الشعبية في الجزائر تحيي ذكرى انطلاقتها بحضور جزائري وفلسطيني لافت

حجم الخط

أحيت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مساء السبت الماضي في صالة منظمة الشبيبة الفلسطينية بالعاصمة الجزائرية ذكرى مرور واحد وخمسون عاماً على انطلاقتها، بحضور شخصيات وأحزاب جزائرية وفلسطينية أبرزها حزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) وحزب العمال، ووفد من السفارة الفلسطينية والعديد من الفلسطينيين العاملين بالجزائر.

وألقيت في المناسبة عدة كلمات، حيث ألقى الرفيق صلاح محمد ممثل الجبهة في الجزائر كلمة الجبهة، كما ألقيت العديد من الكلمات لنائب السفير الفلسطيني، والدكتور محمد التين رئيس مجلس إدارة الجاحظية الثقافية، وبحضور رفيقين قياديين من حزب العمال.

وقدم الجميع التهاني بهذه المناسبة، مشيدين بالدور النضالي والتاريخي للجبهة في الحقل الوطني النضالي الفلسطيني.

واستهل الرفيق محمد كلمته باستعراض وقع القضية الفلسطينية والتي تمر بمرحلة دقيقة في ظل محاولات الانقضاض على الأهداف الوطنية لشعبنا، مشيراً أن ضعف العالم الفلسطيني بفعل تداعيات الانقسام شجع الثنائي الأمريكي الصهيوني في الشروع بهذا المخطط الجديد، إضافة إلى اعتماده بشكل واضح على بعض الأدوات العربية وتحديداً من بعض الأنظمة العربية التي سعت ولازالت تسعى للتخلص من القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا كاستجابة لشروط تبعيتها للسياسة الامريكية ومن اجل تعزيز علاقاتها بالكيان الصهيوني التي بدأت تجاهر بها علانية.

وشدد محمد بأن العامل الذاتي هو الأساس في التصدي لتلك المشاريع،  لأنه هو المستهدف كرافعة للأهداف الوطنية التحررية، لافتاً أن الدعوة لتحقيق الوحدة الوطنية على أسس سياسية تكون الحلقة المركزية كشرط للصمود و لمواجهة المخطط و الاستمرار في النضال التحرري ضد الكيان الصهيوني على طريق إنجاز الأهداف الوطنية.

وأضاف بأن تحقيق هذا الهدف الفلسطيني المحوري هو المهمة الأولى للداخل الفلسطيني في سياق النضال بكل أشكاله وفي مقدمته الكفاح المسلح، مؤكداً أنه لم يعد مقبولاً الاستمرار في حالة الانقسام طالما أن العنوان الرئيسي ضمن مهام جميع القوى هو مواصلة النضال ضد هذا الكيان لتحقيق أهدافنا المرحلية على طريق الأهداف النهائية لشعبنا وحقه في وطنه فلسطين التاريخية .

وشدد محمد على أن ممارسة كافة الأشكال النضالية هو حق ومطلب تفرضه العوامل المحيطة بقضيتنا، على أن يبقى واضحاً أن الكفاح المسلح هو الطريق الرئيسي للتحرير، لكنه بطبيعة الحال لابد وأن يخضع للاتفاق الداخلي وهو عامل متوفر لدى غالبية القوى الفلسطينية،  كما أنه يتأثر بالعوامل المحيطة،  لكن مهمة العامل الذاتي تكمن في الاتفاق على كيفية التعاطي مع تلك العوامل، بوجهة الاستمرار في هذه المهمة، وفي الإطار الوطني أيضاً.

وتساءل محمد: " ماذا ننتظر حتى يصار لتحقيق الوحدة الوطنية الملحة هل بالمزيد من التراشق الإعلامي و تسجيل النقاط لصالح هذا أو ذاك، ومن المستفيد من ذلك سوى العدو الصهيوني و مستوطنيه الذي بات يصعد من وتيرة قمعه،  قبل أربعة أيام أصدر الكنيست في 18/12/2018 قرارا بترحيل أُسر منفذي العمليات و لم يكتفي بهدم البيوت، بل شدد من الحصار و الإغلاق لمناطق الضفة بمدنها و قراها . إنها الاستراتيجية الصهيونية في القتل و الإرهاب اتجاه شعبنا و رغم الألم و المعاناة، ماذا كان جواب شعبنا، كيف واجه هذه القرارات و غيرها من القرارات الدموية، إنه الصمود الشعبي الفلسطيني الذي يصعب قهره، وحتما سوف يفشلها عبر تمسكه بالمقاومة و بحقوقه و ثوابته الوطنية، ماذا كان الموقف الشعبي الفلسطيني من العائلات الفلسطينية المناضلة التي قام الاحتلال بهدم منازلها في الأيام الأخيرة، إن احتضانه لها هو تحدي لقرارات الاحتلال الصهيوني و لأساليبه، و تعبير عن صلابته، و إيمانه الواعي بالمقاومة و إفشاله لهدف العدو لمحاولة قتل فكرة المقاومة من داخله".

وأضاف محمد قائلاً: " وضمن هذا المنحى من الصمود لأبناء شعبنا، ماذا كان جواب سكان قرية العراقيب في النقب المحتل عام 1948 بعد أن قامت جرافات العدو بهدم هذه القرية صباح يوم الخميس الفائت 20/12/2018 للمرة 137 بمرافقة قوات كبيرة من الشرطة الصهيونية، و تشريد الأهالي في العراء وسط أجواء ماطرة و عاصفة،  مع ذلك أكد أبناء شعبنا في هذه القرية تمسكهم بالأرض و عدم التسليم للاحتلال".

وحول التطبيع، أشار محمد إلى نجاح الاحتلال في اختراق بعض العواصم العربية، ونجاحه مؤخراً في جلب سبعة من الصحافيين العرب لزيارته يوم الأربعاء 19/12/2018 من العاصمة الفرنسية، كمحاولة لإضفاء الشرعية على وجوده فوق أرضنا، مؤكداً أن هذه الفئة لم ولن  تمثل شعوبنا العربية التي تقف دوما بجانب النضال التحرري العادل لشعبنا، ورغم ما يحدثه هذا المشهد من ألم.

وطالب محمد بضرورة دعم تيار المقاطعة عربياً و دولياً ورفض منحى التطبيع التي تسلكه بعض المؤسسات العربية الرسمية و دولة البحرين كمثال على ذلك،  وغيرها بطبيعة الحال من ذات المحور الرجعي .

وحمّل محمد الوضع الفلسطيني المسؤولية الخاصة اتجاه ما  يحصل، وبالذات بسبب حالة الضعف المتصلة بتداعيات الانقسام، وعدم الاستدارة نحو منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها في زاوية تفعيلها بالإصلاح الديمقراطي الشامل.. لتضم كل أبنائها في مختلف التيارات الكفاحية، عبر الوصول إلى محطة الانتخابات على أساس التمثيل النسبي الكامل، ومغادرة المراهنة على الخيار السياسي الذي يعتمد على المفاوضات مع العدو كخيار وحيد، الذي استمر اكثر من عقدين، استثمرها العدو لصالحه في بناء المستوطنات وتهويد القدس بالإعتقالات والاغتيالات لأبناء شعبنا.

وتابع محمد قائلاً: " لقد عقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية ثلاث دورات في هذا العام 2018 "دورات 28/29/30" وعقد المجلس الوطني دورته رقم 23 أيضا في هذا العام، وبغض النظر عن رأينا في هذه الدورة للمجلس الوطني، ودورة المجلس المركزي الأخيرة مع العديد من قوي منظمة التحرير إلا أن ما اتخذ من قرارات لم يتم تنفيذها، وبالذات تلك المتعلقة بالتنسيق الامني وها هو المناضل مروان البرغوثي قد وصف التنسيق الأمني بأنه حراسة للإحتلال، بالتالي فإن الوضع يتطلب صياغة استراتيجية وطنية جديدة، وقرارات سياسية تجبر الاحتلال على الاستجابة للمطالب الوطنية، ولما تجرأ الاحتلال على استباحة أراضي ومدن الضفة الفلسطينية، وصولاً الى مطلب تحرير الاقتصاد الفلسطيني من التبعية للاحتلال لأن ذلك له انعكاسات سياسية، وهذا لن يتم إلا بالخروج من عباءة أوسلو وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال بشكل واضح، نعلم جيدا صعوبة الوضع الفلسطيني لكن ليس أمامنا من خيارات لإنتزاع حقوق شعبنا إلا هذا الخيار المستند على المقاومة بكل أشكالها".

كما انتقد طبيعة مواقف العديد من المؤسسات الرسمية العربية التي وفرت لنفسها الفرصة للإفلات من التزامها نحو القضية الفلسطينية بل واندفاعها نحو التطبيع والتسويق لصفقة القرن خدمة للسياسة الأمريكية الصهيونية لخلق عداءات وهمية وتغذيتها مالياً وفكرياً في إطار إزاحة العداء المركزي للعدو الصهيوني، وإحلال العداءات الوهمية مكانه، وذهبت الدول الخليجية للاستقواء بالثنائي الأمريكي الصهيوني على شعوب المنطقة ومحاولة بناء تحالف رجعي صهيوني بهدف فرض أجندة هذا العدو على المنطقة والانقضاض على ثوابت شعبنا ولضرب محور المقاومة.

واستدرك محمد مؤكداً أن إرادة شعوبنا وقواها سوف تفشل أيضا أهداف هذا التحرك الجديد، لافتاً أن الإدارة الأمريكية قد اتخذت قرارها بسحب قواها من سوريا وهو أمر ما كان ليحصل لولا صمود سوريا ومحور المقاومة، وأن استمرار هذا الصمود والمقاومة بالتأكيد سوف يفشل أية مناورات سياسية للإدارة الأمريكية قد تعقب هذا الإنسحاب.

واعتبر محمد بأن الصراع مع المخطط المعادي ينتقل من حلقة إلى أخرى، لكنها مترابطة بالوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة تلك الحلقات ودعم صمود شعبنا وسوف نحقق أهدافنا، مسجلاً التقدير العالي للدولة الجزائرية ولرئيسها ولشعبها ومؤسساتها وقواها الوطنية على ما تقدمه الدولة الجزائرية من دعم مادي وسياسي لنضال شعبنا، مشيراً أن هذا الموقف مدعوما بالممارسة، ودعم كافة حلفاء شعبنا لهذه المسيرة التحريرية يؤكد للجميع أننا لسنا وحدنا في مواجهة هذا المخطط وفي خوض هذا الاشتباك مع العدو الصهيوني، فدائرة أنصار القضايا العادلة التي تنتج مفاعيلها دوما، تتعزز، وها هو شعبنا بصموده وصبره وباحتضانه لأبنائه المقاومين.. كل ذلك يوفر عوامل تحقيق الأهداف الوطنية

وختم محمد قائلاً: " تحية للجزائر ورئيسها وشعبها ولقواها، والنصر حتماً حليف الشعوب المناضلة على طريق انتزاع حريتها وحقوقها الوطنية".