نحو قطب يساري لقيادة النضال الوطني والديموقراطي ..

حجم الخط

الجديد الذي طرحته قوى اليسار الفلسطيني خاصة التي خرجت من رحم المشروع القومي و خاضت نضالا إيديولوجيا ضد البرجوازية الصغيرة وأنظمتها السياسية العربية ..الجديد التي طرحته مع بدايات انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة هو التداخل العميق بين المهام الوطنية والاجتماعية الأمر الذي يملي ضرورة النضال من أجل قيام مجتمع ديمقراطي كجزء في عملية النضال من أجل تحقيق هدف الاستقلال الوطني . .بعد توقيع اتفاقية اوسلو وقيام السلطة الوطنية كان لليسار الفلسطيني انتقادات منهجية لأدائها ولم يكن الهدف من وراء هذه الانتقادات المنهجية هو مزاحمة سلطة أوسلو على الحكم في الأراضي الفلسطينية المحتلة بقدر ما كان الهدف من وراء ذلك هو دفع قيادة السلطة إلى إجراء تعديلات في مواقفها الداخلية المدنية والسياسية وذلك بالإنفتاح أكثر على ممارسة الديمقراطية في مؤسسات منظمة التحرير بتجديد قياداتها وعدم الاعتداء على صلاحياتها وتمكينها من الاضطلاع بمسؤولياتها وإشراك الكل الوطني الفلسطيني في صنع القرار السياسي بإلغاء سياسة التفرد السائدة في النظام السياسي الفلسطيني .. مع تعثر العملية السلمية بسبب التعنت الإسرائيلي من جهة وانحياز الراعي الأمريكي من جهة أخري إضافة إلى الاستمرار في التمسك بنهج المفاوضات كخيار وحيد الذي قد يدفع السلطة الوطنية بسبب تزايد الضغوطات العربية والدولية عليها إلى تقديم تنازلات فإنه رغم ذلك لم يسجل يوما على أن اليسار الفلسطيني قد سعى أحد أطرافه إلى هدف الوصول إلى سلطة الحكم الذاتي ولذلك بقى مكتفيا بدور المعارضة السياسية حتى لا يفسر عمله بأنه انقلاب على الشرعية كما سمي بذلك الانقسام السياسي البغيض الذي مر عليه الآن إحد عشر عاما ..

لكن الآن في الظروف الحاضرة الكثير من العناصر الموضوعية باتت متوفرة لليسار الفلسطيني كي يقوم بممارسة مهمته القيادية في النضال الوطني الفلسطيني من أهمها فشل عملية السلام التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني من خلال تبنيه للحل المرحلي بدلا من الحل الاستراتيجي الذي رفعته الثورة الفلسطينية المعاصرة كحل للمسألتين الفلسطينية واليهودية من خلال ديموقراطية الدولة العلمانية وكذلك عقم المراهنة على مشروع الإسلام السياسي الذي بدء بالتراجع بعد انشغاله بالوصول إلى السلطة السياسية على حساب مضمونه الجهادي إضافة إلى ذلك قرب تحول القضية الفلسطينية إلى مرحلة الاستقطاب الاقليمي والدولي بوضوح الموقف الأمريكي العدواني الصارخ على الحقوق الوطنية خاصة في مسألتي القدس واللاجئبن(صفقة القرن ) ومعارضة دول عديدة لهذا الموقف الأمريكي من قبل دول كبري لها وزنها السياسي كروسيا الاتحادية التي ورثت الدور السياسي السوفيتي السابق على الصعيدين الاقليمي والدولي .. ثم جاءت المتغيرات النوعية في المنطقة العربية وعلى المستوى الدولي بانكفاء الدور الأمريكي بإعادة القطبية الثنائية لتجعل الحاجة ماسة على المستوى الوطني في ظل استمرار الانقسام السياسي وخطورة تداعياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية الذي ستشكل عاملا مدمرا للمشروع الوطني الفلسطيني ..

لقد جاءت هذه المتغيرات النوعية لتثبت عقم الفكر السياسي الوطني القائم على مفاهيم النزعة القطرية الانعزالية الضيقة على صياغة استراتيجية نضالية تستهدف حماية استقلال الدولة الوطنية الحديثة التي ظهرت تعبيراتها السياسية بعد أفول الظاهرة الاستعمارية وأن الحاجة اضحت ماسة للفكر اليساري كي يأخذ فرصته التاريخية في التطبيق الأمر الذي يتطلب العمل السياسي الجاد والدؤوب من قبل قيادات التنظيمات اليسارية الفلسطينية للتخلص من حالة التشرذم التنظيمي الذي وفر عاملا موضوعيا منعشا لاستمرار الانقسام السياسي الذي يقوم أساسا على الصراع على السلطة بين القطبين الرئيسيين في الساحة السياسية الفلسطينية .. كذلك فإنه في ظل استمرار تدهور الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الراهن المضطرب فليست هناك اي مسألة تعوق اليسار الفلسطيني في حال تحقيق وحدته التنظيمية الثورية الجبهوية العريضة من السعي للوصول إلى قيادة النضال الوطني الفلسطيني حيث بات يأخذ بالاعتبار ما للخصوصية القومية والدينية من أهمية في مرحلة التحرر الوطني وهي التهمة التي الصقتها القوى الرجعية والظلامية باليسار العربي بالادعاء بأنه من منظور فكري أممي يتجاهل هذه الخصوصية وذلك بهدف وضع العراقيل السياسية والمعوقات الفكرية كذريعة جاهزة لمنعه من القيام بممارسة مهمته القيادية . .