ليتهم يستقيلون

حجم الخط

يتدارس الأعضاء الفلسطينيون العرب في الكنيست من القائمة الفلسطينية العربية المشتركة، تقديم استقالة جماعية من الكنيست بعد أيام قليلة من استقالة العضو زهير بهلول احتجاجاً على «قانون القومية» العنصري. إن قضية استقالتهم هي جزء من الجدل مؤخراً بين أهلنا في فلسطين المحتلة وأحزابهم. علماً بأن أول دخول للفلسطينيين في المؤسسة التشريعية لدولة الكيان كان من خلال الحزب الشيوعي «الإسرائيلي» الذي حرص على تسمية بعض أعضائه من الفلسطينيين في قوائمه الانتخابية الدورية.

بالتالي يصبح السؤال: ما الفائدة إذاً من هذا التمثيل؟ وخاصة بعد سنّ قانون القومية وقوننة العنصرية في دويلة الكيان ووضع اللغة العربية في مكانة تالية بعد أن كانت لغة رسمية. إن أضعف أشكال الاحتجاج على سن 142 قانوناً عنصرياً على مدى العامين الأخيرين يجب أن يكون استقالة النواب الفلسطينيين العرب من هذه المؤسسة التشريعية العنصرية.

تستفيد دويلة الاحتلال أيّما استفادة من التمثيل الفلسطيني العربي في الكنيست فهي تزيّن به وجهها القبيح وما تدّعيه من «ديمقراطية»! لكنها ماضية في كل خططها وجرائمها وموبقاتها وعنصريتها وعدوانيتها. فهل حسبت دويلة الاحتلال أي حساب لوجود تمثيل للحزب الشيوعي أو للأحزاب العربية أو للقائمة الفلسطينية العربية في الكنيست؟.

اللعبة التي يتقنها الكيان جيداً: اقتراف المذابح وممارسة التطهير العرقي وتهجير الفلسطينيين، وممارسة أبشع أشكال التمييز العنصري ضدّهم، والسماح لهم في آن معاً بالترشح وممارسة التصويت في انتخابات الكنيست. يذهب ساعتها إلى العالم بالمظهر الأخير ليقول: إنه دولة «ديمقراطية»! يعيش الفلسطينيون العرب فيها على قدم المساواة مع اليهود، فيما تشير قوانين الأساس (التي هي بديل للدستور) على أنها «دولة يهودية»، وتمت قوننة ذلك بسن قانون القومية. «يهودية الدولة» أكدته «إسرائيل» في إعلان ما يسمى ب «استقلالها» عام 1948 وصادق عليه الكنيست في أعوام تالية، وما أكّدته حكومة مناحم بيجن في عام 1977 من خلال ما أسمته ب «بتحصين الطابع اليهودي للدولة».

دويلة الاحتلال طلبت ولا تزال من دول العالم ومن الدول العربية والفلسطينيين الاعتراف ب «يهوديتها» وجعلت من ذلك شرطاً للتسوية. أما غرض القضاء «الإسرائيلي» في بعض الأحيان (عندما يتم منع أحد الفلسطينيين العرب من الترشح للكنيست) بالسماح لهذا المرشح العربي أو ذاك بالترشح، بالرغم من قرار المنع الحكومي له، فهو إجراء شكلي يحرص عليه القضاء. الذي يتهم زوراً ب (العادل). علينا ألاّ ننسى أن هذا القضاء سبق وأن برّأ قتلة الناشطة الأمريكية راشيل كوري من قبل جنود الاحتلال عن سابق إصرار وتعمد عن طريق جرافة. وكانت كوري تحاول منعها من هدم بيت فلسطيني. إنّه نفس القضاء الذي أباح تعذيب الأسرى الفلسطينيين على أيدي المخابرات. إنه نفس القضاء الذي حكم على الضابط المسؤول (شيدمي) عن مجزرة دير ياسين بقرش واحد. ونفس القضاء الذي يبرّئ قتلة الفلسطينيين من مستوطنين وعصابات القتل اليهودية وجيش الاحتلال «الإسرائيلي». إنه نفس القضاء الذي يبيح للجيش مصادرة الأرض الفلسطينية وهدم البيوت والذي هو باعتراف مركز العدالة (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في «إسرائيل») وبعض مراكز حقوق الإنسان الأخرى في الكيان يمارس تمييزاً عنصرياً في الأحكام بين اليهود والفلسطينيين الذين يتوجهون إليه.. ثم يحرص على السماح للعربي الممنوع بقرار من الحكومة بالمضي في خوض الانتخابات.

ورغم وجود النواب الفلسطينيين العرب في الكنيست؛ فقد سنّ الأخير كل القوانين العنصرية التي يريدها. معروف أن القانون الأساسي لا يسمح لحزب عربي بخوض المعركة الانتخابية للكنيست إذا كان برنامجه السياسي لا يعترف بكون «إسرائيل» دولة الشعب اليهودي.. فبالله عليكم ماذا تستفيد جماهيرنا من وجودكم في هيئة تشريعية يهودية عنصرية؟

أما آن الأوان لاستقالتكم؟.