حقيقة معتقدات قادة الكيان

حجم الخط

لطالما كنت من المؤمنين : باستحالة إقامة السلام مع الكيان الصهيوني , وأن الحل الوحيد الممكن معه هو فقط : اجتثاثه من جذوره . هذا الحل لم أبنه على كلام عاطفي , ولكن من خلال قراءة دقيقة لهذا العدو بكل تفاصيله , منذ ما قبل نشأته وحتى اللحظة . كذلك من خلال متابعة مستمرة لما يجري في شارعه من تحولات . بالطبع لي أسبابي العلمية التي أوضحتها من خلال مقالات كثيرة على صفحات هذه الجريدة الغرّاء . ما أثبتته أحداث الواقع في مختلف مراحلها : صحة الاستنتاجات التي توصلت إليها وغيري حول استراتيجية الوجود الصهيوني, وتمثيله السياسي من خلال دولة الكيان .
يخطىء من يعتقد بوجود خلافات جذرية بين ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي فيما يتعلق بالموقف من الفلسطينيين وحدود التسوية معهم ومع الأمة العربية بشكل عام. الخلافات هي هامشية ليس إلا . البعض ولدواع دبلوماسية بحكم المناصب الرسمية التي يتسلمها , ولانعاكاسات التصريح بحقيقة معتقداته وأثرها السيىء على إسرائيل , دوليا , مضطر للتصريح بين الفينة والأخرى : باقوال حول أهمية السلام مع الفلسطينيين وإعطائهم بعض الحقوق , لكنه في الحقيقة يسعى لتعطيل ترجمة هذه الحقوق , وذلك على قاعدة " نعم ولكن " من خلال إطالة المفاوضات معهم إلى ما لا نهاية . هذا ما صرح به شامير على هامش مؤتمر مدريد , وهذا ما مارسه نتنياهو وكل رؤساء الوزارات الإسرائيلية المتعاقبة من مختلف الاتجاهات السياسية , منذ اتفاقيات أوسلو المشؤومة حتى اللحظة .
وللدلالة على صحة ما أقول .. سأتطرق إلى بعض التصريحات الحديثة لعينة صغيرة من قادة العدو والمفترض فيهم : أنهم دبلوماسيون ! بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني قال في تصريح له في مقابلة مع موقع " إن أر جي " الإسرائيلي بمناسبة رأس السنة " العبرية " ( للعلم, بيّن العديد من الباحثين في علم الأجناس : استحالة وجود أية علاقة كانت بين كلمة" العبرية " وبين اليهود , فأصل الكلمة " آرامي " وأطلقت على قبيلة من قبل وجود اليهود ) ما يلي : " لن نعترف في يوم من الأيام " بالارهابيين" الذين يستخدمون السلاح ضد إسرائيل , لا بطريقة مباشرة ولا غير مباشرة , لأنهم خطر على مستقبل دولتنا . وجهنا لبنيتهم التحتية ولأسلحتهم ضربة قاصمة ... ونحن جاهزون للمزيد من توجيه الضربات .. لهذا فإن وفدنا إلى القاهرة خلا من أي سياسي أو ضابط برتبة كبيرة , كل اعضائه ضباط عسكريون .
ويستطرد نتنياهو : " الإرهابيون " استعملوا مليوني مواطن – لم يتبعها بكلمة : فلسطيني – كرهائن ودروع بشرية " . هذا هو رئيس وزراء دولة الكيان الذي صرح في بداية ولايته الحالية ( الثالثة ) في جامعة بار ايلان حل أهمية حل الدولتين , ومارس عكس ما صرح به تماما ! نتنياهو يعتبر زعيما لما يسمى بالجناح " المعتدل " في الليكود . أما عن معتقداته الحقيقية فيمكن قراءة كتابه الصادر بالإنجليزية والمترجم إلى العربية : " مكان تحت الشمس " . ما نساله ما أهمية المفاوضات مع حكومة هذا هو رئيسها ؟ وهل يمكن إقامة سلام مع مثل هكذا دولة يعتبر نتنياهو " معتدلا " فيه ؟ .من جهته , قال موشيه يعالون وزير الحرب الصهيوني في كلمة له أمام" معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي " ... ( لا يمكن الحديث عن خروج إسرائيل من " يهودا والسامرة" - يقصد الضفة الغربية – لأنه لا يمكننا السماح بنشوء كيان فلسطيني في هذه المنطقة الحيوية لأمن بلادنا الإستراتيجي , على شاكلة ما حدث في غزة ) . التصريح بالغ الدلالة ! .
وزير الخارجية الإسرائيلية الفاشي ليبرمان وفي مقابلة معه مع صحيفة " هآرتس " طرح ما يسمى "بالخيار الأردني " من جديد . فمن وجهة نظره : " فإن على الفلسطينيين إقامة دولتهم في الأردن " . معروف : أن الأردن يرتبط بمعاهدة " وادي عربة " مع دولة الكيان . السؤال هو : أيحترم القادة الإسرائيليون الاتفاقيات التي يوقعها كيانهم ؟ وهل ممكن إقامة سلام مع دولة هذا هو الوجه الدبلوماسي الثاني ( بعد نتنياهو ) فيها ؟ .
لقد أصدر يعالون وزير الحرب الصهيوني كتابا يحمل عنوان " الدرب الطويل القصير " ومما جاء فيه : " إن إسرائيل دفعت ثمنا باهظا من خلال : تنازلها عن عن قطاع غزة ( يقصد : اعادة الانتشار التي قام بها شارون) , لأن غزة ما تزال محتلة ومحاصرة للعام الثامن على التوالي ) , وبموافقتها على إعادة الجنود دفعت إسرائيل ثمنا كبيرا .... ويستطرد : لا إمكانية مطلقا لتطبيق حل الدولتين , يتوجب على إسرائيل أن تتبنى استراتيجية قائمة على القوة والردع ورفض إعادة لاجىء واحد " . من ناحية أخرى قال يعالون في كلمة له أمام" معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي " ... ( لا يمكن الحديث عن خروج إسرائيل من " يهودا والسامرة" - يقصد الضفة الغربية – لأنه لا يمكننا السماح بنشوء كيان فلسطيني في هذه المنطقة الحيوية لأمن بلادنا الإستراتيجي , على شاكلة ما حدث في غزة ) . التصريح بالغ الدلالة ! .هذا غيض من فيض مما جاء في مؤلفه ! فهل يمكن إقامة سلام مع دولة هذا هو وزير حربها ؟ .
من زاوية أخرى , نتساءل : ما الذي فعله أولئك المحسوبون على ما يسمى بتيار " الوسط " في الأحزاب الإسرائيلية مثل حزبي " يوجد مستقبل " بزعامة يائير لبيد , و" الحركة " بزعامة تسيبي ليفني ؟ والذين هددوا بأنه في حالة عدم التوجه لإعادة التفاوض مع السلطة الفلسطينية , فإنه لا مجال لاستمرارهم في الحكومة ! فهم وعلى مدى ما يقارب العامين في الحكومة يشجعون الاستيطان وتشديد الحصار على القطاع وضرب غزة وعدم الانسحاب من أي جزء من مدينة القدس , ورفض عودة اللاجئين إلى ديارهم , ورفض أي انسحاب إسرائيلي من كل المناطق التي احتلتها دولة الكيان عام 1967 . أيختلف هؤلاء عن المتطرفين ؟ .
صحيفة " هآرتس " أجرت استطلاعا منذ بضعة أيام , أثبت : أن أحزاب اليمين الفاشي المتطرف ومن ضمنها الليكود ستزيد قوتها بنسبة 32 % في حالة إجراء انتخابات تشريعية في الوقت الحالي في الكيان . أي ستزيد عدد مقاعدها في الكنيست من 43 مقعدا اليوم إلى 57 مقعدا . باختصار : هذه هي دولة الكيان , وهؤلاء هم عينة من قادتها ! .
* * *
* *
*