الى أبو علي مصطفى : دفاعا عن جبهتك الشعبية

حجم الخط

تعرّضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد عقد مؤتمرها الوطني السابع قبل نحو عام ونصف تقريبا إلى حملات إعتقال ومُلاحقة أمنية متواصلة طالت اكثر من 200 من المناضلين والمناضلات في أكثر من 60 قرية ومدينة ومخيم في الضفة الفلسطينية المحتلة . جرى التحقيق - والافراج لاحقا - عن العشرات منهم . المعظم جرى محاكمته وفق قانون " الاعتقال الاداري " . فيما تتواصل هذه الحملة الأمنية المَسعورة على الجبهة الشعبية ويَستهدف العدو من يعتقد أنهم كوادر وقيادات الصف الاول من أعضاء هيئاتها المركزية الاولى وما يسميه " خلايا في طور الاعداد " !

لكنه يفشل في كل يوم أكثر . لماذا ؟

لإننا لا نَلحظ تراجعًا في دور الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد عقد مؤتمرها السابع ، لا بل المزيد من تعاظم و تراكم الفعل و الحركة والنشاط. واظن أن هناك دائما ما يقال ولا يقال في الارض المحتلة . إن الاعتقالات لا تكسر ظهر الاحزاب الثورية ، بقدر ما تزيدها صلابة وقوة و حضورا و تُغني تجربّتها الكفاحية و تتيح لكادرها فرصة اختبار ارادته وقناعاته . العدو يعتقلك لإنه يخاف منك ، أو لانه يخاف من دورك المُحتمل. ومن قدرتك الكامنة.

وقدّمت الجبهة الشعبية في العام المنصرم وحده مجموعة من خيرة شبابها الى دار المجد والخلود قضوا جميعا في ميدان الحرب والاشتباك والمواجهة. ولا نظن اننا في حاجة للدخول في التفاصيل او للاشارة على هذا الصعود المتنامي لدورها في قطاع غزة المحاصر . رغم كل الظروف الصعبة و الشروط المجافية وقلة الإمكانيات.

إن مثال و نموذج المُناضلة خالدة جرار وغيرها من الرفيقات دليلا جديدًا على أن المرأة الفلسطينية لم تُعّد أو تُخلق " للعمل النسوي " على أهمية و مركزية العنوان النضالي الكبير الذي يتصل بهذا العنوان ونضال المرأة الفلسطينية و حقوقها ، ولا نقول ذلك استخفافها بعذابتها و خصوصيتها ، لكن يمكن للمرأة المناضلة أن تتجاوز هذا القيد/ السقف المرسوم لها و تكون قائدة حزبية و وطنية أيضا ، لها كلمة مسموعة و يصغي لها الرجال والنساء.

لماذا نقول هذا الكلام ؟ والان ؟

نقول هذا الكلام لأن هناك من يتعّمد - عن قصد - إشاعة جوًا من الإحباط والتشكيك ويسئ إلى الجبهة الشعبية في جو لا علاقة له بالنقد الهادف أو لتصويب موقفها و مسارها الى ما يعتقدوه صوابا . فأهلاً وسهلاً بالنقد البناء الثوري . دائمًا ، هذا لا يضير الجبهة ، لكن هناك دوائر تعمل اليوم لتحقيق سياسة ( كسر الظهر ) تريد تحقيق هذا الغرض الخبيث بإسم " النقد " . وللاسف يتساوق معها بعض " الحردانين " و المُضَلَلين ومن لا دور لهم.

اليسار الفلسطيني الجذري تراجع وتعرّض إلى نكسات كبيرة طوال العشرين سنة الماضية ، نعم ، لا أحد يُنكر هذه الحقيقة. لكن هذا ليس عيبًا ولا قدرًا علينا ، هل يظل اليسار يراوح في دائرة " الازمة " !؟ ممنوع عليه أن يتحرك أو يتقدم ؟ وإن حاول أو فعل ، صار يجب هدمه بمعاول " النقد" والتشكيك ؟! نُقزّم دوره و أهدافه ؟ هذا بالضبط ما يريده العدو الصهيوني وما يسعى اليه هوامير المال من اليمين الفلسطيني المهزوم ، و قوى المصالح (ة ) و السلطة والامتيازات الصغيرة..

تراجع اليسار الثوري في العالم كله وليس فقط في الوطن العربي و فلسطين المحتلة . ثم عاد . لانه ضرورة اجتماعية وطبقية . اليوم في بعض القارات عاد بقوة اكبر ، بل صَعَد في عشرات الدول الى سُدّة القرار السياسي بالانتخابات الحُرّة المُباشرة.

ربما من المهم التذكير ان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ليست " فصيلا " بالمعنى " الفلسطيني " الضيّق للكلمة ، من يتعامل معها على هذا الاساس لا يعرفها . إن للجبهة قُوة الإمتداد التاريخي و الإرث الكفاحي المُمتد من عُمان إلى المغرب . هناك قوى واحزاب و شخصيات وتيارات لا تزال ترى فيها ( الحزب - الأم ) ومرجعيتها الفكرية و السياسية. والموقف السياسي للجبهة الشعبية يشكل هاديًا و دليلاً لمئات القوى السياسية و عشرات القوى الثورية في العالم .

ما يسميه البعض ب " الازمة " التي يعيشها اليسار ، نُسَميه نحن : التحديات والمهام النضالية . لا يوجد شئ اسمه أزمة قدرية مستمرة . يوجد تحديات يجب تجاوزها. وهي مهام نضالية شاملة و مستمرة حتى يوم العودة والتحرير ، منها اليومي المُباشر و منها قصير المدى و المنظور ، و منها ما يدخل في الحيّز الاستراتيجي البعيد . مهام تشمل السياسي والفكري والكفاحي و النقابي و الجماهيري و غيرها و غيرها . كل هذه عناوين و ميادين عَمَل ، تقول لنا : على الجبهة أن تقاتل على ألف جبهة.

في ذكرى استشهاد الرفيق القائد أبو علي مصطفى سوف تقدم و تُخرّج الجبهة الشعبية المئات من فتيان " طلائع العودة " في قطاع غزة ممن تدربوا على السلاح و قرأوا و عرفوا أكثر عن تاريخ الحركة الصهيونية و عن تاريخ شعبهم أيضا. و الجبهة تُعّد نفسها لمعسكرات مماثلة للبنات والطالبات أيضا .

إلى الامام يا حزب القائد و الفدائي أحمد سعدات...إلى الامام و إلى النصر .