الغضب المنبعث من جوانب الشارع الفلسطيني بداية من طفله مروراً بشبابه نهاية بقياداته، كذلك في ثنايا صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، جراء اغتيال الأسير المحرر عمر النايف أحد قيادات الجبهة الشعبية داخل سفارة فلسطين في بلغاريا, لا يمكن حصره؛ فالجميع يعلم يقينا أن الموساد "الإسرائيلي" من زرع السكين في قلب النايف بمساعدة يد سوداء.
في أحد أسواق غزة؛ مدرس اللغة العربية "أبو المنذر" الذي اكتفى بهذه الكنية, علق على حادثة اغتيال النايف وهو عاقداً حاجبيه "فلسطين حزينة على اغتيال هذا البطل العنيف؛ قبل الوعودات والتهديدات على اغتيال النايف، على الجبهة الشعبية سلخ نفسها من منظمة التحرير، والتخلص من شوائبها ليكون الرد نقياً".
المدرس صاحب فروة الرأس البيضاء والذي لا ينتمي لأي حزب سياسي فلسطيني وفق ما يقول، يكمل بنبرة عالية "المسؤول الأول عن اغتيال عمر السلطة وسفيرها".
قطعت الحديث العجوز "أم موسى" بائعة الخضروات التي ترقد على الأرض في أحد أزقة السوق بعد ما استرقت السمع، مرددة عبارة "يا ابني من ساعد في اعتقال سعدات هو نفسه من ساعد باغتيال النايف".
وكان حمزة نايف زايد شقيق عمر قد حمل المسؤولية عن اغتيال شقيقه للسلطة الوطنية الفلسطينية وللسفارة الفلسطينية في بلغاريا.
وقال حمزة في اتصال هاتفي لـ "بوابة الهدف", "السفارة الفلسطينية في بلغاريا أبلغت زوجة أخي بأن مجموعة مجهولة اقتحمت السفارة بالأمس واعتدت عليه مما أدى الى مقتله".
وعلى أي مَقعد في غزة يكسي وجوه الفلسطينيين مزيج من القهر والحزن على حادثة اغتيال المناضل، منهم من يريد الرد الفوري، وأخرين حملوا السلطة المسؤولية في مساعدة "اسرائيل" للنيل من النايف، وطائفة أخرى تدور في هذا الفلك.
انتقالا من الشارع الفلسطيني، غاصت "بوابة الهدف" في العالم الافتراضي لرصد ردود الأفعال حول قضية النايف؛ يُغرد الدكتور الإعلامي عبد الله السعافين ساخراً "رئيس حكومة بلغاريا من يومين, كان مع محمود عباس واليوم يتم تصفية إبننا عمر النايف في سفارة محمود عباس في بلغاريا؛ نستنتج من ذلك أن محمود عباس ليس له علاقة بالأمر!".
فيما اختزلت الشابة صفاء خليل في تغريدة لها "اسرائيل تقتل من قتلها لو بعد حين!، لكن علينا كفلسطينيين معرفة التفاصيل الخفية في اغتيال الأسير المحرر البطل".
فيما قال الحقوقي مصطفى ابراهيم والذي يعمل في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "الشهيد عمر دمه في راس الرئيس ووزير خارجيته والسفير".
ومنذ وقوع الجريمة بدأت صفحات مواقع التواصل تأخذ طابع القهر؛ هذا ما أظهرته مئات منشورات الصحافيين والناشطين والمواطنين التي ترثي النايف وتطالب بالرد على اغتياله.
القيادة والنايف
لم يغضب الشارع الفلسطيني وحده على النايف، فخرج نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو أحمد فؤاد حين صرح، أن "الجريمة التي ارتكبها العدو الصهيوني باغتيال الرفيق القائد المناضل عمر النايف لن تمر بدون عقاب"، مؤكداً أن "من نفّذ، ومن تآمر وتواطأ سيدفعون الثمن غالياً".
يذكر أن الشهيد عمر نايف زايد النايف هو أسير محرر, ومن قيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهو من جنين، لاحقته مخابرات الاحتلال بعد رفضه تسليم نفسه عام 1985، وجرت مطاردته إلى أن تم اعتقاله في كنيسة القيامة بالقدس المحتلة في ابريل عام 1986، بتهمة قتل مستوطن، إلا أنه نجح في الهرب عام 1990، حيث عاش في بلغاريا لأكثر من عقدين.
بعد النايف الفصائل تزأر
واعتبرت الفصائل في تصريحات وبيانات منفصلة وصلت "بوابة الهدف", بالقول "إن من أعطى الأمر باغتياله النايف هو ذاته رأس الإرهاب الذي يقتل شبابنا وأطفالنا ويأمر بإطلاق الرصاص عليهم وهم جرحى أو أسرى ملقون على الأرض".
وقالت حركة "حماس" على لسان القيادي عزت الرشق، "إن اغتيال الأسير المحرر عمر النايف داخل سفارة فلسطين في بلغاريا جريمة إسرائيلية وفضيحة للسلطة وكل أجهزتها الأمنية وننتظر التحقيق والحقائق".
بدوها، حملت حركة الجهاد الإسلامي "حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة لجريمة اغتيال المناضل عمر النايف في مقر السفارة الفلسطينية في بلغاريا"، مضيفةً "هذه الجريمة تفتح الباب مشرعاً لأسئلة عدة، عما يحدث في سفاراتنا في أوروبا وغيرها, وماذا يفعل السفراء والموظفون ورجال الأمن فيها, وهل التنسيق الأمني وصل هناك ولعب دوره في ملاحقة أبنائنا ومناضلينا في منافيهم".
أما لجان المقاومة الشعبية فطالبت في بيان لها بالتحقيق ومحاسبة الجهات المتقاعسة في حماية الشهيد داخل السفارة الفلسطينية.
ومن غير المتوقع.. استنكر تيسير قبعة نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، بموقف السلطة الفلسطينية وسفارتها في بلغاريا، في التعامل مع قضية الشهيد عمر النايف، متسائلاً "أين الحماية والأمن؟ وأين السفارة والسفير؟".
وقال قبعة في تصريحات صحافية إنّ "السلطة أثبتت فشلها وعجزها عن حماية الفلسطينيين في الداخل والخارج"، داعيًا الى إعادة النظر في واقعها، "ومراجعة كل المراحل الماضية من تاريخها".
وفيما إن كانت السلطة متورطة في عملية اغتياله، اكتفى نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني بالقول "سيأتي يوم يعرف فيه الشعب الحقائق كاملة".
وذكر قبعة أنه كان قد طالب السلطة بالعمل على إنهاء قضية النايف، وإبعاده إلى الجزائر "لكن تم اغتياله".
في الأثناء دعا الدبلوماسي المصري السابق أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المصرية، الدكتور عبد الله الأشعل، الفلسطينيين إلى متابعة عملية اغتيال الأسير الفلسطيني المحرر عمر النايف داخل سفارة فلسطين في بلغاريا، عبر مساءلة السلطات البلغارية، باعتبارها المسؤولة مباشرة عن حماية السفارات الأجنبية فيها.
بميدان الشهداء وسط محافظة رفح جنوب القطاع, نظمت الجبهة الشعبية صباح الأمس السبت، وقفة تضامنية استنكارا لعملية اغتيال النايف بمشاركة ممثلي القوي الوطنية والإسلامية وعدد من الشخصيات الاعتبارية.
وهتف المشاركين في الوقفة بشعارات تندد وتستنكر عملية اغتيال النايف "على الصوت وعلى الصوت بعد النايف ما في سكوت، دم النايف ما بضيع، دم مش مية",
أحد المشاركين صرخ في وجه مراسل "بوابة الهدف", "رفيقنا النايف قتل بسكين إسرائيلي ومن غرزها يد السلطة".