ندوة حاشدة في البقاع لمقاومة التطبيع

حجم الخط

اللقاء الوطني ضد التطبيع ومنتدى التراث والثقافة يستضيفان د.سماح إدريس للحديث عن المقاطعة

عُبادة كسر

بهدف تعميم ثقافة مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني والمساهمة في أن يصبح "كل مواطن خفيراً" وان يعي اهمية دوره في محاصرة العدو ثقافياً وفنياً واقتصادياً عبر مقاطعة داعميه، نظّم "اللقاء الوطني ضد التطبيع في لبنان"، و"منتدى التراث والثقافة في الهرمل"، ندوة حاشدة في مركز المنتدى، ألقى فيه العضو المؤسس في "حملة مقاطعة داعمي "اسرائيل" في لبنان" الدكتور سماح إدريس محاضرةً بعنوان: "الاحتلال الإسرائيلي: كيف نشارك في استمراره؟".

حضرت الندوة فعالياتٌ اكاديمية وتربوية وشبابية ونسوية وكشفية وسياسية. قدم للندوة الأستاذ سهيل الطشم، ثم أهدت الطفلة تيمة علوه قصيدة إلى فلسطين وأطفالها الأبطال.

ثم أهدت عضو "اللقاء الوطني ضد التطبيع" الفنانة خولة الطفيلي لوحة بورتريه لإدريس، رسمتها بتقنية الاكواريل، عربونَ وفاء، وتأكيداً على شراكة "اللقاء" مع "الحملة" و"المنتدى".

 كما قدّمت الرئيسة السابقة للمنتدى زينب شمس لوحة من الأشغال اليدوية، صمّمتها السيدة أمل شمس لإدريس، وهي تجسد كلمة "فلسطين" بطريقة فنية؛ وكانت اللوحة قد نُفذت ضمن مشروع "ابرة وخرز" لتمكين المرأة.

انطلق ادريس من عنوان الندوة، "كيف نشارك في استمرار الاحتلال الإسرائيلي؟" معتبراً انه قد يكون صادمًا، خصوصًا حين يوجَّه إلى "جمهور المقاومة".

 وهذه الصدمة قد لا تتبدّد حين نعرف الأسباب؛ ذلك لأن "إسرائيل"، كما وصفها، "ليست كيانًا أسطوريًّا؛ إنها كأيّ كائنٍ قويّ، يستند إلى جملةٍ من العناصر الذاتيّة والخارجيّة، وهذه العناصر تتوزّع بين مجالات العسكر والاقتصاد والعلم والفنّ والسياحة والبيئة والثقافة والأكاديميا". أما "المقاوم الذكي الذي لا يتمتّع بعناصر القوّة المتطوّرة التي يتمتّع بها عدوُّه"، فلن يستطيع، بحسب إدريس، أن يحاربَه بمثل سلاحه المتفوّق، ولكنّه قادر على صدّه وإحباط بعض أهدافه على الأقلّ باستخدام وسائل أقلّ كلفة: "فإذا امتلك عدوُّه الدبّابة، واجهه المقاتلُ الوطنيّ بالـ آر. بي. جي.

وإذا امتلك عدوُّه أكثرَ وسائل الإعلام والإعلان تطوّرًا... فقد يواجهه المقاومُ الوطنيُّ بالمناشير الورقيّة أو الافتراضيّة، وباختراق حساباته...". وقال إنّ المقاطعة، في مختلف أوجهها، "هي سلاحُ الفقير والمستضعَف: لا تحتاج إلى اقتصاداتٍ ضخمة، ولا إلى ترساناتِ أسلحة، ولا إلى إمبراطوريّاتٍ إعلاميّة. كلُّ ما تحتاج إليه هو: معرفة أوّليّة ببعض آليّات المواجهة المُقْنعة (معلومات، حُجج، أرقام،...)، وإلى إيمان كبير بعدالة القضيّة، وإلى شيءٍ من التنظيم الداخليّ الذكيّ، والتشبيك الفعّال بين مختلف أنواع المقاومين الذين تجمعهم قواسم مشتركة دنيا".

وعدد إدريس ركائزُ القوّة غير العسكريّة التي يعزِّز بها العدو لاشرعيّته الأخلاقيّة:

"الركيزة الأولى هي الاقتصاد؛ ولا تتمثل فقط في استثماراتِه الداخليّة، بل إنه يسعى دائماً إلى استقطاب الاستثمارات الخارجيّة والشركات الكبرى، وإلى أن يكون جزءًا فاعلًا من التجارة العالميّة. والركيزة الثانية هي الإنجازات العلميّة؛ فالعدوّ الإسرائيليّ يتباهى بأنّه أوّلُ دولةٍ في العالم تنتج أوراقًا علميّةً نسبةً إلى كلّ فرد. والركيزة الثالثة هي تطورُه في مجال البيئة، وخصوصًا الطاقة الشمسيّة. والركيزة الرابعة والخامسة والسادسة هي الأزياء، والطبّ، والطبخ أيضًا (مع سرقةِ ما تطوله يدُه من أطعمةٍ مشرقيّةٍ ومغربيّة)".

وأضاف أنّ العدو، في العقود الأخيرة، يركّز على المجالات الفكريّة والفنّيّة، ويتباهى تحديدًا بما يسمّيه "تعدّديّته الثقافيّة"، و"تضامنه" مع الأقلّيّات القوميّة أو الدينيّة، وانفتاحه على الحركات المثليّة والنسوية؛ كما يتباهى بـ"ريادةَ إسرائيل" في مجالات الرقص الحديث والسينما والموسيقى.

وفي هذا السياق، قال ادريس إنّ علينا أن نقتنع بأنّنا نَدعم عدوَّنا كلَّ يوم من دون أن نعي ذلك بالضرورة: "إمّا باستهلاك منتوجاتِ شركاتٍ يذهب قسمٌ من أرباحها إليه؛ أو بشراء مُعدّاتٍ أسهمتْ في قتل شعبنا؛ أو بحضور مهرجاناتٍ فنيّةٍ يؤيّد القائمون بها العدوَّ قولًا و/أو فعلًا؛ أو بشراء بطاقاتٍ لأفلامٍ يُخْرجها مَن يتبرّع له بالمال أو تقوم ببطولتها جنديّةٌ إسرائيليّة سابقة؛ أو بالمشاركة في مؤتمرات عالميّة جنبًا إلى جنب مع علماء وأكاديميين إسرائيليين بحجّة أنّ "العلم لا جنسيّة له"؛ أو بالترويج لضرورة أن يحجّ العرب إلى الأماكن المقدسة في فلسطين المحتلّة ولو تحت الاحتلال؛...".

ولذلك فإن آليات المواجهة المدنية تبدأ بالمقاطعة، بحسب ادريس، معتبراً " أنه على المستوى الاستهلاكيّ، نستطيع أن نمتنع عن شراء سلعٍ تدعم العدوّ، مثل منتوجات "كوكاكولا" و"نسْله" و"جونسون آند جونسون" و"كاتربيلر" و"جي 4 أس" و"ألستوم".

وأوضح مجموعة من الأسئلة التي ربما يسأل عنها كل مواطن وأجاب عنها. فأيّد مقاطعة كلَّ شركة تدعم "إسرائيل"، لكنْ إذا تعذّر ذلك، "فلنقاطع الأسوأَ قبل السيّء" أو "لنقاطعْ ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا". وقال إنّ المقاطعة قد تؤذي بعض العمّال والمستثمرين العرب فيها، لكنّ "الفائدة على مجموع شعبنا وأمّتنا أكبر لأنّ الهدف هو إزالة الاحتلال والاستيطان عن بلاد بأكملها". وراى أنّ المقاطعة لا تؤثر سلبًا في الاقتصاد المحلّيّ بل قد تنتعش الإنتاجَ المحلّيّ.

أما على المستوى الفنّيّ فقد اعتبر أنّ من الضروري أن نميّز بين درجات الدعم التي تقدّمها الفِرقُ العارضة هناك؛ فثمّة مَن لا يكتفي بالعرض بل يوجّه أيضًا رسالةً واضحة تفيد "حب إسرائيل" أو ينشد النشيد "الوطني" الإسرائيليّ. غير أنّ "مجرّد العرض" هناك، في رأيه، دعمٌ للاحتلال لأنّه يعني إغفالَ هذه الفرقة للجريمة الإسرائيليّة، وتواطؤَها معها لصالح "الفنّ."

وعلى مستوى التطبيع عبر بوابة السينما، عرض إدريس لما يحصل على الساحة اللبنانية التي تستضيف فيلمًا للمُخرج الأميركي ستيفن سبيلبيرغ،  الذي تبرّع بمليون دولار لكيان العدوّ أثناء قصفه لبنانَ سنة 2006، وذلك بعد سماح وزير الداخليّة اللبنانيّ نهاد المشنوق بعرض الفيلم بحجّة أنْ "لا صلة لهذا الفيلم بالصراع العربيّ ـ الإسرائيليّ." وعرض ادريس لموقف لا يقلّ سوءًا أطلقه وزير الخارجية جبران باسيل حين نفى أن يكون الصراع مع إسرائيل إيديولوجيًّا وأعلن أنه لا يرفض وجود إسرائيل، وأنّ من حقّها "أن يكون لديها أمان".

اما بالنسبة إلى التطبيع من البوّابة الدينيّة، فقد حرّض ادريس على المساهمة في فضح منطق "الزيارات الدينيّة" إلى الأماكن المقدّسة في فلسطين. "فحين يُمنع المقدسيّون أنفسُهم من الصلاة بحريّة في المسجد الأقصى، فسيكون من قلّة الدين... أن يتنطّح عرب للصلاة هناك." "التقوى" (المفاجئة) في هذه الحال صارت "مبرِّرًا للتغاضي عن الاحتلال... وحجّةً لعدوّنا كي يتباهى بدوره الرائع" في "حماية الأماكن المقدسة."

وختم بعرض بعض التجارب الناجحة لحملات المقاطعة في العالم كالمؤتمر الوطنيّ الأفريقيّ زمن الفصل العنصريّ في جنوب أفريقيا. وبيّن بالمعلومات أنّ حركة المقاطعة العالميّة (BDS) قد أثبتتْ أنها خيار جديّ حقيقيّ لمقاومة "إسرائيل".

وختم إدريس بالحديث عن المعوقات التي تواجه حركات المقاطعة (انتشار ثقافة الاستسلام، وتضعضع غالبيّة الأحزاب الوطنيّة والقوميّة، تفكّك المقاومة الفلسطينيّة، غرق مجتمعاتنا العربية في حروب داخليّة...). وشدّد على ان هزيمة المشروع الإسرائيلي لن تأتي إلّا "بتضافر المقاومة المسلّحة والمقاطعة الشعبيّة والثقافة الثوريّة".

وفي سياق المداخلات والأسئلة، أكد عضو "اللقاء الوطني ضد التطبيع" حسن مظلوم على الشراكة مع حملة مقاطعة داعمي "اسرائيل" في لبنان ومنتدى التراث والثقافة في الهرمل، متحدثاً عن دور "اللقاء" في التصدّي لفرقة "تريو فينديرير" الفرنسية ضمن مهرجانات بعلبك الدولية بعد ان عزفت مرتين في مهرجانات مستوطنة "ايلات" واهدت معزوفةَ سلام ومحبة للكيان الغاصب. وطالب، من موقعه كنقيب للمعلمين الثانويين في البقاع، كل الاكاديميين والتربويين بأن يتولوا عملية بث الوعي بين طلابهم حول اهمية مقاطعة العدو وداعميه ومحاربة التطبيع، واعلن عن خطة تربوية تستهدف الجامعات والثانويات والمدارس في هذا الشأن.

وقال عضو "اللقاء" ناجي العطار "إننا كمجموعة اشخاص لن ننتظر الدولة ولا مؤسساتها الرسمية للقيام بواجبها"  في مقاومة التطبيع؛ ذلك ان كل مواطن يجب ان يقوم بدوره. وعرض للمواجهة التي قام بها "اللقاء" مع الجهات الرسمية في التصدي لفرقة تريو فينديرير.

 وطرح الحضور جولات من الأسئلة تمحورت حول دور مكتب المقاطعة في وزارة الإقتصاد، ومواقف وزير الخارجية جبران باسيل الأخيرة من التطبيع، فضلاً عن التجاذبات التي حصلت في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة حول عرض فيلم "ذا بوست". كما تطرقت الأسئلة الى ما تحاوله بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل من ترويج لخطابٍ يحمّل حملة المقاطعة وزر "الاستنسابية".



1



27140138_10156078857899096_1004894376_o
27048469_10156078860934096_1038600895_o
27047044_10156078858749096_184879600_o