بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمناسبة الذكرى الثامنة لرحيل الدكتور جورج حبش

بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

بمناسبة الذكرى الثامنة لرحيل الدكتور جورج حبش

يا جماهير شعبنا الفلسطيني.. يا جماهير أمتنا العربية..

نقف اليوم في قلب الذكرى الثامنة لرحيل القائد والمفكر الثوري الوطني والقومي والأممي مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور جورج حبش، بإحترام وتقدير واعتزازٍ كبير.

فالحكيم الإنسان والمناضل والقائد الثوري، الذي قذفت به نكبة فلسطين وشعبها إلى رحم الجماهير الشعبية العربية، وظل ابناً وفياً لها، وضميراً لحركتها الثورية ببعديها الوطني والقومي على مدى ما يزيد من ستة عقود من النضال، قابضاً على همومها وأهدافها، في الانعتاق والتحرر والاستقلال والوحدة والتقدم والديمقراطية، بصلابة وعزيمة لا تعرف الكلل أو الوهن أو الضعف، عاش ورحل نموذجاً لقائد من طراز فريد، في رؤيته ومنطلقاته وممارسته وكفاحيته وصدقه ووضوحه وشفافيته، حيث كانت بنيته الفكرية والأخلاقية شديدة الإحكام والتماسك والقوة العصية على التفكيك.

وفي هذه المناسبة التي تختلط فيها مشاعر الحزن والألم، بمشاعر الفخر والأمل، نجد من الضرورة أن نقف أمام أبرز الدروس والعبر التي جسدتها التجربة النضالية الثورية الممتدة للحكيم، وأهمية تمثّلها في هذه اللحظة السياسية التي يعيشها شعبنا وقضيته الوطنية:-

أولاً/ إيمانه وثقته بحتمية الانتصار على المشروع الصهيوني وحلفائه، وبدور الجماهير الشعبية العربية الحاسم في تحقيق هذا الانتصار، انطلاقاً من التلازم الجدلي بين الوطني الفلسطيني والقومي العربي، بين تحرير فلسطين والوحدة العربية من جهة، وطبيعة المشروع الصهيوني الاستعماري التوسعي، الذي يستهدف عموم المنطقة والأمة العربية وليس فلسطين فقط من جهة أخرى.

ثانياً/ تحصنه بالمبادئ وتمتعه بالوضوح السياسي وتسلحه بالمناعة الثورية، الذي جعله رغم كل الهزائم والانهيارات وتبدلات المواقع التي جرت، يقف على أرضية راسخة في معسكر الثورة وحلفائها، متمسكاً ومدافعاً صلباً عن قضية شعبه وأمته، بحيث لم يفقد البوصلة التي تشير إلى فلسطين يوماً أو تلك التي تحدد وبوضوح معسكري أصدقاء وأعداء الشعب الفلسطيني وثورته في وجه الظلم التاريخي الذي لحق به.

ثالثاً/ ربطه الوثيق بين النضال الوطني التحرري ضد الاحتلال الصهيوني من أجل الحرية والعودة والاستقلال، جنباً إلى جنب مع النضال الاجتماعي الديمقراطي من أجل مواجهة كل أشكال الفقر والحرمان والقهر والاستغلال والتمييز، انطلاقاً من قناعته بأن النضال الوطني التحرري الفلسطيني لن ينسجم أو يتناغم حقاً، طالما بقي التفاوت الطبقي - الاجتماعي قائماً في صفوف الشعب الفلسطيني، وطالما بقيت نصف طاقته الحقيقية الممثلة بالمرأة الفلسطينية معطلة وغير فاعلة.     

رابعاً/ قتاعته الراسخة بضرورة الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار التعددية الفكرية والتنظيمية القائمة في صفوف الشعب الفلسطيني، لذلك رأى أن التناقضات والاختلافات والتعارضات مهما كانت حدتها، موضوعية وصحية، وبأنها مصدر أساسي للارتقاء والتقدم والتطور، طالما بقيت مضبوطة لأولوية تناقضها الأساسي مع عدوها الرئيسي، ولقواعد الحوار والحوار فقط، لا السلاح والانشقاق.

خامساً/ آمن بعمق بضرورة التجدد والتجديد وترسيخ الممارسة الديمقراطية قيماً وثقافةً وسلوكاً، ودوام ضخ الدماء الجديدة لصفوف الحزب والثورة، وضرورة رفدهما بالكفاءات والطاقات القادرة والمبدعة والخلاقة. لذلك لم يكن الموقع القيادي بالنسبة له سوى مكاناً للتضحية والتفاني والعطاء والوفاء والترفع والزهد واستمرار حمل أمانة الشعب والقضية، حتى ولو لم يكن في الموقع الأول، الذي آثر التخلي عنه طوعاً ليعطي مثلاً ونموذجاً غير مألوفاً في واقعنا العربي ومنه الفلسطيني. وكذلك آمن بأولوية الِعلم والتنظيم والتخطيط في مواجهة الجهل والعفوية والارتجال. 

رحل الحكيم في عام النكبة الستين، كما بدأ معها، ولا تزال فصولها مستمرة، لكن عزاؤنا، أن ما دشنه في مدرسته الثورية وتجربته النضالية من مبادئ ومنطلقات ورؤى وقيم وأخلاق لا تزال ماثلة في عقول وقلوب وسلوك كل من اهتدى إلى دربه وسلك طريقه الكفاحي وتمسك بأهدافه الوطنية والقومية والأممية.

فطوبى لك يا حكيم في ذكراك.. طوبى لمن زرعوا الثورة وسقوا جذرها دماً وعرقاً وكفاحاً مستمراً.. وبقوا عنواناً للمقاومة والحياة والانتصار القادم.    

المجد والخلود للقائد الثوري الدكتور جورج حبش في ذكراه، ولكل شهداء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية وأحرار العالم

العهد والوفاء أن نبقى نسير على دربك متسلحين بفكرك ومبادئك وقيمك وأخلاقك بثبات وعزيمة لا تلين

التحية كل التحية لنضال شعبنا وكفاحه الوطني المستمر.. والنصر حتماً حليفنا

  

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

دائرة الاعلام المركزي

25/1/2016