تبديد هوية العروبة سياسة عدائية ثابتة

حجم الخط

ما يحدث من صراع في المنطقة العربية يقوم على جبهتين في أن واحد، على الجبهة السياسية النضالية ضد الكيان الصهيوني المدعوم امبرياليا من الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص وعلى جبهة الرجعية العربية التي تربطها علاقات التبعية مع دول الغرب الرأسمالية و تخطو بوتائر متسارعة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني حتى قبل التوصل إلى تسوية سياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفي مشهد الواقع السياسي العربي الحالي بتدخلاته الإقليمية والدولية بما في ذلك الإسرائيلية يتضح استهداف الدور القومي في عملية الصراع لأن في تراجعه أو غيابه تحقيق مكاسب للحلف الامبريالي الصهيوني الرجعي لذلك كانت دائما هوية العروبة هي لها الصدارة من العداء حتى لايتم جر الشعوب العربية إلى معارك النضال.

 في عملية الصراع الجاري تم احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بحجة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل وكان ذلك بتواطؤ القوى الطائفية الشعوبية والتآمر عليه كان بهدف تدميره وهو القطر العربي المؤثر في المنطقة العربية بحكم تاريخه الحضاري الذي يختزن سجل الحضارة العربية الإسلامية في أوج أزدهارها وايضا بحكم ثروته النفطية وموقعه الجغرافي الاستراتيجي وتقدمه العلمي الذي افزع الغرب والكيان الصهيوني وايضا لكونه كان يمتلك جيشا قويا باسلا شارك في كل الحروب العربية الإسرائيلية وعلى الجبهتين الشرقية والمصرية ( بالسلاح الجوي في حرب عام 73 ) وهذه المؤامرة على بغداد عاصمة الرشيد لم تتوقف فهي تستكمل الآن على أرضية طائفية وعرقية في صراع بين النظام السياسي الطائفي ومعه حكومة اقليم كردستان العراق وبين القوى الوطنية والقومية والديمقراطية العراقية بشكل عام … ما يجري في سوريا هو ايضا مؤامرة كبرى على عروبة هذا القطر العربي الأصيل في انتمائه القومي والتصاقه الكامل بهوية العروبة وذلك في استجابتة السياسية في مواجهة تحدي النزعة القومية الطورانيه التركية في اغتصاب لواء الاسكندرونه الذي تم بتخطيط مع الاستعمار الفرنسي وكذلك ايضا لاغتصاب فلسطين الجزء الجنوبي من سورية الطبيعية بدعم من حكومة الانتداب البريطاني وهكذا فإن سوريا الان في خضم ما تسمى بالأزمة السورية هي في موقع الصدام مع المعسكر الامبريالي الصهيوني الرجعي الذي يسعى الى تفكيكها إلى دويلات قزمية طائفية وعرقية وقد اشيع في فترة ماضية قريبه من قبل بعض فصائل المعارضة السورية عن مقترح لإلغاء كلمة العربية من اسم الدولة السورية وتلعب قوى المعارضة الكردية بالخصوص المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن دورا كبيرا في هذه المؤامرة لسلخ مناطق من الأراضي السورية لإقامة الاقليم الكردي على غرار إقليم كردستان العراق.

وبذلك فإن ما يجري في المنطقة بذريعة تعميم الديموقراطية الذي تم الالتفاف عليه هو في الحقيقة صراع ضد الأمة العربية بهدف تفتيت النسيج الاجتماعي لشعوبها وهو صراع يجري تحت مسميات كثيرة تخفي وراءها أبشع النزعات والنعرات العنصرية المتكالبة على تقسيم المنطقة كالنزعة الطائفية والعرقية والجهوية وتقوم التنظيمات التكفيرية الظلامية الارهابية التي تعادي فكرة الدولة الوطنية والفكرة القومية بدور كبير في تعميم هذه النزعات والنعرات الانفصالية بتسهيل عبورها من قطر إلى قطر بما يشيع فوضي سياسية وامنية تسمح بتدخل القوى الإقليمية الرجعية والدولية لكن الهدف الرئيسي لهذا الصراع المحتدم على مستوى الجبهتين هو تقسيم دول المنطقة إلى دويلات قزمية طائفية وعرقية وهو ما ينسجم مع مشروع الشرق الأوسط الجديد الأمريكي التي تنعدم به الرابطة القومية العربية وذلك حتى تصبح دولة الكيان الصهيوني دولة شرعية طبيعية لا فرق بينها وبين اي دولة من دول هذه المنطقة …هكذا فان ظاهرة معاداة هوية العروبة هي سياسة عدائية ثابتة بدأت منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى لما يربط معسكر الأعداء من مصالح طبقية معادية لمصالح الشعوب العربية المتطلعة إلى التحرر والاستقلال الوطني الكامل الذي يكفل لها العيش بعيدا عن الأزمات الإقتصادية والإجتماعية الطاحنة التي تثقل الآن كاهلها وتحد من فاعليتها السياسية والنضالية في القضايا القومية كالقضية الفلسطينية.

موقف سياسي معاد بشكل صارخ للهوية القومية العربية ذات الطبيعة الحضارية البعيدة عن العنصرية ( الشوفينية ) التي تتصف به القوميات الغربية البرجوازية التي ترجمت ذلك بقيام دولها الراسمالية باستعمار بلدان العالم الثالث التي ما زالت تعاني من نتائج الحقبة الاستعمارية ..