الكرامة أو الموت

حجم الخط
حسم الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال أمرهم، في ظل سلوك وممارسات إدارات السجون التعسفية بحقهم، حيث أعلنت الحركة الوطنية الأسيرة خوض إضراباً مفتوحاً عن الطعام حتى تحقيق جملة من المطالب الأساسية، وأكدت من خلال لجنة قيادة الإضراب أن هذه المعركة مستمرة وأنهم لن ينحنوا أبداً أمام ذلك الجلاد الفاشي، وأنهم سيحيوا بكرامة أو يموتوا بشرف. فقد لجأت إدارات السجون بالتنسيق مع "الشين بيت" المخابرات الصهيونية إلى تكريس سياسة اللااستقرار لأسرانا البواسل، وتقدم على مجموعة من الممارسات المخططة والممنهجة من بينها سحب قيادات السجون المؤثرة وعزلهم عن باقي الجسم الاعتقالي ظناً أن بهذا العمل ستتحطم إرادة المقاتلين من الأسرى البواسل، أو تكريس سياسة الاغتراب لأسرانا من خلال زجهم بالزنازين الانفرادية تنفيذاً للسياسة القديمة الجديدة التي أرسى ثقافتها وزير الحرب الصهيوني موشى ديان آنذاك حينما قال " سوف نعمل إذا ما قدر للأسرى أن يخرجوا من السجون ألا يخرجوا إلا كالمومياء يكونوا عالة على ذويهم". ولكن أسرانا الذين واجهوا العدو الصهيوني ممثلاً بإدارات سجونه وأجهزته الأمنية المتعددة وبأمعائهم الخاوية فيما يعرف بحرب الإرادات.. مصممون على معركتهم.. وفي داخلهم إرادة المناضل الذي ينتمي إلى أسمى قضية وطنية عادلة، فشّكل ذلك الأسير على مدار تاريخ نضالات الحركة الأسيرة رمزاً وعنواناً من عناوين الحفاظ على الكرامة الوطنية.. فهؤلاء الأسرى هم الذين رفعوا شعاراً قديماً جديداً في مواجهة إرادة العدو " أن نموت واقفين ولن نركع". قالها أبطالنا من داخل السجون "لن نركع لإرادة إدارات سجون العدو الصهيوني التي تمثل إرادة السلب والقتل والقهر... ولن نستجيب لإرادة تكريس سياسة الانهزام ولّي الذراع الوطني إمعاناً بسلب حقوق المناضلين". فنحن سنناضل ونقاتل وستبقى رايتنا الثقافية متجذرة بعمق الأرض ثابتة كجبال جرزيم والخليل. فالقائد الحقيقي هو الذي يكون بمثابة قوة مثَلّ يقتفيه المناضلون نحو النصر، فهو الذي يصنع النصر بصموده بثباته.. إنه يجسد معنى تجسيد إرادة الأسرى الجماعية وهي إرادة تركيم كل مقومات الانتصار وتجميع نقاط مواطن القوة ليكون النصر المؤزر لمن سطروا تاريخهم بدمائنا.. إن رفاق الحكيم وأبو علي مصطفى وأبو غسان لن يكونوا إلا عناوين نضال مركزية وثبات على المبدأ، ومنهم نتعلم مبادئ الفكر الثوري والثقافة الثورية الصلبة وشديدة المراس والناضجةً والمتجذرة في عقول أسرانا البواسل . وهذا يستلزم من الأسرى المحررين أولاً وباقي أبناء شعبنا أن يكونوا جداراً ثانياً استنادياً قوياً ومتيناً يستند إلى روحية العمل الجماعي الوطني عبر استراتيجية عمل متكاملة مستندة إلى مكتب إعلام وهيئة تسعى إلى فض سياسات العدو وتظهير الأساليب الفاشية التي تمارس على أسرانا البواسل. إن وصايا شهداء الحركة الأسيرة أمانة في أعناقنا ودين يستوجب الوفاء والدين حق لا يؤجل. وآن الأوان أن تصحح أوضاع الأسرى المحررين الذين إذا ما نظرنا أو اطلعنا على احصائيات تعداد الأسرى المحررين فإنك ستجد هذه الشريحة من أكبر شرائح مجتمعنا الفلسطيني، سيما وأن لهذه الشريحة خصوصية المعرفة الحقيقة لطبيعة المعاناة والظلم والقهر الذي يُمارس على المناضلين المعزولين في السجون والزنازين الانفرادية والذين يُمارس عليهم ليس سياسة الإهمال الطبي فحسب بل سياسة القتل المبرمج، نعم انهم الأسرى من المناضلين الذين اكتووا بنير سطوة الجلاد وأخاديد الزنازين والذين إذا ما لبوا نداء المحرومين من الأسرى المقهورين في سجون الاحتلال فإنك سترى الآلاف المؤلفة لا بل جيش الأسرى، سيما وأنه لا يوجد بيت يخلو من أسير مورس عليه نفس الممارسات التي تمارس بحق أسرانا وهنا يكون اللوم على من ضل الطريق وتناسى قهر المقهورين وخانته الذاكرة. إن المتضامن مع الأسرى والذي يمثل أحد ركائز الجدار الاستنادي لهو يمثل ركيزة ودعامة هامة لصمود أسرانا البواسل، فالدعم المعنوي كما الدماء التي تجدد الضخ فيكون كما الأكسجين الذي يعيد الحياة للمناضل. صحيح أن الجهد التضامني الجماهيري المساند لأسرانا هو جهد رائع ومكمل لأساليب النضال والتي أجمع الجميع أنها أي المقاومة ممثلة بخطف الجنود وانتزاع أسرانا من بين أنياب ذلك العدو الفاشي، لكنه غير كافٍ وليس بالمستوى المطلوب. إن أسرانا البواسل وفي المقدمة منهم الأمين العام أحمد سعدات ورفاقه الذين أطاحت رصاصاتهم رأس الفاشي رحبعام زئيفي ورفاقنا من القدس وفلسطين المحتلة والذين ما زالوا كأخوانهم ورفاقهم في السجون الصهيونية من قضوا ما يزيد عن 25 سنة ولن تهتز عزائمهم رغم سياسات القهر المبرمج كما قيادات شعبنا الذين سطروا اروع ملاحم البطولة والفداء عناويناً ونماذجاً من الصمود والتحدي ممن يحاربون ومتمترسين على بوابات الجبهة المتقدمة من جبهات نضالنا الوطني، إنها جبهة الأمعاء الخاوية التي قهرت وسوف تقهر عناوين الذل والعار من قيادات ومحققي وسجاني وإدارات سجون ذلك العدو النازي فلا نامت أعين الجبناء. ولذلك ومن باب المساندة والدعم والواجب والفرض المفروض علينا قررت أنا ومجموعة من الاسرى المحررين خوض الإضراب المفتوح عن الطعام تضامناً مع أسرانا البواسل في سجون الاحتلال، وأتمنى أن أستمد الصبر والصمود منهم حتى أستمر في إضرابي المفتوح عن الطعام.