الاحتلال اعتقل 446 فلسطينيًا بينهم 63 طفلاً و16 سيدة خلال أكتوبر الماضي

اعتقالات 225
حجم الخط

قالت مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان، اليوم الخميس، إنّ "قوات الاحتلال الإسرائيلي واصلت عمليات الاعتقال بحق الفلسطينيين، حيث وصل عدد المعتقلين خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي 446 مواطنًا، من الأرض الفلسطينية المحتلة، من بينهم 63 طفلاً، و16 سيدة".

وأوضحت المؤسسات وهي "هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين، ونادي الأسير، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز معلومات وادي حلوة– سلوان"، في تقريرٍ مشترك صدر عنها، إلى أنّ "سلطات الاحتلال اعتقلت 200 مواطن من القدس ، و34 من رام الله والبيرة، و70 مواطنًا من الخليل، و34 مواطنًا من جنين"، لافتةً أنّ "الاحتلال اعتقل 37 مواطنًا من بيت لحم، و27 من نابلس، و10 مواطنين من طولكرم، و17 مواطنًا من قلقيلية، ومواطنين من أريحا، و8 مواطنين من طوباس، ومواطنين من سلفيت، إضافة إلى 5 مواطنين من قطاع غزة".

وبيّنت المؤسسات أنّ "عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر، بلغ 4500 أسير، بينهم 40 أسيرة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال 170، والإداريين 370، فيما بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة 68 أمر اعتقال إداري، من بينها 38 أمرًا جديدًا، و30 أمر تمديد".

كما رصدت المؤسسات في تقريرها "أهم سياسات الاحتلال التي نفذها بحق الأسرى والمعتقلين خلال تشرين الأول/ أكتوبر، أبرزها العزل الانفرادي، واستمرار عمليات الاعتقال الممنهجة خاصة في القدس، وحرمان المئات من الأسرى من الزيارة".

سياسة العزل الانفرادي

قالت إنّ "الاحتلال يستمر بقوّاته ونظامه القمعيّ من إلحاق الأذى والضرر الجسدي والنفسيّ بالأسرى داخل السجون، بداية بالإبقاء على 4500 أسير وأسيرة داخل السجون، واستخدام سياسة العزل الانفرادي الممنهج بحق عدد منهم، وحرمانهم من التواصل مع بقية الأسرى داخل السجن، وفصلهم عن العالم الخارجي خاصة قرار حرمان عائلاتهم من زيارتهم، واستخدمت إدارة سجون الاحتلال العزل الانفرادي، كأداة تنكيل وعقاب بحق الأسرى تحت ذريعة "إخلالهم بأمن السجن أو أمن الدولة"، وإبقائهم في زنازين منفردة لمدّة طويلة ومفتوحة، في محاولة لكسر عزيمتهم وإبعادهم عن زملائهم من الأسرى".

وتابعت: "وبعد الإضراب الذي خاضه الأسرى عام 2012، واستمر لـ28 يومًا، كان أحد أبرز نتائجه إنهاء عزل 19 أسيرًا، عادت إدارة سجون الاحتلال لزج عشرات الأسرى بذرائع "أمنية" في العزل الانفرادي، واحتجزتهم داخل زنازين صغيرة، يبقى الأسير فيها من أكثر من 22 ساعة بشكل متواصل، مع انقطاع تام عن العالم الخارجي، وساعة واحدة فقط مخصصة للخروج إلى الفورة (ساحة السجن) يوميًا، ويصدر قرار العزل ومدته، عن محكمة مدنية، يُعرض عليها الأسير أو المعتقل، دون تمثيل قانوني من طرفه، وبطلب من جهاز المخابرات الإسرائيلي "الشاباك"، بحجة وجود ملفٍ سريّ، ويسمح القانون لمحاكم الاحتلال بإصدار قرار يقضي بوضع المعتقل/ الأسير في العزل لمدة 6 أشهر في غرفة واحدة، و12 شهرًا في غرفة مشتركة".

الأسير وائل الجاغوب

نقل الأسير وائل الجاغوب لمحامي مؤسسة الضمير تفاصيل عزله في سجن "مجدو"، حيث يعيش 22 ساعة في زنزانة لا تتجاوز مساحتها 2*3 متر، فيها حمام وتلفاز، ويخرجُ للفورة من ساعة إلى ساعتين يوميًا، ولا يسمح لعائلته بزيارته أو مهاتفته للاطمئنان عليه.

الجاغوب (41 عامًا) محكوم بالسّجن المؤبد، اعتقل عام 2001، وفي 28 حزيران/ يونيو الماضي، نقلته إدارة سجون الاحتلال من سجن "جلبوع" إلى عزل "مجدو"، وبقي فيه 20 يومًا في ظروف قاسية، ثم نُقل لمركز تحقيق "الجلمة" لمدة 24 يومًا، وبقرار من جهاز المخابرات "الشاباك"، أعيد بعدها إلى العزل الانفرادي أواخر آب/ أغسطس الماضي.

الأسير عماد البطران

تواصل إدارة سجون الاحتلال عزل الأسير عماد البطران (44 عامًا) في سجن "مجدو"، منذ 3 مارس/ آذار الماضي.

والأسير البطران من الخليل معتقل إداري، اعتقل منذ 27 كانون الثاني/ يناير، وهو أسير سابق أمضى في الأسر 10 سنوات ونصف السنة، منها 9 سنوات ونصف في الاعتقال الإداري، ونفذ عام 2013 إضرابًا فرديًا عن الطعام استمر لمدة 105 أيام، وإضرابًا آخر عام 2016 واستمر لمدة 35 يومًا، وذلك رفضًا لاعتقاله الإداري.

ويُعاني البطران من مشاكل في المعدة، ودهنيات في الدم، وأكياس دهنية في الجلد منذ 5 أشهر، لكن إدارة سجون الاحتلال، تماطل في إجراء الفحوصات الطبيّة له حتى اليوم.

ويُعاني أسرى آخرون في العزل كما يعاني الجاغوب والبطران من الظروف السيئة، التي تفرضها إدارة السجون، عدا عن أن الطعام المُقدّم سيئ كما ونوعا، والاستمرار في تنفيذ عمليات تفتيش متكررة لأسرى عزل في زنازين انفرادية.

ومنذ انتشار فيروس "كورونا"، تحول العزل الانفرادي إلى عزل مضاعف، جراء عدم انتظام زيارات المحامين للأسرى وصعوبتها، وهي الوسيلة الوحيدة التي من خلالها يمكنهم التواصل مع عائلاتهم، بحسب التقرير.

يُشار إلى أنه عام 2011، دعا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة خوان منيديز، جميع البلدان إلى حظر الحبس الانفرادي للسجناء إلا في ظروف استثنائية للغاية ولأقصر فترة ممكنة.

ويمكن القول بأن الطريقة التي تنتهج فيها سلطات الاحتلال، استخدام أسلوب العزل مع المعتقلين الفلسطينيين تنتهك الحقوق المكفولة في اتفاقية جنيف الرابعة، إضافة إلى انتهاكها الصارخ لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء "قواعد مانديلا".

ويُشار إلى أنّ تعليق اللجنة المعنيّة بحقوق الإنسان رقم 7 على المادة 7 من العهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنية والحقوق السياسيّة، أكَّد أنّ الحبس الانفراديّ، لا سيما عندما يوضع المعتقل في عزلة تامة عن الآخرين، من أساليب المعاملة اللاإنسانيّة والحاطة بالكرامة المحظورة بمقتضى المادة ذاتها.

ورغم ذلك، تواصل سلطات الاحتلال الصهيوني عزل 12 أسيرًا داخل زنازين العزل الانفرادي.

القدس تواصل مواجهتها لحملات الاعتقال والتنكيل الممنهجة

كما لفت التقرير إلى أنّ سلطات الاحتلال صعّدت من حملة الاعتقالات في مدينة القدس المحتلة خلال تشرين الأول/ أكتوبر، حيث سُجلت 200 حالة اعتقال، بينها 45 قاصرًا، و15 سيدة.

وتركزت عمليات الاعتقال في بلدة العيسوية حيث بلغت حالات الاعتقال 90 حالة، حيث تتواصل حملة "الاعتداءات والعقاب الجماعي" منذ أكثر من عام، وكذلك المداهمات اليومية، وتنفيذ الاعتقالات وتسليم الاستدعاءات لأهالي البلدة"، لتصل بذلك حالات الاعتقال في العيسوية لأكثر من 1100 حالة منذ حزيران العام الماضي حتى نهاية تشرين الأول الماضي.

وتعمّدت سلطات الاحتلال خلال الاعتقال وضع الكمامة "التي يضعها الأسرى للوقاية من فيروس "كورونا" على أعينهم خلال احتجازهم داخل مركبات الشرطة، وخلال تواجدهم في مراكز التوقيف، وواصلت ملاحقة الأسرى المحررين فور الإفراج عنهم من سجون الاحتلال.

واعتقلت سلطات الاحتلال الأسير المحرر عرين زعانين فور الإفراج عنه من سجن "نفحة"، بعد أن أمضى محكوميته البالغة 5 أشهر، وأفرجت عنه بعد ساعات بشرط الإبعاد عن مدينة القدس لمدة 10 أيام، كما اعتقلت الأسير المحرر عدي عبيد ووالده من بلدة العيسوية، في يوم الإفراج عنه بعد أن أمضى محكوميته البالغة 15 شهرًا، بعد دقائق من وصوله البلدة، وأفرجت عنه بعد عدة ساعات من التحقيق.

عائلة البشيتي نموذجًا

في القدس القديمة، وتحديدًا عند باب المجلس أحد أبواب المسجد الأقصى، تعيش عائلة البشيتي، التي تُعاني بشكلٍ شبه يومي من سياسات الاحتلال، الذي يقتحم منزلها ويفتشه ويخرب محتوياته، ويعتقل أبنائها الثلاثة ويعتدي عليهم ويفرض الكفالات المالية أو الحبس المنزلي عليهم، وآخر هذه الملاحقات الشهر الماضي باعتقال نجلها الأكبر هشام من بلدة العيسوية من قبل وحدة المستعربين بعد تعرضه للضرب، حيث جرى تحويله مباشرة لزنازين.

وتتواصل حتى اليوم جلسات التمديد له، وكذلك اعتقال نجليها حاتم وعبد الرحمن والإفراج عنهما بشرط الإبعاد عن القدس القديمة والحبس المنزلي.

وقالت عائلة البشيتي إنّ اقتحامات منزلها لا تتوقف، "ففي أي حدث في المنطقة يتم اقتحام المنزل ويعتقل الأولاد ويتعرضون للضرب، ويفرج عنهم في ذات اليوم أو بعد يوم، بشرط دفع كفالات مالية، وحتى عندما يخرج أفراد العائلة على سطح منزلهم المقابل لساحات الأقصى يكونون معرضين لاقتحام منزلهم لفحص الأمر".

واشتكى الشقيقان عبد الرحمن وحاتم من استفزاز الشرطة لهما باستمرار خلال تواجدهما أمام منزلهما برفقة أصدقائهما وتوقيفهما واعتقالهما، وأشار الفتى حاتم إلى أن الاعتقالات المتكررة العام الماضي أدت إلى خسارته سنته الدراسية.

أما الفتى عبد الرحمن (16 عامًا)، فمعاناته مضاعفة بين الاعتقالات والحبس المنزلي كونه مصابًا بمرض السكري.

وأوضحت العائلة أنه اعتقل مرات عدة لمجرد الاشتباه بـ"جهاز فحص السكري معه"، رغم محاولته إخبارهم عن الجهاز وضرورته، إضافة لحرمانه من تناول الطعام والدواء في الوقت المناسب خلال التحقيق والاحتجاز.

الاحتلال يواصل ملاحقة أطفال القدس ومحاكمتهم

أصدر قاضي محكمة الاحتلال، نهاية تشرين الأول، حُكمًا بالسّجن الفعلي لمدة عامين، ودفع غرامة مالية على الطفل أشرف حسن عدوان (13 عامًا)، من بلدة العيزرية شرق القدس، بتهمة "محاولة طعن مجندة" على أبواب الأقصى بتاريخ 26 أيلول/ سبتمبر العام الماضي.

وقرَّر القاضي خلال جلسة منعقدة في 28 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن يقضي مدة حُكمه داخل "مؤسسة يركا الداخلية"، "تُحسب من تاريخ إصدار الحكم"، وبالتالي يكون حكمه 3 سنوات "منذ تاريخ اعتقاله"، ودفع غرامة مالية قيمتها 5 آلاف شيقل.

واعتقل الطفل عدوان قبل عام من المسجد الأقصى، وبعد التحقيق وجلسات التمديد حوّل إلى مؤسسة "يركا" الداخلية، وخلال الأشهر الماضية تمكنت والدته من زيارته مرة واحدة داخل المؤسسة، حيث تحمل الوالدة هوية الضفة وبحاجة لتصريح لدخول القدس.

وتشكّل ما تسمى "بالمؤسسات الداخلية" وسيلة أخرى بما فيها من ظروف صعبة وقاسية على الأطفال، للتنكيل بأطفال القدس، وترسيخ سياسة اعتقال الأطفال الممنهجة.

وفاء أبو جمعة نموذج على ملاحقة الاحتلال للنساء والمرضى

وضمن عمليات الملاحقة وإجراءات التنكيل التي تفرض على المقدسيين، ومنها الحكم بما يعرف "بخدمة الجمهور" وهو العمل المجاني الإجباري لمدة 8 ساعات يوميا داخل المؤسسات "الإسرائيلية"، والذي يكون بمراقبة من ضابط السجون، وفيه لم تستثن النسوة، وكبار السّن، والفتية من هذا الإجراء التنكيلي.

حيث حكمت محكمة الاحتلال على السيدة المقدسية وفاء أبو جمعة (52 عامًا) من بلدة الطور، بـ"خدمة الجمهور" لمدة 8 أشهر بداية، ثم صدر قرار بالحكم عليها بالسّجن الفعلي لمدة ستة أشهر ونصف، بدلاً من "خدمة الجمهور" بعد أن رفضتها المؤسسة بسبب وضعها الصحي الصعب، وقالت أبو جمعة: "الحكم ليس سهلاً فمن ناحية جسدية أنا لا أستطيع العمل في منزلي، فأعاني من مرض السكري والقلب كما تعرضت لحادث ووضعت البراغي في يدي، أما هذا الحكم فهو مدمر للنفسية".

يُشار إلى أن ملاحقة الاحتلال للسيدة أبو جمعة بدأت منذ عام 2015، وتعرّضت للاعتقال 3 مرات بتهم مختلفة منها "التحريض على وسائل التواصل الاجتماعي، وتهديد المستوطنين والاعتداء عليهم".

كورونا" وسيلة عقابية تعمق ألم الحرمان من الزيارات لذوي أسرى غزة

تعتبر زيارات ذوي الأسرى لأبنائهم حقًا مشروعًا ومكفولاً وفقًا لكافة الأعراف والمواثيق الدولية، وفي حال توقفها لأسباب طارئة، كما في حالة انتشار فيروس "كورونا"، فمن الطبيعي إيجاد بدائل للاتصال والتواصل الإنساني فيما بين المعتقلين وعوائلهم، لا سيما الأسرى الممنوعين من زيارات الأهل منذ سنوات طوال.

ويُعاني أسرى غزة والبالغ عددهم 255 أسيرًا وذووهم على وجه التحديد، معاناة مضاعفة جراء استمرار توقف الزيارات وانقطاع آليات التواصل بينهم وبين أبنائهم المعتقلين، منذ بدء أزمة "كورونا" في آذار/ مارس الماضي، إذ لم يسمح لهم بالزيارات مطلقًا، أو حتى الاتصالات الهاتفية.

ومن خلال المتابعة والاطلاع، لوحظ أن إدارة سجون الاحتلال، تستغل جائحة "كورونا" كوسيلة للعقاب وحرمان الأسرى من التواصل مع ذويهم سواء عبر الزيارات، أو من خلال البدائل الممكنة كالاتصالات الهاتفية.

الأسير باسل عريف

تعتبر حالة الأسير باسل عماد عريف (38 عامًا) من حي الرمال غرب مدينة غزة، والمحكوم بالسّجن المؤبد مدى الحياة، من أقسى حالات الأسرى الذين يتعرضون للحرمان من زيارات الأهل، إذ لم ير والده منذ اعتقاله قبل 20 عامًا، بذريعة "المنع الأمني"، كما تستغل هذه الجائحة، لمنعه من إجراء أي مكالمة هاتفية مهما كانت قصيرة، وحتى لدقائق معدودة مع ذويه.

إن حالة الأسير باسل عريف ووالده، هي واحدة من عشرات الحالات القاسية بين صفوف أسرى غزة، الأمر الذي يدفعنا لتجديد مطالبتنا لمنظمة الصليب الأحمر وكافة المنظمات الإنسانية، بضرورة التدخل العاجل والضغط على سلطات الاحتلال من أجل إيجاد آليات للتواصل الإنساني بين أسرى غزة خاصة، والأسرى عامة، في ظل استمرار توقف الزيارات بذريعة "كورونا".

وفي ختام تقريرها، جدَّدت مؤسسات الأسرى دعوتها "لكافة المؤسسات الحقوقية الدولية، بالضغط الجدي على الاحتلال، خاصة في الظرف الراهن، ومع استمرار انتشار الفيروس، من أجل الإفراج عن الأسرى المرضى وكبار السّن، والسماح بوجود لجنة طبية محايدة لمتابعة الأسرى صحيًا، وتوفير وسيلة اتصال لهم للتواصل مع عائلاتهم، والضغط على الاحتلال لوقف عمليات الاعتقال اليومية، إضافة إلى جملة السياسات التنكيلية الممنهجة، التي تواصل إدارة السجون تنفيذها بحق الأسرى داخل المعتقلات والسجون".