ندوة "حكومة الرزاز وضريبة الدخل": رفض الانصياع الحكومي لصندوق النقد

حجم الخط

 

أكّد المشاركون في ندوة "حكومة الرزاز وقانون ضريبة الدخل" رفضهم الرضوخ الحكومي لإملاءات صندوق النقد الدولي، وإقرار مشروع قانون ضريبة الدخل وفق شروط الصندوق، غير آبهة بالاحتجاجات الواسعة عليه من قبل كافة الشرائح الأردنية.

الندوة التي عقدتها دائرة الإعلام في حزب الوحدة الشعبية وأدارها الدكتور موسى العزب عضو اللجنة المركزية للحزب، تحدث فيها كل من الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية، والخبير الاقتصادي الدكتور خالد الزبيدي، إضافة إلى الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ جهاد المنسي.

ولفت المتحدثون إلى القفزات في المديونية في الأعوام الخمسة عشرة الأخيرة بشكل عام، والسنوات الثمانية الأخيرة بشكل خاص، ما أوصل المديونية إلى أرقام فلكية تجاوزت الـ 40 مليار دولار أمريكي.

وشددوا على أهمية تشكيل لجنة وطنية، تكون مهمتها، البحث في أسباب تضخم المديونية، وحجمها وأوجه صرفها والجهات المسؤولة عن أوجه الصرف. إضافة إلى محاسبة المسؤولين عن إيصال المديونية إلى هذا المستوى غير المسبوق.

ذياب: مطلوب قيادة سياسية تمتلك رؤية وإرادة وطنية بعيدًا عن إملاءات صندوق النقد

الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية، أكد في مداخلته على أن أحد أهم أهداف الضريبة، هو إعادة توزيع الدخل عبر ضريبة تصاعدية على الأغنياء، واستعمال هذه الضريبة لتوفير الحاجات الأساسية للفئات الشعبية الفقيرة، وإعفاء السلع الأساسية من الضريبة.

ولفت إلى أن من عناصر العدالة في تشريع الضريبة، التصدي للتهرب الضريبي الذي يعد أحد مظاهر الفساد. فهو يقود إلى انخفاض الايرادات الضريبية، الأمر الذي يدفع الحكومة لفرض ضريبة جديدة، بما يعني مزيد من غياب العدالة ومعاناة الناس الاقتصادية، مشيرًا إلى أن التهرب الضريبي يعكس انعدام الأمانة في العمل واهتزاز في المنظومة القيمية. وهذا ما يدفعنا عند معالجة التهرب الضريبي بالبحث عن الاسباب: اسباب اخلاقية، تتمثل بعدم الانتماء وسياسية تعكس عدم الثقة بأوجه صرف الضريبة.

وأشار إلى أن السياسية الضريبية تعكس انحيازاً طبقياً لصالح الفئات المقتدرة على حساب الفئات الفقيرة وهذا يبدو من خلال رفع الدعم عن السلع الأساسية. حيث تم فرض ضريبة على (164) سلعة منذ بداية العام، والانحياز لقوى رأس المال المالي، وهذا ما تبدى بتخفيض الضريبة على البنوك، وتوسيع قاعدة الافراد المستهدفين من الضريبة، إضافة إلى التوسع في الضرائب غير المباشرة التي تستهدف الفئات الفقيرة من المجتمع وهي التي تشكل النسبة الأعظم من واردات الحكومة.

وأكد الدكتور ذياب على أنه لا يمكن الحديث عن السياسة الضريبية ورفع الدعم عن السلع الاساسية بمعزل عن التدخل الفظ لصندوق النقد الدولي، وهذا التدخل لا يمكن تفسيره، الا من خلال الارتفاع الكبير للمديونية من ناحية والعجز في الموازنة من ناحية أخرى. إذا كانت المديونية هي السبب الذي قادنا إلى هذه السياسة، فالبنك الدولي يستند في اصراره على سن هذه التشريعات من أجل خدمة الدين العام.

ودعا الدكتور سعيد ذياب في ختام كلمته إلى تشكيل لجنة وطنية من جهات وشخصيات ثقات، تكون مهمتها كشف أسباب تضخم المديونية، وحجم الدين الخارجي ومبرراته وأوجه صرفه، ومحاسبة المسؤولين عما وصلت له المديونية. كما دعا إلى برنامج انقاذ وطني تمثل خطوته الأولى القطع مع سياسة التعديل الهيكلي الذي يطالب به الصندوق.. "هذا التعديل الذي أنتج الفقر والبطالة ويزرع العنف في المجتمع ويدفع به نحو التطرف والإرهاب. نحن بحاجة إلى قيادة سياسية تمتلك إرادة وطنية قادرة على الاطلاع بالمهمة التاريخية المتمثلة في تغيير النهج الخاطئ الذي نسير عليه".

الزبيدي: وصفات الإذعان من قبل صندوق النقد تتقاطع سياسيًا مع خطة ترامب

وفي مداخلته التي قدمها، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الزبيدي، أن التدخل المؤلم لصندوق النقد الدولي في السياسات المالية والضريبية الأردنية أدى الى حالة احتجاج شعبية عارمة دفعت إلى إقالة حكومة د. هاني الملقي خلال شهر رمضان الفائت، وكان أحد شروط المحتجين سحب مشروع القانون. وبعد تكليف الرئيس الرزاز أطلق مجموعة من التعهدات في مقدمتها عدم التأثير على الطبقة الوسطى والفقراء، وكانت هذه التعهدات تتفق مع توجيهات الملك، الا ان تشكيلة الحكومة الجديدة قريبة جدا من حكومة د. الملقي حيث تم الابقاء على 16 وزيرًا من الحكومة السابقة وتم إضافة وزراء لا يتمتعون بالخبرة المطلوبة لذلك جاءت قرارات الحكومة الجديدة نسخة مجددة عن الحكومة السابقة.

وقال "لقد أصبحت الحاجة ماسة وهي ضرورة وطنية ملحة للجم تغول صندوق النقد في ظل تدني حجم القرض الميسر المقدم من صندوق النقد البالغ 723 مليون دولار الذي صرف منه  143.4 مليون دولار على دفعتين في عامي 2016 و 2017، وهي مبالغ زهيدة بالمقارنة مع حجم الموازنة العامة، وخلال عامي 2016/2017 تم فرض مجموعة كبيرة من الضرائب والرسوم على السلع والخدمات في مقدمتها الخبز والطاقة الكهربائية والمحروقات و166 سلعة غذائية وغير غذائية والجمارك على المركبات وخدمات الاتصالات وإزالة الدعم تجاوزت قيمة هذه القرارات نحو 1.5 مليار دينار، كما اقترضت الحكومة اكثر من ثلاثة مليارات دينار محليًا وخارجيًا، والسؤال الأهم الذي يطرح.. ماذا نخسر لو أدرنا ظهرنا الى صندوق النقد الدولي؟!  فالجواب لا شيء يذكر ربما ترتفع تكاليف الاقتراض الجديد بشكل محمول، وهنا علينا تخفيف الاقتراض الخارجي بعد ان تجاوز رصيد الدين حاجز 40 مليار دولار والى الناتج الاجمالي المحلي، ويجدر هنا التأكيد أن هناك حلولاً يمكن الاعتماد عليها".

وتابع "وعلى الحكومات التوجه لتحصيل الأموال من المتهربين ضريبيا والذين مارسوا فسادًا مريرًا لتدبير المزيد من الأموال، وتقييد الاستيرادات غير الأساسية للمحافظة على الرصيد الجاهز من العملات الاجنبية، وفرض ضرائب على البنوك والشركات الكبرى المملوكة بنسب كبيرة لغير الاردنيين، عندها سيقوم الصندوق الدولي بمراجعة شاملة لشروطه، وهذا يتطلب مفاوض أردني كفوء للتعامل الصندوق الدولي ومسؤوليه، ويلمس ان هناك حلول وقدرة اردنية لاتخاذ القرار".

وأضاف "دول كثيرة رفضت التعاون مع صندوق النقد الدولي منها في افريقيا وامريكا اللاتينية واسيا تضم الارجنتين والاكوادور وفنزويلا وبورما وسورية والصومال والبرازيل التي كانت في سبعينات القرن الماضي من أكبر الدول المدينة وصولاً الى ماليزيا التي رفضت حتى استقبال اي مسؤول من الصندوق، وكذلك اليونان التي بلغت ديونها 160% من الناتج الاجمالي التي رفضت وصفات الصندوق وشروطه، وسرعان ما غيرها لتناسب حكومة اليونان".

وأوضح "أن وصفات الاذعان التي يفرضها صندوق النقد الدولي على الاردن تتناغم سياسيا مع جهود الادارة الامريكية والكيان الصهيوني وعدد من الدول العربية لتصفية القضية الفلسطينية، التي تكون على حساب الفلسطينيين والاردن في نفس الوقت، وان الرفض العملي لهذه السياسات يجب ان ينطلق من مجموعة من القرارات السياسية والاقتصادية ومنها قوانين وتشريعات مالية في مقدمتها قوانين ضريبة المبيعات والدخل".

 المنسي: التشكيلة الحكومية كانت عبارة عن "سمك لبن تمر هندي" ومجلس النواب لن يجازف بشعبيته

أكد الأستاذ جهاد المنسي الكاتب في جريدة الغد في مداخلته، على أنه "لا بد من الاشارة أن الرزاز جاء بناء على حركة شعبية رفضًا لمشروع قانون ضريبة الدخل الذي قدمته حكومة هاني الملقي المقالة، وكان اول ما قام به هو سحب مشروع القانون من مجلس النواب والوعد بمشروع يحقق العدالة الاجتماعية ويضمن عدم التطاول على قوت الطبقتين الفقيرة والوسطى، وكان الحديث الحكومي بلسان الرجل ينصب على اعادة النظر بالوعاء الضريبي بشكل عام لتحقيق العدالة، وكذلك وعود بإعادة النظر بقانون ضريبة المبيعات الذي ساهم في زيادة العبء الاقتصادي على العباد".

كما وقال "ربما هنا يجب أن نستذكر أن المفارقة كانت بالتشكيل الوزاري الذي جاء خليط من الليبراليين والمحافظين والحراكيين وأصحاب التوجهات اليسارية والقومية، وهذا الخليط في التشكيل الحكومي دفع البعض لإعلان تخوفهم من النتائج التي ستخرج من حكومة ضمت تشكيلة اشبه بتركيبة (سمك لبن تمر هندي)".

وتابع "إذا عمليًا فان التشكيل وضع علامات سؤال وزاد من تلك العلامات وجود الوزير رجائي المعشر في التشكيل الحكومي كنائب للرئيس وعهد له فتح حوارات مع كل الاطياف للخروج برؤية موحدة حول مشروع القانون الجديد، واستذكر أن (المعشر) كان يدافع ويؤيد مشروع قانون ضريبة الدخل المسحوب الذي قدمته حكومة الملقي ولان المشي يدل على المسير فان المراقبين كان عليهم ان لا يتوقعوا مشروع قانون مختلف كثيرا عن المسحوب شعبيا، باعتبار أن من عهد له بفتح حوارات ايد قانون الملقي المسحوب".

وأضاف "أما فيما يتعلق بالحديث حول قدرة الحكومة في تمرير مشروع القانون من عدمها فانه لا بد من التأشير أن مشروع القانون بات بحوزة مجلس النواب وللمجلس الحق في ادخال اي تعديل يراه مناسبا ولذلك فإنني اتوقع ان يقوم المجلس بتعديلات واضحة على المشروع، وربما ستكون تلك التعديلات ما يخالف رغبات الحكومة، ورغبات الصندوق الدولي أيضًا".

"شخصيًا أرى أن مجلس النواب يعرف يقينًا أن شعبيته متدنية وبالتالي فانه لا يريد المجازفة بتلك الشعبية أكثر مما هي عليه اليوم، ولذا فإنني أرجح بان تكون التعديلات على المشروع جوهرية وذات أثر واضح، وسيكون مجلس النواب حريصا بشكل كبير على أن يوازن بين الشارع الذي يرفض مواصلة الحكومات في الضغط عليه وبين مصالح الوطن"، يختم حديثه.

وقدم الحضور مداخلات هامة أكدت على ضرورة التصدي للنهج السياسي والاقتصادي القائم وعودة الحراك إلى الشارع للمطالبة بتغييرات جذرية وحقيقية.