علي جبر ابو ناصر

حجم الخط

غادرنا على جبر ، دون ان تتكحل عيناه برؤية الوطن حرا !

هكذا إذن! ذهب ..

ذهب ليس خاوي اليدين ، بل يملأ قلبه حب الوطن ... حب إلى درجة الإستعداد للتضحية بحياته من أجل حرية الوطن وحرية الأمة العربية ووحدة الأمة حرة كريمة .

تدرب على حمل الوطن منذ نعومة أظفاره ، فبنى جسده وروحه عاشقا ،كفاحيا ،تقدميا ، يساريا وكان أهلا لذلك .

انتمى لحركة القوميين العرب وتدرب خلالها على الإنتماء العميق والذي لا يتزعزع بفعل أعتى النوازل وخلال ذلك صعد إلى مستوى القيادة وقدم خدمات جليلة ..ابن المخم هذا .هو من قرية الغار مواليد عام 1937م.

وما ان تفتحت عيناه حتى حلت النكبة عام 1948 فعاش حياة المخيم منذ نعومة أظفاره ثم أصبح مناضلا فلسطينيا شبلا وشابا وشيخا .

وما أن حلت مأساة حزيران حتى هب مع رفاقه يبنون ويرممون قواعد الحركة والتي أصبحت قواعد الجبهة ، فكان وبما له من أهلية سياسية وعسكرية متقدما وفي الصف الأول .

فدائيا كان . هو ضحى وناضل وهو من قليلين امتزجت تضحياتهم بانجازات سجلت تاريخا مشرفا وتم البناء عليها تاريخيا .. لا غرو في ذلك . أليس هو من جيل تأسيس حركة القوميين العرب ؟ أليس هو من مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبافتخار ؟

ليس هذا كل شيء : في السجون كان من الطلائع الذين شاركوا في بناء حركة أسيرة داخل السجون حيث تعرف على الفكر التقدمي وساهم في تعبئة وتثقيف الفدائيين في السجون وساهم في نقل الوعي الوطني لهم وتنظيم حياتهم الفكرية والإنسانية . وكان هذا في ظروف عصيبة وقاسية ، كان هناك مخاضا صراعيا مع كل ما حمله الفدائي الفلسطيني البسيط من موروث القرون ضد التنظيم والإنتظام وضد التوعية والثقافة - أي محافظة وضد التغيير .

إن من أبرز مآثر جيا ابو ناصر على جبر أنهم تمكنوا من تنظيم حركة وطنية منظمة داخل السجون أمام احتمالات سلبية شتى وأمام هجمة الإحتلال للخلاص من الحركة الوطنية خارج وداخل السجون . لعلي جبر دور كبير في هذه المرحلة .

دور كهذا لا يتكرر ولكن فعله وتأثيره قائم إلى يومنا هذا في السجون .. كما أن التربية الوطنية داخل السجون انتجت عشرات ومئلت الكوادر التي عمقت الدور الكفاحي للجبهة الشعبية وغيرها من الفصائل الوطنية .

على هذا فحين يموت هؤلاء جسميا فإن هناك الكثير الكثير الذي لم يمت بعد .

حينما تحرر منم السجن أصبح كادرا وطنيا ومجتمعيا يشار له ولاسمه بالبنان .

لقد ظل يحمل الهم الوطني والمجتمعي . أليس هخذالا بديهيا ؟

ما هو لبس بديهي عند عدد من الناس ، إن بعضهم انحنى بهذه الصورة او تلك وبعضه أراد أن يصبح واقعيا : أي يتخلى عن وطنيته متأثرا بشعارات الإعتدال والحلول التاريخية واستحسان الهبوط إلى المستنقع .

علي جبر ليس واحدا منهم .

غادرنا على جبر ، دون ان تتكحل عيناه برؤية الوطن حرا !

ولكنه ظل يحمل الوطن بين ضلوعه حتى غادرنا

ظل وطنا فلسطينيا وقوميا عربيا وتقدميا وهذا في ظروف اليوم وسام رفيع

عاش الرفيق علي جبر ولتضحياته الوفاء وعاشت ذكراه العطرة