مقال للأسير فارس فارس بعنوان "مرحلة التطبيع العلني"

حجم الخط

على ضوء زيارة رئيس حكومة الكيان الصهيوني لدولة عُمان مؤخراً، وزيارة الرئيس التشادي لحكومة الاحتلال، وتسارع الأخبار في الإعلام العبري حول زيارة متوقعة لدولة عربية لا يقيم معها الكيان الصهيوني علاقات دبلوماسية، والترجيح أنها إحدى الدولتين إما السودان أو البحرين، وحوارات أخرى تجري مع دول عربية وإسلامية على ذمة الإعلام العبري، مجملها تطورات تشير إلى أننا على عتبة مرحلة التطبيع العلني مع حكومة الاحتلال، ومرحلة تكريس وجود دولة الكيان كمركز مصغر اقتصادي أمني وسياسي، في محيط عربي رسمي مأزوم وتابع، حيث تم فرض أجندة ورؤية حكومة الاحتلال سياسياً على الأنظمة العربية، من تحديد إيران كعدو يستلزم مواجهته، إلى جانب ذلك علينا أن نعي أيضاً أن التطبيع هو خيار بقاء هذه الأنظمة راهناً، ومدخل إجباري للحصول على رضا العم سام، والتسليم بأن خيار التطبيع ليس مرهوناً بحل القضية الفلسطينية، بل مقدماً عليها، ويمكن أن يخدمها برأي "ذوي الاختصاص" بدولة الاحتلال المرتبطين بهذه الأنظمة وداعمي المبادرة العربية سابقاً.

إن هذه المرحلة والتي تحمل مخاطر وتحديات عدة تتطلب من قوى مناهضة ومقاومة المشروع الصهيوني التصدي لمهامها، وفي مقدمتها مشروع التطبيع وما يعنيه من تقديم الكيان الصهيوني كجسم طبيعي في المنطقة وفتح المجال أمامه للتفرد والسيطرة والهيمنة والتوسع، حيث أن أهدافه في هذه المرحلة من التطبيع تختلف عما كانت عليه سابقاً، سواء التجربة مع مصر أو الأردن وحالة الرفض الشعبي التي كانت قائمة ومازالت للتطبيع، مما جعله يعتبر أن التطبيع يجب أن يتجاوز الأنظمة ليصل إلى الشعوب، وهذا مدخله الوعي واستخدام كافة الوسائل للوصول له، ومنها إنتاج حالة من القبول بالوجود والمشاركة كما تم مع الفعاليات الرياضية واستغلال شبكة التواصل الاجتماعي ومحاولة دس مفاهيم تتعلق بدولة الكيان الاحتلالية، صورتها ودورها وإنجازها، ومحاولة خلق نوع من الفصل الوهمي ما بين التعاطي الاقتصادي أو الرياضي أو الثقافي عن السياسي، في حين أن الأخير جوهر كل ما ذكر.

إن حملة التطبيع الراهنة والتي تختلف بأدواتها وأشكالها عن كل ما سبق، حيث أنها تترافق مع حملات جادة على صعيد الوعي، تعمل عليها الائتلافات الطبقية الحاكمة في الوطن العربي لخلخلة مرتكزات الوعي وتصديع مقاومته، وإدخال مفهوم يتعلق بأن من يمس استقرار أوضاع المنطقة هي إيران وليس دولة الكيان، واستخدام الأبعاد الطائفية وتجييرها لخدمة هذا الهدف، وهذا ما يتطلب من المشروع المقاوم أن يتصدى بدوره وأن يضع مواجهة التطبيع الجاري على رأس سلم أولوياته، لما يمثله من مخاطر جمة. وبهذا الإطار ومن أجل المواجهة والتصدي للمخاطر التي يمثلها الكيان ومشروعه وأزلامه بالمنطقة، فإن هنالك حاجة لمواجهة شاملة ترتكز على البعد الفلسطيني ولا تنحصر به، فالخطر الذي تتعرض له القضية الفلسطينية مباشر، لكن لا يعني ذلك أن هذا الخطر لا يشمل عموم الوطن العربي، وبذات الوقت فإن المواجهة من المطلوب أن تكون جماعية وأيضاً فردية، حيث لكل فرد دوره في موقعه وإمكانياته وقدراته في هذه المعركة الكبيرة.

 إن المطلوب من قوى المقاومة الفاعلة الآن هو توحيد الجهد والإمكانيات، فالهجمة شاملة وشرسة وأهدافها واضحة، وتحقيق ائتلاف دولة الاحتلال تقدم بها، أي على صعيد التطبيع، يتطلب مواجهته من خلال:

أولاً: عقد مؤتمر لقوى الممانعة والمقاومة العربية بأسرع وقت لرصد برنامج المواجهة لحملة التطبيع الجارية، وإنتاج الوسائل والأدوات اللازمة من أجل مواجهتها.

ثانياً: إعادة بناء هيئة مقاومة التطبيع العربية، كهيئة قومية فاعلة لمواجهة سياسة التطبيع مع الاحتلال على الأرض، عبر فعاليات ونشاطات وحملات شعبية ضاغطة وحملات توعية على المستوى القومي.

ثالثاً: اعتماد التمثيل الشبابي في المؤتمرات وكل هيئة أو إطار يتم بناؤه لمقاومة التطبيع، حيث أن المطلوب أن يكون حضور شبابي مقرر ومشارك وفاعل.. فهم ضمانة المستقبل.

رابعاً: بناء حملة مواجهة مضادة ضد دولة الكيان الصهيوني بوصفها كيان استعماري استيطاني يمارس سياسة التطهير العرقي المنظم ضد الشعب الفلسطيني، وتنسيق الجهد الدولي مع لجان مقاطعة الكيان، والعمل على محاصرة كل نشاط تطبيعي تقوم به، وتكثيف الحملات ضدها.

إن المطلوب مما ذكر هو بناء الأداة الفاعلة راهناً لمواجهة سياسة التطبيع، وأن نعمل بشكل جاد لأجل ذلك، لأن هذه المرحلة تحمل مخاطر عدة تحتاج لمواجهة شاملة.