من «الربيع الأميركي» إلى القطبية الجديدة

حجم الخط
(1) لمَ حدث أنّ الربيع العربي انتهى ليصبح ربيعاً للشرق الأوسط الجديد وفق المخطط الأميركي؟ أولاً، علينا أن نلاحظ أنّ القوى المحرّكة لجماهير الربيع العربي، هي مزيج من عناصر سياسية غير منسجمة اجتماعياً، من النشطاء الشباب المسيّسين على النمط الغربي، والقوميين واليساريين المهجوسين بالمبادئ الليبرالية المتمركزة حول الحريات والانتخابات النزيهة والحكومات البرلمانية والرؤساء المنتخبين والمواطنة والعدالة بمعناها الحقوقيّ والإنسانيّ العام... الخ. وهي أيديولوجيا انتشرت في صفوف النشطاء من مختلف التلاوين منذ مطلع التسعينيات، وتنامى تأثيرها بفضل العمل الكثيف للمنظمات المسماة منظمات المجتمع المدني، المرعية من قبل الدول الغربية، وغزت عقول أوساط واسعة من مناضلي الأحزاب والتجمعات القومية واليسارية. بينما غابت عن الثقافة السياسية العربية المسيطرة، مبادئ التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي والتنمية المستقلة. ومما عزّز الأيديولوجيا الليبرالية في صفوف النشطاء السياسيين في العالم العربي، أنّ السياسة، ثقافة وممارسة، انحصرت في الأوساط المتبرجزة من الفئات الثقافية والمهنية، التي حققت مستوى معيشياً أفضل في ظل النيوليبرالية والكمبرادورية، إذ إنّ شاغلها الأساسي أصبح منحصراً في الضيق من الاستبدادية والتهميش السياسي. وبما أنّ العناصر القيادية الرئيسية في الربيع العربي هي من هذا النمط، فقد طبعت الشعارات السياسية لتحركاتها بالليبرالية السياسية. ثانياً، الكتل الجماهيرية الكبرى في الربيع العربي، جاءت إلى الحراك من سياق آخر تماماً. لقد جاءت من عزلة سياسية وثقافية شاملة، ولم تكن تعرف، طوال العقود الثلاثة الماضية، سوى التأثير المباشر لقوى الإسلام السياسي من خلال التعويض عن الخواء الروحي والثقافي بالتعصب الديني المؤدلج بالوهابية، والإدارة المحلية للفقر المدقع من خلال الأعمال الخيرية الضرورية لضمان الاستمرار في الحياة. ومن نافل القول إنّنا هنا بإزاء سيطرة أيديولوجيا الخليج وأمواله. ألحقت النيوليبرالية القائمة على منظومة اقتصاد السوق المعولم والاستثمارات الأجنبية التي تتركز حيث الربحية الأعلى في قطاعات التعدين والعقار والمال وحرية التجارة، ألحقَت الاقتصادات العربية ــ من خلال الخصخصة والاستثمارات والمشاريع غير المنتجة الممولة بالدَّين ــ بالمصالح الرأسمالية العالمية وشريكها الخليجي التابع. وحوّلت البرجوازيات المحلية (ووسّعتها) إلى فئات من الوكلاء الكمبرادوريين الذين تشابكت أعمالهم مع العناصر البيروقراطية الحاكمة، فنشأت، عن ذلك، بالضرورة، منظومة من الفساد الكبير المؤسسي. ونلاحظ أنّ هذا النموذج الاقتصادي يؤدي إلى نموّ غير قابل للتوزيع على نطاق اجتماعي، وعاجز عن توفير فرص عمل تستوعب القوى المنتجة، بل وتفاقم البطالة من خلال تسليع الأرض ورسملة الزراعة وتخريب النمط الفلاحي وإحلال الواردات محلّ المنتجات الحرفية والصناعية المحلية، كما أنّها تعمّق الفقر، ليس فقط من خلال تعميق البطالة الصريحة والمقنعة، بل أيضاً من خلال التضخم والاندماج العولمي من موقع كمبرادوري، إذ إنّه ينشأ وضع لا عقلاني تماماً من التناقض بين أجور مدفوعة بمعادلات اقتصادية واجتماعية ومالية ونقدية محلية، وأسعار مقررة وفقاً لمعادلات السوق الرأسمالي المعولم. المنتج الجماهيري لذلك النموذج الاقتصادي النيوليبرالي يتسم بالعشوائية الاجتماعية والإفقار المتزايد الحدة، والتبطّل المعمّم وعدم الانتظام المهني والوظيفي وتفاقم الضغوط المعيشية على الفئات العاملة، بما فيها الفئات الشعبية الوسطى، وانسداد أفق المستقبل وتدني التعليم والخواء الروحي والثقافي. وكانت الأنطمة الحاكمة قد تحالفت ــ ضمناً وعلناً ــ مع قوى الإسلام السياسي، طوال العقود الثلاثة الماضية، لإدارة وتنظيم وضبط هذه الكتل الجماهيرية. وأما الصدامات بينهما، فهي صدامات بين حليفين حول الحصص في كعكة السلطة والثروة، وأحياناً بسبب الخلافات السياسية أو خروج المجموعات الإرهابية المرتبطة بالإسلاميين عن الخط. ذلك أنّه يظل من المستحيل ضبط عملية اجتماعية سياسية بالكامل، لكن ما علينا أن نلاحظه بدقة أنّ التيار الإسلامي الرئيسي من إخوان وسلفيين وسلفيين جهاديين، لم يخرج، إلا نادراً جداً، وبالنسبة فقط إلى الإسلاميين الجهاديين، عن سقف السياسات السعودية، وتالياً القَطرية. (2) وعندما التحقت الكتل الجماهيرية الموصوفة اعلاه بالحركة الاحتجاجية الليبرالية، تحوّلت الحركة إلى انتفاضة ناقصة. وتمكن الإسلاميون، من دون عوائق تقريباً في الحالة المصرية تحديداً، من استخدام تلك الكتل الجماهيرية في إطار برنامج سياسي يقوم على ترميم النظام القديم نفسه في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، لكن على أساس المشاركة الندية في السلطة، وتعميم نموذج إدارة معازل الفقر، من خلال التعصّب الديني والثقافي والأعمال الخيرية، على المستوى الوطني. أُسقطَ في أيدي العناصر الليبرالية التي لم تفعل شيئاً سوى أنّها قدمت إلى قوى الإسلام السياسي فرصة استخدام مقولات الليبرالية السياسية (المتركزة على الانتخابات والتعددية الحزبية) للسيطرة على الحكم، لكن على الضد من الليبرالية الثقافية. والمفارقة أنّ الإسلاميين استخدموا صندوق الاقتراع الليبرالي ضد الليبرالية والليبراليين، منهين الأوهام عن إمكان ظهور إسلام سياسي معتدل متنور تعددي ثقافياً. فحتى حزب النهضة الإسلامي في تونس، ارتدّ، بعد فوزه بالانتخابات، عن الدعاوى الخاصة بالحريات المدنية والشخصية إلى السماح والتواطؤ مع مطوّعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الإسلام السياسي العربي، في واقع حركته الفعلية، لا يستطيع أن يكون مدنياً ومتنوراً. وذلك، لأنّ استيلاءه على/ أو مشاركته في الحكم، مرهونان (1) بالسياق الأميركي بالذات، ما يمنع الإسلاميين من أية نزعات تحررية أو حتى مواجهة جدية مع إسرائيل، (2) وبالتحالف مع الفئات الكمبرادورية مما يمنع الحكومات الإسلامية من اقتراح أو تنفيذ برامج مضادة للنيوليبرالية والكمبرادورية، (3) وبالدعم الخليجي، السعودي ــ القَطري، مما يفرض على الإسلاميين اتباع الوهابية الشديدة المحافظة ثقافياً واجتماعياً، والشلل إزاء تغيير توازنات النظام العربي الخاضع للهيمنة الخليجية والمصالح النفطية. أعني: إذا كانت شروط حكم الإسلاميين تتمثل في الخضوع للتبعية والكمبرادورية والسلام مع إسرائيل، فما الذي يبقى لهم لكي يجتذبوا الجماهير به سوى إثارة التعصّب الديني والمذهبي ونشر الوهابية؟ (3) مع ذلك، لا تزال هنالك أوهام تقول بأنّ التجربة العملية للإسلاميين في الحكم سوف تطوّرهم باتجاه تقدمي. إنّني أرى عكس ذلك تماماً، بل إنّنا نرى كيف ينزاح الإسلام السياسي التركي نحو وهابية فظّة في التحشيد المذهبي ضد النظام السوري. الإسلام السياسي يسير نحو المزيد من التموضع في المشروع الأميركي للشرق الأوسط الجديد المتمحور حول إسرائيل يهودية وسط كيانات مذهبية. أولاً، لأنّ الاقتصادات النيوليبرالية الكمبرادورية نفسها تحتاج إلى قدر من اللبرلة الثقافية والاجتماعية والحياة المدنية، وخصوصاً في قطاعات حيوية كالسياحة، بالنسبة إلى كل من تونس ومصر، أو إلى الأدوات الربوية في القطاع المالي. وهو ما سيضع الإسلاميين أمام تناقض كارثي. وعلى رغم قدراتهم الأمنية، فإنّهم لن يستطيعوا كبح جماح التطرّف الخارج من قمقمه. والتطرّف أساسي لحشد الجماهير وراء الإسلاميين. وفي ظل التوتر الناجم عن التناقضات والفقر والبطالة ــ التي لا حلول جذرية لها عند الإسلاميين ــ ستظل تعزز فرص الفوضى الأمنية والإرهاب وضياع الاستقرار وتنامي هجرة الفئات الوسطى الخ. وهي كلّها ــ وسواها ــ عوامل تهدد بالمزيد من التدهور الاقتصادي، والمزيد من الانكشاف أمام المساعدات الخليجية، مما يؤذن بتحويل دول الاعتدال إلى مستعمرات خليجية. وهو وضع أدنى من وضع المستعمرات الأوروبية او الأميركية. ثانياً، في ضوء كل ما سبق، للإسلاميين، موضوعياً وبغض النظر عن وعيهم الذاتي بها، وظيفة أميركية ــ خليجية ــ إسرائيلية، تكمن في خلق مناخ جماهيري عربي يسهّل محاصرة إيران أو ضربها وتقزيم دور حزب الله أو ضربه وشيطنة الحركات الاحتجاجية في البحرين والقطيف بالسعودية، وحماية الخليج كلّه من رياح التغيير. وهذه كلّها تستلزم تصعيد العداء المذهبي السنّي ــ الشيعي إلى الحدّ الذي يتحوّل فيه الشيعة إلى العدو الرئيسي للكتلة الجماهيرية السنية. وهذا الدور منوط بالإخوان المسلمين والسلفيين والسلفيين الجهاديين. وهم ــ بما في ذلك حركة حماس ــ مقيّدون بأداء تلك الوظيفة التي تنسجم مع مصالحهم باستمرار التحكّم في جماهير «هم» على رغم التردي المتوقع أكثر فأكثر بشروط العيش والحياة في البلدان العربية الواقعة تحت سلطة او نفوذ الإسلام السياسي السني. في المقابل، سيتمكن الإسلام السياسي الشيعي، وخصوصاً في العراق، من استغلال الصدام المذهبي للإمعان في تحشيد جماهير«ه» المفقرة، وراء قوى لا تزال عاجزة عن إعادة بناء الدولة الوطنية في العراق. (4) غير أنّ كل تلك الاتجاهات والصراعات المارّ ذكرها تتمفصل في المشهد السوري. إذ، أولاً، عرفت سوريا المَرضين العربيين اللذين خوّرا دول الاعتدال. فمن جهة، رأينا النخبة السورية، منذ إعلان دمشق، تنحو نحو الأيديولوجيا الليبرالية الغربية المبتوتة الصلة بمبادئ التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي. تلك المبادئ المعتبرة عند اوساط واسعة من تلك النخبة، شيئاً من الماضي. ومن جهة أخرى، رأينا كيف خضع النظام السوري الممانع ونصير المقاومة بحقّ، لمتلازمة النيوليبرالية الكمبرادورية والفساد والاستبداد. اي إنّنا في سوريا إزاء حالة تشبه الحالة المصرية، مع فارقين: (1) أنّ النخبة الليبرالية المصرية تبقى وطنية، فيما وصلت نظيرتها السورية إلى مستنقع استدعاء الاستعمار والإرهاب لتمكينها من حكم لن تناله، لأنّ موازين القوى تميل جذرياً نحو قوى الإسلام السياسي. (2) أنّ المتلازمة المذكورة أعلاه لم تستطع بعدُ أن تدمّر أساسيات الاقتصاد السوري كلياً، ولم تأخذ الوقت الكافي لتحطيم كل الفئات الاجتماعية السورية؛ ذلك أنّه لا يزال في سوريا، عناصر وطنية في النظام وجيش وطني وفئات برجوازية تقليدية وبرجوازية متوسطة وصغيرة متنورة تؤمن بالحياة المدنية، وقوى اجتماعية شعبية منتظمة ومتموضعة في سياق إنتاجي. ومن الواضح أنّ التحالف بين هذه القوى أنقذ سوريا من السقوط في أيدي التحالف الغربي الخليجي، لكن، في المقابل، فإنّ الكتل الجماهيرية المفقرة والمهمشة والمتعصبة التي تسير وراء الإسلام السياسي، وتقدم الحواضن الاجتماعية للإرهابيين، لم تهبط من السماء ولم تتسلل إلى سوريا، بل كانت نتاج متلازمة النيوليبرالية والفساد والاستبداد. وهو ما يطرح في سوريا، في موازاة ضرب الإرهاب، ليس ما يسمى الإصلاح السياسي، وأعني برنامج النظام لمغازلة النخب الليبرالية، بل الخلاص من تلك المتلازمة الخبيثة. من الناحية الاستراتيجية، ظهرت سوريا بوصفها عقدة المشرق وصورته. هي عقدته لأنّه تبيّن، بالملموس، أنّ سقوط سوريا سوف يفتح المشرق كلّه أمام إسرائيل، وينتهي بالبلدان المجاورة إلى حروب أهلية طاحنة، لتدمير المقاومة في لبنان، وإقامة الوطن البديل في الأردن، وتمزيق الكيان الوطني في العراق. وهي سيناريوهات واقعية شهدنا مقدماتها من خلال الانقسامات السياسية والشعبية حول الموقف من سوريا في البلدان الهلالية الثلاثة. في ظل سيناريوهات كهذه لانفجار المشرق نهائياً، سوف تنتهي إيران إلى انكفاء شامل، لكن المتضرر الأكبر ــ من حيث الحجم والدور والطموح ــ سيكون روسيا. موسكو ستفقد، في ضربة واحدة، جميع حلفائها القائمين والمحتملين في المنطقة التي ستخضع، حينها، للتقاسم الإسرائيلي ــ التركي، في ظل السيطرة الأميركية الأطلسية الممتدة حتى إلى الداخل الروسيّ. سوريا ظهرت كعقدة صراع محلي وإقليمي ودولي، ولذلك، تكوّن فيها وحولها حلف لم يعد ممكناً كسره، ولم يعد بأيدي النخب الليبرالية المتحالفة مع الاستعمار والإرهاب ــ وموضوعياً ــ مع إسرائيل، سوى لطم الخدود. الإسلام السياسي السوري، بدوره، يستعد لتجرّع هزيمة جديدة. ومن المضحك أن يبادر الإخوان المسلمون اليوم، بعد سنة من التحشيد الطائفي والمذهبي ودعم الإرهاب والمشاركة بجرائمه، إلى إصدار وثيقة ليبرالية يتوافر منها الكثير لدى حلفائهم في المعارضة المثقفة. كل ذلك مآله من الناحية الاستراتيجية اليوم، سلّة المهملات التاريخية. فالولايات المتحدة الأميركية اضطرت، أخيراً، إلى الاعتراف بميزان القوى الجديد مع روسيا والصين، وستحاول، إذاً، التركيز، من الآن فصاعداً، على حماية مكاسبها في المغرب وتونس وليبيا ومصر وفلسطين، والاستمرار في حماية الخليج من حدوث متغيرات عميقة. وهو وضع ستخضع له عاصمتا الوهابية في الخليج، الرياض والدوحة. وظهرت سوريا، كذلك، بوصفها صورة المشرق المتحضرة، بفسيفسائها الطائفية والمذهبية والإتنية المنخرطة معاً في حياة مدنية. واكتشفت جميع المكونات المشرقية أنّ مركزها هو سوريا، إذ إنّ ضرب الفسيفساء السورية، سيؤدي إلى تغيير صورة وتراث وروح المشرق. وفي رأيي أنّ هذا التغيير لا يعبر عن رؤية وهابية متعصبة ومموّلة، بقدر ما يعبّر عن حاجة إسرائيلية إلى تسويغ يهودية الدولة. (5) نحن في مشهد صراعيّ سيمتدّ، لكنّنا نعيش عشية متغيرات استراتيجية كبرى، تستدعي مقاربات جديدة في النقاش. أولاً، نشوء محور دولي إقليمي عربي يمتدّ من الصين إلى روسيا إلى إيران إلى العراق (الذي سيكون مضطراً إلى تعديل توجهاته للتلاؤم مع السياق المتكوّن) إلى سوريا إلى لبنان المقاوم. هذا المحور سيقزّم تركيا والدور التركي ويضغط على الخليج، مما يفتح أبوابه أمام رياح التغيير، وخصوصاً في السعودية. وعلينا أن نقدّر، في هذه الحالة، التغيير الممكن في موازين القوى مع إسرائيل. هل سيؤدي ذلك إلى اشتداد وتوسع نطاق المقاومة أم انّه سيفرض ستاتيكو طويل المدى، أم أنّه سيقود إلى تسوية على المسار السوري ــ اللبناني بشروط الحد الأدنى السورية؟ هذه أسئلة مطروحة، وتنبني عليها رؤى واستراتيجيات. ثانياً، في الأزمة، اكتشف بلدان عربيان أنّ كيانهما ومستقبلهما مرتبطان بسوريا، أعني لبنان والأردن. وفي رأيي أنّ تحوّلاً ديموقراطياً اجتماعياً في سوريا مزدهرة اقتصادياً ومرتكزة إلى محور دولي، سوف يطرح على البلدين، ضرورة التوصّل إلى صيغ اتحادية في بلاد الشام من شأنها أن تُخرج الجميع من الأزمات المحلية، وخصوصاً الاقتصادية منها. وإذا كان من الواضح أنّ العراق لن يكون خليجياً، فهل يمكنه العيش في معزل تحت النفوذ الإيراني المباشر؟ وهل يمكن التفكير في تجمّع جديد في المنطقة يعبّر عن تلاقي مصالح بلدان الهلال الخصيب، في صيغة مجلس تعاون أو صيغة أرقى؟ ثالثاً، في القضية الفلسطينية، هل يمكن تخيّل التطورات المار ذكرها أو بعضها أو اقلها في نجاة سوريا واستعادتها دورها، من دون أن تنعكس على السياسة الفلسطينية؟ هل ستبقى الانعزالية التي التحق بها أخيراً الحمساويون أيضاً ممكنة؟ ام أنّ وحدة فتح ــ حماس في السياق الخليجي ستنتهي إلى أوسلو ــ 2؟ ومع ذلك، هل عاد العامل الفلسطيني حاسماً أو حتى أساسياً في الصراع العربي الإسرائيلي، وخصوصاً إذا تموضع هذا الصراع مجدداً في صراعات قطبية دولية جديدة؟ رابعاً، ربما كان على القوى الوطنية في المشرق ألا تضع مصر في حساباتها لفترة طويلة مقبلة. فمصر في حال من الإنهاك الاقتصادي الاجتماعي الثقافي لا يُرجى منه، حتى بعد ثورة مكتملة، دوراً قومياً في وقت قريب، لكن التاريخ لا ينتظر أحداً. أكثر ما يمكننا أن نتوقعه هو أن إسرائيل خسرت الحليف المصري من دون أن نتوهم بأنّنا كسبناه. لا يزال أمام مصر من المهمات الداخلية مما يجعلها خارج حساباتنا لزمن قد يطول. * كاتب أردني - عن الاخبار اللبنانية