موضوعان أولهما ....حتمية إزالة إسرائيل

حجم الخط
بدايةً, فإن من يؤمن ويعتقد بحتمية زوال إسرائيل, يبدو في نظركثيرين وكأنه في العصر الخشبي وإنه خارج إطار التاريخ والزمن،وإنه بعيد عن الواقعية والموضوعية.بالتأكيد فإن هؤلاء المتهِمين(بكسر الهاء) يعتقدون باستحالة إزالة هذه الدولة،بالتالي فهم يتفاوضون معها،ويوقعون اتفاقيات سلام مع قادتها،ويرون أن وجودها أصبح واقعاً مفروضاً, وأنها تملك من عناصر القوة ما لا يؤهل الفلسطينيين والعرب جميعاً من الحديث: حتى عن إمكانية إزالتها فهي مزنّرة بالسلاح النووي وأحدث ما تنتجه مصانعها ومصانع حليفتها الاستراتيجية:الولايات المتحدة وعموم الدول الغربية, من أسلحة . بالمقابل،هناك المؤمنون والمعتقدون بحتمية زوالها،لأسباب كثيرة:دينية وقومية وطنية ويسارية أيضاً،ومن هؤلاء: المتابعون للداخل الإسرائيلي بكل تفاصيله, ونتيجة معرفتهم الدقيقة للتفاصيل يرون باستحالة التعايش مع هذه الدولة،فعدوانها الدائم والمستديم هو الذي يؤسس لبداية نهايتها،فهي ترفض كافة الحلول التي جرى تقديمها إليها:حل الدولتين, فالواقع يشي باستحالة هذا الحل،فطبيعة الحقائق التي تفرضها على واقع الضفة الغربية يجعل من الاستحالة بمكان أن يرى هذا الحل النور, حتى أن أحد المعتقدين بهذا الحل والذي نظّر إليه طويلاً وكان من الموقعين والمؤيدين لاتفاقيات أوسلو وهو السيد أحمد قريع, أصبح يؤمن مؤخراً باستحالة هذا الحل, وطرح في مقالة قريبة له نشرها :حل الدولة الديموقراطية الواحدة(وبالمناسبة هو طرح ذلك منذ بضعة سنوات, طرحه إبّان تسلمه لرئاسة مجلس الوزراء الفلسطيني, ولكن طرحه تكتيكياً كتهديد من أجل موافقة إسرائيل على حل الدولتين،كما أوضح ذلك فيما بعد في مقابلة صحفية معه).حل الدولة الواحدة هو أيضاً مستحيل مثلما هو حل الدولة الثنائية القومية وحل"دولة لكل مواطنيها" الذي طرحه عزمي بشارة،فإسرائيل تطمح إلى بناء دولتها اليهودية, والصهيونية ستظل صهيونية،والعقيدة التوارتية-التلمودية هي الخلفية التي أسست وما تزال للعنصرية الصهيونية،وللعدوان ولارتكاب المجازر،وللاستعلاء،وإبقاء حالة الحرب مفتوحة على الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين(الذين لا يرضخون للإملاء السياسي الأسرائيلي للتسوية أو الحل،الذي يتخلص في حكم ذاتي للفلسطينيين وإقامة سلام مع الدول العربية دون شروط من قبلها ليكون:سلاماً مقابل سلام).هذه هي إسرائيل. باختصار شديد, ومن يعارض وجهة النظر هذه, فليكشف لنا عن حقائقه. من بين الخطابات والأقوال المؤمنة والمعتقدة بزوال إسرائيل،هو خطاب لسماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، خطاب قال فيه بما معناه:"أنه وإذا فكرّت إسرائيل بارتكاب حماقة وقامت بالاعتداء مجدداً على لبنان،فسيجري الحديث هذه المرة عن إزالة إسرائيل وتغيير وجه المنطقة".لا نعتقد بأن الأمين العام لحزب الله المشهور بدقته اللامتناهية،وانطباق أفعاله على أقواله،وبأن الإسرائيليين لا يصدقون قادتهم وأجهزة إعلامهم بالقدر الذي يصدقونه فيه،لا نعتقد أنه قال ما قال نتيجة انفعال آني،أو أنه لا يقصد كل كلمة قالها،فهو البعيد عن ذلك, وكدليل على إيمانه بأقواله عدد في خطاب بعد الخطاب الأول ستة أسباب من الداخل الإسرائيلي تؤكد أن هذه الدولة في طريقها إلى الفناء من داخلها.قول قائد حزب الله عن إمكانية زوال إسرائيل يصب في مجرى كل المعتقدين بذلك،الذين يرون زوال الدولة الصهيونية بشكل استراتيجي, لكن الأمين العام يختلف عنهم في التوقيت،فهو يقصد:الفترة الحالية . بالتأكيد،وحزبه يملك القوة التي أفشلت عدوان إسرائيل على لبنان في عام 2006،والذي يهدد هذه المرة بأن صواريخ المقاومة ستطال كل الأهداف الإسرائيلية , ولن يكون هدف إسرائيل بمنأى عن صواريخ المقاومة. من الطبيعي والحالة هذه أن يثير خطاب زعيم المقاومة اللبنانية أسئلة كثيرة لدى العديدين ومن بينهم:كاتب هذه السطور, انطلاقاً من:أن إزالة إسرائيل ليست مهمة سهلة،وهل وصل الحزب إلى حالة يستطيع معها إزالة هذا الكيان؟وهل وهل؟وغير ذلك من أسئلة شبيهة كثيرة.أذكر أيامها أنني كنت أُعد لكتابي بعنوان"ستون عاماً على النكبة" والذي هو استفتاء إجابة عن بضعة أسئلة موجهة إلى سياسيين شعبيين ومثقفين وزعماء أحزاب وحركات ومفكرين فلسطينيين وعرباً, عن الصراع العربي-الصهيوني،وممن توجهت إليهم كان سماحة السيد حسن نصر الله،وكان من بين الأسئلة سؤال عن إمكانية الحلول مع إسرائيل ومصيرها في المنطقة ارتباطاً بالواقع الحالي؟للأسف لم أتلق رداً من سماحته ولا من الحزب على الأسئلة،وخلا الكتاب من واحدة من أهم وجهات النظر في الصراع الدائر مع العدو،وتحديداً جواب حزب الله , وبخاصة أجوبة أمينه العام الذي نقدره ونحترمه، والذي يطرح امكانية ازالة إسرائيل حاليا , وحتى اللحظة لا أستطيع معرفة أسباب ذلك. وبالعودة إلى حتمية إزالة إسرائيل يمكن القول:اعتماداً على التاريخ فإن غزاة كثيرون احتلوا فلسطين والأرض العربية وتناوبوا على حكمها،ولكن مثلما كان زوال كل أولئك الغزاة حتمياً،فلن يكون المشروع الاستعماري الصهيوني بأفضل حالاً من كل أولئك الذين هُزموا وحملوا أمتعتهم وعصيّهم على كواهلهم ورحلوا.صحيح أن فروقات كبيرة توجد بين المشروع الاستعماري الصهيوني،وبين كل تلك المشاريع, كوننا نواجه مشروعاً اقتلاعياً لأصحاب الأرض الأصليين،وإحلال المستوطنين محلهم. فعندما تنضج الظروف المواتية ستتم إزالة الدولة الصهيونية . كثيرون من المعتقدين باستحالة الإزالة يتساءلون : وماذا سنفعل بما ينوف عن خمسة ملايين مستوطن وهؤلاء يعيشون على الأرض الفلسطينية،بالتالي فأين يمكنهم الذهاب؟وفي الإجابة نقول:أن عقوداً من اللجوء للفلسطينيين لن تزيل حقوقهم في العودة إلى بيوتهم وبياراتهم وأرضهم ومدنهم وقراهم, ومن حق هؤلاء العودة إليها،وليس المعتدى عليه هو المطالب( بفتح اللام) بالأجوبة وإعطاء الحلول للمعتدي،فالأخيرهو الكفيل والمفترض فيه أن يجد الحلول لقضاياه. وفي الختام نذكّر:بأن أكثر المتشائمين لم يتوقع انهياراً للإمبراطورية البريطانية التي لم تكن الشمس تغيب عن ممتلكاتها ولا الإمبراطورية الرومانية،وغيرها من الإمبراطوريات،هذا الحال سينطبق على إسرائيل أيضاً فصلفها وعنجهيتها لا تقوم بفعل سوبرمانياتها،بل بالقدر الذي تقوم فيه على: ضعفنا نحن،نعم نحن،والحقيقة الأكيدة بأن مآلها إلى زوال....أما الموضوع الثاني فسنتناوله في الأسبوع القادم.