الصراع العربي الصهيوني واوهام الحل المرحلي......

حجم الخط

إن تحليل جوهر الصراع بيننا وبين العدو الإسرائيلي كصراع عربي إسرائيلي إلى جانب الوضعية الرئيسية لدولة العدو الإسرائيلي التي تحولت اليوم إلى حالة امبريالية صغرى عززت دورها ووظيفتها في تكريس أدوات ومظاهر التبعية والتخلف واستمرار احتجاز التطور في بلدان الوطن العربي بما يضمن حماية وتكريس مصالح نظام العولمة الامبريالي في بلادنا، وبالتالي لم يكن مستغرباً في مثل هذه الأوضاع تمسك التصور الصهيوني بلاءاته الخمسة : لا انسحاب من القدس، لا انسحاب من وادي الأردن ، لا إزالة للمستوطنات ، لا عودة للاجئين، لا للدولة الفلسطينية كاملة السيادة على الأراضي المحتلة .

أمام كل ذلك لم يعد مفهوماً الحديث عن حلول مرحلية، يعزز هذا الاستنتاج الفشل الذريع لكافة الاتفاقيات التي عقدتها م.ت.ف لأسباب تعود إلى طبيعة اتفاق أوسلو ومحدداته من ناحية ولأسباب سياسية وطبقية حكمت معظم هيئاتها القيادية ، وبذريعة شعارها الزائف حول ما يسمى "القرار الفلسطيني المستقل" من منطلقها البائس في كون الصراع فلسطيني إسرائيلي وليس عربياً إسرائيليـاً .

هنا تتبدى الضرورة لإعادة النظر –بمنهجية موضوعية وعميقة- في كافة المنطلقات السياسية التي ارتبطت بشعار الحل المرحلي ، وصولاً إلى ممارسة النضال بكل اشكاله من أجل تحقيق هدف دولة فلسطين الديمقراطية العلمانية ، الذي يتوجب اليوم أن يكون هدفاً استراتيجياً لكافة قوى التحرر العربية عموماً وللقوى اليسارية الديمقراطية في فلسطين بشكل خاص ، آخذين بعين الاعتبار مسألة جوهرية يتوجب على كافة قوى اليسار الفلسطيني والعربي أن تتبناها للخروج من هذا المأزق الذي وصلنا إليه، والذي يتمثل في محددين رئيسيين يتصارعان لتحقيق هدفهما، الأول: يتمثل في قوى اليمين الكمبرادوري البيروقراطي ممثلاً في السلطة الفلسطينية وفي معظم الأنظمة العربية وأحزابها الحاكمة، والمحدد الثاني: هو التيار الديني أو على وجه الدقة الإسلام السياسي الذي لا يختلف من حيث جوهره الطبقي عن المحدد الأول، إلى جانب ما يمثله من تكريس للتخلف والتبعية ، وما يزعمه من تحقيق الهوية الإسلامية باسم "الخلافة أو الأمة الإسلامية".

وبالتالي فإن حديثي عن حل الدولة الديمقراطية العلمانية هو حديث يستدعي استنفار كل طاقات اليسار من أجل إعادة النظر في الخطاب السياسي وصولاً إلى خطاب/برنامج يستجيب لمعطيات وضرورات المرحلة الراهنة والمستقبل، الأمر الذي يستدعي حواراً جاداً ومعمقاً بين أطراف اليسار الماركسي العربي لتحقيق هذه الغاية، ليبدأ مرحلة جديدة في نضاله من اجل إعادة تأسيس المشروع القومي التحرري الديمقراطي النهضوي ، كفكرة مركزية توحيدية تلتف حولها الجماهير الشعبية في فلسطين وبلدان الوطن العربي ، وفي الطليعة منها الطبقة العاملة وكل الكادحين والفقراء والمضطهدين والمُستَغَلين العرب الذين سيمثلون روح هذه النهضة وقيادتها وأدواتها.