بين الفكر النظري والانتفاض الشعبي توصيف البراكسيس في الضفة الفلسطينية ومقومات الجيشان الانتفاضي الحلقات الأولى والثانية والثالثة

حجم الخط

مدخل:

في مؤلفة "المقدمة" أشار بن خلدون مؤسس علم الاجتماع "أن تعميم الجزء على الكل يفضي إلى الخطأ". ومن ناحية الإرث النظري عالج المنظر بليخانوف موضوع الانتفاضة في مجلداته، في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر. أما الثوري الإيطالي لوسو فقد خصص كتاباً غنياً مشتقاً من الانتفاضة الإيطالية في بدايات ثلاثينيات القرن الماضي. وقد دفع المفكر غرامشي ثمناً لهذا النهوض، فأمضى سنوات في السجن وأطلق سراحه ليموت في اليوم التالي، وكان لهذا المؤلف تأثيره في توجيه الانتفاضة الفلسطينية أواخر 1987.

 بات الفكر الثوري علماً وينبغي أن يدرّس كعلم "انجلز" منذ قرن ونصف، وهذا ينسحب على المقولات الكبرى، كالثورة الصناعية أو الديموقراطية الليبرالية أو العولمة أو الموهبة أو القفزة الأكاديمية... فليس كل تحرك شعبي انتفاضة، وليس بضعة مشاغل ومصانع ثورة صناعية، وليس إنشاء حفنة كليات تلقينية قفزة أكاديمية، وليس كل انتخاب، نظام ديمقراطي، وليس كل موقف لماح وذكي، موهبه لا تضارع... فثمة معايير لكل مقولة استخرجت من تجارب ومقاطع تاريخيه كبرى.

صحيح أن الفكر يرتبط بالملموس والخصوصية، ولكن ثمة جوهر، صفه أساس، تحضر في الخصوصية وكل خصوصية، وهذا المشترك هو الجوهر أما الفوارق فهي تندرج في إطار خصائص الملموس، ولولا ذلك لما اعترفت البشرية، بوجود علوم متفق عليها.

 والمشترك الجوهري في كل انتفاضات العالم بنماذجها المتعددة وأشكالها المتنوعة سواء كانت عفوية أو منظمة، محليه أو عامة عنيفة أو سلمية أو كوكتيل، من كل ذلك، أنها (نهوض شعبي عارم)، أي أنها ليست إضرابا وحسب، أو مجموعة ثورية وحسب أو فاعلية وحسب...

قام أرسطو منذ ألفين ومئتي عام وأكثر بتعريف السياسة "أنها إدارة الحاكم للحكم والشعب" ولم يذهب للثورات والانتفاضات، كما لم يكن في زمن ثورة سبارتاكوس التي زعزعت الإمبراطورية الرومانية ولا ثورة الحواجب الحمراء في الصين على أسرة شين، ولا ثورة العبيد التي قادها يونس السوري على الأسياد الرومان في القرن الثاني الميلادي أو الانتفاضة الأثينية التي أسست أول ديمقراطية في القرن الخامس قبل الميلاد... أما في زمن الثورات البرجوازية بطابعها الشعبي في أواخر القرن الثامن عشر(الفرنسية 1789) التي دشنت عهداً تاريخياً جديداً، والعصيان الانتفاضي الذي وحد إيطاليا أواسط القرن التاسع عشر، وتوحيد ألمانيا 1876، فقد خلقت الشروط الاقتصادية – الاجتماعية، للإضافة على المقولة الأثينية ( الديموقراطية هي حكم الشعب)، بأن الديمقراطية (هي التسويات وحل المنازعات) وتشترط بداهة تصادم الإرادات، وهذا دفع لينين بعد عقود واستناداً إلى كومونة باريس 1870 لتعريف السياسة (بأنها الصراع الطبقي والقومي) فهي تعالج قضيتين (المسألة الطبقية والمسألة القومية)، وشأن بليخانوف وماركس وسواهما نظّر للانتفاضة والثورة كركن ركين في النظريات الاشتراكية.

قبل سنوات اتصلت بي صحافية (لعقد ندوة ثلاثية مع فلان وعلان) سألتها حول ماذا؟ أجابت الانتفاضة. أردفت: كفهم نظري؟ قالت: الانتفاضة المشتعلة في الضفة. قلت : هذه تظاهرات محلية متباعدة، وليست انتفاضة، وربما أن الضيفين الآخرين، قادا انتفاضاً أو لديهما باع طويل في المسألة الفكرية، أما بالنسبة لي، فأعتذر عن المشاركة.

بداهة أدرك أن المسائل السيسيولوجية ملتبسة وأقل وضوحاً بخلاف العلوم الطبيعية، إلى درجة أن تقوم المثقفة الفرنسية كلوكهون بإحصاء 167 تعريفا للثقافة، وما أنطلق منه ليس الترف والسفسطة، وإنما ضرورة استخراج معيار جوهري للاتكاء عليه لاشتقاق متطلبات دفع العربة للأمام، وبذلك يرتبط الفهم بالممارسة والفكر بالسياسة، والانتقال من طور إلى طور أعلى، فلا تتكرر مأساة كومونة باريس، ولا حركة السترات الصفراء  في فرنسا التي استمرت في الشارع نحو عام، ولا النتائج السياسية للانتفاضة المصرية الأعظم في التاريخ من ناحية، اتساع المشاركة الشعبية التي بلغت 6 مليون في أيام الجمع... ولا نهج إحلال الطلائع الجذرية اليسارية محل الجماهير في أمريكا اللاتينية في ستينيات القرن الماضي، فكانت صرخة عظيمة، ولكنها أبيدت.

ما أن تحرر هوتشي منة من السجن الصيني الإمبراطوري التحق بغابات فيتنام، فاقترح عليه رفاقه (الاستيلاء على ولاية) أجاب (نتبع التكتيك الذكي الذي يسمح لنا بإنهاض عموم فيتنام).

في العلم النظري أو المرجعيات الفكرية

لقد عرفت المسيرة الفلسطينية كل أشكال النضال، من البيان والعريضة والنشرة والنشاط الإعلامي وإصدار الكتاب والبحث، مروراً بالكفاح المسلح وحرب المواقع، عرجاً على الإضراب والتظاهر والعنف الشعبي والانتفاض، وصولاً إلى المفاوضات والعمل الديبلوماسي والخيار التسووي وما بينها (عالجت ذلك في مقالتي هل ثمة نموذجاً نظرياً للنضال الفلسطيني)؟

بما ارتبط بذلك من تحقيب وتداخل بين الأشكال، والقوى التحررية الفلسطينية سواء كانت "يمينية" أو "يسارية"، إنما انخرطت في صنع هذه المسيرة، والرموز اليسارية الأكثر عمقاً لفتت الأنظار مبكراً إلى (أن الماركسية تقر مختلف أشكال النضال، فهي لا تخترع الأشكال ولا تضع صيغاً تجريدية ولا تصدر بحقها سلفاً مراسيم مباركة أو حرمان، ولكنها تعمقها من التجربة وتنظمها وتعطيها التعبير الواعي. في أ+ب الممارسة تتوالد أشكال جديدة متنوعة في أساليب الدفاع والهجوم وتتصاعد مع نمو الحركة النضالية الجماهيرية وتطور الوعي الطبقي لدى الجماهير) لينين و (أن الماركسية تتطلب منا تفحص تاريخي كامل لمسألة أشكال النضال، إذ أن معالجة هذه المسألة بعيداً عن الوضع التاريخي الملموس، يعني اخفاقاً في فهم جوهر المادية الديالكتيكية وأنه دون إجراء بحث تفصيلي ملموس في مرحلة معينة من مراحل النضال  يعني هجر الموقف الماركسي هجراً كاملاً) لينين – حرب الغوار . الشيء الذي (يفترض من الطليعة الثورية أن تنتبه إلى ولادة هذه الأشكال الجديدة وتعميمها وتنظيمها وقيادتها) ماركس، وأن (الحرب الثورية هي حرب الجماهير) ماو، والمثل الصيني الذي لطالما استخدمه هو (وترّ القوس ودعه ينطلق) و (رحلة آلف ميل تبدأ بخطوة واحدة) شريطة السير على الدرب الصائب (إذ ما فائدة الركض على الطريق الخاطئ) مثل ألماني.

أنشأ ماركس كثوري وفيلسوف (أن الشعب الذي يطمح للفوز باستقلاله، يجب أن لا يحصر نفسه بالحرب التقليدية، فالانتفاضة الجماهيرية وحرب الغوار هي الوسائل التي من خلالها ينتصر شعب قليل العدد على عدو أكبر منه...) وأضاف (ما أرهق الجيش الفرنسي في اسبانيا هو الإزعاج من قبل المجموعات الغوارية.. والأسطورة التي تروي قصة الأسد الذي يلدغه البعوض حتى الموت هي صورة صادقة..).

وتماشيا مع ماركس كتب لينين عن دروس انتفاضة موسكو 1905 (أن انتفاضة موسكو فتحت تكتيكا جديداً، تكتيك حرب الغوار لمجموعات صغيرة)، وهذه الانتفاضة تعلمت من فشل كومونة باريس فأمسكت بالحلقة المركزية (الحزب الطليعي)، وماو ذهب نفس المذهب، ولكن ضمن الخصائص الصينية بالقول (الثورات والحروب الثورية هما حتميان ودونهما لا تتحقق قفزة في التطور الاجتماعي) و (الحرب الثورية هي حرب الجماهير ولا يمكن شنها إلا بتعبئة الجماهير والاعتماد عليها). وللتمييز بين الانتفاضة والحرب الشعبية أنشأ (أن نظريتهم التي تقول أن علينا كسب الجماهير أولاً على نطاق البلاد وفي كل المناطق ثم تأسيس سلطة سياسية، لا تنطبق على الوضع الواقعي للثورة الصينية)، ولذا اختار طريق حرب الشعب التي انتصرت عام 1949. أما لينين قائد ثورة أكتوبر 1917 فقد اشترط (حزب مقاتل لا يقبل الانقسامات/ جماهير منظمة ومسلحة/ تحالف العمال والفلاحين وكسب أوساط من الجيش / قيادة سياسية وعسكرية مركزية / تحديد طبقات الثورة والطبقة القائدة / توفير برنامج صحيح وقيادة ثورية/ تحريض سياسي واسع وعزل النظام الرجعي). فيما ماو انطلق من مبدأ واحد هو الذي أسهم في إنضاج جميع شروط الوضع الثوري (من دون القتال لن يكون هناك مكان للصين، ولا للعمال، ولا للشعب، ولا للحزب الشيوعي، وسيكون من المحال انتصار الثورة) و (لا يقاتل الجيش الأحمر لمجرد القتال، وإنما لتحريض الجماهير وتنظيمهم) ماو – مسائل الاستراتيجية، وبلغ جيش الشعب في عام انتصاره 5 مليون مقاتل، وهذا لم يتحقق لولا (حماية القوات الثورية من السحق، إما بتوفير قاعدة آمنة أو تأمين حماية جماهيرية أو امتلاك قدرة عالية على الاستخفاء).

"تحليل ملموس للواقع الملموس" هي قاعدة منهجية، وتفضي لتمايز كل تجربة عن التجارب الأخرى، ارتباطاً بالخصائص القومية والشروط الموضوعية، أما المثلثان المتطابقان فلا وجود لهما إلا كفرضية في الهندسة التقليدية. والتمايز لا يعني القطيعة، بل هناك الجوهر المشترك أيضاً. وقد استند لينين إلى ماركس (من المجرد العام إلى الملموس الخاص)، وفيما حلل ماركس المرحلة الرأسمالية، تميّز لينين بقراءة الرأسمالية الإمبريالية، وهنا أضاف (ضرورة أن نبحث وندرس ونستخلص ونخمن وندرك ما هو قومي خاص وما هو قومي نوعي... وعليكم أن تجتنبوا التقليد الميكانيكي للنموذج الروسي)، ذلك (أن النظرية مرشد للعمل لا عقيدة جامدة). فالانتفاضة الروسية في 1917، غير سمات الانتفاضة البلغارية في الأربعينيات، وهما مغايرتان للانتفاضة الإيرانية في أواخر السبعينات، وحرب الشعب في فيتنام، غير حرب العصابات في كوبا.. الخ.

قد يقول قائل وما حاجتنا لكل هذه المنهجيات، نريد إنتاج نموذجا وعلومنا وفكرنا...، وبعد تبرئة هؤلاء من صفة الجهل والكسل الذهني، ذلك أن تجارب الآخرين غائبة عن عقولهم، الجواب هو: التاريخ البشري مستودع ضخم للخبرات والمعارف... ولا يستطيع أحد البدء من الصفر، متجاهلا أن الدورة العلمية تتضاعف كل 6-7 سنوات، فما بالكم بما راكمته الدورات ما بعد الثورة الصناعية والتقنية وثورات الشعوب وفكرها السياسي، وكون الثورة الفيتنامية تعلمت من الثورة الصينية وسواها، بما في ذلك الجمع بين الانتفاضة وحرب العصابات والحرب الشعبية وتحالف الطبقات الثورية ومواجهة الاستعمار والطبقات الرجعية... وتوفير الشرط الذاتي والقيادي، فتكلل كفاحها بالانتصار. ولأن الكوبيين تحصنوا بدروس حرب العصابات في البرازيل، في أواخر العشرينات، وتفادوا أخطاءها وزادوا من عندهم نظرية البؤرة والقيادة والكارزماتية والشجاعة منقطعة النظر.. أثمرت عمليتهم الثورية. ومهما يكن من أمر لا ينبغي أن يتحول الجهل إلى نظرية، فكثير من الأحيان يعمل المرء ضد نفسه، فحسن النوايا لا يعني أن الدرب صحح والبطولة وحدها لا تكفي لبلوغ الأهداف.

الجيشان الانتفاضي أواخر 1987، استمر أربعة أو خمسة أعوام، وامتلك دينامية شعبية على امتداد هذه السنوات إلى أن انعقد مؤتمر مدريد، فراح ينحسر إلى أن نشأت مرحلة جديدة هي مرحلة أوسلو.

بجرأة يمكن القول: أن هذا الجيشان هو نموذج انتفاضي، فهو يحمل معايير الانتفاض كعلم عام ومعايير الخصوصية كسمات وطنية، ولأن لمرحلة أوسلو خصائص لا يمكن تكرار نموذج 87 "فمياه كثيرة جرت في النهر"، سوف تلقي بظلالها على أي نهوض فلسطيني، فالتاريخ لا يعرف التكرار الميكانيكي اتصالاً بما طرأ عليه من متغيرات، ولهذا كتب ماركس (يعيد التاريخ نفسه مره على شكل مأساة ومرة على شكل مهزلة"!

فيض من الكتابات أشبعت الانتفاضة الكانونية 1987، ورغم التفاوتات والغنى وصوابية المقاربات.. يمكن اشتقاق نقاط محددة بغية الاتكاء عليها في استقراء الغليان الذي يكتسح الضفة الفلسطينية اليوم والآليات المتخلية للارتقاء به.

1- توافر الشرط القيادي للانتفاضة الكانونية 1987، سواء لجنة تصوغ النداء أو المرجعيات التي تسندها بالمقترحات والأفكار وتتولى قيادة اللجان والهياكل الانتفاضية في المدن والأرياف والمخيمات، بما لديها من إمكانات متنوعة، وهذه الشبكة المتشبعة والمعقدة من الامتدادات، هي الأذرع الضاربة والنويات الصلبة التي كفلت بتلاحمها مع الجماهير استمرار الانتفاض الشعبي سنوات، ولم يعد مبالغة القول: إنها انتفاضة منظمة بعد الأسابيع الأولى من اشتعالها.

2- تسلحها بشعار سياسي ناظم استخرج هدفها (الحرية والاستقلال)، وبصرف النظر عن الآراء حول مضامين هذا الشعار، فهو مقتبس من الثورة الجزائرية التي قادها عبد القادر الجزائري، حينما رفض عرض فرنسا "الحكم الذاتي" وتمسك "بالحرية والاستقلال". وفلسطينيا لم يكن ثمة تطابق في فهم هذا الهدف "التحرير"، كما دعا أحد القادة أم حق العودة والدولة وتقرير المصير أم دحر الاحتلال دون قيد وشرط. (يمكن العودة للكراس الذي صدر عن اجتماع قيادي في دمشق)، ولكن الجامع كان تحويل الانتفاض لنمط حياة وفي غمرة الممارسة يتم استخلاص المضامين المناسبة.

3- الركيزة الميدانية هي الأساس والقلب النابض، وقد انخرطت فيها كافة القوى المنظمة وامتدادات شعبية واسعة، جمعت كل أشكال النضال، وإن غلب عليها الشكل الشعبي والإضراب الجماهيري العام الذي تشارك فيه الأراضي المحتلة 67، من أقصاها إلى أقصاها، والمظاهرات العارمة التي تنخرط فيها جمهرة كبيرة، وهذا حال جنازات الشهداء والمقاطعة الواسعة للمنتوجات الإسرائيلية والعمل في المستعمرات، وسوى ذلك من مظاهر الانتفاض والعصيان... ناهيكم عن إسناد جماهير 48 والشتات وسواهم. 

متغيرات لها وزنها وإسقاطاتها في مرحلة أوسلو

مفيد استدعاء كلمة لينين "التعاسة في السياسة هي عدم تمثل المتغيرات"، وهذا يوجب بالتالي التذكير ب:

1- مضاعفة عدد سكان الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، إذ كان عدد السكان أقل من 2.4 مليون، أما اليوم فهو أكثر من 5.3 مليون، بما ضاعف الفئة الشبابية الطاقة الحاسمة في المواجهات ومن بينها طلبة الجامعات الذين تضاعفوا عدة مرات ويناهزون هذا العام ¼ مليون.

2- ما أصبح عليه قطاع غزة من قاعدة فدائية (72 ألفا) القائد السنوار، وأنفاق بطول مئات الكيلو مترات (تصريح إسرائيلي)، وامكانات صاروخية تصل عشرات وعشرات الكيلومترات (إطلاق دون تحكم)، واستعداد للاشتباك، بما يشكل قوة ردع لأية عملية برية، دون نسيان الحصار والضائقة المعيشية وو...

3- إقامة حكم ذاتي ارتبطت به أجهزة وهياكل بما توالد عن ذلك من التباس (هل يمر النضال الفلسطيني في مرحلة تحررية أم بناء دولة؟)، وقد انقسمت هذه السلطة لاحقاً إلى سلطتين، سواء الملتزمة باتفاقات سياسية وأمنية، بما لها من ثقل ودور أكبر وموازنة سنوية وصلت 5.5 مليار $ وتلويحها بين الوقت والأخر ب (التحلل من الاتفاقات واعتماد قرارات المجلس المركزي...) وسلطة قطاع غزة الذي يشكل 6% من مساحة الضفة.

4- تراجع وزن فصائل م. ت. ف بخلفياتها العلمانية أو الأقرب للعلمانية، واستطلاع أيار 2021 ساوى بين فتح وحماس (33%)، وساوى تقريبا بين الشعبية والجهاد (4%)، ونسب منخفضة للفصائل الأخرى، آخذين بالحسبان وزن الحركة الأسيرة ونضالاتها، حيث تشكل فتح نصف الحركة وحماس 33% والشعبية 7-8% والجهاد 5-6% والديمقراطية 1-2%.

لم تكن الخارطة السياسية على هذا النحو في زمن انتفاض 87 وقبلئذ.

5- تقهقر وهم التسوية وتبخر الرهان على "قوى السلام الإسرائيلية" وانزياح المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين واليمين المتطرف (خارطةً سياسيةً، حكومةً وشارعاً، قضاءً، إعلاماً)، وهذا أجبر الوعي الفلسطيني سواء الذين أيدوا "أوسلو" أو المناهضين، مواجهة هذه الحقيقة (يمكن العودة لتصريحات قيادية فلسطينية رسمية وغير رسمية)، مع الانتباه للفوارق بين خيارات واستعدادات النخب والتيارات والألاعيب الأمريكية، بأن إدارة بايدن مع حل الدولتين وتحسين الأحوال الاقتصادية للفلسطينيين.

6- تعاظم شأن الهم الذاتي والعائلي والنخب النافذة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وكذا العشائرية والشكوك بجدوى التضحية، وحسبي التدليل من خبرتي الشخصية، حيث كنا بالآلاف في سجون الاحتلال في السبعينات، لم أصادف منهم في السجون في التسعينات سوى المئات والعشرات في العقد الأول من الألفية الجديدة، ولم نكن سوى اثنان في الأعوام الأخيرة، أحدنا شجرة الزيتون الفولاذية: أبو عاصف البرغوثي الذي رحل عن الدنيا، فقد اندفعت الهويات الجزئية، وإن لم تنفك الهوية الوطنية هي القائدة.

إرهاصات الضفة تصطدم بتصعيد استعماري عنصري

لم يتبقَ للسياسة الاستعمارية من ساحة للاستباحة والتنكيل والتقتيل اليومي، سوى الضفة المحتلة، وما ترسمه من مخططات عنصرية للفلسطينيين في 48، فالمقاومة في لبنان لديها قوة ردع، تجلت بسفور في معادلة "كاريش وما بعد كاريش"، والمقاومة في غزة، راكمت قدرة على الصمود والاشتباك وأفشلت أهداف ثلاثة حروب وأكثر، رغم الخسائر البشرية والدمار الهائل. والعقل الاستشراقي الذي حلله بعمق البروفسور إدوارد سعيد، لا يفهم العقل التحرري، فهو يظن أنه بهدم الأبراج وتقتيل المدنيين وإطلاق النار على الفتيه الذين يلقون حجارة، تستسلم القيادة التحررية، دون أن يفهم، أنها تفخر بالشهداء بوصفهم زيتاً للتحرير ورموزاً للبطولة. فنظرية "العربي يخضع للقوة" التي  أسسها بريجنسكي لم تثبت جدواها منذ قرن وحتى اللحظة "فالقلعة لا تقتحم إلا من الداخل"، ومحاولة رشوة نخب للتساوق مع مشروع ترامب لم تحصد إلا الريح.

في زمن الانتفاض الكانوني 1987، قطع رابين رئيس الوزراء الأسبق زيارته لأمريكا واتبع سياسة تكسير العظام وحظر التجوال وإطلاق النار، فاشتعلت الهبة وصارت انتفاضة، وسواء كان رئيس الوزراء صحافي وأقل يمينيه أو بخلفية عسكرية وفكر يميني، فالإجراءات على الأرض ضد الفلسطينيين هي نفسها منذ أشكول وإيغال آلون "المعتدل" والأب الروحي للاستيطان الاستعماري، أو مناحيم بيغن القانوني أو أو... وصولاً لرئيس الوزراء الجديد- القديم الذي أقام ائتلافاً يمينياً من قبل، والآن يحاور القوى الأكثر تطرفاً لتشكيل أغلبية في الكنيست، فمن المتوقع أن تشتد الإجراءات  القمعية، إذا تنفذت القوى الاستيطانية في القرار الحكومي.

ولكن هل يجدي هذا سياسياً؟

التاريخ أجاب عن هذا السؤال، وعلى رأي ماركس (أننا لا نؤمن إلا بالتاريخ وعلم التاريخ). ونسبيا أدرك المركز القومي الذي يضم جنرالات متقاعدين وأكاديميين كبار، فتقدم بمقترحات في السنوات الأخيرة، تناغمت معها "صفقة القرن"، دون أن تملك هذه المقترحات ومن لف لفها، قدرة على الدوران في أوساط الشعب الفلسطيني، سواء كانت براغماتيه أو غير ذلك...

مقاربة استشرافي: هل نقف على أبواب انتفاض شعبي وحرب إقليمية؟

ليس أخطر من حشر إنسان وظهره إلى الحائط، فغريزة البقاء هي الغريزة الأولى (علم النفس المادي – بلاتينوف)، تدفعه لمواجهة الخطر، ناهيكم عن تغلغل الثقافة الوطنية وتأثيراتها. لقد خدّرت التفسيرات المتفائلة "لأوسلو" قطاعات من الشعب الفلسطيني، أما اليوم، فقد "ذاب الثلج وبان المرج" من وجهة نظر عموم الناس، ومثلما أن هناك بطارية حجج للموقعين على أوسلو، ثمة بطارية حجج للمناهضين، ولكن البوصلة ت قطر الغالبية الساحقة اليوم، إن لم يكن ما يشبه الإجماع نحو: "أن التسوية وصلت طريقاً مسدوداً"، وشخصيا في كتابي "التسوية الجارية: إدارة أزمة أم حل أزمة؟" الصادر عام 1999، أجبت أنها إدارة أزمة، وهناك من سبقني في هذا الاستنتاج، سواء كتب نصاً قصيراً أو نصاً طويلا ً. وأية إجراءات احتلالية تصعيدية، هي مثابة الزيت الذي يصب على نار المواجهة، لنتذكر حادث دهس الحافلة للعمال الفلسطينيين في جباليا أواخر 87، واقتحام شارون لباحات الأقصى، واغتيال الجعبري، ومن بعده أبو العطا في قطاع غزة، فكل منها أشعل فتيل انتفاض أو حرب. وقبلئذ لنعد إلى معركة الكرامة 1970 "وتهشيم البيض قبل أن تفقس"، فقد تحولت لانطلاقة ثانية، بانضمام ألاف المقاتلين للثورة إلى درجة عدم قدرتها على استيعاب الجميع، ولو ذهبنا لنضالات الحركة الأسيرة، فهي في غالبيتها رداً على إجراءات تعسفية، سواء من مصلحة السجون أو مرجعياتها أو تطرف الجهات الأمنية..

انظروا إلى حصار غزة، هل انصاع القطاع أم ضاعف من قدراته مرات ومرات؟ فالإجراءات الاحتلالية يدفع ثمنها الفلسطيني، ولكن بدل أن تكبح جماحه، تدفعه للمواجهة، سيما الجيل الشبابي الذي أغلقت أبواب المستقبل أمامه، ولن يخسر إلا قيوده، تحويراً لكلمات ماركس (لترتعدون الطبقة الرأسمالية من الثورة الاشتراكية، فالعمال لن يخسروا إلا قيودهم).

أما العامل الأشد وطأة في استنزاف دينامية الاندفاعة الثورية فهو الاخلالات الداخلية، المقدمة ضعف الأدوات السياسية المنظمة في الضفة (ليس هنا مكان تشريح الأسباب      ففي الانتفاضة الأولى، كانت جهوزية القوى عالية وتضاعفت قاعدتها مرات في غمرة الممارسة الانتفاضية، ولهذا جاء طابعها جماهيري وضبطت توزيع قواها، بما يحافظ على هذا الطابع. وفي الثانية كان لها محطات جماهيرية وفي الغالب نخبوية، وفيما كان للأولى قيادتها وهدفها وبرنامجها لم تتمتع الثانية بهذه الخصائص.

ويتوقف على سلطة غزة والغرفة المشتركة، فيما إذا كانت ستشارك في المعمعان أم لا، مثلما على سلطة الضفة وقواها، تحبيذ المشاركة أو عدم المشاركة أو مشاركة دوائر دون غيرها. ففي الانتفاضة الثانية كانت السلطة أمام هذا الامتحان، وجرى استهداف بعض رموزها والمئات من كادراتها بين استشهاد واعتقال، ووزير الجيش غانتس، استبق الأمور بالقول: (السلطة في خطر)، وباراك صرح أن: الشهيد أبو عمار (خدعنا) وجاءت البانوراما والنتيجة...  ثمة خلل لا ينبغي القفز عنه هي ميول التراخي الممتدة في أوساط واسعة من الشعب الفلسطيني، ومثل هذا التراخي، كان في أعوام 85-86-87، ولكن ما أن اندلعت الانتفاضة، انخرط معظم الناس في فاعلياتها، وفي الإضرابات العامة كل الناس... اللوحة مركبة والوعي والاستعدادات مركبة أيضاً. أما الجيل الشبابي، فكمونه أعلى من غيره ومجاميع واسعة متخففة، من أعباء العائلة والأطفال والأمراض والقروض من البنوك، ولم تتآكل كل عظامها ولحمها في السجون وغير محبطة، ولديها قابلية أن تقتحم السماء لصناعة مستقبلها.. آخذين بالحسبان السمات العاطفية للفلسطينيين وفخرهم بالإرث النضالي لأجيالهم المتعاقبة... والتفشي الكيميائي للثقافة الوطنية في عمق التكوين الروحي للفلسطينيين، وهذا أحد أسباب تفسير الظاهرة الفدائية في مخيم جنين وعدد من القرى وفي الأحياء القديمة من نابلس وسواها، وتوصل عدد كبير لتسوية مؤخراً. طبعاً: إن الحماية الحقيقية لهذه الظاهرة هي الحاضنة الشعبية والنهوض الشعبي.

ولأن حراك السترات الصفراء في فرنسا، افتقد للقيادة والبرنامج السياسي، تبدد في النهايات، ولأن الموقف الفلسطيني لم يثبت على شعار "الحرية والاستقلال" في الانتفاضة الكانونية، وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ولأن الانتفاضة الثانية بلا قيادة وارتبك شعارها السياسي انحسرت وتعسكرت وأصابها ما أصابها، وهذا حال الانتفاضة المصرية. فللتاريخ قوانينه، ودون إدراكها وتسخيرها تفعل هذه القوانين فعلها وتعاقب الناس بصرف النظر عن رغباتهم، والفخ المنصوب للإرهاصات والبؤر المتقدمة هو التعظيم من شأنها وكأنها بديلاً للجماهير والنهوض الشعبي. التعظيم والتمجيد هما سمه أخلاقية، أما القفز عن الجماهير، فمسألة سياسية لها ارتداداتها.

سألني مرة سفير أجنبي: لماذا تعظمون الشهداء؟

أجبته: كيف تنظر أنت؟

قال: ينبغي فحص أسباب الاستشهاد وتفادي الأخطاء. وللصدفة كان ثمة تأبين لشهيد بعد أسابيع، وهناك من ألقى خطاباً نارياً، بما امتلكه من خطابية متمرسة.

سألني: ما رأيك بالخطاب؟ رويت له ما قاله السفير: "لوى بوزه، بما هو أقرب للامتعاض".

***

يتكرر في الاتفاقات الوطنية تعبير (تشكيل قيادة انتفاضية أو قيادة للعمل الوطني)، من دون توضيح، مع تغييب صفات هذه القيادة، وهذا يوجب بعض الأسئلة: هل تسمح السلطات الاستعمارية بتشكيل قيادة علنية من هذا القبيل في الضفة؟ وفي حال تشكيلها من شخوص ليسوا انتفاضيين وبلا أدوات هي "النواة الصلبة"، القادرة على تنفيذ مهام كثيرة: هل يصغي لها الشعب وعلى الأقل المنتفضين؟ ولماذا جرى استهداف الشيخ ياسين والدكتور الرنتيسي وأبو عمار ومروان البرغوثي و أبو علي مصطفى وحمد سعدات وكوكبة طويلة من الكبار...؟

أذكر أنني قرأت في أواخر الثمانينات عن تخوفات القيادة الفلسطينية، من تشكيل قيادة موازية في الداخل المنتفض، كأحد عوامل ذهابها لمدريد – أوسلو، علما أن الداخل كان ينظر بقدسية للقيادات في الخارج... فكيف سيحل التناقض بين قيادة السلطة في الضفة وقيادة السلطة في غزة (يؤسفني القول أننا بتنا سلطتين)، بما للسلطة من حسابات يوجبها وضعها الموضوعي، وإمكانية نهوض شعبي عارم انتفاضي؟

هذا سؤال ليس سهلاً، كما أن الإجابة عنه أكثر صعوبة. المثقف يثير السؤال عموماً أما الفيلسوف، فيشتق السؤال ويبتكر الجواب، ويبدو أن واقع قضيتنا يتطلب البعدين معاً. وإن جازت الثقة بأن البشر قادرون على صنع تاريخهم وإيجاد حلول لمعضلاتهم، في نهاية الأمر، غير أن تحدّي الشرعيات موضوع جدي، شرعيه الشارع أم الشرعية السياسية؟ ومثل هذا التناقض لم تعرفه الثورة في كوريا، ذلك أن الشرعية السياسية في المناطق المحررة كانت تقود الفاعلية الشعبية، والأمر نفسه ينطلق على المقاومة الصلبة في بيلاروس في سنوات الحرب الكونية الثانية والثورة الجزائرية. ومهما يكن من أمر، ف فلسطين مستباحة، وكل الشعب الفلسطيني مستهدف، وهذا يوجب على أقل تقدير عدم الشيطنة وتراشق الاتهامات، فتعدد الأجندات يشتت القوى ويدفعها للتصادم أحياناً:      وماذا عن المهارات؟ فهل الموقف الثوري وحده قادر على نقل الإرهاصات والنويات إلى انتفاض شعبي؟ وهل هو قادر على قيادة انتفاض شعبي؟ التجارب التاريخية أكثر تعقيداً.

وفي التحليل الأخير، يمكن أن يذهب مسار الأمور في اتجاهين: استمرار الحالة القائمة، أي تحركات وبؤر وأعمال فردية، قد ترتفع قليلاً أو تخفت قليلاً، وليس ثمة استشرافاً هنا، فهذا تحصيل حاصل أو اتساع التحركات والبؤر إلى مستوى الانتفاض، وهذا يعيدنا إلى عوامل الكبح. ولكن ما ينبغي الإشارة إليه أن شكل الوجود الاحتلالي لم يعد كما السابق في زمن الانتفاضتين، فقطاع غزة تفلت من قبضة الاحتلال نسبياً، والمواجهات الشعبية من تظاهرات وتحشدات وإضرابات عامة واقتصاد منزلي.. لم تعد كالسابق، كما تراكمت إمكانات المقاومة التي رأيناها بجلاء في مواجهة أيار (سيف القدس ) وقبلئذ في مسيرات العودة... وتراجع شكل الوجود الاحتلالي المباشر في مدن الضفة، إلى درجة تقلص المواجهات الجماعية في حدود نقاط الاحتكاك. وبالتالي، تقهقرت التظاهرات الجماهيرية وتقلصت أيام الإضراب على امتداد العقدين الأخيرين، ولم يثبت في الممارسة تحشد الناس بأعداد هائلة في الحيز العام، وإن اكتظت مراكز المدن أحياناً بالناس يطوفون في الشوارع الرئيسية.                       

إن مغزى الإشارات أعلاه، أن شكل النموذج الانتفاضي المتخيل لن يكون على شكل النموذجين في الانتفاضة الأولى والثانية، والاستشراف هنا متعذر، ذلك أن الإبداع لا ضفاف له، والميدان لا يصغي لأي تصورات أو كليشهات  أو ترسيمات،                                                                                                                                                          ثمة نغمه تقول: أن غزة سوف تقصف كما في سيف القدس. والسؤال: هل تذهب غزة بهذا الخيار، دونما خطوات منسقة مع محور المقاومة في الإقليم؟

فعبارة "الترند" الأقوى حضوراً هي (الحرب الشاملة وهذه لا أحد مستعد لها في اللحظة الراهنة، لا عواصم عربية، ولا إقليمية ولا تل أبيب، ولا حركات شعبية، اتصالاً بالأولويات والتحديات الضاغطة).

صحيح أن الإقليم غير مستقر، كما شخص مقرفص على قدميه، والتناقض مستعصٍ، وهذا كله وسواه موضوعي، أما الشرط الذاتي الذي يشعل الحرب فهو غير متوافر في هذه اللحظة. ولو كانت المقاربة غير ذلك لاشتعل حريق شامل في الإقليم في السنوات الأخيرة، بل وثمة جديد هو الحرب المتعاظمة في أوكرانيا بين الذين يسعون لتكريس الهيمنة الأمريكية، وبالتالي تدمير الاقتصاد الروسي وتفكيك الدولة ومحوطتها ونهب ثرواتها، وبين الذين يثقون بقدرة الاتحاد الروسي على الصمود وارتداد العقوبات التي فرضها الناتو على العواصم الغربية، وبالتالي ظهور نظام دولي جديد، تبقى فيه أمريكا دولة عظمى، لكن دون هيمنة سياسية واقتصادية وهيمنة لثقافتها وقيمها.. والمقاربة الأولى تخدم: محور واشنطن – تل أبيب... والمقاربة الثانية: تخدم محور المقاومة وصولاً إلى روسيا والصين... (هذا عنوان لمقالة منفصلة).

وختاماً، ماذا عن "العامل الخارجي"؟

فالسياسة الأمريكية حالياً تصعيدية، ليس في أوكرانيا لاستنزاف روسيا... وليس في تايوان وتشكيل الأحلاف لمحاصرة الصين والضغط لفصلها عن روسيا (بلغ التبادل التجاري بين روسيا والصين هذا العام أكثر من 140 مليار$ وهناك ملفات عدة تشتركان فيها)، بل وأيضاً تجميد التفاوض، حول الملف النووي الإيراني، وزيادة العقوبات، وخلق البلبلة في الساحة الداخلية، وإطلاق المؤامرات على لبنان و سوريا وبوليفيا وكوبا... في محاولة لتكريس الهيمنة.

وبتأليف حكومة إسرائيلية أكثر يمينية وما يرشح من توعدات وتوجهات: ألا تستعجل إشعال حريق في الإقليم بالجملة أو بالمفرق؟ لكن: هل ثمة ضمانة أن لا يتحول المفرق للجملة، سيما أن إمكانات محور المقاومة النوعية في تعاظم وهو ينتقل من محور إلى جبهة؟

تساؤلات برسم المستقبل القريب، وأفضل وأكفأ ناطق لرصد المتغيرات واستشراف حركتها هو السيد... قائد المقاومة الشعبية العربية كاستراتيجي من جهة، ويتمتع بصدقيه القدرة والفعل من جهة أخرى.