتضحياته، وهو أيضاً مزيد من التغول في المهزلة الدبلوماسية التي تمارسها تلك الجماعات المتنفذة في البيت الفلسطيني.