تعديل قانون العقوبات: هل سيوقف التعذيب وتهميش القضاء؟

حجم الخط

أصدر رئيس السلطة الفلسطينية قراراً بقانون يعدل نص المادة 108 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 يغلّظ العقوبة على مَنْ يمارس التعذيب أو يأمر به، أو يمتنع عن إيقافها أو يسكت عنها. أما لماذا الآن؟ فيبدو أن الأمر يأتي استباقاً لزيارة اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب لدى الأمم المتحدة- SPT التي ستزور مناطق السلطة للتفقد وكتابة التقرير.

أما أن التعذيب قائم في مراكز التحقيق لدى الأجهزة الأمنية، فذلك بات معروفاً وموثقاً لدى المؤسسات القانونية والحقوقية والإعلامية المكتوب والمرئي. يكفي مراجعة مؤسسات مثل أريج – إعلاميون من أجل صحافة استقصائية، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ومؤسسة الحق، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وتقارير صحافية لشبكة القدس ، وألترا فلسطين، وبوابة الهدف، والعربي الجديد، والتي تحتوي جميعها على شهادات موثّقة قانونياً حول التعذيب، ليتأكد أن القانون القاضي بمعاقبة مرتكبي التعذيب حبر على ورق، وسيكون تعديله أيضاً حبراً على ورق.

ليس هذا فحسب، بل إن ظاهرة إدارة الظهر للقضاء، المنوط به تنفيذ القانون، باتت ظاهرة عامة لدى الأجهزة الأمنية. فقد نقلت شبكة ألترا فلسطين عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم)، أن الأجهزة الأمنية تمتنع عن تنفيذ قرارات المحاكم بإخلاء السبيل، ورصدت الهيئة خلال عام 2022، امتناع جهاز المخابرات العامة عن تنفيذ 32 قرارًا للمحكمة، يليه المحافظون بامتناعهم عن تنفيذ 27 قرارًا لإخلاء السبيل، ثم الشرطة بواقع 14 قرارًا، و11 قرار إخلاء سبيل امتنعت اللجنة الأمنية المشتركة عن تنفيذه، فيما امتنع جهاز الأمن الوقائي عن تنفيذ 5 قرارات إخلاء سبيل صادرة عن المحك.

وعليه يمكن توقع مآل التعديل الجديد لقانون منع التعذيب، فحتى لو اتخذ القضاء قراره ضد مرتكبي التعذيب، أو الأمرين به، أو الممتنعين عن إيقافه، أو الساكتين عنه حسب منطوق القانون، فالتجربة تشي بأن الأجهزة الأمنية لن تنفذ ذلك.

لماذا إذاً التعديل وقبل زيارة اللجنة الفرعية للوقاية؟

ببساطة، إنه إجراء يقتضيه قطع الطريق على اللجنة، قبل كتابة تقريرها بعد قيامها بجولاتها التفقدية على مراكز التحقيق والتوقيف، وبما يفيد أيضاً كإجراء (علاقات عامة) لسلطة أوسلو، رغم أنه لا تفيدها تلك الإجراءات، لأن لا مؤسسة أو منظمة حقوقية محلية أو دولية تبلع تلك الدعاية حول التعذيب.