تعدد المرجعيات التعليمية في القدس وتأثيراتها السلبية

حجم الخط
راسم عبيدات ....... 31 % من سكان محافظة القدس في سن التعليم،منهم 26.5 % في سن التعليم الإلزامي و4.5 % في سن التعليم الثانوي،ويبلغ مجموع هؤلاء الطلبة 122449 منهم 79418 داخل الحواجز وحدود ما يسمى ببلدية القدس و43031 في ضواحي المدينة وخارج الحواجز،ونسبة التحاق المقدسيين في التعليم هي 74.3 % ونسبة التحاق سكان الضفة الغربية في التعليم هي 87.5 % ،ونسبة التحاق طلبة القدس الثانويين في التعليم هي 52.6% ونسبة التحاق طلبة الضفة الغربية الثانويين هي 57.5 %،وترجع نسبة انخفاض التحاق المقدسيين في التعليم إلى الأوضاع المعيشية الصعبة لأهل القدس،وما يقوم به الاحتلال من إجراءات وممارسات قمعية واذلالية وعمليات تطهير عرقي بحق سكان المدينة. وفي القدس تتعدد المرجعيات والمظلات التعليمية بما يلقي بظلاله السلبية على العملية التعليمية وتطورها في المدينة،فهذه المظلات تفتقر إلى القيادة الموحدة والتخطيط الموحد وكذلك تغيب الرؤيا والإستراتيجية الموحدة والخطة الناظمة،وكذلك تغيب عملية الإشراف والتوجيه الموحدة وتتعدد قنوات التمويل،ولعل اكبر هذه المظلات هي:- أولاً :- المظلة التعليمية الحكومية ،وهي تتبع بلدية "القدس" ودائرة معارفها،حيث تسيطر تلك المظلة على ما مجموعه 48.5 % من عدد طلاب مدينة القدس يتوزعون على 52 مدرسة يتعلم فيها 38538 طالب وطالبة. وهذه المظلة التعليمية تخضع بالكامل لبلدية القدس ودائرة معارفها من حيث الإشراف والمتابعة والطواقم الإدارية والتدريسية والعاملين وتوفير الكتب المدرسية والمباني والأثاث والتجهيزات والبنى التحتية ودفع الرواتب والتوظيف وغيرها. وهذه المظلة هي الأخطر هنا،حيث الاحتلال يتحكم في العملية التعليمية من الألف إلى الياء،وبالتالي ونحن ليس في إطار التشكيك بوطنية وانتماء الهيئات الإدارية والتدريسية في هذه المدارس،بل تلك الهيئات تنفذ سياسة،وهذه السياسة تقوم على التجهيل وتشويه الوعي،ورغم ذلك نسجل اعتزازنا لكل الأخوة/ات من المدراء/ات والهيئات التدريسية الذين يقدمون خدماتهم لطلبتنا بعيداً عن هذه السياسة،حيث أن المنهاج الفلسطيني المطبق في تلك المدارس،تحذف منه أجزاء وموضوعات لها علاقة بالجغرافيا والتاريخ والتربية الوطنية الفلسطينية،وهذا يخلق حالة من تشويه الوعي والثقافة والهوية ويضعف الانتماء الوطني. وهذه المظلة نستطيع أن نسجل الكثير من السلبيات على مدارسها وطريقة أدائها،فمن حيث الغرف الصفية فهناك نقص حاد في الأبنية المدرسية يصل إلى أكثر من 1000 غرفة صفية،وأيضا من مجموع الغرف الصفية التي تشرف عليها البلدية والبالغة 1398 غرفة صفية،هناك 647 غرفة مستأجرة،تفتقر إلى شروط الصحة والسلامة والتصميم كأبنية مدرسية،وهذا نقص لعب دوراً كبيراً في تسرب الطلبة من المدارس،حيث أن حوالي 9000 طالب فلسطيني لعام 2011 خارج الإطار التعليمي،وأيضا نسبة التسرب من التعليم الأساسي 16 %،في حين تبلغ 50 % في المدارس الثانوية،وكذلك هذه المدارس تعاني من تدني جودة التعليم والاكتظاظ الشديد والذي تصل فيه الكثافة الصفية لكل طالب 50. - .90 سم علماً بأن الكثافة الصفية العالمية هي 1.25 – 1.50 سم،وأيضاً فهي تعاني من نقص في المختبرات العلمية والمحوسبة والمكتبات العامة،وفي أغلبها لا توجد ملاعب وساحات وقاعات اجتماعات. وأيضاً هنا نسجل نقطة في غاية الأهمية،وهي ان الطاقم المشرف على التعليم وإدارة المعارف،هم من أبناء الداخل الفلسطيني- 48 - ،حيث هناك يطبق المنهاج الإسرائيلي،وبالتالي لا يملكون الخبرة والكفاءة في الإشراف والمتابعة على مدارس تطبق المنهاج الفلسطيني،فالمنهاج مختلف والواقع مختلف،ولذلك لو ان الاحتلال معني بالتعليم في القدس لكان هناك تعيينات لمفتشين ومديري معارف من القدس،فالقدس لديها الكثير من الكفاءات والخبرات في إدارة والإشراف على العملية التربوية والتعليمية،وكذلك هم لديهم معرفة كبيرة في القدس وهمومها ومشاكلها. ثانيا:- مدارس الأوقاف الإسلامية، بدأت مدارس الأوقاف الإسلامية العامة بخمس مدارس أنشأتها جمعية المقاصد الخيرية كمدارس بديلة للمدارس الرسمية التي استولت على إدارتها بلدية "القدس" وهي مدارس الأيتام الثانوية للبنين،ومدرستا الفتاة اللاجئة (أ + ب )،والمدرسة النظامية للبنات ومدرسة النهضة الإعدادية للبنات. وقد أنشئت هذه المدارس البديلة بتنسيق بين مدير تربية القدس المرحوم حسني الأشهب وجمعية المقاصد ووزارة التربية والتعليم في الأردن وبعلم لجنة المعلمين السرية،وقد كان ذلك في عام 1968 وبدعم من المرحومين أنور الخطيب رئيس الهيئة الإدارية لجمعية المقاصد ومديرها العام أتذاك المرحوم محمود حبية. أخذت مجموعة المدارس السابقة تتنامى وتتزايد ليصل عددها في مطلع عام 1989 إلى ستة عشر مدرسة وكلية مجتمع،وهي اليوم 38 مدرسة.وقد استظلت تلك المدارس بحماية الأوقاف الإسلامية العامة منعاً لتدخل السلطات الإسرائيلية في شؤونها الداخلية،وأشرف على إدارتها مديرية التربية والتعليم التي اعتبرت إحدى دوائر الأوقاف،وهي كذلك إلى يومنا هذا. تولت اللجنة الأردنية – الفلسطينية المشتركة الإنفاق على المدارس وبقي الأمر كذلك حتى عام 1981،واعتبارا من ذلك التاريخ تخلت جمعية المقاصد عن الإنفاق والإشراف على تلك المدارس. ارتبطت هذه المدارس بوزارة التربية والتعليم الأردنية من الناحية الفنية ،وارتبط معلميها القدامى بوزارة التربية الأردنية بينما ارتبط المعلمون المعينون لاحقاً باللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة والتي أيضاً منحت المعلمين القدامى علاوة أطلق عليها "‘علاوة الصمود"،واستمر الحال كذلك حتى فك الارتباط بين الضفتين في العام 1988،حيث انتقلت مهمة الإشراف والانتماء إلى وزارة الأوقاف والشؤون واللجنة المشتركة،وقد بلغ عدد طلاب مدارس الأوقاف 12409 طالباً وما نسبته 15.4 %. ورغم أن مدارس الأوقاف تقدم تعليم مجاني،وفي بداية الاحتلال استقطبت أعداداً كبيرة من الطلبة بسبب رفض المجتمع المقدسي للمنهاج الإسرائيلي،ومستوى التعليم فيها أفضل جزئياً من المدارس الحكومية،ولكن هذه المدارس هناك العديد من المشاكل والصعوبات التي تواجها،فأبنيتها عبارة عن بيوت سكنية،وأكثر من نصفها مستأجر وهي غير ملائمة من النواحي التعليمية والصحية،وتفتقر إلى المكتبات والمختبرات العلمية والمحوسبة والبنى التحتية من ملاعب وقاعات وساحات غير مؤهلة لاستيعاب الطلبة بأعداد كبيرة وتمتاز صفوفها بالاكتظاظ. ويضاف إلى ذلك كله تدني رواتب العاملين فيها ،مما يؤدي في الكثير من الأحيان إلى تسرب كفاءاتها العلمية والتربوية الى مدارس البلدية،وهذا نتج عنه نقص في التخصصات الأساسية مثل ( اللغة العربية،اللغة الانجليزية،الرياضيات،الفيزياء،وحتى التربية الإسلامية والاجتماعيات)،وعدم توفر الكفاءات العلمية للذكور والنقص في التدريب التخصصي والتربوي للمعلمين وانخفاض المستوى التعليمي فيها. ثالثاً- المدارس الأهلية والخاصة ، هذه المرجعية سنقف ونتوقف عندها بالتفصيل،حيث شهدنا في المرحلة الأخيرة هجمة عليها من قبل بلدية الاحتلال ودائرة معارفها لجهة السيطرة على المنهاج الفلسطيني الذي تدرسه تلك المدارس وكذلك ربط عملية التفتيش والإشراف عليها ببلدية "القدس" ودائرة المعارف الإسرائيلية،وإن كانت الهجمة عليها وعلى المنهاج الفلسطيني تندرج في إطار الهجمة الشاملة التي يشنها الاحتلال على المدينة المقدسة في نطاق سياسة التطهير العرقي وبهدف أسرلة وتهويد المدينة،إلا أن جزءاً من هذه الهجمة تتحمله إدارات تلك المدارس ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية والسلطة والقوى والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني،حيث أن تلك المدارس من أجل تغطية مصروفاتها ونفقاتها والاستمرار في تقديم خدماتها توجهت الى بلدية "القدس" ودائرة معارفها وحصلت على مال مشروط منها منذ عدة سنوات ولتبلغ قيمة هذا المال المشروط ما يعادل 102 مليون شيكل شهرياً،وتقديراتي أن إدارات تلك المدارس كانت تتصرف بمعزل عن الموقف الوطني العام،وكذلك لم تكن السلطة الفلسطينية على إطلالة مباشرة على ذلك،وأيضاً غيابها وقصورها هنا وعدم إقامتها صناديق تمويلية خاصة بالتعليم في القدس ترك الأمور على غاربها،وسنأتي بالتفصيل على ذلك بعد التفصيل حول تلك المدارس:- فهذه المدارس يبلغ تعدادها 47 مدرسة تضم 20985 طاباً وطالبة أي ما يعادل 26.1 % من مجموع الطلاب والطالبات في القدس الشرقية لعام 2010 . وهذه المدارس تصنف إلى ثلاثة أصناف هي :- 1. صنف يملكه فرد ومثاله الكلية الإبراهيمية (ابتدائية،إعدادية، ثانوية،وكلية مجتمع)وهي مدرسة مختلطة تضم الذكور والإناث،وهناك مدارس أخرى تتبع هذا العنوان،وهي لغايات تربوية واستثمارية وفي العديد من الأحيان يتقدم الاستثمار والربح على التربية والتعليم. 2. صنف آخر من المدارس الأهلية وهي التي تتبع جمعيات أهلية كمدارس الأقصى،وثانوية اليتيم العربي الصناعية،ودار الطفل العربي ،ومدرسة دار الأولاد ومدرسة الزهور،وهذه المدارس يشرف عليها مجالس أمناء. 3. صنف تمثله المدارس الخاصة،وهي تتبع أوقاف مسيحية كنسية ومثالها:- مدرستا تراسنطة ومار يوسف للبنات ( تتبعان دير اللاتين) وثانوية شميدت للبنات ( تتبع الكنيسة الألمانية اللوثرية) مدرسة المطران – سان جورج ( الكنيسة الانجليكانية ) وثانوية راهبات الوردية ( الكنيسة الفرنسيسكانية )،وثانوية الأقباط (الكنيسة القبطية)،ومدرسة الاسبانيول(الكنيسة الكاثوليكية ) وغيرها. وقد لعبت تلك المدارس دوراً وطنياً في رفض المنهاج الإسرائيلي بعد عام 1967 حيث استمرت في تدريس المنهاج الأردني المعدل،فزاد إقبال الطلبة على تلك المدارس،واستقطبت الآلاف من طلبة القدس لدراسة المنهاج الأردني المعدل،مما خلق ضغطاً هائلاً على طاقاتها الاستيعابية وخصوصاً أن الاحتلال وضع الكثير من القيود والعراقيل لمنع بناء وإقامة مدارس خاصة جديدة ولأسباب سياسية،والضغط على المدارس الخاصة في أعداد الطلبة قابله تراجع في أعداد طلبة المدارس الأخرى التي تشرف عليها بلدية "القدس". وهذه المدارس تعاني العديد من المشاكل والمعيقات مثل عدم توفر الكفاءات العلمية بسبب الجدار والحصار المفروضين على المدينة وعدم منح المعلمين/ات من الضفة الغربية التصاريح اللازمة للتدريس في القدس،بل واستخدام تلك التصاريح كوسيلة ضغط على إدارات تلك المدارس لدفعها من أجل الرضوخ لسياسة بلدية "القدس" ودائرة معارفها ،وأيضاً فهي تواجه صعوبات مالية بسبب عدم كفاية الأقساط المدرسية لتغطية نفقاتها وأتعاب العاملين فيها،وهنا تحت هذا المسمى لجأت المدارس الخاصة الى بلدية "القدس" ودائرة معارفها من أجل الحصول على الأموال لتغطية هذه النفقات،والبعض كان لديه اجتهادات خاطئة إذا افترضنا حسن النية،بأنه من حقهم الحصول على تلك الأموال نظير ولقاء ما تفرضه عليهم بلدية الاحتلال من ضرائب،وهنا الخطأ الفاضح فالتعليم ليس عملية خدماتية،بل هو حق سيادي،حيث أن بناء منهاج وطني يعد أساساً مهماً لبناء السيادة الوطنية الفلسطينية،وهذا أوقع تلك المدارس في المحظور " المال المشروط"والذي على أساسه تشجعت بلدية الاحتلال ودائرة معارفها على توجيه كتاب في 7/3/2011 الى إدارات تلك المدارس تطالبها فيه بعدم الحصول على الكتب من أي مصدر آخر باستثناء بلدية "القدس"،والبعض حاول التقليل من قيمة وأهمية ذلك الكتاب على اعتبار ان المسألة هي شكلية - أي استبدال شعار السلطة الفلسطينية عن أغلفة الكتب بشعار بلدية الاحتلال،ولكن المسألة أعمق وأكبر وأخطر من ذلك بكثير،حيث أن بلدية الاحتلال تريد شطب وحذف العديد من المواضيع الموجودة في تلك الكتب التي لها علاقة بالانتماء والهوية والثقافة والتاريخ والجغرافيا الفلسطينية،وكذلك الوجود الفلسطيني،والمستهدف هنا الوعي والذاكرة الفلسطينية،فهي تريد تشويه وكي هذا الوعي الفلسطيني وشطب وإلغاء الذاكرة الفلسطينية،عملاً بمقولة واحد من مؤسسي دولة الاحتلال بن غوريون"كبارهم يموتون وصغارهم ينسون"،وللدلالة على ذلك استتبعت بلدية الاحتلال ودائرة معارفها هذا الكتاب بكتاب آخر في 17/3/2011 الى إدارات تلك المدارس تطالبها فيه بعرض وثيقة "استقلال" دولة الاحتلال في مكان بارز في تلك المدارس وبما يمكن الطالب من الاطلاع عليها،وعلى أن يقوم المدرسين بشرح ما ورد فيها من معاني حول قيم "العدل والمساواة والتسامح" وغيرها. الغرض هنا واضح ولا لبس فيه صهينة التعليم في القدس العربية على غرار ما يجري تنفيذه بحق الطلبة العرب في الداخل الفلسطيني- مناطق 48 -،وقضية ما العمل سآتي عليها في سياق التوصيات والمقترحات،ولكن سأبقى في إطار التحليل لواقع المدارس الأهلية المقدسية بعلمية وموضوعية وبعيداً عن التشهير والتجريح أو شخصنة الأمور،فهذه المدارس تمتاز بمستوى تعليمي جيد،وهنا يوجد أسباب ويوجد كذلك ملاحظات،فهذه المدارس تحرص على المنافسة المستمرة للمحافظة على بقائها...،وتستقطب كفاءات أكاديمية وعلمية،وكذلك تختار الطلبة الصفوة والنوعيات الجيدة من طلبة المدارس الأخرى،وترفض قبول وتسجيل أي طالب قادم إليها بدون امتحان قبول ومعدل يقل عن 75 % على الأقل،وهذه المدارس تضع هذه المعايير والشروط لعدد من الأسباب،لكي تبرر الأقساط المرتفعة التي تجيبها من الطلبة والتي تزيد عن أقساط الجامعات المحلية،وحتى تحقق نتائج مرتفعة في امتحان الثانوية العامة،وتستمر في تسويق نفسها كمدارس تمتاز بالمستوى التعليمي العالي،وهنا بالذات أقول أنها تلعب دوراً مكملاً لدور المدارس الحكومية في دفع الطلبة إلى التسرب من المدارس إلى الشوارع وسوق العمل الإسرائيلي أو الانحراف وتعاطي المخدرات والضياع،عندما ترفض قبول الطلبة أصحاب المعدلات المتدنية. ولكن هذه المدارس لها الحرية في التميز في جوانب أخرى مثل تدريس لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية او التركيز على اللغة الانجليزية بزيادة حصصها وفعاليتها،وكذلك تمتاز بالنشاطات التربوية الأخرى مثل تعليم الموسيقى والفنون والفلكلور والتراث والنشاطات الهادفة الأخرى. هذه المظلة التعليمية يجب النضال بشكل جدي وبتعاون الجميع من أجل عدم وقوعها تحت سيطرة إدارة المعارف الإسرائيلية وبلدية"القدس"،فالمحافظة عليها وعلى منهاج التعليم الفلسطيني فيها جزء من الصراع الهام على السيادة في القدس،والسلطة الفلسطينية واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تتحملان المسؤولية كاملة هنا وأولا عن أي تراخ أو مهادنة في التعاطي مع ما تصدره بلدية الاحتلال ودائرة معارفها من قرارات بهدف وضع يدها على المنهاج والإشراف على تلك المدارس. رابعاً:- مدارس وكالة غوث اللاجئين الدولية، هذه المدارس تأثيراتها محدودة على العملية التعليمية في القدس،كونها مرجعية صغيرة الحجم ودورها وتأثيرها يتقلص ويتراجع بتراجع الخدمات والميزانيات التي تقدمها الوكالة لتلك المدارس،وهي جاء تأسيسها رداً على نكبة عام 1948،وهجرة أعداد كبيرة من أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني- مناطق 48 – إلى الضفة الغربية والقدس ومخيمات اللجوء والشتات في الوطن العربي،ومجموع هذه المدارس هو ثمانية مدارس فقط،وهي مدارس أساسية ابتدائية وإعدادية،وهذه المدارس لعبت دور في الحفاظ على وطنية التعليم،حيث رفضت تدريس المنهاج الإسرائيلي،واعتبرت نفسها مدارس محمية ومحصنة باعتبارها تتبع لوكالة الغوث الدولية وهي فرع يتبع هيئة الأمم المتحدة،وتضم مدارس الوكالة (3276) طالباً وطالبة أي ما يعادل (4.1) % من مجموع طلاب القدس الشرقية وفقاً لتقديرات عام 2010 . يتجه خريجو هذه المدارس بعد انتهاء الصف التاسع إلى مدارس القدس لاستكمال دراستهم الثانوية وقلة منهم تتجه صوب المدارس الحكومية الرسمية، والأغلب يتجهون إلى مدارس الأوقاف الإسلامية،والوكالة جميع مدارسها مستأجرة،وأغلبها منذ ما قبل حرب 1967 . ميزانية هذه المدارس تتكفل بها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الدولية،وتشمل موازنات هذه المدارس دفع أجرة أبنتها المدرسية وشراء الأثاث والقرطاسية والكتب المدرسية ودفع رواتب المعلمين/ات والعاملين والدراسة في هذه المدارس مجانية،وصفوفها تعاني من الاكتظاظ الشديد والمستوى التعليمي فيها لا يختلف عن مستوى المدارس الحكومية ،إن لم يكن دون ذلك. خامساً:- مدارس المقاولات والاستثمارات الخاصة( سخنين،الحياة،المستقبل ومدارس خاصة استثمارية أخرى). هنا الطامة الكبرى والكارثة الحقيقية،فبعد إن قامت بلدية "القدس" ووزارة معارفها بخصخصة قطاع التعليم الثانوي،شجعت قيام مدارس غير رسمية على أن تتلقى الاعتراف والدعم المالي منها،وهنا تجد أن جودة التعليم ومستواه في آخر سلم الأولويات،فهي مشاريع استثمارية وتجري فيها عمليات بيع وشراء للطلبة كأي بضاعة،وفي العديد من الأحيان اكتشفت ضمن عمليات الاستثمار والربح عمليات تسجيل وهمية لطلبة لا يتواجدون في هذه المدارس(صفقات تجارية)،وهنا العملية تشبه خصخصة القطاع الصحي،حيث مراكز "كوبات حوليم " الصحية الإسرائيلية المنتشرة في القدس الشرقية بكثرة تتحاسب مع مشغليها على الزبون "المريض"،وهنا لا تتم عملية إشراف لا من البلدية ولا من ووزارة المعارف ولا من قبل السلطة فلسطينية"وزارة التربية والتعليم الفلسطينية"،بل تخضع عملية الإشراف والإدارة والتوظيف ودفع الرواتب لجهة استثمار خاصة،وهنا تجد أن هذه المدارس من أجل التوفير في النفقات توظف طاقم تدرسي وإداري اغلبه من الأساتذة القدماء،والذين أصبحت لديهم حالة من الإشباع والاهتلاك الوظيفي من التعليم،ويكون مستوى العطاء عندهم متدني وكذلك لا تتوفر في تلك المدارس لا بيئة ولا جودة تعليمية،ولا يجد حتى رقابة على المنهاج،والمسألة ليست قصراً على مدارس سخنين والمستقبل والحياة،بل هناك مدارس خاصة أخرى مغلفة بأغلفة وطنية ودينية تستغل أكثر مما يحصل في تلك المدارس،وهي تتلقى الدعم والمساعدة من أكثر من جهة ومظلة تعليمية وتستغل طاقمها التدريسي أبشع استغلال،ولا توفر جودة ولا بيئة تعليمية مناسبة،وهي تجبي وتنتفع من الطلبة في أكثر من جانب ومجال الإقساط والقرطاسية والرحلات المدرسية والزي المدرسي والأنشطة اللامنهاجية وغيرها. وفي ظل ما تعانيه القدس من ضائقة تعليمية وعدم وجود مقاعد للطلبة في المدارس الحكومية الرسمية والأهلية والخاصة انتشرت مدارس المقاولات والاستثمارات،ورغم حداثة عمر تلك المدارس فإنها قطعاً شوطاً كبيراً في احتواء الطلاب والطالبات،هذه المدارس تضم وفق إحصاءات عام 2010 ما يعادل(4757) طالباً وطالبة،وهذا العدد يشكل ما نسبته (5.9) % من مجموع طلبة القدس الشرقية. تعتبر مدارس سخنين التي يشرف عليها المستثمر عمر بدارنه أهم مدارس هذه المجموعة ،وتتكون من (11 ) مدرسة منها (6) مدارس للبنين و(5) للبنات بالإضافة إلى مدرسة مهنية في شعفاط يقارب عدد طلبتها (400) طالب وطالبة. تنتشر هذه المدارس من صورباهر جنوباً وحتى كفر عقب شمالاً،وتتقاضى هذه المدارس رسوماً رمزية الطلبة وهي بمعدل (150) لطالب المرحلة الابتدائية و (220) شيكل لطلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية و(300) شيكل لطلاب الثانوية العامة ( التوجيهي). وأيضاً هنا لا بد من الإشارة الى قضية على درجة عالية من الخطورة في ظل غياب دور السلطة الفلسطينية والقوى والأحزاب الوطنية،وكذلك عدم وجود إستراتيجية فلسطينية للقطاع التعليمي في القدس،وفي ظل سيادة مفاهيم وثقافة الارتزاق والانتفاع والاستثمار حتى ولو كان ذلك على حساب الانتماء الوطني ووطنية التعليم عند تجار التعليم والذين جزء منهم كانوا في سلك التعليم،بأن تدريس "البجروت " الإسرائيلي أفضل للطالب الفلسطيني المقدسي،من حيث سوق حجج وذرائع صعوبة منهاج التعليم الفلسطيني و"البجروت" يمكن الطالب من الالتحاق بسهولة بالجامعات الإسرائيلية وخريجوها يتمكنون من الحصول على وظيفة في قطاع التعليم الحكومي والمؤسسات الإسرائيلية بسهولة وبراتب وامتيازات وحقوق أفضل. وهذه الحجج والذرائع والتي تساهم في نشرها أكثر من جهة وطرف يجمعها الاستثمار والربح،لم تجري مواجهتها والتصدي لها فلسطينياً في إطار الصراع على السيادة في مدينة القدس،والمأساة هنا أن السلطة الفلسطينية كجهة رسمية مشرفة على التعليم في القدس تعترف بشهادة "البجروت" التوجيهي لطلبة القدس،وتسمح لهم بالالتحاق بالجامعات المحلية،في الوقت الذي ترفض فيه إسرائيل الاعتراف بشهادات خريجي جامعة القدس،الأمر الذي دفع بالكثير من خريجها والراغبين في التوظيف في قطاع التعليم الحكومي أو المؤسسات الإسرائيلية إلى الالتحاق من جديد في مؤسسات تعليمية إسرائيلية للحصول على وظائف ورواتب وامتيازات أعلى. هنا خطر جدي وحقيقي يواجهه قطاع التعليم والعملية التعليمية في القدس من قبل مدارس المقاولات والاستثمارات الخاصة والمدارس التي بدأت في تطبيق المنهاج الإسرائيلي لجهة جودة ونوعية التعليم وتشويه الوعي والثقافة والتاريخ والجغرافيا الفلسطينية،ولجهة الخطورة الكبيرة على الانتماء الوطني،ولجهة سقوط قطاع بأكمله تحت السيطرة الإسرائيلية المطلقة. ومن غير الجائز والمقبول على السلطة الفلسطينية واللجنة التنفيذية والقوى الوطنية والمؤسسات الفلسطينية حصر المعركة في التصدي لأسرلة وصهينة التعليم المقدسي الفلسطيني في ورش العمل والاجتماعات والمؤتمرات الصحفية و"الكرنفالات"الاحتفالية،فلا بد من مجابهة جادة وحقيقية عنوانها الأساس الأهالي والطلبة المقدسين متسلحين بقرار سياسي واضح وحازم،بعيداً عن البهتان والتلكؤ والحجج والذرائع غير الواقعية والعملية والشعارات الطنانة والرنانة،فهنا معركة على السيادة وعلى العقل وعلى الوعي،ولا بد من شحذ الهمم والقيام بأوسع عملية توعية وتحريض بين صفوف المقدسيين لتبيان المخاطر المترتبة على صهينة وتهويد القطاع التعليمي في مدينة القدس. بعد أن وضحنا الأثر السلبي لتعدد المرجعيات التعليمية في القدس على العملية التعليمية من حيث توحيد الخطط والرؤى والتمويل والتوجيه والإستراتيجية والمنهاج وغيرها،فلا بد من الحديث عن التحديات الناتجة عن تعددها. التحديات الناتجة عن تعدد مرجعيات التعليم في القدس· واضح أن الهجمة الإسرائيلية على المنهاج التعليمي الفلسطيني في القدس بهدف صهينته وبما يشمل الحذف والشطب والتعديل والإضافة من قبل المعارف والبلدية الإسرائيلية سيؤدي إلى الإخلال بالأهداف العامة للتربية الفلسطينية وأهمها الانتماء والاعتزاز بالهوية الفلسطينية 1- هناك نقص حاد في الغرف الصفية والأبنية،ويظهر ذلك بشكل واضح في منطقة جبل المكبر والثوري،والنقص يتجاوز أل 1000 غرفة صفية. 2- عدم وحدة التخطيط ومركزيته يشد باتجاهات قد تكون متعاكسة ومتعارضة في بعض الأحيان. 3- في ظل تعدد المرجعيات لا يمكن قياس ورصد نسبة التسرب من التعليم لأبناء القدس الذين هم في سن التعليم. 4- اختلاف التعليمات في أيام العطل وأيام الدراسة وساعاتها وكذلك التوقيت غير الموحد (سلطة فلسطينية وإسرائيل) يربك الأهالي خاصة الأسر التي يدرس أبناؤها في مدارس تتبع لجهات إشرافية مختلفة. 5- عدم التزام كل جهة وتحملها مسؤولية طلبتها في امتحان الثانوية العامة،سواء في المراقبة أو التصحيح والذي يؤثر سلبيا على سير الامتحان وتأخر صدور النتائج. 6- عدم المشاركة الفعلية في أنشطة فلسطينية موحدة لتعدد المرجعيات التعليمية سواء كانت رياضية أو ثقافية،أو فنية وفلكلورية أو تطوعية يؤدي الى ضعف الانتماء الوطني لدى أجيال المقدسيين وتشويه هويتهم وثقافتهم. 7- اختلاف سن القبول خاصة بين البلدية ومدارس المديرية والمدارس الخاصة حيث أن سن القبول في الصف الأول في المدارس حسب الجهة المشرفة كما يلي :- الجهة المشرفة سن القبول مدارس مديرية التربية والتعليم 7/2 من سنة القبول (2003) المدارس الخاصة 14/4 من سنة القبول (2003) مدارس البلدية والمعارف 25/12 من السنة السابقة مباشرة لسنة القبول مدارس وكالة الغوث 31/1 من سنة القبول (2003) 8- استقطاب الكفاءات العلمية والتربوية من قبل بلدية “القدس” ومعارفها من خلال تقديم مغريات ومحفزات مالية تتمثل في راتب أعلى ورواتب تقاعدية ومكآفأت في ظل نقص حاد في هذه الكفاءات،مما يؤثر على جودة ونوعية التعليم في المدارس الخاصة والأهلية. 9- عدم المشاركة الفعلية لمدارس المعارف والبلدية وبعض المدارس الخاصة في الدورات التدريبية المتعلقة بالمنهاج الجديد،يؤثر سلبا على تدريس المنهاج الفلسطيني وزيادة التذمر من صعوبته. 10- تعدد المرجعيات أدى إلى عدم الاهتمام بالتعليم المهني. منذ احتلال مدينة القدس عام 1967 يعاني النظام التعليمي في المدينة من التحديات والقيود والمشاكل نتيجة لسياسة دائرة المعارف وبلدية “القدس” وإجراءاتها التي تعمل على خنق العملية التعليمية ومنها عدم السماح ببناء المدارس مما أدى الى النقص الحاد في الصفوف والذي يصل إلى ما يزيد على 1000 غرفة صفية. إضافة إلى الظروف البيئية والبنية التحتية الصعبة التي تعاني منها المدارس في القدس وخاصة مدارس المرحوم حسني الأشهب حيث تفتقد إلى الضروريات الأساسية من الخدمات والبنية التحتية اللازمة للعملية التعليمية،وذلك لكون معظم المدارس هي بيوت مستأجرة وليس معدة لاستخدامها كمدارس. أضف إلى ذلك وجود ما يقارب 9000 طفل فلسطيني ليس لديهم مقاعد دراسية ومحرومين من فرصة التعليم نتيجة للقيود والسياسات والإجراءات التي تفرضها بلدية “القدس” ودائرة المعارف على العملية التعليمية في القدس. لقد صعدت سلطات الاحتلال في المرحلة الأخيرة من هجمتها ضد العملية التعليمية بالقدس واتخذت العديد من القرارات:- بتاريخ 7/3/2011 أصدرت بلدية الاحتلال ودائرة المعارف الإسرائيلية تعليماتها الى المدارس الأهلية بالقدس،تمنعها من التزود بالمواد التعليمية ومنها الكتب المدرسية من أية جهة فلسطينية وأن الجهة الوحيدة المخولة بتزويد الكتب هي بلدية “القدس”. هذا بدوره يعطي بلدية الاحتلال الحق في إقرار المناهج التعليمية وغيرها،وشطب وفرض ما تشاء. - بتاريخ 18/3/2011 قامت وزارة التربية والتعليم بتزويد المدارس العربية في القدس ” بوثيقة استقلال دولة إسرائيل” وطلبت من إدارة المدارس إلى تعميم الوثيقة في المدارس كما طالبت بعرض الوثيقة في مكان تتاح فيه الفرصة لكافة الطلاب والمعلمين الإطلاع عليها . - قامت بلدية الاحتلال بالطلب من المدارس العربية في القدس،الخاصة منها ومدارس السلطة السماح لها بدخول المدارس لتسويق القطار الخفيف الذي انشىء لربط المستوطنات الإسرائيلية مع بعضها البعض وربطها بغربي القدس. حيث تقوم بلدية القدس بتسويق القطار تحت حجة وعنوان السلامة العامة،وذلك نتيجة للحملة الشعبية والدولية المناهضة لإقامة القطار لكونه مقام على أراضي فلسطينية محتلة.حيث يقوم موظفون معتمدون من قبل البلدية بزيارة المدارس والحديث مع الطلاب وتشجيعهم والطلب منهم تشجيع أهلهم لاستخدام القطار. إن تلك القرارات والإجراءات من قبل بلدية الاحتلال ووزارة المعارف الإسرائيلية بحق التعليم في القدس بشكل عام والمدارس بشكل خاص،ما هي إلا خطوات باتجاه أسرلة وصهينة التعليم والفكر والثقافة والهوية الوطنية الفلسطينية.حيث استغلت بلدية الاحتلال اضطرار المدارس الأهلية للحصول على الدعم المالي منها لتغطية حاجتها وعجزها المالي وللحفاظ على استمراريتها،كورقة ضغط وابتزاز للمدارس الأهلية. إن ذلك القرار من قبل بلدية الاحتلال ما هو إلا حلقة في مسلسل متكامل ممنهج يهدف إلى تهويد المدينة وطمس هويتها الوطنية وتجهيل طلابها.حيث قامت سلطات الاحتلال بسن العديد من القرارات ووضعت مشاريع القرارات ليتم الموافقة عليها من قبل المؤسسات الإسرائيلية والتي تهدف إلى السيطرة على المدينة وطرد أهلها الأصليين ومن هذه القرارات المخططات الهيكلية التي تعمل على وضعها وقرار إبعاد المقدسيين تحت ذريعة عدم الولاء إلى دولة الاحتلال،وقرار اعتبار القدس أولوية وطنية والذي يهدف إلى تشجيع الإسرائيليين اليهود للسكن في القدس،وذلك بهدف خلق أغلبية يهودية في المدينة،وقرار اعتبار القدس عاصمة ليس لدولة “إسرائيل”بل لكل يهود العالم ،وغيرها من القرارات والإجراءات التي تسنها مؤسسات الاحتلال يوما بعد يوم . وهنا يجب علينا أن نتحدث عن ظاهرة أصبحت ملحوظة في مدارس القدس،ألا وهي قيام بعض المدارس بتدريس المنهاج الإسرائيلي"البجروت"وهذه المدارس في طريقها إلى التوالد والتزايد،وهي تلقى إقبالا متزايداً من قبل الطلبة المقدسيين،وهذا الإقبال يمكن لنا أن نرجعه الى عدة أسباب متمثلة في غياب التوعية بالمخاطر الناجمة عن تدريس مثل هذا المنهاج على الهوية والانتماء والثقافة والتاريخ والجغرافيا الفلسطينية،والموقف غير الصلب والمتماسك للسلطة الفلسطينية،وغياب الرؤيا الواضحة عند القوى والأحزاب السياسية الفلسطينية،حيث تقوم الجامعات الفلسطينية بقبول الطلبة المقدسيين من حملة تلك الشهادات،وكذلك فالطلبة المقدسيين الدارسين ل"للبجروت" لديهم اعتبارات في أغلبها له علاقة بالحصول على الوظيفة والدخل المرتفع،فطلبة "البجروت" تجري عملية قبولهم في الجامعات الإسرائيلية،وتلك الجامعات خريجوها يستطيعون الحصول على وظائف في القطاع التعليمي الحكومي المطبق في القدس الشرقية والتابع لبلدية الاحتلال،بعكس الطلبة الدارسين للمنهاج الفلسطيني،والمتخرجين من جامعات فلسطينية،فهم بحاجة إلى معادلة الشهادة والحصول على شهادة دبلوم في التربية من جامعة تعترف بها وزارة المعارف الإسرائيلية،ناهيك عن عدم اعتراف وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية بالشهادات الجامعية لخريجي جامعة القدس،وكذلك توجه الطلبة لدراسة"البجروت"والدراسة في جامعات إسرائيلية،والتي اذا ما استثنينا منها الجامعة العبرية،فهي جامعات مقاولات مثل "ديفيد يالين و كليات سخنين والقاسمي وغيرها" له علاقة،بما يحصل عليه الدارس من امتيازات عند التوظيف في المؤسسات الإسرائيلية وخصوصاً في قطاع التعليم من حيث الدخل والدرجة الوظيفية والعلاوات والامتيازات والتقاعد وغيرها.ولذلك تجد الكثير من الهجرة للكفاءات العلمية والتربوية من المدارس الخاصة والأهلية إلى المدارس الحكومية الواقعة تحت سلطة بلدية الاحتلال ودائرة معارفها. ليس الخطر على المنهاج التعليمي الفلسطيني في القدس نابع فقط من ما تقوم به حكومة الاحتلال ووزارة معارفها من محاولات لصهينة التعليم في القدس،بل قيام مدارس جديدة أو قائمة في القدس الشرقية بتدريس المنهاج الإسرائيلي "البجروت" يوازي ذلك الخطر،ففي كلا الحالتين هناك استهداف للوعي والهوية والذاكرة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والحضارة الفلسطينية والعربية. والمأساة هنا أن السلطة ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية لا تمتلكان أية رؤيا أو إستراتيجية حيال ذلك،ويتعاملون مع المسألة على قاعدة "للبيت رب يحميه"،فهي تمتلك سلطة وصلاحية منع تصديق كشوفات علامات تلك المدارس من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وعدم الاعتراف بشهادات تلك المدارس،والطلب من الجامعات المحلية بعدم قبول خريجي تلك المدارس،ولكن لا نجد أية خطوات عملية لحماية المنهاج الفلسطيني من قبل السلطة والحفاظ عليه في القدس من مخاطر الأسرلة والاندثار بسبب زيادة المدارس التي تدرس المنهاج الإسرائيلي "البجروت"،وعدم القيام بإصلاحات جدية في المنهاج الدراسي الفلسطيني وبالذات امتحان الشهادة الثانوية،الذي بات إلغاؤه أو تغيروه على أقل تقدير مطلباً ملحاً. في هذا الإطار وبعد الحديث عن المخاطر الناجمة عن تعدد المرجعيات التعليمية في القدس على العملية التعليمية،وما تواجه تلك العملية من تحديات نتيجة لتلك التعددية،فلا بد من الخلوص الى مجموعة من التوصيات في هذا الجانب . التوصيات 1- تشكيل لجان المدارس الخاصة حسب طابعها سواء كان ديني أو جمعيات أو أفراد،يفرز عن هذه اللجان هيئة موحدة تشارك في تشخيص واقعها كمدارس خاصة،ورسم دورها ضمن خطة شاملة للتعليم في القدس. 2- بالضرورة عدم التعامل مع مدارس القطاع الحكومي على قاعدة ولا تقربوا الصلاة،،فهذه المدارس إداراتها عربية وكذلك معلميها/تا،ورغم كل القيود المفروضة عليهم،فإنه هناك فرص كبيرة جداً،بل وفي العديد من الأحيان،أفضل من الفرص المتاحة في المدارس الخاصة،لتشكيل لجنة من مدراء مدارس البلدية والمعارف حسب الأحياء والمراحل التعليمية،يعتمد عليها في تسهيل الاتصال والتواصل مع مدارس المعارف والبلدية. 3- العمل على خلق جسم تنسقي يضم كل إدارات المظلات التعليمية المختلفة،تناقش فيه كامل هموم العملية التعليمية في مدينة القدس. 4- أن يكون للجان السابقة الذكر دور هام في شحذ الهمم ودعوة طلبتهم للمشاركة الفاعلة في الأنشطة التربوية والثقافية والرياضية وغيرها على مستوى المديرية. 5- تتعاون مع المديرية في المشاركة الفاعلة في الدورات التي تعقدها المديرية خاصة في المنهاج الجديد والالتزام بالتعليمات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم حول نظام توزيع الحصص وأسس النجاح والرسوب والالتزام بتسليم نسخة للحفظ من سجلات العلامات المدرسية السنوية لدى المديرية حفاظاً على مصالح الطلبة المقدسيين. 6- أن تساهم القيادة الفلسطينية بدور فاعل في زيادة عدد المشرفين التربويين لتغطية جميع المدارس الخاصة البالغ عددها 47مدرسة، وأن يقدموا خدماتهم لمدارس المعارف والبلدية إذا طلب أي مدير مدرسة هذه الخدمة منهم،لما فيه مصلحة لأبنائنا الطلبة في هذه المدارس. 7- أن تتبنى وزارة التربية والتعليم العالي توجهاً واضحاً لدعم المدارس الخاصة بحيث تحافظ على استمراريتها. 8- أن يعاد تأهيل المدارس الصناعية الخاصة لاستيعاب مهن جديدة،وتشجيع الطلبة على التعليم المهني. 9- أن يتبنى اتحاد لجان أولياء الأمور دوره في إنجاح التشكيلات والروابط مع مدراء مدارس المعارف والبلدية الفاعلين حسب ما ذكر وحثهم على أهمية القيام بدور تعليمي وتربوي على نطاق مدينة القدس. المراجع:- 1. تقرير جمعية حقوق المواطن في إسرائيل بعنوان شهادة فقر آب/2010 . 2. ورقة عمل سمير جبريل مدير التربية والتعليم في القدس بعنوان "تعدد مرجعيات التعليم في القدس واقع وتحديات . 3. ورقة عمل راسم عبيدات واعتدال الأشهب حول واقع التعليم في القدس. 4. تقارير احصائية صادرة عن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية والمعارف الاسرائيلية. والمسألة ليست قصراً على الاعتراف بشهادة "البجروت" التوجيهي الإسرائيلي والسماح لحملتها من الدراسة في الجامعات المحلية الفلسطينية (الخليل،بيت لحم،بير زيت،النجاح والأمريكية وغيرها )،ففي الوقت الذي تتحدث فيه السلطة الفلسطينية والقوى والأحزاب الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني عن رسم خطط ووضع برامج وآليات لمواجهة القرار الإسرائيلي بأسرلة بل صهينة التعليم في القدس من خلال التدخل في المنهاج الفلسطيني المطبق في المدارس الخاصة والأهلية حذفاً وتعديلاً،فإننا نلاحظ قيام مدارس في القدس وعبر إعلانات في الصحف الرسمية،لتدريس المنهاج التعليمي الإسرائيلي"البجروت"،ودون أن تتحرك معالي وزيرة التربية والتعليم أو أي من أركان وزارتها للقول حتى بأن وزارة التربية والتعليم لن تعترف بشهادات تلك المدارس ولن تقبل منها لا كشوف ولا شهادات،وهذا بحد ذاته يضعف أي معركة سيخوضها المقدسيين من أجل فلسطنة التعليم في القدس،وأيضاً يضعف من قدرة إدارات المدارس الخاصة والأهلية على مقاومة ومجابهة القرار الإسرائيلي التي يطلب منها عدم التزود بالكتب المدرسية إلا من خلال بلدية " القدس" ودائرة معارفها