أيمن محسن سعيد الرزة

ولد "أيمن" في مدينة نابلس "جبل النار" حيث نشأ في كنف أسرة مكونة من أربعة عشر فردا وتلقى تعليمه حتى الثاني الثانوي في مدرسة طلال الثانوية ومن ثم حصل على شهادة الثانوية العامة داخل المعتقل. حيث اعتقل "أيمن" أكثر من مرة وكان لسنوات الاعتقال والحياة بين كوادر الثورة فتربى بين صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد صقلت روحه النضالية وراء قضبان السجن حيث أفادته سنوات اعتقاله للمرة الأولى والتي استمرت لمدة ثلاثة أعوام. فاطلع على التجارب الثورية التي عاشتها وشهدتها الشعوب المكافحة لنيل حريتها وبعد أن قضى مدة محكوميته تلك كان عضوا فعالا في النقابات العمالية كما شارك في النشاطات التطوعية التي استغلها لنسج علاقاته السياسية والتنظيمية ونتيجة التصاقة بالعمل السياسي فقد جدد اعتقاله لمدة 3 شهور أخرى. ومنذ انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الكبرى عام 1987 انخرط "أيمن" في الصفوف الأولى للدفاع عن وطنه, فقد حصد حصيلة وعيه الجماهيري الذي اكتسبه حيث شارك في عدة مواجهات تصدى خلالها لجنود الاحتلال وكان على دراية ووعي بخطورة العملاء المتعاونين مع قوات الاحتلال لذلك عمل على تأسيس مجموعة "النسر الأحمر " التي انطلقت بعد ذلك لتصل جميع أرجاء الوطن في الضفة والقطاع فقد أخذت على عاتقها بقيادة نسرها" أيمن "تصفية الخارجين عن إرادة الشعب، وفعلا تمكن "أيمن" بمساعدة رفاقه من تصفية ما يزيد عن عشرين عميلاً كانوا عبرة لكل المتساقطين والسائرين في غيهم. يوم استشهاده: في يوم الخميس الموافق 9 تشرين الثاني 1989، حلقت ومنذ ساعات الصباح ثلاث طائرات عمودية فوق قرية جنيد، إضافة لتواجد أعداد كبيرة من دوريات العدو الراجلة، لكن "أيمن" بنظرته الثاقبة وحسه الأمني لمثل تلك التحركات، شعر أن في الأمر شيئاً، فقرر ورفاقه المواجهة والتصدي، وتلقين المحتلين درسا وعبرة على أن الانتفاضة سوف تسير إلى نهاية المطاف، وخاصة أمام التعنت الواضح لدى القيادة السياسية الصهيونية، فتبنى ومن جديد الكفاح المسلح وممارسته على الأرض، بعد أن جزعت الجماهير الشعبية وضاقت ذرعا بكل تلك الدماء التي سفكت وتسفك، والتي سقط فيها خيرة أبناء الشعب الفلسطيني المناضل. وما أن أصبحت إحدى الدوريات في مرمى نيرانه، تقدم وهاجمها بإحدى قنابله اليدوية، وتابع إطلاق النار من مسدسه، حيث أصاب احد الجنود في وجهه، وأشار إلى رفاقه لمساندته من الخلف، وفي تلك اللحظة أطلقت عليه عدة عيارات نارية أصابته في وجهه وصدره وذراعيه، ولكن "أيمن" كان صامدا حتى أتت طلقة الموت التي كان رقمها ثمانية عشر في رأسه، مما أدى إلى استشهاده . حادثة جامعة النجاح: في حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف من صباح 9 تشرين الثاني قام "أيمن" وعدد من رفاقه بمهاجمة جامعة النجاح الوطنية، التي كانت تستخدمها قوات الاحتلال كثكنة عسكرية، وما أن بدأ النسر ورفاقه بمهاجمة الجامعة حتى تحول إلى اشتباك مسلح، دام لأكثر من ساعة، أصيب فيه أحد الرفاق وأعتقل، وأصيب جنديين، ولكن "أيمن" استطاع العودة إلى قواعده بسلام، وهزت هذه العملية الكيان الصهيوني، فأصدرت أوامر صارمة لاعتقال "أيمن"، وفي تلك الليلة قامت أعداد كبيرة من قوات الآمن بالإضافة للجنود، باقتحام منزل "أيمن" حيث كمنوا داخل البيت بانتظار قائد مجموعة "النسر الأحمر" حتى حلول الساعة الخامسة صباحا، وعندما لم يأت قاموا بالانسحاب بعد أن عاثوا فسادا في أثاث المنزل. ومن خلال تلك المحاولة للقبض عليه، شعر أيمن أن جل اهتمام قوات الاحتلال هو القيام بمتابعته، لذلك كان حذرا وحريصا كل الحرص على أن لا يقع في شراكهم ، وما اختياره للمواجهة بالقرب من قرية الجنيد إلا كان بمحض إرادته. وبعد انتشار نبأ استشهاد البطل "قائد مجموعة النسر الأحمر" صرخت نابلس بأعلى صوتها، بأن موت "أيمن" لا يزيد الثورة إلا قوة وصلابة، وأن الشهيد سيظل مشعلا من المشاعل التي تنير درب المساواة والحرية والعدالة. وعلى إثر استشهاد النسر أعلنت قوات الاحتلال منع التجول لمدة ثلاثة عشر يوما، ورفضت تسليم جثته إلى أن اشترطت على أهله أن تشيع جنازة الشهيد بحضور ستة أفراد فقط، غير أن جماهير نابلس والتي تعودت أن تزف شهداءها، انتفضت كاسرة حظر التجول، ومتحدية إرادة الاحتلال، حيث شيع الشهيد دون إرادة السلطات، ووسط مسيرة شعبية حاشدة، عبرت عن الالتفاف حول مناضليه وقياداته الميدانية، وبعد أن رفعت السلطات حظر التجول عن مدينة نابلس، نظمت عدة فعاليات وطنية شارك فيها جميع فئات الشعب، وفاء للشهيد الذي جسد بانتمائه ودفاعه عن خزان الثورة "الشعب"، ووقوفه إلى جانب العائلات المحتاجة بتأمين ظروف الحياة الكريمة..