( التمويل- التنمية ) ملاحظات أوليّة

حجم الخط
تتوالى وتتكاثف المراجعات والنقود ( جمع نقد ) حول ثنائيّة : تمويل – تنميّة ، ومعظم هذه المراجعات تأتي من داخل المنظومة المراد نقدها وبتمويل منها، النقد الداخلي علامة على صلابة المنظومة وقدرتها على التجدد وعلامة على توق لارتياد تخوم جديدة. حول هذه المراجعات أقدم الملاحظات التالية : (1) في التنميّة قامت فكرة التنميّة تاريخيا على مبدأ الحق في التدخل في المجتمعات المستَعمّرة الذي أعطته الدول الاستعمارية لذاتها، من أجل هندسة ( هدم – بناء ) هذه المجتمعات لربطها بالمنظومة الاستعمارية أو لإجل تنظيف ركام ما بعد القصف. (2) الضفة الغربية وغزة كحالة تنمويّة شُخّصت الضفة الغربية وغزة كمجتمع مستهدف "للتنمية " الاستعمارية بشكل مكثف ضمن ما يسمى - في أدبيات مكافحة "التمرد "العسكرية- بكسب عقول وأفئدة الفلسطينيين، كسب العقول والافئدة تقنيّة عسكرية ذات طابع مدني طوّرت لمواجهة حرب العصابات الثوريّة ( حرب الأغوار ) التي يشكل فيها تعاطف ومساندة الناس للأغوار العامل الحاسم في فاعلية وإمكانية هذا النوع من الحروب فالناس بالنسة للأغوار كالبحر بالنسبة للسمك، ولهذا يطلق على عملية كسب العقول ولافئدة -في أدبيات مكافحة "التمرد" – تجفيف البحيرات. بالاستناد الى ما سبّق ينهار الافتراض الذي أسست عليه كل النقود الموجهة للتمويل والتنمية، هذا الافتراض يتضمن قناعة معلنة أو مستورة بأنه كان هنالك عمل موجهة للتنمية ولكنه فشل أو أخفق ، لم تكن تنمية وإنما مكافحة "للتمرد " الفلسطيني . (3) التنمويين كموظفين في الجهاز الاستعماري السؤال الكبير الغائب في العديد من هذه النقود يتعلق بدور النخبة الفلسطينية التي شكلت إمتدادا لهذا الجهاز الاستعماري، قيامها بالدور المزدوج الخبير- المُخبر وخاصة العمليات المكثفة لتحويل الفلسطيني موضوعا للتنميّة. (4) التنمية فعل لقوة الحياة عند الناس ولا تحتاج لتمويل بما يشبه غسيل الدماغ، زرع موظفي الجهاز الاستعماري الفلسطينيون في الوعي العام ثنائية التمويل والتنمية، فإذا أردت أن تنمي فإبحث عن تمويل، وهكذا أصبح لتنمية مقدمة لازمة هي التسوّل ونجحوا في تحويل التسول الى فن وعلم في مجتمع كان يشتم بعضه بعضا باستخدام كلمة " شحاذ". إذا كانت التنمية من النمو فكل شيئ بقوة الحياة ينمو بما تيسر له من مقومات في بيئته، بل أن شحّ المقومات محفز على الابداع ونشوء شبكات للتضامن الاجتماعي التي ضربت وهشمت بعنف