30 عامًا على استشهاد "أسطورة الصمود" إبراهيم الراعي

حجم الخط

يوافق اليوم الأربعاء، الذكرى الثلاثين لاستشهاد أسطورة الصمود في زنازين الاحتلال القائد في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إبراهيم الراعي (أبو المنتصر).

التحق الشهيد القائد في صفوف الجبهة الشعبية عام 1978، وكان قبل ذلك قد انخرط في النضال الوطني لسنتين من خلال النشاط الوطني العفوي، ومن ثم النشاط الوطني المنظم ليواصل مسيرة نضاله العفوية حتى قاده حسه الوطني إلى الجبهة الشعبية.

واعتقل القائد الراعي في آب 1978 وحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات، وانصقلت شخصيته داخل الأسر ككادر جبهاوي يتمتع بروح كفاحية عالية وصلابة عود وجرأة وشجاعة، وسلوك حياتي مفعم بحب الرفاق والمناضلين والشعب.

بعد أن أمضى الشهيد أربعة أعوام من مدة محكوميته أفرج عنه ضمن حملة إفراجات واسعة أجرتها سلطات الاحتلال بالتنسيق مع روابط القرى آنذاك، إلا أن الشهيد تمسك بمبادئه فرفض الصفقة، وقال للملأ في حفل إطلاق سراح الأسرى آنذاك 'إن هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم وإن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني'، فما كان من سلطات الاحتلال إلا أن أعادته للسجن، ليكمل فترة محكوميته.

واعتقل الراعي مرة ثانية في كانون الثاني عام 1986، بتهمة نشاطاته الوطنية النوعية، وانتمائه للجبهة وأطرها الجماهيرية والطلابية، وصلتها المباشرة بمجموعة اتهمت بقتل جنود صهاينة، فخاض تجربة التحقيق الثانية بإرادة أقوى، ليعجز جهاز المخابرات الصهيوني، كما المرة الأولى في انتزاع أي اعتراف منه، فعزل في زنازين الاحتلال لمدة 9 أشهر حسبما أورد مركز المعلومات الفلسطيني.

وصمد الشهيد الراعي 58 يوما في زنازين التحقيق في سجن جنين حيث عذب بطريقة وحشية، وحكم بالسجن الفعلي لمدة سبع سنوات ونصف، ثم نقل إلى زنازين التحقيق في سجن نابلس القديم، ومنها إلى التحقيق في المسكوبية، كما تم نقله بين زنازين رام الله والمسكوبية خلال فترة التحقيق، وبقي قابعا في زنازين التحقيق لغاية 29/11/1987، مع العلم أن الشهيد كان مضربا عن الطعام طيلة فترة وجوده في المسكوبية ما عرض حياته للخطر.

ونقل الأسير إلى سجن الرملة بعد قرار المحكمة العليا الصهيونية وضعه في السجن الانفرادي لفترة غير محددة زمنيا، لأن وجوده خارج الانفرادي يشكل خطرا على 'أمن' الاحتلال حسب ادعائهم، وخرج لأول مرة من أقبية التحقيق بعد قضاء 8 أشهر ومن قبلها أربعة أشهر أخرى، ولم يسمح له بتبديل ملابسه أو الاستحمام أو الحلاقة خلال فترة وجوده في السجن الانفرادي، حيث مكث هناك حتى تاريخ استشهاده 11/4/1988.

جسّد الرفيق القائد الشهيد  ابراهيم الراعي (أبو المنتصر)  "الفكرة " وأسس ومهد لفنون القتال الذاتي في أحلك وأصعب وأشد الظروف, هذا القائد الذي اعتبر حياته رخيصة مقابل الفكرة التي آمن بها وانتصر لها بعنفوان القائد الفذ الذي لم يتوانَ في تقديم النفس من أجل أن  تحيا الفكرة, والفكرة لخصها الراعي في أن الموت في مواجهة الاحتلال وجلاديه "حياة "تستحق الموت التضحوي من أجلها.

لقد مارس الشهيد الراعي حياته داخل الأسر تحت عنوان "المواجهة " حيث كان الشعار "فم مغلق..فم بلا لسان " بالمعنى الوطني والكفاحي والثوري والحزبي,"الاعتراف خيانة للحزب والرفاق" , مجسداً ملحمة وفلسفة أسطورية تستحق الدراسة والتمحيص في تلك الشخصية التي حملت مواصفات وقدرات فردانية وذاتية، عجزت عنها كل أجهزة المخابرات المتنوعة الأساليب والخبرات، مما افسد نظريات علم النفس ونظريات الإنسان الضعيف, وتجلت وانتصرت نظرية  الشهيد" أبو المنتصر" الأسطورة وتغنت الساحات والميادين والقلاع باسم القائد الثوري, حاملة العهد والوعد على المضي قدماً وبلا هوادة, في مقارعة الفاشي بكل مكان، حتى دحره عن آخر ذرة تراب من أرضنا وبيتنا وحرثنا.