صفقات البيع والتهويد

حجم الخط

في تكرار لحادثة بيع ألف دونم من الأراضي الفلسطينية للكيان، كشفت صحيفة «كلكليست» الاقتصادية الصهيونية، عن بيع أراضٍ تابعة للكنيسة الأرثوذكسية (اليونانية) في القدس المحتلة، وذلك بمساحة تقدر ب500 دونم من أراضٍ وقفية تابعة للكنيسة نقلت ملكيتها إلى بلدية الاحتلال في المدينة، على أن تخصص الأخيرة الأراضي لمستثمرين ورجال أعمال يهود. ووفق الصحيفة، فإن ما كشف النقاب عن خفايا الصفقة هي دعوى قدمتها الكنيسة إلى المحكمة المركزية في القدس، طالبت فيها بإلزام البلدية بإصدار مستندات تؤكد أنه لا يوجد للأخيرة أي حق بمطالبة الكنيسة بضرائب «الأرنونا» «الإسرائيلية» عن 500 دونم. وقبل نحو عام، وقعت الكنيسة نفسها على صفقة لبيع 200 قطعة أرض في حي الطالبية وحي المصلبة لمجموعة مستثمرين لم تكشف هويتهم، علماً بأنه يسكن في هذه الأراضي عشرات العائلات الفلسطينية التي تخشى أنه بعد انتهاء عقود الاستئجار (بعد 30 عاماً) سيجبرون على إخلاء بيوتهم.

هذه الصفقة تعتبر استمراراً لصفقات سابقة، مارستها القيادة اليونانية للكنيسة الأرثوذكسية، بالتواطؤ مع العدو الصهيوني لتصفية أملاك الطائفة الفلسطينية الأرثوذكسية، فهي ليست المرة الأولى، حيث سبق لبطريرك طائفة الروم الأرثوذكس في القدس كيريوس ثيوفيلوس وأن أبرم صفقة بيع ملكية أرض قيساريا بالكامل (طابو)، بما تحويه من معالم أثرية وكنوز فلسطينية تاريخية. لوحظ أنه، ومنذ تنصيبه بطريركاً عقد ثيوفيلوس تباعاً، صفقات بيع وتصفية الأملاك والوقف الأرثوذكسي في فلسطين المحتلة والتي كان آخرها، عند دوار الساعة، صفقة بيع أرض قيساريا الأثرية التي تبلغ مساحتها 834 دونماً مقابل مليون دولار، وعمرها آلاف السنوات. وكانت اللجنة الشعبية للدفاع عن الأملاك الأرثوذكسية قد قالت في بيان سابق «نحن نعرف ونملك أدلة على بيع البطريرك لأراضي بيسان، والبصة، ومعلول، والسجرة، والبريج، حيث تتعدى أملاك البطريركية ال20 ألف دونم والعديد من المواقع، إنه بيع للوطن». أيضاً في نفس السياق، تأتي تصريحات الناشط في ملاحقة عمليات بيع أملاك الكنيسة، وعضو المجلس الأرثوذكسي في الأراضي المقدسة، عدي بجالي، الذي أكّد أن فعل الكنيسة الأرثوذكسية يأتي ضمن «مخطط خطر» لتسليم المدينة المقدسة ل«إسرائيل»، معتبراً أنها تخالف كل القوانين.

إن الصفقة، توجّه ضربة موجعة للحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية، الإسلامية والمسيحية على حد سواء، على نحو يكشف انتهاكات البطريركية الأرثوذكسية بحق الوطن الفلسطيني، وبخاصة في هذه المرحلة من عمليات التدمير الممنهج التي تجري على أكثر من ساحة عربية، وبخاصة الساحة الفلسطينية، حيث تجري خطوات جدية لتصفية القضية الفلسطينية، تصفية تامة، وعلى نحو ازداد تماماً مع وصول البطريرك ثيوفيلوس إلى موقعه. من قبل تمت صفقات بيع لأراض فلسطينية من أملاك الكنيسة في عهد سلفه البطريرك ارينيوس، إلى أن جرى التعهد والالتزام ووعود صارمة، قيل إن البطريرك الجديد قطعها على نفسه، لأكثر من جهة، كنسِيّة، وأخرى إقليمية، بأنه ليس فقط لن يبيع، بل سيستعيد ما جرى بيعه، وللأسف، كانت مجرد وعود، لم يجر تنفيذها، بل كانت مجرد تهدئة خواطر للرعية العربية والفلسطينية، ولذلك تواصل مسلسل البيع والتفريط غير المسبوق تحت ذرائع وحجج لا قيمة لها

لقد صرّح محامي الشركة التي اشترت العقار بن دافيد، لذات الصحيفة: على هذه الأرض التي جرى بيعها، يوجد عقارات إضافية كثيرة غير مُستغلّة، وأن الصفقة الأخيرة هي أراضي الطالبية المُحاذِية لأرض «حديقة الجرس»، وهي كانت سابقاً أيضاً ملكية للبطريركية الأرثوذكسية، كما الأراضي المحيطة بدير المَصلّبة (دير الكُرج) التي يحدّها مبنى ال«كنيست» من جهة ومتحف «إسرائيل» من جهة أخرى، والموقعان مُقامان أيضا على أملاك البطريركية، ما يعني بيع البطريركية المتتالي وعن عمد للأراضي الفلسطينية في القدس

وهنا يبرز السؤال هو، لماذا تستمر الهيمنة اليونانية على الكنيسة الأرثوذكسية العربية؟ وهي في معظمها بل إن غالبيتها الساحقة أرثوذكس عرب؟ وفقاً لبعض الأرثوذكس الفلسطينيين والأردنيين في أقوال نشروها علناً، فإن اليونانيين يتحكمون بكل ثروات الكنيسة، وهم المعنيون بترفيعات مراتبها الدينية، وهم يمارسون تنكيلاً واضحاً بكل صوت معارض يدعو لتعريب الكنيسة؟ أو يرفض مسلسل بيع الأراضي الفلسطينية من أملاك وعقارات الكنيسة، التي امتلكت أراضي وعقارات كثيرة، وخصوصاً أراضي داخل القدس وخارجها.