غزو المصطلحات الصهيونية لإعلامنا الفلسطيني

حجم الخط

يعتبر الإعلام المرآة العاكسة لثقافة وهوية الشعوب، وفي حالتنا الفلسطينية علاوة على ذلك، هو المنبر الذي نخاطب به شعوب العالم وفق رؤيتنا وحقوقنا الوطنية، والمتابع اليوم لوسائل إعلامنا الفلسطينية المتعددة وعلى أهميتها وقدرتها، نجد هناك خلط في بعض المفاهيم والمصطلحات سواء عن قصد أو بدونه، هذه المصطلحات والمفاهيم تتساوق إلى حدٍ ما مع الرواية الصهيونية، وجميعنا يعرف الإمكانيات الإعلامية للحركة الصهيونية، فهي حتى لو استطاعت نقل روايتها لكافة العالم، فالمنطق يتطلب الاطلاع والمتابعة لرواية الآخر، لذا يتطلب منا أن نعمل بمهنية عالية وبكفاءة منقطعة النظير في مواجهة الرواية الصهيونية. ولكن للأسف بدأت تتغلغل في خطابنا الإعلامي وفي روايتنا بعض المصطلحات الصهيونية، وهذا يعود للعديد من الأسباب سواء بخنوع بعض وسائل الإعلام الفلسطينية للرقابة الصهيونية في المناطق المحتلة خاصة في القدس والأراضي التي احتلت عام 1948م، أو من خلال الهوس الذي أصاب بعض الإعلاميين بالنقل من الصحف الصهيونية، وعلاوة على ذلك هناك فقدان للسياسة التحريرية الموحدة في مواجهة الفلسفة والفذلكة الواضحة من قبل بعض الإعلاميين، فهذه الأسباب وغيرها كانت سببًا في هذه النتيجة التي يمكن التعبير عنها بفقدان وغياب للرؤية والخطاب السياسي الموحد لمؤسساتنا الإعلامية الرسمية وغير الرسمية، حيث عند تحليل مضمون ما تقدمه العديد من الوسائل الإعلامية الفلسطينية في نقل وتداول أخبار واقعنا المعاش، سنجد تغلغلاً للمصطلحات الصهيونية.

فإذا كنا نحن الفلسطينيون أصحاب الحق ولدينا قضية ورسالة نتساوق مع المصطلحات الصهيونية ولا ندحض روايتهم، فكيف سنواجه بعض الصحافيين الذين يتساوقون مع الأنظمة ذات الهوى الصهيوني والذين ارتقوا في مناصبهم وصولاً لأعلى المستويات في قيادة الحركة الصحفية في بلدانهم؟

لذلك من الواجب علينا أن نكون على قدر الأمانة المهنية، وعلى مستوى التحديات القائمة، والبدء في تطهير وسائل الإعلام الفلسطينية من المصطلحات الصهيونية، وأن نضع استراتيجية إعلامية متطورة ومتقدمة لمواجهة ذلك الأمر الخطير، وأن يتم إعادة صياغة المصطلحات بحيث تتلاءم مع واقعنا الفلسطيني ورسالته، ووضع جملة من المحددات عبر التحليل اللغوي والسياسي قبل أن نقدمها كوجبة جاهزة لجمهور المتلقين، وأن ننأى بأنفسنا عن استخدام المصطلحات التي فيها شبهة سواء بالمعنى التوصيفي أو الإخضاعي الاجباري للمصطلح والمفهوم، وأن لا نعطي المتلقي وجبات إخبارية يكون فيها المواطن الفلسطيني أو حتى العربي أو الأجنبي متعاطيًا معها وعلى أنها جزء من روايتنا الفلسطينية.

فالمطلوب الاتفاق على ميثاق شرف صحفي، ووضع آليات لإلزام الصحفيين بعدم التعامل مع المصطلحات المشبوهة، وأن لا نتعامل مع أبواق الاحتلال أمثال: منسق جيشه أو المتحدث باسم قواته بحجة السبق الصحفي، وعلى كل مؤسسة إعلامية وضع دليل إرشادي صحفي لمواجهة الاستسلام والوقوع في مصيدة ما يسمى بالتطبيع الإعلامي مع العدو الصهيوني سواء باستخدام المصطلحات، أو حتى استضافة مسؤولين وشخصيات تابعة للاحتلال، علينا قطع الطريق عليهم من تقديم الرواية الصهيونية وتسويقها عبر نشر الأكاذيب من منابرنا.

كما يجب وضع تشريعات تجرم الوسائل الإعلامية التي تتعاطى مع الرواية الصهيونية وأن يتم ملاحقتهم شعبيًا وقانونيًا، وضرورة العمل والإسراع على تأهيل إعلامنا الوطني للوصول إلي درجة عالية من الاحترافية في تغطية القضايا الداخلية وقضايا الصراع مع الاحتلال الصهيوني، وأن يتم تحديد الرواية المسموح بنقلها بعدة لغات عالمية لمخاطبة العالم برؤية واحدة موحدة، وعلى وزارة الإعلام الفلسطينية ونقابة الصحفيين الفلسطينيين أخذ مكانهما بالتحرك نحو اتحاد الصحفيين العرب وإعداد مصطلحات تتناسب مع الأهداف الوطنية والقومية وتقديمها له ليتم تداولها عربيًا، كما يجب عليهما معًا سرعة التحرك لفضح جرائم الاحتلال والانتهاكات بحق شعبنا وبحق الصحفيين، والضغط من أجل تقديم قادة الاحتلال إلى محكمتي العدل والجنايات الدولية بالتنسيق مع مراكز حقوق الإنسان الدولية.