غزة ليست على الرف

حجم الخط
تتكرر الكتابات حول عدم اكتراث الأنظمة العربية وعلى رأسها النظام المصري بأزمة الكهرباء في غزة، ويقول بعض الكتاب إن الأنظمة مشغولة الآن بالأزمة السورية ولا يعيرون انتباها لمشاكل غزة. ووصل الأمر إلى السيد اسماعيل هنية ليناشد أنظمة للمساهمة في حل الأزمة. لا، أنظمة العرب ليست مشغولة عن غزة، وإنما هي مشغولة بغزة، والأزمة مفتعلة لتحقيق أهداف سياسية. لقد سبق لأنظمة العرب وبعض الفلسطينيين وإسرائيل والدول الغربية أن شددت الخناق على غزة، وعملت على إثارة الفتن الداخلية من أجل تغيير الوضع السياسي في غزة. وسبق أن قامت إسرائيل بالنيابة عن أغلب أنظمة العرب بحرب على غزة من أجل تغيير الوضع السياسي، لكن كل المحاولات فشلت. ما يجري الآن بشأن كهرباء غزة لا يخرج عن هدف تغيير الأوضاع السياسية في غزة، وهو أمر مرتبط بالوضع السوري. مع كل الاحترام لمطالب شعبنا العربي السوري، والتأكيد على حقوقه في الحرية والعدالة الاجتماعية واختيار حكامه، استغل التحالف العربي الإسرائيلي الأمريكي الذي يضم فلسطينيين حركة الشعب السوري من أجل تحقيق أهداف مكوناته وليس من أجل تحقيق أهداف الشعب السوري. لقد ركبت الأنظمة العربية حركة الشعب ومعها حلفاؤها من الصهاينة وأهل الغرب من أجل تفكيك تحالف مضاد غير معلن يتكون من إيران وسوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية، وظنت أن سقوك النظام بات وشيكا، وأن المستقبل واعد بترسيخ نفوذها وهيمنتها على مجمل الحراك العربي. وقد كتبت في هذا الشأن عدة مرات محذرا المعارضة السورية من اللهاث وراء الأنظمة العربية والولايات المتحدة، لكن الدكتور غليون أساء التقدير وظن الخير في جهودهم. وحيث أن النظام السوري، وفق التحالف العربي الإسرائيلي الأمريكي قد بات على شفا الانهيار، كما كان يُظن، فلا مانع من افتعال أزمة كهرباء في غزة، بخاصة في فصل الشتاء، علّ وعسى أن يثور الناس في غزة ضد حماس فينهار الوضع السياسي القائم. لقد قدر أقطاب التحالف أن ضعف النظام السوري يؤدي إلى ضعف حماس حتى لو لم تكن حماس مؤيدة للنظام، وبالتالي من المهم تسديد ضربة لحماس استغلالا للضعف الحاصل، بخاصة في عهد الثورات العربية. نقطة أخرى مهمة، ومن الضروري الانتباه إليها وهي أن أمريكا وإسرائيل تعملان بكل جهد وثقل من أجل تثبيت المجلس العسكري الأعلى في مصر والذي يشكل حارسا لنظام مبارك. وهذا المجلس ليس سعيدا بوجود سلاح في غزة، أو تمرد خارج اتفاقية أوسلو وما تبعها من اتفاقيات مع إسرائيل. وهناك خوف من أن تؤثر حماس على حركة الإخوان المسلمين فيما إذا أتت الانتخابات برئيس منها، وتدفعها نحو عداء سافر مع إسرائيل. ما هو الحل؟ الأفضل أن تفتعل حماس أزمة ليعي التحالف العربي الإسرائيلي الأمريكاني أن ثمن الحصار الكهربائي على غزة سيكون باهظا. وقد افتعلت حماس أزمة في السابق عندما اجتاح المواطنون الحدود الفلسطينية المصرية الافتراضية، وأظن أن أفكار صناعة أزمة جديدة ليست غائبة.