معنى النكبة !

حجم الخط
معنى النكبة ! بقلم : نصير عاروري - مجلة كاونتر بنتش الامريكية* في منتصف مايو الماضي، احتفل الصهاينة في ما يطلقون عليه اسم " حرب الاستقلال". وفي نفس اليوم، يُحيي الفلسطينيون حدثاُ مشابهاً ولكنهم يطلقون عليه اسم " النكبة". حيث هجرت إسرائيل أكثر من مائتي ألف فلسطيني من منازلهم، بالإضافة إلى التدمير المنظم لمنازل أكثر من ستمائة قرية فلسطينية. على الرغم من الدعاية الصهيونية التي تقول بأن الجيوش العربية السبعة سبقت إسرائيل لمنعها من إعلان الاستقلال وهي من سببت نكبة الفلسطينيين، إلا أن الأدلة الدامغة أثبتت عكس ذلك. ومن تلك الأدلة: قيام إسرائيل بمجازر مروّعة ضد السكان الفلسطينيين بهدف تشجيعهم على الفرار، والخطط الصهيونية المنظّمة للتطهير العرقي، بالإضافة إلى تجهيز القوات العسكرية الصهيونية التي اكتسبت الخبرة العسكرية الكافية من الحرب العالمية. لقد واجه الصهاينة مقاومة غير مسلحة وغير منظمة من قبل الفلسطينيين، ممّا ساعدهم على الإجهاز على غالبية الفلسطينيين قبل دخول الجيوش العربية التي افتقرت هي الأخرى إلى الجهوزية العسكرية والقيادة المركزية. في هذا العالم الغريب، إسرائيل تلوم الضحية. فأكثر ما يخجل الإنسان ولا يجد له تفسير هو قيام وفد فلسطيني رفيع المستوى في الولايات المتحدة بمشاركة إسرائيل بالاحتفال بذكرى الاستقلال الذي أعلن على أنقاض شعبٍ مقتول. على الرغم من أن العلاقة بين النكبة وقيام إسرائيل تبدو واضحة للعيان، إلا أن المسئولين الإسرائيليين يرفضون تماماً الخوض في هذا الأمر، لأن الخوض فيه سيكون بمثابة اعتراف وإقرار إسرائيلي بنكبة الفلسطينيين وبحقوقهم السياسية والتاريخية التي سُلبت منهم، وهو ما سيعكس مصداقية إسرائيل أمام الرأي العام العالمي. لذلك تعمل إسرائيل باستمرار على حشد كل المبرّرات القانونية والأخلاقية من أجل الدفاع عن نفسها على مدى تاريخٍ حافلٍ بالمجازر والحروب التي ارتكبتها منذ عام 1940. وتعمل إسرائيل أيضاً على نشر إستراتيجية ومشروع التطبيع الكامل مع السلطة الفلسطينية والدول العربية بهدف نشر الدعاية الصهيونية الكاذبة والتي تعتبر فيها الفلسطينيون الأصليون " غير موجودين"، والضحايا تحولوا إلى جناة، والاستعمار أصبح بديلاً لـ " التنمية"، ومقاومة الاحتلال صارت " إرهاباً"، وأن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها أصبح خطراً على " الأمن الديمغرافي" في إسرائيل. وساعد إسرائيل في نشر مثل هذه الدعايات، لجان العلاقات العامة في وسائل الإعلام الأمريكية والتي تلعب دوراً متواطئاً تُصوّر فيه الاحتلال الإسرائيلي على أنه "احتلال شرعي". حتى أن جرائم الحرب التي قامت بها إسرائيل على مدار السنين الطويلة ضد الشعب الفلسطيني لم ترتقِ إلى المستوى المطلوب من المسئولية من جانب وسائل الإعلام الأمريكية لكي تقوم بتغطيتها. وعلى الرغم من ذلك، فإن الاستراتيجيات الإسرائيلية أنفة الذكر لم تفلح في النيل من عزيمة وصمود الفلسطينيين ولم تكسر صمودهم ومقاومتهم. إن صمود ومقاومة الفلسطينيين يعطيهم أملاً أفضل في المستقبل، وأن ذكرى النكبة التي يحتفلون بها كل عام ستكون يوماً ما ذكرى لانتصار الحرية والعدالة. _____________ كاونتر بنتش (Counterpunch) نشرة إخبارية سياسية إلكترونية ليبرالية أمريكية بقلم: نصير عاروري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة دارتموث بولاية ماساشوستس ترجمة: رائد عوض قدورة