هل يجب علينا "أن نسقط من علو شاهق" حتى ندرك خطيئتنا ....

حجم الخط

مضى على مشروع ترامب الصهيوني اكثر من نصف سنة، والقيادة المتنفذة لـ م.ت.ف الممثلة لتحالف أوسلوالسياسي الأمني المالي،تعلن ليل نهار عن رفضها لهذا المشروع الذي ملَّك زورا وبالقوة، القدس الفلسطينية للأبارتيد الصهيوني الاستعماري عاصمة له، وشطب  الحقوق المشروعة الثابتة وغير القابلة للتصرف  للشعب الفلسطيني  المتمثلة في تقرير المصير والدولة المستقلة والعودة تنفيذا للقرار الأمي 194 لعام 1948.

أما على مستوى العملي فقد ظلت أعمال قيادة التحالف الأمني المالي ل م. ت.ف   في مواجهة هذا المشروع، تقتصر على نشاطها السياسي الدبلوماسي في المحافل العربية والدولية وهو نشاط  رغم نواقصه، لاخلاف على أهميته. على أن هذا النشاط لوحده وحتى لو كان كاملا لا يستطيع مطلقا أن يهزم هذا المشروع الصهيوني الامبريالي المتحالف مع التبعية العربية. فماذا تنتظر هذه القيادة؟؟ ماذا تنتظر وهي ترى بأم عينيها تغول النهب الاسرائيلي للأرض الفلسطينية ومواردها بحيث بات  يشكل هذا النهب  بعد جدار الفصل العنصري التوسعي وبعد ابتلاع القدس والأغوار، ما لا يقل عن 75% من الضفة ، هذا اضافة الى جرائم التطهير العرقي للشعب الفلسطيني في غزة عن طريق حصار التجويع وغارات الموت ليل نهار!!!!!

لا يوجد شعب العالم تحرر من مستعمريه بالسياسة فقط ، فالسياسة بدون القوة بمختلف معانيها، في مواجهة الاستعمارهي تبديد للوقت وقبر للمصير، ذلك أن المستعمر يدرك تماما حقيقته العارية بأنه عدواني قاهر للشعوب المستعمرة وناهب لحقوقها وبالتالي فإن المحاججة القانونية الانسانية العادلة ليس لها اي وزن في معياره خاصة حين يكون هذا الاستعمار عنصري استيطاني توسعي كما في حالة الكيان الصهيوني. فرغم أن الأمم المتحدة بمختلف وكالاتها ولجانها ومؤسساتها الحقوقية والانسانية الدولية  أصدرت آلاف الأطنان من الأوراق لدعم الحق الفلسطيني، فإننا نجد هذا الكيان العنصري يزداد نهما في قتل الفلسطينيين العزل في غزة والضفة وتعذيب أسراهم ونهب أرضهم ومواردهم  جهارا نهارا بفضل المظلة الأمريكية الامبريالية العالمية وأتباعها في المنطقة.

إن البعض الذي يتفذلك في الكلام مشيرا الى تحرر الهند وجنوب افريقيا، عليه أن يتذكر أنه في الحالتين كلتيهما، حشدت كل قيادة منهما طاقات شعبها بكل مكوناتها ومعانيها وفي المقدمة منها الوحدة الوطنية، قيادة جماعية ديمقراطية موحدة، برنامج نضالي موحد، عدالة اجتماعية، والاستعداد التضحوي من القمة للقاعدة إضافة الى قوة أغلبيتها الشعبية العالية في مواجهة الاستعمار العنصري، فهل  القيادة الفلسطينية المتنفذة اليوم تسير فعلا على هذا النهج !!

لقد مضى على الانقسام بين الحكمين في الضفة وغزة حوالي 11 عاما  وهو يزداد عمقا وتجذرا في الفتك في كل مفاصل المسيرة الوطنية، وفي الوقت نفسه يلاحظ المراقب لمسار القيادة الرسمية لـ م.ت.ف  في حكومتها في الضفة طيلة هذه الفترة،  ترسخ سياسة المال السياسي في الانتفاع التنفيع وسياسة كم الأفواه والتي كلما طفت على السطح بعض معالمها يأتي التبرير سريعا بان ذلك سلوك فردي لا منهجي علما بأنه حين يطغى مثل هذا السلوك يصبح علميا سلوكا منهجيا.    

 وفي حين كانت سياسة ترامب في حملته الانتخابية خريف 2016 ترسل بالنذر الخطيرة للشعب الفلسطيني الى درجة وقحه ظهرت في تصريح ترامب الذي قال فيه أنه سيكسر رجل الرئيس عباس إن جاء الى الولايات المتحدة  فإن القيادة الرسمية لـ م.ت.ف ممثلة بالرئيس عباس لا زالت ولا تزال تواصل رفضها  دعوة الاطار القيادي المؤقت لـ م.ت.ف للاجتماع رغم شلالات الدم الفلسطيني المتدفقة  والمتواصلة طيلة هذه الفترة في غزة والضفة دفاعا عن حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة. بل وأكثر من ذلك رفضت هذه القيادة قرار اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني التوحيدي في اجتماعها الموحد في بيروت بداية 2017 وأصرت على عقد المجلس الوطني في رام الله مفصلا على مقاساتها بالرغم من التهديد الخطير لحقوق الشعب الفلسطيني والذي تجسد في صعقة القرن نهاية عام 2017. 

والأدهى والأمر أنه بالرغم من كل هذه المخططات الصهيوامريكية لتصفية القضية الفلسطينية أمعن الرئيس عباس في عناده على الباطل حيث لم ينفذ قرارت المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني ورفع العقوبات عن غزة عامي 2015 و2018 وكذلك قرارت المجلس الوطني عام 2018. بل وأكثر من ذلك صب الرئس عباس جام غضبه على كل من يعارضه في ذلك بشكل غير مسبوق في تاريخ م.ت.ف خاصة فيما يخص الجبهة الشعبية الفصيل الثاني في م.ت.ف حين عارضته في عدم وقف التنسيق الأمني وفي عقد المجلس الوطني وفق مقاساته في رام الله عام 2018 . ولا بد من التنويه هنا الى أن عدم التطرق لحكم حماس لا يعني أن حكمها حمام مكة، ولكن الحديث في هذه المقالة تركز على م.ت.ف وقيادتها الرسمية باعتبار أنها تتغنى ليل نهار بأنها هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني

وهنا يتساءل كل فلسطيني مخلص ماذا ينتظر الرئيس عباس والحمم الصهيو امريكية المدعومة من التبعية العربي قد باتت على مشارف فلسطين من حدودها الشرقية والغربية والجنوبية ؟ طالبت الجبهة الشعبية والقيادات الوطنية الأخرى وقيادات الحركة الأسيرة الرئيس ابو مازن بضرورة عقد المجلس الوطني التوحيدي وتنفيذ قرارات م.ت.ف في وقف التنسيق الأمني ووقف العقوابات على غزة وهو ما جسدته على الأرض مؤخرا المسيرات الجماهيرية المتوالية في رام الله، فلماذا لا يتحرك الرئيس عباس للاستجابة لهذه الدعوات بدل قرارات حكومته الأخيرة بوقف هذه المسيرات؟ هنا نستذكر مقولة شاعر فلسطين محمود درويش بتصرف بعد إذنه " هل يجب علينا "أن نسقط من علو شاهق" حتى ندرك خطيئتنا !!