مصر , السباق الانتخابي للرئاسة إلى أين ؟

حجم الخط
بعد أيام قليلة , تبدأ عملية انتخابات الرئاسة المصرية , دراما , قصص , وحكايا ما سوف يحدث , أو لا يحدث , لم تبدأ ببدء انتخابات الرئاسة , بل بدأت وهي مستمرة منذ سقوط نظام مبارك البائد . إن مصر منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع , شهدت وعايشت قصصا" بالأسود والأبيض , وقصصا" ملونة بألوان الطيف , بعض تلك القصص انتهى , وبعضها الآخر مازال يتفاعل في الحالة الشعبية والمجتمعية المصرية . لم تكن انتخابات مجلس الشعب إلا البداية في تلك القصص والحكايا , تلتها انتخابات مجلس الشورى , ومحاولات تشكيل الجمعية التأسيسية ( والتي انفرط عقدها بسبب الخلافات , فآلت إلى الفشل والإلغاء ), وصولا" للإعلان الدستوري المؤقت , وقانون العزل السياسي , واستبعاد بعض مرشحي الرئاسة, وغيرها من قصص وحكايا الدراما المصرية الراهنة , إنها دراما الانتقال في طور البناء الاجتماعي والسياسي في مصر من مرحلة إلى أخرى , فمن الديكتاتورية , الاستبداد والطغيان , والفساد والتوريث ( الجمهورية الملكية ) إلى الديمقراطية , وحق المواطنة , وقيمة الصوت الانتخابي , وعدالة القصد وصولا" للهدف بأقصر الطرق , وأقل الكلفة . ثلاث حكومات تعاقبت على مصر , منذ ثورة شعب مصر , ولكنها جميعا" , لم تفلح بوضع الإنسان المصري على سكة المستقبل لماذا ؟ لأن كل تلك الحكومات , حتى التي جاءت بمباركة ثوار ميدان التحرير ( كحكومة عصام شرف) , لم تفعل ما ينبغي عليها أن تفعله في مثل هكذا ظروف , وتطورات سمتها عنفوان جامح للديمقراطية والتغيير , فوقعت ( هي ومن يقف خلفها المجلس العسكري ) , في الإرباك السياسي , وسوء الإدارة والتصرف في متطلبات المرحلة الانتقالية , مما عقّد الانتقال من مرحلة حكم الفرد المستبد إلى مرحلة ديمقراطية الشعب , لماذا ؟ لأنه لا يمكن لقرارات .. وقراءات مجتزأة , أو مخطؤة , أن تقرر خلاص شعب , وإن توفرت النوايا الطيبة , ( فالطريق إلى جهنم مفروشة بالنوايا الطيبة ) . إن المجلس العسكري وحكوماته المتعاقبة , أصيبت بما يسمى دوار السلطة والذي تسبب في عمى ألوان وبصر , أوصل لخلط الحابل بالنابل , ووضع حاجات , وأشياء في غير أماكنها , مما أربك الحياة السياسية المصرية . فليست الزعامة أو القيادة السياسية قياده و زعامة لا ترتبط ارتباطا" عميقا" بالمسؤولية والتي لا تقتضي تحديد الأهداف فحسب , بل تقتضي أيضا" وجود الرؤى والتصورات الأمر الذي افتقدته مصر طوال المدة الماضية , بسبب طريقة الحكم القائمة . مصر تقف الآن أمام منعطف استكمال عملية البناء السياسي للدولة المصرية , مقتضيات .. وفلسفة الثورات الاجتماعية , ومنطق الحفاظ على بهاء العملية الديمقراطية , تفرض فرضا" على شعب مصر مواجهة عوامل وأخطار تقويضها , أو الانقضاض على العملية الانتخابية ( تزويرا" أو تشويها" ) بما يضرب إرادة الناخب المصري , ويتسبب بعرقلة عملية التحول الديمقراطي , الأمر الذي إن حدث يزيد على تركة النظام البائد والتي مازالت تجثم على صدر الشعب المصري . إن تكريس الجوهر الديمقراطي للثورة المصرية يتطلب التالي : أولا" – صناعة أوسع توافق سياسي في البرنامج الانتخابي للرئاسة , بما يعني توسيع هوامش المشترك الوطني والتي تستقطب غالبية أهداف وتطلعات وأحلام الشعب المصري وتنم عن رؤيا , وفهم عميق للعالم من بوابة مصر للعالم , وفهم عميق لمصر من بوابة العالم لمصر , فكيف يتحقق ذلك ؟ إنه يتحقق بالاختيار الرشيد للرئيس القادم . ثانيا" – أن يصل الشعب المصري لتحقيق توازن هام , عميق , وعجيب , بين كل العناصر السابقة , بما يوفر كيمياء صناعة الغد والتي تقول إن مصر على عتبات مرحلة تاريخية نوعية , وأنها على وشك أن تلج بوابات الجمهورية الثانية , إنها جمهورية جديدة بالكم والكيف , إنها جمهورية بأسس جديدة قيادة" ودولة , أليس هذا هو منطق الأشياء للثورة ؟ والذي يحدد واضحا" إن ما مضى ولى وانقضى , دولة" وقيادة" , وإن رجال النظام القديم , وإن أصلحوا هندامهم , أو غيروا من رطانتهم لا يصلحون في المرحلة الجديدة , لماذا ؟ لأنهم انغمسوا في النظام القديم وحكموا معه وباسمه , والتزموا صمت القبور اتجاه جرائمه المرتكبة بحق الشعب المصري فهم فلول النظام السابق ( وجزء من كرستا ) حكمه البائد . لا يجوز للشعب المصري , أن يصوت لرموز نظام فاسد تمرد عليه , ونجح في إسقاطه , فمنطق اختيار الأصلح من بين الأسوأ من النظام السابق منطق يمشي على رأسه . إن تحذيرات التاريخ هامة , وأسئلته كثيرة في وجه المواطن المصري , من قبيل من الأنسب ؟ من الأصلح للعبور بمصر ؟ من يكون رئيس مصر القادم ؟ كيف تخفق رايات مصر بكل عنفوان الحرية , والتغيير معبرة عن إرادة الشعب المصري بكل طبقاته وفئاته الاجتماعية . إن روح الانبعاث في مستقبل مصر , وروح الكرامة المصرية , ومشعل حضارة مصر التاريخية , تتطلب رئيسا" بارا" بمصر ينبض قلبه بنبض أبنائها ويحلم أحلامهم ويأكل عيشهم , ويتطلع إلى نفس تطلعاتهم . إن روح عبد الناصر تقمصت بروح مصر وتاريخ مصر فأدخلتها إلى تاريخ العالم وصنعت بها ولها مجدا" , إن انبعاث هذا التاريخ مجددا" بحاجة لنفس القيادة التاريخية لتجسد كرامة مصر , وحرية مصر وتحقق العدالة الاجتماعية للشعب المصري . كما تتوحد الضرورة والحرية , فهل تتوحد الضرورة والحاجة والحرية ليكون ( حامدين صباحي ) الرئيس القادم لمصر ؟