الحرب بين جالانت وسموتريتش على الإدارة المدنية: الصدع يتوسع إلى مواجهة مفتوحة

حجم الخط

ترجمة خاصة*

ما كان مجرد توقعات حول انفجار أزمة بين وزير الحرب الصهيوني يؤاف جالانت ورئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي من جهة، والوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش من جهة أخرى، انتقل إلى حيز الواقع الفعلي عبر الواجهة السياسية المفتوحة بين الجانبين، التي تتمحور حول الرؤى والأهداف والنفوذ.

من جانبهما يزعم سموتريش وبن جفير أنّ جالانت لا يلتزم بصفقات الائتلاف التي منحتهما السلطة على الضفة الغربية وشرطة الحدود. ومن جانبه يرى جالانت إنّهما مبتدئان في السياسة والأمن ولا يجوز ترك الأمور في أيدهما لأنّهما لا يدركان الأولويات. لا يتردد جالانت في تجاوز سلطاتهما، وتحطيم قراراتها كما فعل مؤخرًا عندما تجاوز جالانت سلطة سموتريتش، وأمر بإخلاء بؤرة استيطانية جديدة في شمال الضفة في 20 كانون ثاني/ يناير، بعد أسابيع من وصول حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى السلطة.

في ذلك الوقت، بدا أن جالانت أثار أزمة ائتلافية ملحة لنتنياهو. حيث حتى الآن، كان الإشراف على بناء المستوطنين والفلسطينيين في المنطقة (ج) من الضفة الغربية من اختصاص وزير الحرب، ولكن بموجب اتفاقيات الائتلاف الحكومية، وعد سموتريش بسلطة جديدة غير محددة على المنطقة، بما في ذلك كونه وزيرًا داخل الوزارة نفسها. ولكن جالانت بالإخلاء رغم اعتراضات سموتريتش - وكل ذلك جاء بعد يوم واحد فقط من زيارة مستشار مجلس الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان للكيان ورام الله.

وتم تجنب الأزمة مؤقتًا عندما أعاد نتنياهو التأكيد على دعمه العام للمستوطنات القائمة، مع الإصرار على أنّ أي أنشطة بناء جديدة يجب أن تتم بشكل قانوني وبالتنسيق الكامل مع كل من مكتب رئيس الوزراء والمؤسسة الأمنية. وليس هذا ما حدث مع الإخلاء الأول.

قال غالانت في ذلك الوقت، بحسب وزارة الحرب: "يجب أن يتم كل عمل على الأرض وفقًا للقانون وتقييم الوضع الأمني ​​ذي الصلة". وهذا الحادث قدم جبهة نتنياهو / غالانت / والجيش موحدة ولكن الأمر ليس بهذه السهولة.

التاريخ يعيد نفسه مع تداعيات أوسع

في يوم الأحد الماضي، وقع حادث مماثل لهدم بؤرة استيطانية حديثة البناء، لكن الاشتباكات التي وقعت في ذلك الوقت يمكن أن يكون لها تداعيات أوسع بكثير. حيث هدد أعضاء كنيست يمينيون ونشطاء من المستوطنين استقرار الحكومة بعد اندلاع اشتباكات بين حرس الحدود والمتظاهرين حيث اقتلع بستان زيتون يديره المستوطنون بالقرب من مستوطنة شيلو.

وكان الهدم هو ثالث أمر إخلاء يتم تنفيذه في عهد نتنياهو، لكنه كان جزءًا من معركة قانونية طويلة من قبل المستوطنين للاحتفاظ بالمنطقة. وطبعًا يشبه بستان الزيتون المهدوم عددًا كبيرًا من النزاعات القائمة على الأراضي - مما يعني أنّ نتنياهو لا يستطيع التقليل من أهمية هذه القضية باعتبارها صدفة من أنشطة جديدة لم يوافق عليها. وزاد من الجدل وجود أعضاء كنيست ومجموعة كبيرة من المتظاهرين الاستيطانيين المتطرفين، الذين تم التعامل معهم في بعض الأحيان بشكل قاس من قبل شرطة الحدود. وقال سموتريتش إنّ ذلك يعد انتهاكًا عميقًا لاتفاق ائتلافي مرتبط بقدرته على حماية المستوطنات القائمة وتعزيزها. بينما ندد بن غفير بانتهاك اتفاق الائتلاف، بحجة أن الجيش وجالانت استعان بضباط حرس الحدود لتنفيذ الهدم ضد أوامره كوزير للأمن القومي.

وقال مسؤولون حكوميون لصحيفة جيروزاليم بوست إنّ سموتريتش كان يتصرف بطريقة سياسية، محاولًا إيذاء غالانت على خلفية التوازن المعقد بين سلطاتهما. هذا على الرغم من حقيقة أن محكمة العدل العليا أمرت بهدم بستان الزيتون قبل عام. لكن هذه المرة لم يدعم نتنياهو بوضوح الجيش "الإسرائيلي" وجالانت. وبدلاً من ذلك، ظل هادئًا في الغالب، وأصدر أمرًا قرب نهاية العملية بوقف الهدم، بينما كانت مساحة صغيرة من البستان لا تزال قائمة.

في إفادة صحفية أخيرة للصحفيين العسكريين، توقع زعيم المعارضة يائير لابيد أن نتنياهو سينقلب قريبًا على غالانت والجيش ويسمح لهم بتحمل العبء الأكبر لانتقادات سموتريتش وبن غفير - بينما يدعم بشكل خاص عمليات هدم محددة.

أين يقف جالانت في هذا الصراع؟

من وجهة نظر جالانت، لا جدال هنا. يمكن هدم أي بؤرة استيطانية تم بناؤه بشكل غير قانوني، خاصة عندما تأمر بذلك المحكمة العليا. وموقف غالانت مؤيد للبؤر الاستيطانية المشرعنة، وربما يصوت لإضفاء الشرعية على المزيد منها. لكنه أكثر قلقًا بشأن الحفاظ على الأمن المستقر في الضفة الغربية، والعلاقات والمساعدات العسكرية من الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، كل هذا هو نوع من الهوامش الصغيرة إلى حد ما بالنسبة لجالانت، الذي تركز في الحقيقة على إيران. حيث يزعم إنّه لو تم تعيينه رئيسًا للجيش "الإسرائيلي" في عام 2011 بدلاً من بيني غانتس، ربما كانت القصة بأكملها مع إيران قد سارت بشكل مختلف. وهكذا بالنسبة له حان الوقت الآن للتألق وتشكيل السياسة، وهو غير مهتم ببؤرة استيطانية صغيرة أو بستان زيتون هنا أو هناك لتعطيل الصورة الكبيرة: دعم الولايات المتحدة "لإسرائيل" التي تتخذ نهجًا صارمًا تجاه الجمهورية الإسلامية.

ولا ينظر جالانت إلى سموتريش أو بن جفير على أنّهما مساويان له، ولكنّهما ناشئان لا يفهمان الرهانات الحقيقية. ونتنياهو؟ من المحتمل أنّه يشعر بالمثل تجاههما، لكنه قد يحاول البقاء بعيدًا عن خط النار وترك غالانت والجيش يتحملان الحرارة. كل هذا لا يعني أنّ غالانت غير حساس للسياسة.

في حين أنّ غانتس، بصفته كان وزيرًا للحرب قبل بضعة أشهر فقط ، أدان علنًا ​​قوات الجيش لضربها بشكل غير قانوني ناشط من الضفة الغربية في الخليل، التزم غالانت الصمت عندما وقع حادث مماثل هذا الأسبوع. وترك هذا الجيش دون دعم سياسي عندما انتقد بن غفير المستويات العليا لمحاكمة الجندي لضربه ناشط فلسطيني.

السؤال هو ما إذا كان غالانت سيحتفظ بخط الجيش ويتقدم أكثر إلى نموذج وزير حرب الليكود السابق موشيه يعلون، الذي اختلف في النهاية مع نتنياهو حول مجموعة متنوعة من القضايا التي دافع فيها يعلون عن الجيش بقوة أكبر مما فعل نتنياهو.

يمكن أن يغادر بن جفير أو سموتريش الحكومة أو يتبنوا خطوة أخرى غير متوقعة من شأنها تعديل مجموعة الأوراق بالكامل. ولكن خط الصدع غالانت / "جيش الدفاع الإسرائيلي" / سموتريتش / بن جفير سيستمر في زعزعة الاستقرار، وسيتحطم في النهاية.

*بتصرف عن الجيروساليم بوست