ومضات

حجم الخط
لماذا تركت الميدان وحيداً؟ بهذا السؤال بادرني صديقي، فرددت "أنا موجود، لم أترك أي ميدان، ما زلت أكتب وما زلت أعمل بنشاط". ضحك وقال "لكنك فعلاً تركت الميدان، ميدان محمود درويش ولم تكتب عنه. اليوم جلست هناك، فوجدت البركة متسخة، وإحدى الواجهات الزجاجية مكسورة، أين البلدية؟". عاجلته بالرد "لا تتهم البلدية، بل يجب ان تشير بالاتهام الى العابثين، فليس ميدان محمود درويش وحده يعاني من عبثهم، فميدان جورج حبش أخذ نصيبه من العبث في أول أيام إنجازه حيث طفحت وطنية أحدهم فأخذ دهاناً رشاشاً وخطّ كلمات بالأحمر على الحجر الأبيض، وكل يومين او ثلاثة يضع أحدهم صابوناً في الماء، فتغطي الرغوة الميدان، اعتقد يا صديقي ان على العابثين ان يتركوا الميدان وحيداً وبحاله". كيف؟ في إحدى زوايا الطريق، وقف شرطي يحمل كتيباً وورقة بحجم ملصق او خارطة يتطايرها الهواء بشكل لافت للنظر. دققت النظر، فوجدته يذاكر الإشارات المرورية ويقرأ كتاب "التيؤوريا"، وهو الذي يقف هناك كل يوم يأمر وينهى ويخالف هذا ويسامح ذاك. كيف يمكنه ان يقوم بمهمته كشرطي سير وهو لا يزال يدرس "التيؤوريا"؟ هذا الأمر يطرح سؤالاً مهماً، الى أي مدى يعرف جميع أفراد شرطة المرور القوانين؟ ام انهم يعرفون فقط "هاتف محمول، حزام، وقوف خطأ"، وما غير ذلك من المخالفات فهو خارج نطاق التغطية! الدغري كثيراً ما نسمع من يقول "حالنا بقي على حاله لأننا دغري"، او "عايشين خير ورضى وماشيين دغري" وكأن كل من يمشي "دغري" يجب ان يبقى فقيراً ومعدماً، وان كل من تدرج في عمله تملّك نتيجة لجهده وتعبه "مش دغري". مفهوم "دغري" يرتبط بالخنوع والخضوع والكسل والتسويغ ليتحمل المفهوم اكثر من طاقته. أما مفهوم "من جد وجد" فهو غير سائد. زمن الكتاتيب في اجتماع لمجلس أولياء أمور إحدى المدارس الخاصة، تحدث أحدهم عن ضرورة تخفيف العبء عن الطلبة واقترح أن يتم استخدام تكنولوجيا المعلومات في الدراسة لأن الحقيبة المدرسية التي يحملها الطلبة على ظهورهم أصبحت ثقيلة جداً. في المقابل قالت لي زميلة ان ابنتها التي تدرس في الصف الثالث جاءتها مشتكية معلمة التربية الدينية التي قامت بضرب البنات بعصاة غليظة لأنهن لم يسمعن الآية الكريمة التي طلبت منهن حفظها. وعندما توجهت زميلتي الى مديرة المدرسة للفت نظرها بحصول مثل هذه الانتهاكات سألتها المديرة "هل ضربت المعلمة ابنتك؟" أحابتها "لا لأنها كانت تحفظ الآية وقامت بتسميعها دون أخطاء"، ردت المديرة مباشرة "ما بفكر راح تزبط معك الشكوى لأنه بنتك ما انضربت"! لو كنت مسؤولاً في هذا الوقت الحساس الذي فيه إفراط من التفاؤل بإمكانية تحقيق المصالحة لكنت "محضر خير" ولحرصت ان تكون تصريحاتي تصب باتجاه تعزيز اتفاق الدوحة حتى لو كانت لي تحفظات عليه. أما إن كنت ضد تحقيق الوحدة وأسعى لذلك، فعليّ أن أقولها صراحة وعلناً إن مصالحي الشخصية والفئوية لا تتوافق مع التوافق، أما أن "اضرب كف واعدل طاقية" فهذا في غير محله. الشاطر انا اشطر اشي انه الواحد يتحايل ع الناس واذا زبطت معه بيتحايل على حاله وبيعمل حاله مش منتبه او مش فاهم وبيسوق الهبل ع الشيطنة، وبيبين انه الواحد مش متحايل. انا مثلي مثل كثير شاطرين، لما بوصل عند اشارة ضوئية حمرا، بظل ع اليمين علشان ادخل في الدخلة اللي على اليمين وبعدين بلف شمال باتجاه الشارع اللي انا فيه وبعدين بروح على اليمين وبهيك بتجاوز الاشارة الحمرا وبكسب شوية وقت، هاي الطريقة تعلمتها من التكسيات والعمومي اللي بيكونوا يتسابقوا علشان يلقطوا ركاب. ومرات كثير بدل ما اروح الف من رأس الرجاء الصالح علشان اوصل مكان مش بعيد عني لانه في اشارة ممنوع الدخول، ولا اسهل منها، ما بدها الا شوية شطارة وبحط "رفيرس" وبرجع الطريق رجوع وبهيك بيكون بوز السيارة بالاتجاه الصحيح، ولا مين شاف ولا مين دري، واذا وقفني شرطي بفهمه غلطته انه كيف يوقفني، "شكلك مش عارف مين انا؟" بقول له، وبفتح تلفون مع جاري اللي اسمه عميد وبقول له "مرحبا سيادة العميد" بيروح الشرطي بيقول لي "الله معك"! للتعليق wbatrawi@journalist.com