في نقل السفارة ومسيرات العودة

حجم الخط

واضح اننا امام تحديات كبيرة كشعب فلسطيني وكقوى سياسية وسلطتين...فالأصيل وليس الوكيل بلغة سماحة السيد نصر الله انتقل من إنحيازه السافر لجانب دولة الإحتلال الى المشاركة الفعلية في العدوان على شعبنا،حيث تتوالى وعود بلفور لهذا العدو المغتصب لأرضنا فمن بعد وعد المتصهين ترمب بإعتبار القدس المحتلة عاصمة لدولة الإحتلال والتطبيق العملي لنقل سفارة بلاده من تل أبيب الى القدس والسعي لشطب حق العودة لشعبنا وفق القرار الأممي (194) الى وعد محمد بن سليمان ولي عهد مشيخة آل سعود بالإعتراف بالحق التاريخي لليهود في فلسطين...ونحن نشهد ونتوقع المزيد من الإنهيارات في الموقف والنظام الرسمي العربي الواصل الى مرحلة التعفن ...ولذلك ما نشهده من " تسونامي" تطبيعي علني وشرعي مع المحتل ،هو نتاج تعفن هذا النظام الرسمي،وضعف الحلقة الفلسطينية وتراخيها،ومشاركة البعض منها في التطبيع ...وهذا يعني بالملموس بأن قرارات ما يسمى بالقمم العربية والتي اخرها قمة ما يسمى بالقدس في الظهران ستبقى حبراً على ورق ومجرد شعارات للإستهلاك المحلي ..وستسعى دول أخرى الى نقل سفاراتها من تل أبيب الى القدس ...والمكتوب يقرأ من عنوانه فهناك دولة عربية واخرى اسلامية أحيت اسرائيل في عاصمتيها الذكرى السبعين لما يسمى بقيام دولتها،ذكرى نكبة شعبنا الفلسطيني. الرهان هنا هو على الحالة الشعبية ،فالجماهير ستزحف من قطاع غزة نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948،ومن لبنان والأردن لترجمة حق العودة ...فمسيرات العودة التي جرت لسبع جمع متواصلة من قطاع غزة نحو حدود فلسطين -48 -،كانت ايجابية على شعبنا الفلسطيني،رغم حملات التشكيك من قبل البعض،فهي ساهمت وتسهم في إزدياد قوة وصلابة شعبنا ،كما انها تراكم نضوجاً وتجذراً في وعيه الجمعي .....المحتل المصاب بحالة كبيرة من القلق والإرباك في كيفية التعامل مع مثل هذه المسيرات الشعبية الضخمة ...سعى عبر القوة والقمع والتخويف والعقوبات لوقف مثل هذه المسيرات ولكنه فشل في ذلك ...كما أنه حاول أيضاً صرف الأنظار عنها بإفتعال مواجهات عسكرية مع سوريا وايران....ولكن كل ذلك لم يفلح في وقف تلك المسيرات الشعبية ...الذكرى السبعين لنكبة شعبنا تتزامن مع نقل أمريكا راس الإرهاب لسفارتها من تل ابيب الى القدس ..والحراك الشعبي الواسع كرد على ذلك لا احد يستطيع التنبؤ بما سيحدث فيه،ولكن ما أقوله هنا يجب أن يكون هناك تصعيد محسوب ومدروس دون الوصول الى حرب مفتوحة مع المحتل..ويجب الحفاظ على الطابع الشعبي السلمي لهذا الحراك وعلى الفصائل ان تحمي الجماهير ولا تتركها مكشوفة للمحتل،فالمحتل هو لا يخشى من شن حرب على قطاع غزة،ولكن خشيته انه لا يستطيع التحكم في كيفية انهاء هذه الحرب،فهو شن ثلاثة حروب عدوانية على قطاع غزة في ست سنوات،خرج منها شعبنا اكثر قوة وصلابة وتماسكاً،رغم كل الدمار والحصار والتجويع الذي سببته تلك الحروب،ولذا نبقي الخيارات امام المحتل هنا في إفتعال تصعيد من خلال القيام بفبركة لعمل ما عسكري،يبرر له القيام بعملية قمع كبير لمسيرات العودة...أو ان يتخذ قراراه بالتصعيد بقمع تلك المسيرات وإيقاع أكبر عدد من الشهداء والجرحى لتخويف وإرهاب الجماهير المتجهة صوب الحدود والمقتحمة لها ،او يبني ردة فعله على ما يحصل في الميدان وما سيفعله شعبنا،سياسة الإحتواء.

يصعب علينا تقدير الموقف لما ستؤول إليه الأمور ميدانياً،إذا ما اقتحمت اعداد كبيرة من جماهير شعبنا السياج الفاصل ودخلت باعداد كبيرة الى أراضي فلسطين المحتلة عام – 48 - ،فهل سيقدم المحتل على إطلاق نيران واسع وكثيف يؤدي الى سقوط مئات الشهداء والآلاف الجرحى..؟؟ ام سيعمل على إحتواء الموقف ومنع مفاعيل التصعيد التي من شأنها إيقاد وشحن الوضع المتفجر،مما يؤدي الى إنفجار شعبي شامل يخرج عن السيطرة ،ولا يكون مقتصراً على قطاع غزة،بل يمتد الى كل مساحة فلسطين التاريخية،وربما يذهب الى ما هو أبعد من ذلك ليشمل ساحات عربية أخرى..؟ وهل سيطور الفلسطينيون ادواتهم وادائهم في هذا الإشتباك الجماهيري الشعبي الواسع،بما يمكن الإعلام من فضح وتعرية الرواية الصهيونية،والتي تصور هذه المسيرات الشعبية،على أنها اعمال "إرهابية" تقوم بها حماس والفصائل بإستهداف وجودها..؟؟

هذا اشتباك شعبي مفتوح ومتواصل،بتواصل واستدامة عوامل الصراع...والميدان سيقول كلمته وما ستؤول اليه الأوضاع.ولكن والميدان وطبيعة الحراك يقولان كلمتهما، لا بد لنا من القول بان هذه الحاضنة الشعبية الواسعة لمثل هذه المسيرات،وما يجري من حراكات شعبية وبرلمانية ومجتمعية في الكثير من الساحات والعواصم الدولية،ألا تحتاج من القوى والفصائل والسلطات القادمة،التفكير بشكل عميق بأن أولى خطوات الإستثمار في تلك المسيرات والحراكات الشعبية،هو تقوية وتحصين الحلقة والجبهة الداخلية الفلسطينية بإنهاء الإنقسام وإستعادة الوحدة الوطنية،ورسم استراتيجية ورؤيا فلسطينيتين تقومان على الصمود والمقاومة...والعمل على عقد دورة توحيدية للمجلس الوطني بمشاركة كل الوان الطيف السياسي والمجتمعي الفلسطيني،ما دام الجميع متفق على ان منظمة التحرير الفلسطينية،هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني،كيف سيجري تفعيل المنظمة وإعادة الإعتبار والصلاحيات لها ولمؤسساتها،والمهم ديمقراطية قراراتها،والأليات التي تضمن التنفيذ والترجمة لها على أرض الواقع ،والعمل على تزخيم هذا الحراك شعبياً وتطويره وإيجاد الحوامل والأطر الشعبية التي تسمح بتجذره وإستدامته وصموده أمام آلة البطش الصهيوني وقمعه.

قضيتنا امام مرحلة تاريخية فاصلة،هجوم غير مسبوق على مرتكزات برنامجنا الوطني القدس واللاجئين،ومحاولة جادة لتصفية القضية الفلسطينية،ضمن ما يسمى بصفقة القرن،صفعة العصر، في إطار إقليمي يشارك فيه جزء من النظام الرسمي العربي،الذي يعمل على تطبيع علاقاته مع إسرائيل علناً...هذه المرحلة المصلية بحاجة من الجميع وبالذات من طرفي الإنقسام الترفع عن الخلافات والمناكفات والتحريض والتحريض المضاد،وصب كل الجهود والطاقات في إطار موحد يمكن من التصدي لهذا المشروع وإفشاله.