خلال ندوة حول الإعمار، مطالبة بضغط شعبي حقيقي وتشكيل لجنة تحقيق في شبهات فساد في الأسمنت المورد

حجم الخط

 

طالب سياسيون ومهندسون مختصون وأعضاء في اللجنة الوطنية للإعمار بضرورة وجود ضغط شعبي حقيقي على الأطراف المسئولة التي تعطّل وتتواطؤ وتقصر في عملية إعادة الإعمار.

كما دعا المجتمعون لضرورة تشكيل لجنة تحقيق في شبهات فساد على صعيد توريد الأسمنت إلى القطاع من قبل بعض الشركات، والتلاعب في المواصفات.

 

كما طالب المحاورون بضرورة إشراك كفاءات وخبرات مهنية ومهندسين من القطاع في عملية إعادة الإعمار، ووقف سياسة التهميش بحقهم، وذلك من خلال لجنة وطنية مهنية مستقلة بعيداً عن المؤسسة الرسمية.

وشدد المجتمعون على ضرورة فصل  ما أسموه سيطرة المؤسسة الفلسطينية الرسمية بالكامل على موضوع إعادة الإعمار، خاصة لجنة المواصفات والمقاييس التي يجب أن تكون هيئة مستقلة ومحايدة.

جاء ذلك خلال ندوة بعنوان " إعمار غزة بين الإدارة والتمويل وجودة الاسمنت" نظمها التجمع الهندسي الديمقراطي في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني – حيدر عبد الشافي بمدينة غزة.

وافتتح المهندس أيمن الهور عضو التجمع الندوة مرحباً بالحضور، مستعرضاً واقع موضوع الإعمار ومعاناة المواطنين، وعراقيل الاحتلال والمؤسسة الدولية في هذا الموضوع.

 

وتوجه الأستاذ أبو سلمان المغني عضو اللجنة الوطنية للإعمار في مداخلة له بعنوان " تأثيرات الحرب على قطاع غزة وجهود إعادة الإعمار" بالتحية إلى التجمع الهندسي الديمقراطي على تنظيمه هذه الندوة الهامة، مشيراً أنه كان يأمل أن يكون هذا اللقاء وسط الأنقاض في الشجاعية أو بيت حانون أو أي مكان آخر مدمر في القطاع  حتى يكون الأمر على الواقع".

وأكد المغني بأن أصحاب البيوت المدمرة يفتقدون لإطار أو جهة أو مؤسسة يتوجهون لها للحديث معها في موضوع تفاصيل إعادة الإعمار، وسرعة تنفيذها،  وإن ذهبوا إليها لا يجدوا فقط إلا عبارة مطمئنة وليس بقرارات تنفذ على أرض الواقع".  

وقال المغني: "  لم نترك مكان ولا مجال ولا جهة وقابلناها وكانت مأساتنا الأولى حين قابلنا مبعوث المؤسسة الدولية في الشرق الأوسط " روبرت سيري"، والذي صُدمنا عندما قال بصراحة لنا أننا هنا للإيواء وليس للإعمار، فرفضناها وقاومناها وتراجع عن هذه الفكرة".

 

ورفض المغني فكرة تسليم كرافانات لأصحاب المنازل المدمرة، مشيراً أنها فكرة عقيمة وباهظة الثمن ويستغلها البعض من أجل الكسب والاستثمار على حساب شعبنا، وكان من الأولى أن يتم تسليم تكاليف بناء الكرافانات إلى أصحاب المنازل المدمرة لإصلاح وترميم منازلهم بدلاً من هذه التي تتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا.

وأضاف المغني: " لا نقبل أن نعيش في معسكرات وخاصة في كرافانات، فلا يمكن أن يقبل إنسان عنده كرامة أن يكون في وسط تجمعات تعيش في كرافانات، هذا سيسبب لنا مشاكل لا أول ولا آخر لها".

وانتقد المغني طريقة تعامل الجهات الرسمية المسئولة عن الإعمار، مشيراً أن وزارة الاشغال لا حول ولا قوة لها وليس لها أي قرار على المؤسسة الدولية " الوكالة"، والـ UNDB ، متساءلاً " كيف سيكون إعمار وكل مؤسسة من هذه المؤسسات تغني على ليلاه وليس هناك إطار موحد لإدارة عملية الإعمار؟!".

وخاطب المغني جماهير شعبنا وأصحاب المنازل المدمرة بضرورة النزول للشارع من أجل الضغط للبدء الجدي في الإعمار، ومن أجل سماع صوتهم للعالم أجمع، مؤكداً أنه لن يستجيب أحد للإعمار ولن يكون هناك تمويل إن لم يصل صوتنا للعالم أجمع.

 

من جهته، استغرب المهندس علي أبو شهلا رئيس الكتلة المهنية الهندسية في مداخلة له بعنوان " إعادة الإعمار بين نكث الوعد وواقع الحال" على عدم وجود أي عضو من قطاع غزة في لجنة إعمار غزة التي يرأسها السيد محمد مصطفى والذي هو في الوقت ذاته وزير اقتصاد حكومة التوافق.

وطالب أبو شهلا في هذا السياق بضرورة تشكيل هيئة مستقلة لإعادة الإعمار تكون مسئولة امام الرئيس، وأن يكون للهيئة توافق على العمل ضمن لجنة مختصة لا يتدخل أحد في  أعمالها، ورفدها بأصحاب خبرات في مجالاتها بعيداً عن تدخلات الجهات الرسمية، وبعضوية خبرات من قطاع غزة".

 

وقال أبو شهلا: " في العالم أجمع عندما يحدث مصائب أو زلازل تشكل لجان سريعة لوضع حلول سريعة، ولكن بعد 6 شهور من انتهاء العدوان على القطاع ماذا فعلنا؟ فقط تسليم بعض الكرافانات وتوزيع كمية بسيطة من الأسمنت، ولم نقم بعمل شئ آخر".  

وأضاف أبو شهلا: " حتى موضوع الكرافانات لم يحل المشكلة، ما فائدة وضع 5 كرفانات في مساحة نصف دونم تكلف مبالغ طائلة، أليس بناء عمارات سكنية في هذه المساحة، وأن يتم إيواء الناس المدمرة بيوتهم فيها أفضل طالما تكلفة بناء كرافانات ووحدات سكنية واحدة، وبعد ترميم البيوت وإعادة صيانة منازل المواطنين، تُباع هذه الوحدات السكنية بأسعار مناسبة ".

ودعا أبو شهلا لضرورة تطبيق قانون الرهن العقاري الفلسطيني الموجود في الضفة الغربية لقطاع غزة، حتى يتمكن الجميع من اصحاب الدخل المحدود من فرصة الحصول على شقة بواسطة قرض يستحق على مدة طويلة من 20 إلى 30 عاماً.

وحول نوعية الأسمنت التي تدخل إلى قطاع غزة عبر شركات فلسطينية، ومن بينها شركة سند التابعة لصندوق الاستثمار الفلسطيني والمسئول عنها وزير الاقتصاد محمد مصطفى، أكد المهندس أبو شهلا أن جميع المؤشرات والتقديرات تشير إلى أن نوعية الأسمنت الموجودة في غزة اليوم غير صالحة للخرسان المسلح، أو لإعادة البناء، وهو يصلح فقط لأعمال الصيانة البسيطة، مثل القصارة والطلاء..

وأشار المهندس أبو شهلا بأن أي كمية أسمنت تُورد إلى جهة ما يجري فحصها ومعرفة مدى مواصفاتها وقابليتها للاستخدام، ولكن في موضوع الأسمنت الذي وُرد للقطاع من قبل شركة سند تأخر فحصه لمدة طويلة، كما أن الشركة لم توضح حقيقة ومواصفات الأسمنت، ولم تتطرق إلى مادة الجير الموجودة فيه والذي يسبب في تآكل الحديد.

وأشار أبو شهلا، بأن حوالي 90% من الأسمنت الذي وزع على الناس تم بيعه في السوق السوداء لأن الناس كانوا بحاجة ماسة للمال.

وقال أبو شهلا: " هناك الكثير من المختصين تحدثوا عن خطورة الاسمنت الذي يدخل القطاع، وهذا ما دفعنا إلى توجيه عدة رسائل لمجلس الوزراء بهذا الخصوص من أجل ضرورة أن يجري فحص الأسمنت، والتأكيد على أن الجهة الوحيدة المخولة بمتابعة وفحص كل كمية الأسمنت التي تصل لغزة هي لجنة المواصفات والمقاييس، وليس شركة سند، مستغرباً أن يكون مسئول لجنة إعمار غزة هو نفسه مدير شركة سند، وفي الوقت ذاته هو مسئول لجنة المواصفات والمقاييس؟.  

وأكد أبو شهلا بأن العالم نكث بوعده لشعبنا للمرة الثانية، المرة الأولى بعد نهاية الحرب عام 2009 في مؤتمر شرم الشيخ، والثانية الآن بعد أن وضع شروط ضخمة من أجل إعادة الإعمار بضغوط صهيونية وأمريكية وهي أنه لن يكون هناك إعادة اعمار قبل نزع سلاح المقاومة.

 

واستغرب أبو شهلا أن يتم الإعلان عن إجراء فحوصات للأسمنت بتاريخ 21/7/2014 في مختبرات الجامعة الإسلامية في الوقت الذي شهد هذا اليوم عدوان صهيوني غير مسبوق على قطاع غزة بأكمله، موجهاً استفسار للجامعة الإسلامية للإجابة عن هذا الموضوع.

 

وقال أبو شهلا: " كهيئة وطنية مهنية هندسية توجهنا برسائل عديدة إلى رئيس الوزراء من أجل إجراء فحوصات للأسمنت، حيث أجريت فحوصات ، في الفحص الأول للأسمنت المفترض أن يعطي نسبة 5.42 أعطى نسبة 29.9 ، كما أجرت شركتين في رام الله بتاريخ 27/1/2015 فحوصات على اسمنت تبين أنه ليس له علاقة بالأسمنت المورد في غزة، كما جرى عمل اختبار آخر بالجامعة الإسلامية بتاريخ 19/1/2015، ولم يكن دقيقاً".

 

وأضاف أبو شهلا بأنه بعد أن أرسلنا مرة أخرى لرئاسة الوزراء، بدأت شركة سند تغير نوع الأسمنت للمرة الثالثة، وبدأت تورد للقطاع أسمنت من الذي كانت تدخله المؤسسات الدولية لمشاريعها في القطاع، وهو جيد.

من جانبه، اعتبر عضو المكتب السياسي للجبهة ومسئول فرعها في قطاع غزة الرفيق جميل مزهر في مداخلة له بعنوان " إعادة الإعمار.. استراتيجيات وحلول"،  أن توريد بعض الشركات الفلسطينية التابعة للسلطة الإسمنت إلى قطاع غزة بمواصفات أقل جودة مؤشراً حقيقياً للفساد والغش واستنزاف جيب المواطن.

و طالب مزهر بضرورة التحقيق في هذه القضية وكشف المسئولين عنها ومحاكمتهم جاء ذلك في سياق كلمة ألقاها في ندوة نظمها التجمع الهندسي الديمقراطي حول موضوع تأخر عملية إعادة الإعمار .

وحول قوام اللجنة الوطنية المشكلة لمتابعة إعادة الإعمار لفت مزهر إلى أنه لم يُشرك فيها أي من الكفاءات والمهنيين في قطاع غزة وتابع قائلاً "المفارقة الكبرى أن المصيبة في قطاع غزة واللجنة التي ستعيد الإعمار من الضفة الغربية ،كأن غزة ملحق ومنطقة هامشية لا تخطر على بال أحد وهذا ما ينعكس في السلوك العام للسلطة الفلسطينية".

على صعيد آخر تطرق مزهر بالذكر إلى مشروع بناء 3 آلاف كرافاناً تكلفتها 45 مليون دولار مستنكراً أن تكون الكرافانات التي لا تمتلك أدنى مقومات الحياة الكريمة بديلاً عن منازل المواطنين.

كما استغرب مزهر أن يتم إنشائها في "أريحا "في ظل حاجة أبناء القطاع الماسة لفرص العمل والفرص التشغيلية ،متسائلاً إن كان هناك عصابات مستفيدة ومنتفعة على حساب دمائنا وتضحياتنا.

ولفت مزهر إلى أنه مع مضي ما يقارب ستة أشهر على انتهاء العدوان لم تتحرك عجلة الإعمار قيد أنملة ومازال الناس بأوضاع كارثية في مراكز الإيواء وفي منازلهم المهدمة محملاً المسئولية للاحتلال الصهيوني والمؤسسات الدولية "الأونروا " والسلطة الفلسطينية .

وفي ذات السياق أكد مزهر على أن الاحتلال يستمر في إطباق سيطرته على المعابر ومراقبة كل المخازن ومعه ترخيص لأن يقبل أو يعترض على من سيعاد إعمار منزله لافتاً إلى سياسة العدو في تقنين دخول مواد الإعمار التي تهدف لوقف أي نوع من أنواع التنمية داخل القطاع في ظل ازدياد حاجات المواطنين.

كما نوّه إلى تواطؤ "الأونروا "مع الاحتلال عبر ما يسمى "خطة روبرت سيري" التي شرعنت الحصار وأطالت أمده موضحاً أن هنالك محاولات من قبل المجتمع الدولي لإخضاع أبناء شعبنا وتدفيعه ثمناً سياسياً ولنزع سلاح مقاومتة.

وحول مسئولية السلطة عن تأخير إعادة الإعمار قال مزهر "الأساس هو وجود موقف فلسطيني موحد  لكن للأسف هناك انقسام جعل من أبناء شعبنا رهينة بيد حركتي فتح وحماس والمواطن وحده من يدفع ضريبة الصراع بين الفصيلين اللذين  رهنا مصالح المواطن وحقوقه بتحقيق المصالح والحسابات والبرامج الشخصية والفئوية."

وأضاف "شعبنا يدور بحلقة مفرغة المجتمع الدولي والمانحين لن يسلموا أموال الإعمار إلا بعد تسلم حكومة التوافق في غزة أمور القطاع والحكومة ترفض دخول القطاع نظراً للاشتراطات التي وضعتها حركة حماس وحركة حماس تطالب بالشراكة الكاملة".

واستدرك قائلاً "لو لم نكن منقسمين لاستطعنا مواجهة الاحتلال لكن انقسامنا يضعفنا ويضعف قضيتنا الوطنية ويعيق هدفنا بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".

ورهن مزهر الحل في تسريع إعادة الإعمار بمطلبين أساسيين أولهم قدوم حكومة الوفاق إلى غزة وتنفيذ الاتفاق الوطني الذي وقعت عليه الفصائل حتى لا تضيع الفرصة من أبناء شعبنا كما ضاعت في العام 2009 "مؤتمر شرم الشيخ ".

وأخيراً أن ترفع الناس صوتها وتعليه لتشكل ضاغط شعبي حقيقي في وجه الاحتلال والمجتمع الدولي والانقساميين داعياً إلى ضرورة مواجهة كل من حاصر غزة ووقف عائقاً أمام إعادة الإعمار.

تجدر الإشارة أن إجمالي كميات الإسمنت التي تم إدخالها إلى قطاع غز منذ انتهاء العدوان بلغت ما يقارب 150 ألف طن بيد أن القطاع يحتاج لدخول 4200 طن يوميا لإعادة الإعمار خلال سنتين .

 

 

 

IMG_9019

IMG_9003

IMG_8998

IMG_8978

IMG_8980