تجليات المشهد السياسي وأزمة الأحزاب والحلول

حجم الخط

ديناميكية المشهد السياسي الفلسطيني، وحمى الصراع المتعدد الأجيال والطبقات داخل الأحزاب والجماعات والأنظمة والأحداث الإقليمية المشاركة في صناعة المشهد السياسي على الساحة الفلسطينية، إضافة لضعف البناء الرسمي للقوى والأحزاب الفاعلة بالنظام السياسي حيث الكثير من الأوجه والمنطلقات والتمايز بالانتماءات، والتأثيرات المتبادلة ما بين المحلي والإقليمي. هذا المشهد يضع أمامنا تحديات من الوزن الثقيل وإلى جانبها فرص كثيرة لتصميم بيئة استراتيجية من نوع آخر، مما يتطلب منا تعزيز ومراكمة مقومات الصمود والدفاع عن هويتنا الوطنية ورؤيتنا السياسية والأيديولوجية لطبيعة الصراع، وتعزيز قدراتنا على بناء روافع تأثير على الأقل في بيئتنا المحلية، والعربية القريبة والحاضنة لمشروعنا الوطني التحرير، باعتماد طرق تفكير مستحدثة منطلقين من كوننا نعيش ذروة معركة سياسية قومية وطنية ومصيرية، لرسم معالم المنطقة، ووجه النظام السياسي الفلسطيني، بل ورسم الخارطة الجيوسياسية للمنطقة العربية برمتها.

اليوم مثلاً لا يمكننا مواجهة تحدي حياتي معيشي دون ربطه بالموقع الطبقي والانحياز لشريحة المهمشين والمتضررين والفقراء والمسحوقين.

كما لا يمكننا التعبير عن موقفنا الطبقي دون ربطه بالصراع الرئيسي مع الصهيونية ومن خلفها الامبريالية العالمية.

هذا كله يدعونا لبلورة مفهوم يفتش عن الفرص، ويطور مزيج من الأدوات والوسائل متعددة المجالات، والاستخدامات، وتسخير لاعبين رسميين وغير رسميين ليصبحوا لنا شركاء سياسيين، فاليوم أمام ضعف البناء الرسمي للقوى والأحزاب الفاعلة بالنظام السياسي الفلسطيني، كنتيجة من أهم نتائج افرازات اتفاقية أوسلو، وقدوم السلطة، جعل من التأثيرات الاجتماعية والتربوية والاقتصادية عامل منهم ومؤثر جداً إلى حد أكبر من المعتاد عن المراحل السابقة، مما يستدعي منا أن نعيد النظر في نقاط مرجعية ضبطت سياستنا لسنوات طويلة للتوافق مع تلك المتغيرات من خلال التأكيد على إقامة ائتلافات سياسية واجتماعية تستجيب لتعقيدات محيطنا ونظامنا السياسي.

هذا الواقع المتشابك والمعقد لحالة الأحزاب السياسية، إضافة إلى المجموعات الشبابية، أو تلك الجماعات التي تمتلك رؤى مخالفة لأحزابها، وتباينات مع مواقفها الاجتماعية والسياسية أن تفتح قنوات الاتصال العلنية والسرية مع كل جماعة أو حزب أو مجموعة لا تعادي مشروعنا الوطني، ولا ترى بالتسوية إلا طريقاً لهدر الطاقات وتبديد الفرص والممكنات، وتتوافق معنا في طبيعة فهمها للصراع العربي الصهيوني.

هذا الفهم التشغيلي يقوم على أساس الدفاع القوي والمعد لتحقيق رؤيتنا لعملية إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس وطنية ديمقراطية مقاومة يعفي شعبنا وقضيتنا الفلسطينية من أعباء وتكاليف الصراعات الثانوية، ويعيد بوصلة الصراع بوجهتها الحقيقية، ويجنب مجتمعنا الفلسطيني ويلات الغزو الفكري التكفيري، ويخفف من حدة الأزمات والفقر والحاجة، ويعزز مقومات صمود المواطن الفلسطيني.

من هنا كان التحالف الديمقراطي خياراً صحيحاً في تجميع نقاط القوة، وتحرير المؤسسات الخدماتية من أعباء الانقسام، والمناكفات السياسية، وصولاً لبناء تيار ثالث مقابل طرفي اليمين الممثل في حركتي فتح وحماس.