حول المشاركة في الإنتخابات لبلدية القدس

حجم الخط

مع إقتراب موعد الانتخابات لبلدية "القدس" في الثلاثين من أكتوبر القادم من العام الحالي،شاهدت مقاطع من مؤتمر صحفي عقد قبل ثلاثة أيام امام مقر بلدية الإحتلال " القدس" في الشطر الغربي من المدينة لثلاثة من الشبان المقدسيون ينوون ترشيح أنفسهم لتلك البلدية وأحدهم كان يطرح انه سيترشح لرئاسة البلدية،رغم انه لا يحمل الجنسية الإسرائيلية...وانا لا أشفق على هؤلاء المرشحين لكونهم منفصلين وغائبين عن الواقع،ويحسبون المسألة نوع من " الفنتازيا" الكلامية بالحديث عن حقوق المقدسيين والهدف من ترشحهم،ورغبتهم في خدمة المقدسيين وإنتزاع حقوقهم...بل لأن الله لطف بهم وكان عقدهم لمؤتمرهم الصحفي في الشطر الغربي من المدينة،وليكن نصيبهم الرشق بالبيض من بعض الشبان المقدسيين الغاضبين ..ولربما لو عقدوا هذا المؤتمر في الشطر الشرقي من المدينة لكان نصيبهم أكثر من الرشق بالبيض ...وأرى ان هؤلاء المرشحين أغرار جرى التغرير بهم،فعدا انهم بعيدين عن حركة الواقع المقدسي وهمومه،فهم يفتقرون الى الخبرة والتجربة والترشح للعملية الانتخابية والمشاركة فيها وصيروتها اعقد بكثير من "الفنتازيا" الكلامية واللقاء مع " الأصدقاء " اليهود والحديث معهم عن العيش المشترك،في وضع تشن فيه إسرائيل حرباً شاملة على المقدسيين،تصل حد التطهير العرقي،الشيخ جراح،سلوان نموذجاً.

في المشاركة من عدمها في انتخابات بلدية " القدس" انتخاباً وترشيحاً،علينا ان ننطلق من التحليل الملموس للواقع الملموس،فهل وضع مدينة القدس وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية،التي تعتبرها مدينة محتلة.. ،يجيز لنا من ناحية مبدئية المشاركة في هذا الإنتخابات ..؟؟،وهل المشاركة تحمل في ثناياها الإعتراف بشرعية الضم والتهويد للمدينة ...؟؟؟وهل الحديث المنمق والتباكي على المطلبي الحقوق الإقتصادية والإجتماعية لعرب المقدسيين،وإنتزاعها من "انياب" الغول الصهيوني يتقدم على الجانب الوطني السياسي؟؟؟ وهل المشاركة في هذه الإنتخابات،هي مجرد ديكور يجمل صورة دولة الإحتلال،ويظهر المدينة كانها مدينة لكل مواطنيها...؟؟؟وما هو مدى وحدود التغيير في الواقع المقدسي للمواطنين العرب في المدينة...في حالة فوز ليس واحد من هؤلاء المرشحين،بل فوزهم جميعاً...؟؟ ونماذج نتائج مشاركة العديد من الكتل والإحزاب العربية في الداخل الفلسطيني -48 – في انتخابات البرلمان " الكنيست" الصهيوني ماثلة امامنا.

نبدأ إجابتنا بسوق الحجج والذرائع الموضوعية المستندة للواقع والتي تجعلنا منا كقوى وفعاليات ومؤسسات وشخصيات مجتمعية ونخب فكرية وثقافية ودينية وغيرها نرفض المشاركة في تلك الانتخابات إنتخاباً وترشيحاً منطلقين ومتسلحين لرفض المشاركة في هذه الإنتخابات، بالموقف التاريخي الفلسطيني القطعي القاضي بعدم المشاركة "ترشيحًا وانتخابا" في الانتخابات الإسرائيلية لبلدية الاحتلال في القدس،معتبرين هذا الموقف يأتي "استنادًا والتزامًا بالموقف الوطني المحدد بالمبادئ التالية أولا،القدس مدينة محتلة من إسرائيل المخالفة للقرارات والمبادئ المفاهيم الدولية والانسانية. وثانيا، التأكيد على عدم الاعتراف بشرعية ضم القدس التي احتلتها إسرائيل عام 1967".

وترى القوى أن المشاركة في الانتخابات تعني اعترافا سياسيا بضم شرق المدينة المرفوض فلسطينيا وعربيا ودوليا،وبأن المشاركة في هذه الإنتخابات تعني تساوقا وتأييدا للقرار الأميركي القاضي باعتراف ضم شرق القدس ونقل السفارة الأميركية إلى المدينة،وهذا القرار اللاقانوني واللاشرعي مرفوض من قبل كافة المؤسسات الدولية.

وموقف منظمة التحرير الفلسطينية،ليس بعيداً عن موقف القوى والمؤسسات والشخصيات المقدسية،فأمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة الدكتور صائب عريقات،قال في بيان صحفيّ إنّ اللجنة التنفيذية "تؤكد دعمها المطلق للموقف الثابت والصامد التاريخي لأبناء الشعب الفلسطيني ومؤسساته في القدس المحتلة بشأن عدم المشاركة في انتخابات بلدية الاحتلال". كما واكد على "الرفض الصارم لمنح الشرعية لإسرائيل باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال،ومنح الشراكة في فرض وتنفيذ سياسات الاحتلال الاستعمارية العنصرية على المدينة المقدسة".

واعتبر انه "على ضوء الاعتراف الأمريكي الأحادي وغير القانوني بالقدس عاصمة لإسرائيل فإن المشاركة في الانتخابات ستساهم في مساعدة المؤسسة الإسرائيلية في ترويج مشروع القدس الكبرى".

التذرع بخوض تلك الإنتخابات والمشاركة فيها انتخاباً وترشيحاً،تحت حجج وذرائع،تحصيل الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والخدماتية للمقدسيين الفلسطينيين المسطي عليها من قبل بلدية الإحتلال،تعوزه المصداقية،فنحن ندرك تماماً،انه بإمكاننا ان نخوض نضالا مطلبياً ضد بلدية الإحتلال بأكثر من شكل وعبر اكثر من هيئات او لجان تشكل لهذا الغرض،دون ان ننجر او نتساوق مع سياسات الاحتلال وخططه ومشاريعه،الرامية لدفعنا للمشاركة في هذه الإنتخابات،وبما يقفز عن الجانب السياسي،الذي يشرعن ضم المدينة والإعتراف بها كعاصمة لدولة الإحتلال،في وقت تشكل فيه بلدية الإحتلال،احد اهم أذرع هذه الدولة،في تنفيذ سياسة القمع والتنكيل والتطهير العرقي،بحق السكان العرب المقدسيين،عبر سياسات الإستيطان ومصادرة أرضهم وهدم منازلهم وفرض الضرائب الباهظة عليهم،ولنا في تجربة اخوتنا في الداخل الفلسطيني- 48- عبرة ومثالاً،فهم ممن تفرض عليهم الجنسية الإسرائيلية قصراً،ويشارك جزء لا بأس به منهم في الإنتخابات ليس للبلديات والسلطات المحلية فقط،بل للبرلمان " الكنيست" الإسرائيلي،ولكن لا يستطيعون التأثير في القرارات الحكومية الإسرائيلية،ذات البعد الإستراتيجي القضايا الأمنية والإستيطان وهدم المنازل وملكية الأراضي وغيرها،والمؤسسة الصهيونية الحاكمة والقائم مشروعها قائم على الاحتلال والإحلال والطرد والتهجير القسري لسكان الأرض الأصليين،حيث جرى سن وتشريع ما يسمى أساس قانون القومية الصهيوني المستهدف الشعب الفلسطيني بالإقصاء والطرد والتهجير والتغييب،ولذلك نحن في القدس والتي تعتبر مدينة محتلة وفق القانون الدولي،لا يجوز ولا يحق لنا أن نغلب المطلبي على الوطني السياسي،ونختلق الحجج والذرائع لخرق الموقف الوطني والتساوق مع سياسات ومشاريع الإحتلال،ورغم الضجة الإعلامية التي يثيرها الإحتلال،حول الحديث عن استعداد العرب المقدسيين للمشاركة في هذه الإنتخابات،وبان هناك تطور وتغير في موقف المقدسيين منها،فنحن نرى ان ذلك يندرج في إطار التضخيم والترويج لمواقف الإحتلال،فعلى مدار سني الإحتلال الواحدة والخمسين وضمه قسراً للمدينة،لم تزد نسبة مشاركة العرب المقدسيين،في تلك الإنتخابات عن 1%،وبالنسبة لمن يقومون بترشيح انفسهم لإنتخابات بلدية " القدس" من المقدسيين،فهناك جزء منهم جرى اختطاف وعيهم وتضليلهم،ويقع علينا مسؤولية كبيرة في العمل،على جعلهم يستعيدون وعيهم ومنطلقاتهم الفكرية والثقافية،وجزء أخر لهم مصالح اقتصادية ومادية من المشاركة في هذه الانتخابات،ولكن في كل الحالات على المقدسيين والجهات التمثيلية لهم،العمل على تحصينهم ضد تسلل الأوهام الى عقولهم،بأن المشاركة في تلك الانتخابات،قد تقلب واقعهم الاقتصادي والإجتماعي،ففي ظل دولة تسطي على كل حقوق شعبنا،وفي ظل سنها لقوانين وتشريعات عنصرية من ما يسمى بقانون أساس القومية،وتجريم من يرفع العلم الفلسطيني، وبالتالي يصبح من يشارك في تلك الانتخابات شريكاً في تشريع ضم وتهويد المدينة.