قانون القومية .. إسرائيل من العنصرية إلى الفاشية

حجم الخط

بعد سبع سنوات من طرحه على الكنيست عام 2011 من قبل رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي “الشاباك” عضو الكنيست “آفي دختر” صوت البرلمان الإسرائيلي قبل أيام على ما يسمى بقانون القومية مكرساً يهودية الدولة العبرية مانحاً لليهود فقط حق تقرير المصير، معتبراً  القدس  المحتلة هي عاصمة موحدة للدولة، نازعاً عن اللغة العربية التي بتحدث بها خمس سكان الدولة وهم العرب الذين تمسكوا بوطنهم وأراضيهم وأملاكهم لدى قيام الدولة العبرية عام 1948، من كونها لغة رسمية إلى لغة لها مكانتها الخاصة علماً أن المس باللغة العربية ومكانتها الرسمية التي استمدتها رسمياً منذ قوانين حكومة الانتداب البريطاني، لم تبدأ بهذا القانون الجديد، إذ أن حكومات إسرائيل على مدى سنوات الاحتلال تجاهلت القانون الانتدابي وتعاملت مع اللغة العربية بمزاجية جعلتها من الناحية العملية لغة غير رسمية خلافاً للقانون.

ووفقاً للقانون الجديد فإن “الدولة اليهودية” تسعى للخروج خارج حدودها غير المعروفة، والتي ما تزال دون تحديد خلافاً للقانون الدولي، وإعتماداً على البند السادس في القانون فإنها معنية بالحفاظ على الميراث الثقافي والتاريجي والديني واليهودي لدى يهود الشتات، وترجمة هذا البند من الناحية العملية، يمنح الدولة العبرية حرية التدخل بشؤون الدول الأخرى ومواطنيها اليهود، إذ أن هذا القانون لا يعترف بجنسيات ومواطنة يهود الدول الأجنبية، وتعتبرهم مواطنين يهود وإسرائيليين وبالتالي من حق الدولة العبرية التعامل معهم باعتبارهم من مواطنيها وهذا يشكل تدخلاً سافراً في شؤون الدول الأخرى، وهنا يتوجب التنبيه على مضمون هذا البند المتعلق بتدخل الدولة العبرية خلافاً للقانون الدولي وذلك في إطار المواجهة الفلسطينية لاستحقاقات هذا القانون العنصري الفاشي.

ويستمد هذا القانون الجديد مواده الأساسية، من سلسلة قوانين جزئية أقرتها الكنيست خلال السنوات الماضية، والجديد في هذا القانون اعتباره قانون أساسي أي جزءً من الدستور الإسرائيلي إذا صح القول، وكذلك في جملة الممارسات والإجراءات ذات الطبيعة العنصرية ضد في مناطق 1948، من هنا فإن هذا القانون ليس فيه من جديد سوى الانتقال من مرحلة تجزئة القوانين العنصرية، ليضيفها في إطار دستوري واحد، أي منح شرعية مطلقة للإجراءات والقوانين السابقة من ناحية، وللإعلان الواضح عن طبيعة الدولة العبرية باعتبارها نظاماً عنصرياً تطور ليصبح نظاماً فاشياً بكل ما لدى هذه المفاهيم من معنى وتطبيق.

تدعي وثيقة استقلال دولة إسرائيل ” النص على المساواة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع سكان الدولة بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس إلاّ أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وفي كلمته اما الكنيست للتصويت على القانون مؤكداً على طبيعة هذا القانون الذي يستجيب للممارسة العملية لدولة الاحتلال قائلاً إن قانون القومية تنفيذاً لرؤية هرتزل حول الدولة الصهيونية والتي تقوم على الاستيطان اليهودي من ناحية، وهجرة يهود الشتات إلى فلسطين المحتلة من جهة أخرى.

قبل التصويت على القانون الجديد، جرت عدة مشاورات بهدف ضمان أغلبية برلمانية للتصويت عليه، ذلك أن هناك اعتراضات هامة ثم تسجلها على البند السابع الذي اعتبر أكثر مواد القانون وضوحاً بشأن الطبيعة العنصرية للقانون، كونه يعطي الدولة الحق بإقامة تجمعات سكانية على أساس عرفي أو ديني، ما يعني منع من هم خارج المجموعة أن يتمكنوا أو يستأجروا منزلاً في هذه التجمعات السكانية، ونتيجة المداولات والمشاورات تمت إعادة صياغة هذا البند إلاّ أنّه احتفظ من الناحية الصياغية تمضونه العنصري الذي يسمح للدولة لإنشاء قرى منفصلة على أساس عرقي وديني وقومي.

التعديل المشار إليه يتمحور حول الاستيطان باعتبار تطوره قيمة وطنية ستعمل الدول العبرية على تشجيع قيامها وترسيخها وهذا لا يمكن ترجمته إلا باعتباره واجباً وطنياً ولم يعد الاستيطان وفقاً لهذا القانون، أمراً يمكن النظر فيه بل أمراً يتوجب تنفيذه، وهذا يعيدنا إلى أخطر هذه الترجمات للقانون، والمتعلقة بالخطط الإسرائيلية الرامية لضم الضفة الغربية المحتلة، ووفقاً لقانون، القومية لن تكون هناك أية تخوفات في الأغلبية السكانية الديمغرافية الفلسطينية العربية، ذلك أن القانون يتكفل بمعالجتها من خلال عمليات التهويد والمصادرة وطرد السكان عبر مجموعة من الإجراءات العنصرية والفاشية وهكذا فإن الخطر الماثل أثر المصادقة على القانون يتمحور في ضم الضفة الغربية، في إطار التحولات الإسرائيلية من العنصرية إلى الفاشية.