عودة القطبية الثنائية ودور روسي فاعل في مواجهة صفقة

حجم الخط

لابد من دور روسي فاعل مع نضال شعبنا الفلسطيني العادل لحمايته من البطش الإجرامي الصهيوني الذي يرتكب المجازر بحق المدنيين العزل كما بحدث الآن أثناء تواصل مسيرة العودة السلمية التي راح ضحيتها أكثر من 17شهيدا ومئات الجرحى وايضا لمواجهة انحياز الولايات المتحدة الأمريكية الكامل الذي وصل في هذه المرحلة إلى عداء سافر غير مسبوق بهذا الشكل تخرج الدبلوماسية الأمريكية تماما من أي دور سياسي رئيسي في عملية ما يسمى بالسلام المتعثرة التي تراجعت ملامحها المعروفة دوليا بتخلي إدارة ترامب عن مشروع حل الدولتين واستبداله بمشروع سياسي آخر أكثر إستجابة للرؤية الأصولية الدينية اليهودية وهو ما يعرف الآن باسم صفقة القرن .....روسيا الاتحادية دولة عظمى بكل المقاييس السياسية والعسكرية وهي وريث الاتحاد السوفييتي السابق في معارضتها لسياسات النظام الرأسمالي العالمي الامبريالي تقف الآن بقوة مع النظام السياسي السوري الوطني بقيادة الرئيس بشار الأسد وذلك دفاعا عن وحدة سورية من التجزئة السياسية الطائفية والعرقية وفي مواجهة المعارضة السورية اليمينية والإرهابية المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ومن بعض دول الخليج العربي ولولا هذا الدعم الروسي الفاعل على كل المستويات لأصبحت سوريا الان جزءا ضمن المعسكر العربي الذي يوصف بالاعتدال والذي يتخذ تباعا خطوات تطبيعية مع الكيان الصهيونى ..لقد حان الوقت بسبب ما يجري من متغيرات نوعية في الساحة الدولية خاصة في منطقة الشرق الأوسط لتأخذ القطبية الثنائية التي عادت بقوة بعد غياب طويل بسبب انهيار الاتحاد السوفييتي السابق وزوال المعسكر الاشتراكي واختفاء حلف وارسو .. حان الوقت لتأخذ القطبية الثنائية دورها في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كما هو الحال الآن في الأزمة السورية وقبل ذلك في الأزمة الأوكرانية وذلك بهدف كسر التفرد الأمريكي الامبريالي الذي طال امده بهيمنته الاحتكارية على مساعي التسوية السياسية وقد وصل اخيرا هذا التفرد إلى حد السعي الحثيث على شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين بعد الموقف الأمريكي الأخير من قضية القدس واعتبارها عاصمة موحدة للكيان وكان ذلك من نتائج استمرار مراهنة العقلية السياسية العربية علي الدور السياسي الأمريكي وكانت هذه المراهنة قد بدأت بشكل ملحوظ بعد حرب أكتوبر عام 73 وما أعقب ذلك من مسعى سياسي ودبلوماسي نشط من قبل وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الشهير كيسنجر صاحب نظرية الخطوة خطوة تكللت بعقد اتفاقية كامب ديفيد التي اعترفت بها اول دولة عربية بالكيان الصهيوني و شكل ذلك اول انتصار استراتيجي للمشروع الصهيوني وللسياسة الأمريكية في الشرق الاوسط لأنها فتحت الباب لتحول الموقف العربي جذريا من مسألة شرعية الكيان الذي أقيم كجزء من مخطط استعماري في المنطقة ...الان رغم الأهمية الدائمة التي توليها روسيا للتوصل إلى حل للقضية الفلسطينية حيث دعا الرئيس بوتين منذ مدة إلى عقد اجتماعا بين الرئيس الفلسطيني أبو مازن ونتنياهو إلا أن هذه الأهمية ظلت تتسم بموقف أخلاقي من دولة عظمي لها مسؤولياتها الدولية ظل بدون تأثير سياسي ضاغط على الكيان الصهيوني لأنه موقف يقوم أساسا على التوازن بين المحافظة على وجود الكيان الذي اعترف به الاتحاد السوفييتي السابق منذ تأسيسه عام 48 وبين حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على حدود 67 وربما العامل الذي كان من شأنه عدم تطوير هذا الموقف لصالح الجانب الفلسطيني هو ضعف قوى اليسار الفلسطيني بشكل عام مما جعل الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة تميل بشكل دائم للحلول السلمية التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية وبتوافق ايضا مع سعي قوى الاعتدال العربية ..السؤال الكبير الذي تطرحه صفقة القرن الآن وهي التسوية المرتقبة التي تحمل في بنودها رسم خارطة سياسة إقليمية جديدة للشرق الأوسط يصبح المستقبل فيه كله مرتبطا ارتباطا وثيقا بالهيمنة الإسرائيلية الأمريكية وهي شكل من أشكال الامبريالية الجديدة التي تبقى دولة الكيان الصهيوني اداتها الرئيسة. ..السؤال هو : هل تبقى روسيا وهي القطب الثاني في المعادلة الدولية أسيرة لموقف التوازن بين طرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أم تنغمس في هذا الصراع مع الحل السياسي العادل كترجمة واقعية لعودة القطبية الثنائية في الأزمات السياسية الدولية ؟؟