في الذكرى التاسعة لرحيل حكيم القدس الدكتور أحمد المسلماني

حجم الخط

 

مركز حنظلة للأسرى والمحررين



كنت أتجهز كباقي الأسرى لزيارة الأهل قبل تسعة سنوات، وعندما خرجنا للزيارة، وإذ بوجوه الأهل جميعاً تحاول أن تلمح لموضوع لا يمكن تفسيره إلا أن حدثاً جللاً قد ألم بهم، فتحت سماعات الزيارة لأتحدث مع أهلي، فعلمت منهم أن الدكتور أحمد المسلماني قد رحل عنا. كانت الصدمة كبيرة في صفوفنا جميعاً، وعلى الفور ومن دون تنسيق اتخذت الزيارة شكل الهمس بالحديث بعيداً عن طابعها المعهود بالحديث الصاغب والضوضاء نظراً للاشتياق للأهل، فكل الأسرى والمتواجدين كونهم من العاصمة القدس كانوا يعرفون الرفيق الراحل شخصياً، وقد عرفوا عنه مناضلاً أو أسيراً أو طبيباً.

وكان من ضمن المتواجدين بالزيارة المناضل المقدسي أبوعزام المسلماني شقيق الدكتور أحمد، وقفنا جميعاً وتوجهنا إلى الشباك الذي كان يقف عليه أبوعزام من جهته وآل المسلماني من الجهة المقابلة لتقديم واجب العزاء له .

من الطبيعي أن كل فلسطيني اختار طريق النضال قد تأثر بشخصية نضالية معينة أو أخرى، جعلته يؤمن بهم وبأفكارهم وتوجهاتهم، وأقول باعتزاز وفخر بأنني كنت من أولئك الذين تأثروا بنموذج الدكتور أحمد، وأجزم بأن جيلاً كاملاً قد تأثر به مثلي.

بدأت علاقتنا بالدكتور عندما كنت طالباً مدرسياً أنتمي لإحدى حلقات الذراع الطلابي للجبهة خلال دورة للإسعاف الأولي كان هو المشرف عليها.

تطورت علاقتي الشخصية والتقيته مجدداً بعد تحرري من الأسر عام 1995 لتأخذ العلاقة بعدها شكلاً تنظيمياً، فقد كان لي ولبعض الرفاق شرف التعامل مع الدكتور ضمن اللجنة التنظيمية لمنطقة القدس والتي كان يرأسها.

كان أول الحاضرين للاجتماع، وآخر المغادرين، يهتم بتعبئتنا وشحذ هممنا وتثقيفنا، كان قيادياً جدياً لأبعد الحدود طالما الاجتماع الحزبي قائماً، وانساناً فكاهياً ضحوكاً بعد رفع الاجتماع . كان يؤمن بجيل الشباب وطاقاتهم وقدراتهم على التغيير، وقام بترشيحي لعضوية قيادة منطقة القدس والتي أصبحت وقتها أصغر أعضائها سناً، وتشرفت بالعمل معه مجدداً في قيادة منظمة القدس إلى أن أصبحت مطارداً من قبل قوات الاحتلال، إلا أنه حرص على لقائي ورفيق دربي الرفيق شادي الشرفا أثناء مطاردتنا، وحرص على أمننا وسلامتنا وتوفير متطلباتنا.

في الذكرى التاسعة لرحيل الدكتور احمد المسلماني "أبو وسام" أقول أن فلسطين والقدس بمدينتها وقراها وأزقتها وشوارعها وبلدتها القديمة افتقدت مناضلاً مقداماً شرساً مؤمناً بعدالة قضيتنا الوطنية، أسيراً معطاءً مثابراً محرضاً ضد سياسات مصلحة السجون، وطبيباً مداوياً ومعالجاً لجراحات وآلام أبناء شعبنا، وإنساناً متواضعاً خدوماً أحبه كل من عرفه وتعامل معه.

فسلامٌ إلى روحك الطاهرة يا حكيم القدس.



الأسير الرفيق حلبي اعتقل بتاريخ 19/4/2002م على خلفية انتمائه للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ونشاطه العسكري فيها، وقد حكمت عليه المحكمة الاحتلالية بالسجن مدة 28عاماً، وقد تنقل في كافة السجون. ويتمتع الأسير بعلاقات وطنية متينة مع كافة الأسرى، فهو صاحب شخصية مميزة ومحبوبة، وقد خاض مع زملائه في الحركة الأسيرة كافة الفعاليات والنشاطات، وشاركهم في الإضراب عن الطعام.