سببها محدودية استيعاب سوق العمل .. تفاقم أزمة الجامعيين العاطلين عن العمل في غزة

صالح النعامي بعد جدال قصير، اضطر أحمد المصري، (24 عاما)، لأن يعود أدراجه بسيارة الأجرة التي يعمل علي
حجم الخط
صالح النعامي بعد جدال قصير، اضطر أحمد المصري، (24 عاما)، لأن يعود أدراجه بسيارة الأجرة التي يعمل عليها لمسافة نصف كيلومتر تقريبا إلى شارع الوحدة، بعد أن كان قد وصل إلى شارع عمر المختار، حتى لا يدخل في نقاش عقيم مع أحد الركاب ادعى أنه اتفق معه على النزول في مكان ما في شارع الوحدة. وآثر أحمد التحلي بالصبر وتضييع سبع دقائق أخرى من وقته وما يترتب عليه أيضا من خسارة في وقود السيارة خاصة في ظل نقص البنزين الذي يعانيه قطاع غزة، لينزل الراكب في المكان الذي ادعى أنه طلب النزول فيه، رغم أن بقية الركاب كانوا متأكدين، كما كان متأكدا، أن هذا الراكب طلب النزول في عمر المختار. هذا السلوك لا يمثل سلوكا نموذجيا لسائقي سيارات الأجرة في مدينة غزة، الذين يصرون على إنزال الركاب في الأماكن التي يتم التوافق عليها مسبقا، لكن أحمد الخريج الجامعي، الذي لم يجد سوى هذه المهنة لكسب الرزق، قال لـ إنه غير قادر على تبني سلوك السائقين الآخرين. وأحمد، هو واحد من آلاف الخريجين الجامعيين في قطاع غزة الذين يضطرون لكسب رزقهم عبر العمل في مهن لا تتوافق مع تخصصاتهم بسبب عدم توافر الوظيفة التي تنسجم مع تخصصه. بكل تأكيد، أحمد هو أفضل حظا من سامي، (26 عاما)، من مدينة رفح، الذي أنهى تعليمه الجامعي من كلية الهندسة، ولم يجد من سبيل سوى العمل في أنفاق التهريب التي تربط قطاع غزة بمصر، حيث يعمل في مجال صيانة عمل خطوط الكهرباء داخل عدد من الأنفاق. وقال سامي إن العمل في الأنفاق هو الوسيلة الوحيدة لتأمين بضع مئات من الدولارات شهريا، لأن الخيار الآخر هو البقاء عاطلا في البيت، في ظل عجز السوق المحلية عن استيعاب المئات من خريجي كليات الهندسة في كل التخصصات. ويعي سامي حجم المخاطر التي ينطوي عليها عمله هذا، لأن الأنفاق تكون في العادة عرضة لعمليات قصف من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تلقي عليها في بعض الأحيان قنابل تزن الواحدة منها طنا، كما أن الأحوال الجوية الماطرة خلال الشتاء تؤدي إلى انهيارات رملية تسهم في انهيار الكثير من الأنفاق، علاوة على إمكانية حدوث الكثير من مظاهر الخلل الفني في عمل الأنفاق، مما يؤدي إلى عمليات احتراق أو اختناق. ومع ذلك، فهو لا يجد بدا سوى العمل في هذا النوع من المهن لعدم وجود بديل. وتتراوح الأعمال التي يمتهنها الخريجون العاطلون بين العمل في الأسواق عبر امتلاك بسطات لبيع الخضار والملابس ومواد التجميل، وحتى العمل في مجال نقل البضائع بواسطة «التك تك». ومما يدلل على حجم مشكلة الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل، تقدّم نحو 26 ألف خريج وخريجة في الآونة الأخيرة للامتحان التحريري للوظائف التدريسية المتوافرة في وزارة التربية والتعليم العالي في كافة التخصصات، علما بأن عدد الوظائف الشاغرة لا يتجاوز 400 وظيفة. ونظرا لتحول أزمة الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل إلى هاجس يقض مضاجع العائلات الغزية، فإن رئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية تحدث عن جهود حكومته لحل المشكلة. وأضاف أن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من خمس سنوات، حرم الكثير من الخريجين الجامعيين من المنافسة على الوظائف العامة والحصول على فرص عمل تتناسب مع شهاداتهم الجامعية. وفي مؤتمر صحافي عقده نهاية الأسبوع الماضي، قال هنية إن أعداد الخريجين في القطاع كبيرة جدا، داعيا إلى: «هبة عربية لمساعدة الإنسان الفلسطيني وتعزيز صموده». وأضاف: «خلال جولاتنا الخارجية مع الأشقاء العرب، تحدثنا عن ضرورة استيعاب أعداد من الخريجين الجامعيين، وكانت هناك وعود إيجابية تحتاج لمتابعة وقرارات تنفيذية من الدول العربية». وأوضح هنية أن العدد الكبير من الخريجيين الجامعيين للعمل يدلل على ارتفاع حجم البطالة بين خريجي وخريجات الجامعات الفلسطينية بغزة.