وأخيرا ترجل القائد الميداني ماهر اليماني

حجم الخط

وأخيرا ترجل القائد الميداني ماهر اليماني، الفارس الوطني الكبير، الثوري، الفدائي، ابن المخيم وكل فلسطين، ترك خلفه تاريخا عظيما في حركة المقاومة الفلسطينية يشهد عليه وله. 

ماهر اليماني يرحل صلبا كصوان سحماتا في الجليل، وقوياً كما عرفناه على مدى مسيرة العمل الوطني العسكري والأمني والسياسي والاجتماعي الطويل. يمضي كما جاء ببساطة ابن البلد، بطيبة ابن القرية والمخيم. بشهامة القائد الذي كان قدوة لمن عملوا تحت قيادته. 

يرحل بعدما أضناه المرض العضال ... يرحل وفيا لشعبه ولقضيته، التي قاتل وناضل لأجلها منذ كان فتى، يانعا، صغيرا، قوي الشكيمة، وفولاذي الارادة. بفضله ومعه رفاقه الشهداء الذين ركبوا الطائرات العالمية والصهيونية، واحتجزوها ليظهروا للعالم المنحاز عدالة قضيتنا. بفضل هؤلاء الابطال ورفيقاتهم الشهيدات والاسيرات والمناضلات وصلت قضية فلسطين الى كل العالم. حدث ذلك كله تحت قيادة المعلمين الشهيدين الدكتورين وديع حداد و جورج حبش في سنوات الستينات والسبعينات من القرن الفائت. 

عرفته منذ بدأت العمل فدائيا تحت قيادته في القطاع الأوسط بالجنوب اللبناني، وكانت تلازمه في القواعد ثلة من المناضلين الفدائيين الفلسطينيين والعرب والأمميين. منهم الشهداء أحمد أمين، أبو الرائد الأشقر وجيفارا العمارة، وغيرهم من الثوريين الذين جائوا من المحيط ومن الخليج ومن خلفهما. فكنت ترى هناك التونسي والمغربي، البحرين ي، الامارتي واليمني والعُماني والأرتيري، الكردي والايراني، الأفريقي والآسيوي والأمريكي اللاتيني والأوروبي، السوري والعراقي واللبناني والمصري والأردني والفلسطيني، مناضلون ثوريون فدائيون من كل بلاد العرب. كان قائدا لقواعد أممية، ثورية، مقاتلة، على خط المواجهة الأول مع الصهانية وعملائهم في الجنوب اللبناني.

بعد تلك الفترة انتقل للعمل سكرتيرا مرافقا للزعيم الحكيم جورج حبش، وبقي يعمل في تلك المهمة النضالية حتى الخروج من بيروت سنة 1982. بعد ذلك تابع نضاله بنفس الروح والعزيمة والهمة والارادة والقوة والانتماء والتفاني. التقيت به مرات عديدة في لبنان و سوريا في السنوات ال 15 الأخيرة. وكان آخر لقاء جمعني به في مخيم مار الياس في بيروت سنة 2018 . أي قبل مرضه بقليل. 

ماهر ينتمي لعائلة فلسطينية مناضلة تعود لبلدة سحماتا الجليلية الفلسطينية، بعد النكبة التجأت الى مخيم البداوي شمال لبنان. عائلته قدمت الشهداء والقادة والمناضلين على درب تحرير فلسطين، شقيقه الأول استشهد في أول عملية عسكرية فدائية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة القوميين العرب. وشقيقه الأخر أبو ماهر اليماني واحد من أهم القادة المبدئيين والتلريخيين الذين أنجبتهم فلسطين بعد نكبة عام 1948. اشقاؤه الآخرين مناضلون مبدئيون، ناكرون للذات، تماما كما كان ماهر وكما كان المعلم أبو ماهر اليماني.

بداية الشهر الجاري واثناء المرحلة الحرجة التي أُدخل على اثرها ماهر العناية المركزة في المستشفى وجه له الرفيق الأمين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات من سجنه الرسالة القصيرة التالي: 

((عشت بين رفاقك قائداً شجاعاً قوي الشكيمة لم تعرف لليأس طريقاً، ولم تسمح له أن يتسلل إليك يوماً، فكنت الرجل الشامخ المنتصب على أعمدة الإرادة والقوة والصلابة والمعنوية. هكذا عرفناك وستظل كذلك في أعين وقلوب رفاقك الذين أحبوك فأنت القائد الذي تستحق عن جدارة لقب الأسد الهمام الذي يضاعف قوة جيشه في أصعب المحكات والدروب والمحطات، ويشيع فيه الإصرار والتماسك واليقين بحتمية الانتصار).

ماهر اليماني

 من مواليد 1949. عضو حركة القوميين العرب من العام 1966، واستمرّ في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين منذ تأسيسها سنة 1967. عمل في قطاع العمليّات الخاصّة مع الدكتور الشهيد وديع حدّاد، منها عمليّة ضد شركة "العال" الإسرائيليّة في اليونان سنة 1968 وسُجن على أثرها بحكم يستمرّ 31 سنة، ولكنْ لصغر سنّه أُنزلت العقوبةُ إلى 14 سنة و3 أشهر. خرج بصفقة تبادل بعد عمليّة خطف طائرةٍ قامت بها جبهةُ النضال الشعبي الفلسطينيّ. وكان السكرتير المرافقَ للدكتور جورج حبش بين العامي 1979 و 1982. عضو لجنة مركزيّة عامّة منذ سنة 2000.

استطيع القول اننا اليوم خسرنا واحدا من أفضل قادتنا الفدائيين الثوريين.