طبيعة التركيب الطبقي في المجتمعات العربية (14-18)

حجم الخط

في سياق الحديث عن طبيعة ومكونات التركيب والمتغيرات الطبقية في بلدان وطننا العربي، وضرورات إزالة الخلط أو اللبس في مصطلحاتها أو مفاهيمها، نتوقف أمام طروحات اثنين من المفكرين العرب هما د.حليم بركات، والراحل د. رمزي زكي، فالأول يطرح في كتابه »المجتمع العربي في القرن العشرين« المشار إليه في هذه الدراسة، مسألة التكون الطبقي في المجتمع العربي ويعيدها إلى »الأصول الرئيسة المتشابكة التالية: ملكية الأراضي والعقارات، والتجارة وملكية رأس المال، النسب العائلي المتوارث، المنصب أو الموقع في السلطة، مع الإشارة الى عدم تساوي هذه العوامل في الأهمية«(1)، ومع تقديرنا لصحة هذا التحليل وانسجامه مع الواقع، إلا أن د. بركات في تصنيفه للطبقات الاجتماعية العربية المعاصرة، يقر بوجود ثلاث طبقات رئيسة: »الطبقة البورجوازية، الطبقة الوسطى، الطبقة الكادحة«، وهي قضية بحاجة الى النقاش، نظراً لشدة التنوع في البنية والانتماءات الاجتماعية العربية التي أشار إليها في مقدمة كتابه.

أما المسألة الثانية فهي ترتبط بتعريف »الطبقة البورجوازية« التي تتضمن كما يشرح د. بركات »شرائح اجتماعية قديمة من الأرستقراطية وكبار الملاك وشيوخ القبائل وكبار علماء الدين، الى جانب كبار الرأسماليين التجاريين والصناعيين والأثرياء الجدد من الأطباء والمحامين«(2)، وهو في تقديرنا، تعريف ملتبس يتناقض مع مصطلح »البورجوازية« المتعارف عليه، كمصطلح حديث، عبّر عن طبقة جديدة تكونت في التاريخ الحديث في سياق صراعها مع الطبقات والشرائح القديمة الأرستقراطية وكبار الملاك ورجال الدين، وبالتالي، لا يجوز القفز عن كيفية تكون الطبقة البرجوازية، وسياقها التاريخي في مرحلة محددة، وكذلك في إطارها العام كطبقة لا مكان فيه للرموز والشرائح القديمة.

المسألة الثالثة، التي ندعو الى تأملها والتفكر فيها ومناقشتها بصورة موضوعية، فهي مسألة »الطبقة الوسطى«، والالتباس حول مفهوم هذه الطبقة وشكل تطورها ووجودها ودورها. ..... يتبع

 

1- د. حليم بركات – مصدر سبق ذكره- ص327.

2- د.حليم بركات-المصدر السابق-ص.238