مقاطعة الكيان.. لنأخذ هول مثالا

حجم الخط

لقد جاء رفض المؤرخة البريطانية للجائزة الصهيونية في الذكرى الـ69 لإقامة الكيان, وفي الوقت الذي ترفض فيه بريطانيا الاعتذار عن وعد بلفور, وفي الوقت الذي اتخذت فيه دول الاتحاد الأوروبي قرارا بتشديد العقوبات على العداء للسامية, هذه البدعة التي اخترعتها الصهيونية (وفقا لمؤرخين وكتاب عالميين كثيرين, ومن ضمنهم كتاب يهود) لإلصاق تهمتها بكل من بنتقد سياسات الاحتلال.

 رفضت بروفيسورة التاريخ البريطانية كاترين هول تسلم جائزة صهيونية بقيمة ربع مليون جنيه استرليني, ذلك , تضامنًا مع حملة BDS لمقاطعة إسرائيل, وتعبيرا منها عن موقفها السياسي من الاحتلال السوبر فاشي للأراضي الفلسطينية .وفسّرت رفضها للجائزة بالقول: “لقد انسحبت من الجائزة, وكان هذا الخيار السياسي المستقل بعد العديد من المناقشات مع مجموعة من المهتمين بالقضية الفلسطينية, رفضتُ الجائزة كموقف سياسي مستقل”. وبحسب تقرير نشرته صحيفة “ذي إنديبندنت” البريطانية, الثلاثاء 24 مايو/أيار الماضي, كانت المؤرخة المتخصصة في تاريخ الاستعمار ستتسلم جائزة من مؤسسة “دان ديفيد” في حفل بتل أبيب, الأحد 22 مايو/أيار الماضي, غير أنها رفضت الحضور. وتدعو الأكاديمية هول إلى مقاطعة الكيان الإسرائيلي وعدم التعامل معه اقتصاديا, وتنتمي إلى مجموعة حركة مقاطعة إسرائيل في بريطانيا, التي انطلقت في العام 2005, تحت اسم “المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل”. هذه التي ينتمي إليها مئات من الأساتذة والأكاديميين البريطانيين. تجدر الإشارة إلى أن لجنة مؤسسة “دان ديفيد” اختارت البروفيسورة والناشطة في مجالات السياسة وحقوق المرأة والحركة النسائية، كاترين هول، في شهر فبراير/شباط 2016 لتسلم جائزة هذا العام.

وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية فإن هول هي أستاذة التاريخ بكلية لندن المرموقة, ومؤرخة ثقافية ونسائية بارزة. من جهته وصف وصف رئيس دولة الكيان رؤوفين ريفلين, المقاطعة الأكاديمية الدولية لـ”إسرائيل” بـ”الخطر الكبير”.

وقال خلال لقائه وفدا من مجلس أمناء جامعة تل أبيب: “إن إسرائيل لن تسمح للكراهية بتكميم الأفواه”. جدير ذكره, أن حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي خصصت 100 مليون دولار لتحسين صورة كيانها الفاشي في العام 2016, وها هي تتلقى الضربة تلو الأخرى على صعيد المقاطعة, وآخرها رفض المؤرخة البريطانية تلقي جائزة من الدولة الإرهابية والما بعد عنصرية. ولقد حققت حركة مقاطعة الكيان, إنجازا كبيرا, حينما قرر مجلس الاتحاد العام لطلاب الجامعات البريطانية, الانضمام إلى الحركة.

للعلم, توصف الجائزة المتحدّث عنها بأنها رفيعة, أطلقها في 2002 رجل أعمالٍ صهيوني, فحملت اسمه, وتُعطى في اختصاصات الماضي والحاضر والمستقبل لثلاثة فائزين, تكريمًا لتميّز أبحاثهم, وقد قبلت البريطانية المختصة بتاريخ الاستعمار كاترين هول, هذا التكريم, قبل أن تتواصل معها حركة مقاطعة إسرائيل, فتقتنع بما يقوله أعضاؤها, ثم أعلنت قرارها الذي أذاعته. ولمداراة هذه الصفعة, عمدت جامعة تل أبيب إلى توزيع المبلغ الذي رفضته الأستاذة هول, كهبات ومنح لطلاب صهاينة يدرسون التاريخ.

خطوة المؤرخة البريطانية تماهت أيضا مع إعلان المخرج السينمائي البريطاني المشهور, كين لوتش, في تظاهرة سينمائية فلسطينية جرت في باريس, ودعوته مجدّدًا إلى مقاطعة “إسرائيل”, بل وطالب بأن “نعمل, نحن كمدنيين, كل ما في وسعنا من أجل ذلك, فليس هناك سلطة دولية في العالم تعمل من أجل إعادة حقوق الشعب الفلسطيني”. وقد تأَلق لوتش بصراحته الظاهرة هذه, بعد يومٍ من احتفاء الأضواء به، لنيله جائزة “السعفة الذهبية” في مهرجان كان عن فيلمه الجديد: “أنا دانييل بليك”. معروف عن لوتش أيضا, رفضه المطلق عرض أفلامه في مهرجانات إسرائيلية, وكان واحدا من ستمئة فنانٍ ومثقف وأستاذ جامعي وقّعوا, سابقا على بيانٍ يدعو إلى مقاطعة الكيان, وقد حافظ لوتش دوما على رفضه للعنصرية الصهيونية, ذلك, انسجامًا مع خياره الذي يستمر فيه وهو رفض الإجرام والوحشية والاحتلال الصهيوني, وهذه كلها سمات أساسية ملازمة للدولة الصهيونية. لقد أغاظ نيل لوتش, الجائزة الأهم في الموسم السينمائي العالمي قبل عام, دولة الكيان وأنصارها في أوروبا, وبخاصة في فرنسا.

للعلم أيضًا, في عام 2007, اتخذت نقابة الأساتذة والأكاديميين البريطانيين والتنظيم العمالي الأكبر في بريطانيا (يونيسون) قرارات بمقاطعة المؤسسات الأكاديمية اللصهيونية, ردًّا على جرائم الاحتلال الفاشي, التي يرتكبها يوميا بحق شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية. هذه القرارات أثارت حفيظة المحتلين الصهاينة حينها (ولا تزال تتفاعل حتى اللحظة 2017) ما دفع الهستدروت (الاتحاد العام للعمال في الكيان) إلى محاولة إلغاء هذه القرارات, وقام بإرسال احتجاجات سنوية إلى رئيس التنظيم العمالي البريطاني تطالب بإلغاء القرارات, ويحذر دوما من تبعاتها, ومبينًا أن لدى “إسرائيل” إنسانية في معاملة العمال الفلسطينيين! هذا في الوقت الذي يتعاظم فيه الإجرام الصهيوني بحق شعبنا عامًا بعد عام, والتنكيل بأبنائنا وبناتنا وقتل أطفالنا, ومصادرة أراضينا وتهويد القدس, وارتكاب المذابح, فهذه هي “إنسانية” الكيان, التي يدّعيها الهستدروت! أرأيتم أوقح من هؤلاء؟

لقد جاء رفض المؤرخة البريطانية للجائزة الصهيونية في الذكرى الـ69 لإقامة الكيان, وفي الوقت الذي ترفض فيه بريطانيا الاعتذار عن وعد بلفور, وفي الوقت الذي اتخذت فيه دول الاتحاد الأوروبي قرارا بتشديد العقوبات على العداء للسامية, هذه البدعة التي اخترعتها الصهيونية (وفقا لمؤرخين وكتاب عالميين كثيرين, ومن ضمنهم كتاب يهود) لإلصاق تهمتها بكل من بنتقد سياسات الاحتلال. الخطوة أيضا جاءت تزامنًا مع نجاح لجنة المقاطعة في لبنان بمنع عرض فيلم صهيوني, في دور السينما اللبنانية. التحية لكاترين هول.