أبو أحمد فؤاد : صباحي هو القادر على قيادة مصر وتحريرها من "كامب ديفيد"

حجم الخط
في لقاء مع القيادي الفلسطيني وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لـ«إسلام تايمز»: اللواء فؤاد: حمدين صباحي هو القادر على قيادة مصر وتحريرها من اتفاقات «كامب ديفيد» اسلام تايمز - يعد القيادي الفلسطيني المناضل اللواء أبو أحمد فؤاد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومسؤول الدائرة السياسية فيها من أبرز القيادات الوطنية الفلسطينية الرافضة لكل مشاريع التسوية السلمية المذلة، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، الساعية دوماً لحماية مصالح وأمن الكيان الصهيوني، وبالتالي مصالحها وأطماعها الامبريالية في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج. عشية الانتخابات الرئاسية التي تعيشها مصر ما بعد الثورة، التقى موقع «إسلام تايمز» بالقيادي الفلسطيني في مقر مكتبه بدمشق، للوقوف على مواقف وتطلعات القوى الوطنية والتقدمية الفلسطينية من مجريات الأمور في مصر اليوم، بعد سقوط نظام «كامب ديفيد». ولمعرفة ما الذي ينتظره الفلسطينيون قيادة وشعباً من مصر الجديدة، ومن الرئيس الأول لـ«الجمهورية الثانية»، «جمهورية ثوار الميادين». وكذلك لمعرفة إلى أي مرشح رئاسي تتجه عيون المقاومة الوطنية الفلسطينية؟ أسئلة كثيرة حملناه للقيادي المناضل اللواء أبو أحمد فؤاد فكان هذا الحوار:  بداية، كيف استقبلتم كقيادة وقوى وطنية فلسطينية أنباء سقوط نظام «كامب ديفيد» في 25 يناير 2011م؟ نحن بعلاقتنا مع القوى اليسارية والتقدمية والإسلامية كنا مطلعين بحدود معينة على الحراك الشعبي المحدود الذي كانت تشهده الساحة المصرية بين الحين والآخر، وقد كان الأمر الملح الذي يمكن أن يترتب عليه حراكاً شعبياً واسعاً هو تردي الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، وقضية توريث الحكم، ولقد كنا نسمع دوماً أن التوريث تحصيل حاصل نتيجة تمشي النظام في هذا السياق والدعم الأمريكي الامبريالي اللامحدود لنظام مبارك. لكن هناك من كان يرى من الأخوة المصريين أن ذلك لا يمكن أن يحدث في مصر ذات الإرث والتاريخ السياسي العريق، وكان البعض يؤكد أن التوريث مرفوض من قبل القوى الوطنية المخلصة ومنها الجيش، ما يجعل من أمر التوريث غير ممكن. وكنا نسمع من أصدقاءنا المصريين أن هناك ناراً تحت الرماد، وأن مفاجآت قد تحصل لأن الشعب المصري لا يمكن أن يقبل بهذا الحد من الإذلال والقمع والأزمات الاقتصادية، ولابد وأن يوماً ما آت لتغيير الأوضاع التي وصلت حد الانفجار. والحقيقة أن القوى العربية كانت ترى أن التوريث سيحصل وأن ما يتم ترتيبه في دوائر القرار المصرية والأمريكية والصهيونية يصب في مصلحة النظام القائم في مصر. نحن في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كنا نراهن أن الشعوب العربية لن تقبل بالأوضاع المتردية التي آلت إليها، ولن تستكين وتلتزم الصمت أكثر من ذلك، وخاصة في مصر، لأنها البلد الأكبر عربياً، ولأنها قائدة الأمة والرائدة دوماً. وقد كنا ومازلنا نعتقد أن مصر فيها الكثير من القدرات والإمكانيات التي ستبقي منها دائماً الدولة المؤهلة لقيادة الأمة العربية. وكنا في الجبهة مؤمنين أن تغييراً ما سيحدث لأن المصريين ضد اتفاقات «كامب ديفيد»، وضد السياسات الامبريالية الأمريكية في المنطقة، وكنا نرجح أن الغالبية العظمى من أبناء الشعب المصري تدرك مخاطر اتفاقات «كامب ديفيد». وكنا نتوقع أنه سيأتي اليوم الذي يرفض فيه هذه الاتفاقات وكل ما ترتب عليها، وما نجم عنها من آثار سلبية على مصر المصريين وكل العرب، وفي مقدمة ذلك خروج مصر من حلبة الصراع العربي الصهيوني، وما يلحقه ذلك من أذى وضرر بالقضية الفلسطينية بشكل خاص. لقد كان ولا يزال مقياسنا لأي نظام عربي من منطلق الصراع مع العدو الصهيوني أولاً وقبل أي شيء. فطبيعة علاقات النظام الرسمي العربي مع الكيان الصهيوني كان في أولوية اهتماماتنا ومنها بالدرجة الأولى التطبيع، لأننا كنا نرى دائماً أن هذا خرقاً في جبهة الصراع مع عدونا. ولقد دفعنا كفلسطينيين ثمناً كبيراً من هذه السياسات الرسمية المصرية سواء في حكم السادات أو مبارك، وعلاقتهما بأمريكا وبالصراع مع العدو الصهيوني ولولا اتفاقات «كامب ديفيد» وإخراج مصر من معادلة الصراع المباشر لما أقدم العدو الصهيوني على ضرب المفاعل النووي العراقي في حزيران/يونيو 1981م، وقاموا بما هو أكبر وأعتى في عام 1982م حيث احتلوا نصف لبنان تقريبًا، وحاصروا بيروت، وبعد ذلك ضربوا تونس في عُقْر دارها في عام 1985م، وكذلك مجزرة «قانا» في جنوب لبنان 1996م، وقاموا بقصف لدمشق في عام 2007م، فضلاً عن الضرب المستمر للشعب الفلسطيني، وخاصة ما حدث في مخيم جنين 2002م، وحصار غزة وقصفها في أواخر 2008م، وقد تخلَّل ذلك الحرب المدمرة التي قام بها الصهاينة ضد لبنان في سنة 2006م. إنها النتائج المباشرة لتحييد الجانب المصري (القوة الكبرى في المنطقة). إضافة إلى ذلك كله فقد كنا نولي أهمية ومتابعة لكل ماله علاقة بمتطلبات الناس في الشارع المصري، ونتألم لما يتعرضون له من مهانة وإذلال وقمع.. نخن نحمل اتفاقات «كامب ديفيد» جزءاً من المسؤولية لكل ما حدث على الصعيد المصري والعربي، لأنه لو لم تدخل مصر في مثل هذه الاتفاقات المذلة، لكان لها الدور القيادي المؤثر في المنطقة ولاختلفت موازين القوى، ولكان لها أن تمنع الكثير من الأحداث التي دفعت الأمة ثمناً كبيراً لها. وبالتالي نرى أن سقوط نظام مبارك هو بشكل أو بآخر سقوط نسبي لاتفاقات «كامب ديفيد»، ولكن ليس بالضرورة أن نلمس تغييراً سريعاً ومباشراً في هذه الفترة، وإنما سيتم ذلك مع مرور الوقت، ومع تغيير المؤسسات البرلمانية والرئاسية، فهناك إجراءات وترتيبات تحتاج إلى وقت حتى تصبح كل البنية العسكرية والمدنية رافضة للاتفاقات ولكل ما ترتب عنها من سلب للحقوق الوطنية والسيادية لمصر، وكذلك للحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة. إن ما جرى في مصر هو ثورة حقيقية لشعب انتفض بكل فئاته وشرائحه ضد هذا النظام من كثرة ما عاناه المصريون على مختلف الصعد. وكلنا قرأنا الشعارات التي رفعت من غالبية ثوار مصر، وهي شعارات في مجملها معادية للامبريالية ومخططاتها، ومن هذه الشعارات يظهر لنا مدى الوعي الشعبي المصري، لذلك نقول أن الشعب المصري سيستعيد دوره تدريجياً، فهذا الأمر يحتاج إلى وقت لأن النظام السابق حكم لفترة طويلة، وأسس لبنية وأجهزة مرتبطة مع الكيان الصهيوني والقوى الغربية الامبريالية المعادية للشعب الفلسطيني، وخاصة ضد أهلنا في قطاع غزة. لذلك نرى أن ما حدث في مصر حدث تاريخي، لأنه تم أولاً بإرادة شعبية ودون أي تدخل خارجي وبالطرق السلمية، وهو لا يعتبر انقلاباً وإنما حراكا شعبياً حقق هدفه الأول بالخلاص من نظام «كامب ديفيد». وهذا يحسب أيضاً للشعب التونسي الذي كان سباقاً في الخلاص من نظام مستبد وعميل للامبريالية الغربية أيضاً. ولكن في مصر تميز الحدث كونه أحدث تغييراً جوهرياً في قلعة من القلاع الرئيسية التي دافعت عن مصالح الامبريالية، وهمشت مصر ككيان وشعب. لهذا ننظر كجبهة شعبية أن ما جرى ثورة شعبية بكل المعاني والمقاييس، ونرجح أن ما هو قادم ثورة ستعمل على حل كل المشاكل والصراعات الداخلية لأن الشعب المصري قرر التغيير والابتعاد عن حكم مبارك. وهذا ما بدأنا نلاحظه من رفع للحصار عن قطاع غزة وقطع الغاز ومهاجمة السفارة الصهيونية في مصر. إننا نراهن أن هذا القادم سيتطور بحيث تأتي القيادة القادمة لشؤون البلاد بخطوات أكثر ثورية، تعمل على غلق السفارة الصهيونية ورفع الحصار عن قطاع غزة واحتضان قوى المقاومة الفلسطينية، لتصبح مصر ما بعد الثورة الحاضنة الفعلية للقضية الفلسطينية والمدافعة عن حقوقنا الوطنية الفلسطينية في المحافل الدولية. وعلى هذه القيادة الجديدة أن تعلم أنها إذا أخطئت أو أضلت الطريق فالشعب قادر على أن ينزل للشارع في ثورة جديدة لتصحيح المسار، والمطالبة مع ما ينسجم مع رؤى ومتطلبات الشعب.  عشية الانتخابات الرئاسية ما هي قراءتكم للمشهد بشكل عام في ظل ترشح شخصيات منتمية ومحسوبة على أغلب الأطياف السياسية من إخوان مسلمين وسلفيين وقوميين وأيضاً من رموز النظام السابق، أي (الفلول)؟ وإلى أين تتجه بوصلة الفلسطينيين في مشهد بات واضحاً فيه أن المنافسة باتت محصورة بين (حمدين صباحي، ومحمد مرسي، وعبد المنعم أبو الفتوح، وعمرو موسى وأحمد شفيق)، بمعنى آخر من ترشحون أو تتمنون أن يكون رئيس مصر القادم؟ من خلال تجربتنا نتمنى أن يكون هناك شراكة ومشاركة من كل القوى والمؤسسات التشريعية والتنفيذية، وأن لا يستفرد حزب أو تيار معين بالهيئات القيادية للحكم، وأعني بذلك أن «الإخوان المسلمين» والسلفيين الشعب قرر ومنحهم ثقتهم وهم الآن الأغلبية في مجلس الشعب لكن إذا أصبح المجلس بعد ذلك ثم الرئاسة وفيما بعد الحكومة مسيطر عليها من قبل التيار الإسلامي فقط وتغييب كل القوى الأخرى، فمن الممكن أن تكون هناك ردة فعل شعبية تؤثر على هذا النظام الجديد ومستوى التأييد الشعبي له، وبالتالي الشعب المصري يريد فعلاً التنوع ويريد أن يرى مشاركة من قبل كل القوى التي ساهمت بالثورة وتمثيل كل فئات الشعب. لذلك نعتقد أن يكون هناك مجلس شعب غالبيته من التيار الديني الذي يمثله «الإخوان المسلمين»، ورئاسة أو رئيس أقرب إلى القوى والتيارات القومية والعلمانية والليبرالية حتى يحصل التزاوج مابين المؤسسة التشريعية ومؤسسة الرئاسة. وهذا ينطبق أيضاً على الحكومة في المستقبل عندما تتشكل لتجتمع فيها كل الكفاءات وأصحاب المواقف السياسية التي كانت ضد النظام السابق والقوى التي استمرت في مناهضتها للسياسات الوالية للولايات المتحدة وللكيان الصهيوني. هذا يتناسب كما نعتقد مع مصالح الأمة بشكل عام ومصالح الشعب المصري بشكل خاص، ومصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية. نعتقد أن مثل هذا الأمر يدركه الشعب المصري جيداً، وكذلك النخبة السياسية. و«الإخوان المسلمين» مدركين هذا الأمر لأنهم كانوا يفكوا بأن يحصل نوع من التقاسم أو نوع من توزيع المسؤوليات الرئيسية بدعم منهم بحيث يصبح فعلاً هناك شراكة حقيقية بين كل مكونات الشعب المصري. لكن في الأخير تراجعوا عن هذا الموضوع، نحن لا نعرف سبب ذلك وتبقى هذه ترتيبات داخلية لها علاقة بقيادة «الإخوان» في مصر، ثم بالقيادة العليا لحركة «الإخوان المسلمين»، وليس بالضرورة أن يكون القرار قرار محض داخلي لـ «الإخوان» بمصر، بل هناك مرجعيات وهيئات أعلى للحركة، ربما يكون قد وجدوا أن لهم مصلحة بأن يرشحوا شخصاً للرئاسة، وبالتالي هذا الترشيح خلق انقسام حتى في هذا التيار الديني بحيث أن السلفيين يدعموا من انشق عن «الإخوان المسلمين»، الذين رشحوا الدكتور محمد مرسي ـ فيما بعد ـ ممثلاً لهم، أقول حتى هذا التيار حصل فيه انشقاق نتيجة رغبة «الإخوان» بأن تكون الرئاسة لهم أيضاً لتكون مكملة لمجلس الشعب. نحن نعتقد أن هناك مصلحة لمصر وللشعب المصري بأن يكون الرئيس من أمثال السيد حمدين صباحي، ونحن فعلاً نرى أن هذا الشخص يمثل التيار القومي التقدمي الديمقراطي في الشارع المصري، وهذا التيار قوي. وصباحي كشخص مناضل تقدمي ذو كفاءات متميزة، وتاريخه يشهد له أنه كان دائماً ضد النظام البائد و سياساته الموالية للامبريالية والصهيونية، ومشهود لصباحي مواقفه الوطنية والقومية، التي عرفناه من خلالها في المؤتمرات القومية التي كانت تنعقد، والمؤتمرات التي كانت تؤيد مقاومة العراق للغزو الأمريكي، وتؤيد الشعب الفلسطيني في مقاومته للاحتلال الصهيوني، وأيضاً مواقفه المؤيدة لكل مصالح الأمة بشكل أو بآخر. نعتقد أن هذا الشخص مناسب جداً لهذه المرحلة ليساهم في قيادة مصر بالاتجاه السليم، ولتعود مصر لموقع القيادة في الوطن العربي. وأرجح أن لهذا الشخص تأييداً كبيراً في صفوف الشعب المصري. وهذا الشعب قد ينصف هذا الإنسان بأن يعطيه ثقته وأصواته. لكن في كل الأحوال الشعب المصري هو الذي يقرر. نحن نبدي رأينا من خلال معرفتنا بهذا الإنسان، وبتاريخه وحاضره وبرنامجه الانتخابي، نحن نعرفه جيداً ونعرف مواقفه الشجاعة والنبيلة نحو قضايا الأمة بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص، ونحن متفائلون بأنه سيكون له حظوظ، لكن بالأخير الشعب المصري هو الذي يقرر. هل لديكم مخاوف من عودة نظام المخلوع حسني مبارك من خلال وصول أحد المرشحين المحسوبين على (الفلول)، وتحديداً عمرو موسى وأحمد شفيق؟. وهل يعني انتخاب أحدهما عودة لهذا النظام؟ لا شك أن هناك صراعاً في مصر فأكبر مفاجأة حصلت للمعسكر الامبريالي الصهيوني هو هذا الحدث، الذي فاجأ أيضاً أجهزة المخابرات العالمية وفي مقدمتها أجهزة المخابرات الصهيونية والأمريكية، فما حققه الشعب المصري من تغيير فاق كل التوقعات، بالتالي حاول الأمريكان والصهاينة القيام بعمل معاكس، لغاية الآن لم ينجحوا، ولكن بنفس الوقت لا نستطيع القول بأن كل مخططهم قد فشل، فمازال الحزب السابق موجود ولازالت رموزه موجودة، فقط اقتصر غيابهم في حدود معينة ولكن في بنية المجتمع المصري هذا الحزب لازال ولديه إمكانيات، ومازال قادراً على الإفساد وشراء الذمم والناس بإمكانياته الضخمة، وأجهزته لازالت موجودة، ولازال قسم كبير من الأجهزة الأمنية موالية لحسني مبارك ونظامه، وبالتالي مازالت المخاطر موجودة، نعم حدث تغيير معين في البناء الفوقي، ولكن في القواعد لازال الوضع خطر، بمعنى هذه الأجهزة المرتبطة بمبارك قسم كبير منها رهن النظام السابق وفلوله، ما يعني بأن هذا الولاء سيجير لمن هو أقرب للنظام المخلوع. وعلينا أن ننتبه أن عمر موسى في نظر الكثيرين لا يحسب على (الفلول)، لأنه عندما كان وزيراً للخارجية في عهد مبارك كانت له مواقف أحياناً مميزة، وكانت له شعبية في صفوف المصريين، وكانوا يحترمونه ويؤيدونه. ونحن نعتقد أن نقله من وزارة الخارجية كان له علاقة بموقف أمريكا منه، بعد أن أصبحت أمريكا تتدخل بكل الشؤون الداخلية المصرية، وبالتالي كان لأمريكا رأي أن يبعد عمرو موسى عن وزارة الخارجية، باعتباره كان مؤثراً في رسم السياسات الخارجية لمصر، وهذا موضوع معروف. وعندما ذهب إلى الجامعة العربية، لاشك أنه وقع في أخطاء كثيرة وكبيرة لسنا معنيين الآن أن نفصلها، ولكن الشعب المصري يعرفها، وقع في أخطاء كبيرة فقط تأثر بشكل أو بآخر بالضغط الخليجي وكذلك بالضغط الأوربي والأمريكي عليه، ووقع بأخطاء كبيرة تركت أثرها عليه حتى وقتنا هذا. لذلك نحن نعتبر أن موسى من أصحاب السياسات الغير ثورية،ربما تكون سياساته في مرحلة معينة مدانة، ولكنا لا نستطيع أن نعتبره ممثلاً لنهج الثورة المصرية، أو يمثل ضمير الثوار المصريين الذين تواجدوا في الميادين، أو يمثل حقيقة ما تريده هذه الجماهير لأنه حتى في تصريحاته التي استمعنا لها لا نجد أن له موقف من اتفاقات «كامب ديفيد» لا نجد أن له موقفاً جذرياً منها أو رافضاً لها بشكل واضح، بل هو مازال متمسكاً بها ويؤيدها وهذا برأي مأخذاً كبيراً عليه، وأيضاً من جهة العلاقة مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة مواقفه ليست واضحة بالاتجاه الذي يريده الشارع المصري وغالبية أبناء الأمة العربية. لذلك لا نراهن أن يتخذ مواقف لها علاقة بتغيير كبير عن السياسات السابقة فيما يتعلق على الأقل بالسياسة الخارجية، وفيما يتعلق بالعلاقة مع الكيان الصهيوني أو الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن موسى متمسك بالتسويات السياسية في المنطقة حسبما تريد الإدارة الأمريكية، وهذا بالنسبة لنا مقلق، وأيضاً أحمد شفيق هو شخصية سياسية جديدة، ونحن لا نعرف الكثير عنها، ولكن من خلال اطلاعنا على تصريحاته ومواقفه فإننا لم نلمس أن لديه مواقف متميزة فيما يتعلق بالسياسات الخارجية، وأيضاً فيما يتعلق بالديمقراطية وفي مصالح المجتمع المصري، لم نلمس أن هناك برنامجاً يمكن أن تلتف حوله القيادة المصرية، وكفاءته السياسية في رأينا محدودة لأنه شخصية جديدة في المشهد السياسي. بالتالي (موسى وشفيق) من المرجح أنهما سيأخذان تأييداً ودعماً من مؤيدي النظام السابق، لأنهما يعتقدان أنهما الأقرب، لأن كلاهما لن يفكرا باتخاذ إجراءات معينة ضد رموز النظام السابق، بالمستوى الذي يمكن أن يفكر فيه أحد المرشحين الآخرين. وفيما يتعلق بالسيد عبد المنعم أبو الفتوح لا شك أن مواقفه جيدة، ولكن نحن نرى أنه ربما قد يعقد صفقة مع «المجلس العسكري»، لكن في رأي أن «العسكري» لن يكون هو المقرر لأن الشارع هو من يقرر اليوم، لو جرت الانتخابات في فترة سابقة، وأعلن «المجلس» صراحة تأييده لهذا المرشح أو ذاك كان من الممكن أن يمنحه الناس ثقتهم، ولكن بعد فترة من تجربة «المجلس العسكري» بدأ الشارع المصري يتخوف من مواقف وسياسات «المجلس العسكري» أو من يؤيده هذا «المجلس»، وكان هناك خوفاً أن تعقد صفقة بين «الإخوان» و«العسكري»، لكننا بعد ذلك اكتشفنا أن هناك تناقضات حادة مابين «المجلس العسكري» وجماعة «الإخوان المسلمين». لذلك يمكن القول أن «العسكري» ربما يدعم حالياً (أبو الفتوح)، وليس بالضرورة دعم مرشحي الفلول (أحمد شفيق وعمرو موسى) آخذاً بعين الاعتبار النقاشات الجارية بين القوى الوطنية، وربما في الشارع المصري، ولكن في كل الحالات الشارع المصري متنبه لكل شيء، وقواه السياسية يقظة ومتابعة لأدق التفاصيل، لذلك فأن أي شيء سيحدث في هذه الفترة سيبقى خاضعاً للامتحان، وليس بالضرورة يطول الزمن حتى تقول الناس رأيها في هذا التشكيل الجديد أو التركيبة الجديدة. من هنا نحن نعتقد أن جماعة «الإخوان المسلمين» بشكل عام وتفرعاتهم لن يقدموا أي تنازل للكيان الصهيوني، هذا أمر نحن مقتنعون فيه، لأن «الإخوان» فيما يتعلق بفلسطين، وفي الكيان الصهيوني، وفي طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني، وفي حقوق الشعب الفلسطيني، نحن نرجح أنه لن يحصل تغييراً في سياساتهم ومواقفهم في هذا الاتجاه. وهذا سمعناه منهم بشكل مباشر، وأيضاً هناك قناعات دينية لدى كافة قوى التيار الإسلامي، أن هذه أراضٍ مقدسة، وأن أرض فلسطين للفلسطينيين ولكل العرب والمسلمين. هذه مواقف نبيلة ونأمل أن يكونوا متمسكين فيها، ولا نستطيع أن نزايد عليهم في هذا الموضوع. ولكن فيما يتعلق بقدرة مصر على قيادة الأمة العربية فلابد أن تفرز هذه الانتخابات تركيبة منوعة ومتنوعة حتى تستطيع أن تدخل لكل المجتمعات العربية كقائدة لهذه الأمة. ما هي رسالتكم للرئيس المصري القادم؟ أي ما الذي تنتظرونه كقيادة وكشعب فلسطيني؟ وما هو المطلوب في ظل وضع فلسطيني مأزوم إلى أقصى درجاته.. انقسام فلسطيني، وخلافات في الرؤى والمسارات، وقطاع محاصر، و«منظمة التحرير» مشلولة وعاجزة عن فعل أي تحقيق أي انجازات ومكاسب وطنية..؟ أولاً يجب علينا أن نركز على ترتيب أوضاعنا الداخلية، وإعادة بناء البيت الفلسطيني، وإعادة بناء «منظمة التحرير» على أسس ديمقراطية، وتطبيق ما اتفق عليه في القاهرة لأن هذا هو المهم. بعد ذلك ننتقل لما هو مطلوب من الآخرين، لأنه أولاً وقبل أي شيء لابد من الاهتمام بالعامل الذاتي.  (مقاطعاً)، اسمح لي ذكرتم أنه «علينا تطبيق ما اتفق عليه في القاهرة»، أوليس كثيراً مما اتفق عليه تم بضغط مصري وتحديداً بضغط من عمر سليمان (رئيس جهاز المخابرات العامة) آنذاك، وكلنا يعلم أن اتفاقات القاهرة كانت تصب في مصلحة «سلطة أوسلو» بالدرجة الأولى، وأن أطرافاً مثل «حماس والجهاد والشعبية» ضغط عليها لتقديم تنازلات وإلزامها بما لا تريد، لإنجاح ما سمي بـ«الحوار الفلسطيني الفلسطيني»؟ هذا صحيح، ولكننا حالياً نتحدث عن الحد الأدنى، ونحن نراهن أن مصر الجديدة ستسمح لنا برفع السقف. الآن حتى نحصل على ما هو ممكن هناك اتفاقات نريد تنفيذها، وهي اتفاقات نسبياً جيدة، مع أنها لا تنسجم مع ما نريده نحن كجبهة شعبية، وهناك أيضاً فصائل فلسطينية أخرى لا تنسجم مع ما أقر، وكلنا نريد سقف أعلى. لكن هذه هي القواسم المشتركة. إن ما قصدته تماماً هو ضرورة ترتيب أوضاع بيتنا الفلسطيني، ثم بعد ذلك نذهب إلى القيادة المصرية الجديدة ونقول لهم ما الذي نريده كقيادة واحدة وموحدة، على أساس أن «منظمة التحرير» هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، الجامعة لكل التيارات والفصائل والقوى السياسية الفلسطينية دون استثناء، لنطلب بصوت واحد من الآخرين ماذا نريد. أما ونحن في حالة الانقسام فلا أحد يستجيب لنا. وكـ«جبهة شعبية» فإننا نريد من النظام المصري الجديد أخذ مواقف رافضة تماماً لكل السياسات السابقة التي اتبعها نظام السادات وحسني مبارك. ليس فقط فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بل فيما يتعلق بكل قضايا الأمة، لأن النظام السابق كان يتآمر على كل الأمة العربية. ولكن إذا حصرنا مطالبنا بالموضوع الفلسطيني، فنحن نريد فعلاً من النظام الجديد إلغاء اتفاقات «كامب ديفيد»، لأن هذه الاتفاقات مدمرة تماماً لمصالح الشعبين المصري والفلسطيني. ولأن اتفاقات «كامب ديفيد» كانت المدخل لاتفاقات «أوسلو»، وكانت أيضاً الجسر لكل الاتفاقات الأخرى المذلة والمدمرة للاقتصاد وللكثير من الجوانب الأخرى، والتي جعلت شعبنا بشكل أو بآخر شعب متسول، والذي منعته من المقاومة، والذي ربطت اقتصاده كلياً باقتصاد العدو الصهيوني. لذلك كله نشدد على وجوب إلغاء اتفاقات «كامب ديفيد»، التي لولاها لما تمت اتفاقات «أوسلو» وما تبعها من اتفاقات. فبمجرد إلغاء اتفاقات «كامب ديفيد» سيكون تحصيل حاصل أن نلغي اتفاقات «أوسلو»، وبالتالي هنا يرتفع السقف السياسي، بحيث أنه يصبح لنا مرجعية جديدة، هي مرجعية النظام المصري الجديد، والتي تعني بالضرورة أنها مرجعية مختلفة عن سابقتها بكل المقاييس. والأمر الآخر هو استعادة السيادة لمصر سواء ما يتعلق بسيناء، أو ببنود معينة باتفاقات «كامب ديفيد»، التي فيها سيء من الإذلال للشعب المصري، وفيها شيء من التطاول على السيادة المصرية، وهذا سواء فيما يتعلق بالغاز، أو في مسائل عديدة جداً، يعرفها الشعب المصري، وتعرفها الأحزاب والقوى المصرية أكثر منا بكثير. لآن في تفاصيل اتفاقات «كامب ديفيد» هناك جرائم بالمعنى السياسي والاقتصادي والسيادي. وأعتقد أن القيادة الجديدة ستقف في وجه كل ذلك في الوقت المناسب لأنهم الآن ما زالوا في مرحلة ترتيب الأوضاع. ثم كلنا يعلم أن الديمقراطية في مصر كانت مغيبة بسبب الدعم الأمريكي الصهيوني لنظام مبارك، لذلك لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية حقيقية في مصر إذا بقيت أمريكا والكيان الصهيوني هما المقرران بشكل أو بآخر لكثير من القضايا المتعلقة بالوضع المصري. بالنسبة لنا خطوة من نوع إغلاق سفارة العدو الصهيوني في القاهرة, وسحب السفير المصري من الكيان الصهيوني، نعتبرها خطوة ممتازة في المرحلة الراهنة. وكذلك قطع الغاز، أقول قطع الغاز وليس زيادة الأسعار أو إبرام اتفاقية جديدة تضمن تدفق الغاز للكيان الصهيوني ـ أياً كانت بنودها، لأن هذا الكيان محتل لأرض فلسطين. كل هذه الخطوات، تجعلنا نراهن أن هناك تغيراً سياسياً جذرياً ونوعياً حصل في مصر. وعملياً عندما تأخذ مصر الجديدة مثل هذه المواقف وهذه السياسات من المؤكد أن هذه السياسات ستعكس نفسها على الدول العربية الأخرى وخاصة دول الخليج التي مازالت تراهن أنه يمكن المحافظة على نظام في مصر يراعي السياسات السابقة، علماً أن مجريات الأمور حالياً تؤكد أن الأوضاع مختلفة عن ذي قبل. ونحن نرجح أن الأمور في مصر ستتطور بشكل تدريجي، فعلى صعيد السياسة الخارجية مثلاً، سيعمل النظام الجديد على اقامة علاقات جديدة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لأنه على الصعيد الدولي هناك تغييراً ما يجري، ومصر والقيادة الجديدة متنبهة له. لأنه لابد من بديل عن ارتباطات النظام السابق مع الكيان الصهيوني وأمريكا. الآن هناك بديلاً أن يقيم النظام الجديد في مصر ما بعد الثورة، علاقات ايجابية جداً مع روسيا والصين التي تشكل اليوم قطب آخر وجديد على الصعيد الدولي. وفي هذا الإطار يمكن أن تدخل أيضاً إيران والهند وجنوب أفريقيا وفنزويلا ودول أمريكا اللاتينية، على هذا الأساس يمكن أن يكون لمصر مصلحة في أن تكون في هذا الخندق. والواقع يؤكد أنه ليس من مصلحة «الإخوان المسلمين» أو أياً من القوى الوطنية والتقدمية أي مصلحة في أن يكونوا في الخندق الامبريالي الأمريكي الصهيوني، وهذا أمر مؤكد. إننا نرجح أنه عند استقرار أوضاع القيادة الجديدة ستفكر أن مصلحتها هو أن تكون في المعسكر المعادي للسياسات الامبريالية والصهيونية، أنا سمعت تصريحات ـ على سبيل المثال ـ للمرشح حمدين صباحي تصريحات واضحة تمام الوضوح، حيث قال بالحرف: «إن أصبحت رئيساً لمصر سأدعم المقاومة بكافة أشكالها بما فيها الدعم بالسلاح». وأنه: «سيكون هناك مجلس قومي يقرر إجراءات أخرى ذات طابع أمني وعسكري تدعم المقاومة». وقال أيضاً: «أعتبر إيران الداعمة لقوى المقاومة في فلسطين ولبنان دولة صديقة، وعلينا التفكير جيداً كيف يجب أن نبني علاقات ايجابية مع إيران فهي ليست العدو، وإنما الكيان الصهيوني هو العدو». وهنا لا بد لنا بالإشادة بتصريحات صباحي الذي لم يساير أحداً في هذا الأمر، بل كان واضحاً تماماً في قوله أن (إسرائيل) هي العدو. وأن أمريكا ارتكبت أخطاء كبيرة في سياساتها تجاه قضايانا ومصالحنا. والحقيقة أن باقي المرشحين لم يكونوا في وضوح حمدين صباحي، فمرسي وأبو الفتوح رغم أنهما أكدا أن (إسرائيل) عدو، إلا أنهما في الخطوات التفصيلية فكل واحد منهما تحدث باتجاه تغيير الأوضاع في فترات لاحقة، لكن حمدين كان واضحاً أنه منذ الآن لابد من تفكيك العلاقة مع الكيان الصهيوني. أعتقد أننا منذ الآن ـ كفلسطينيين ـ ستكون مصر بالنسبة لنا حاضنة لمشروع المقاومة، وستكون مصر الجديدة ـ الأرجح ـ مختلفة تماماً عن مصر النظام السابق. وعندما تستكمل ترتيبات الانتخابات الرئاسية سنجد مواقف متبلورة أكثر تجاه المقاومة. وأعتقد أن مصر ستعود كما عهدناها، أي ستكون الداعم الرئيسي للمقاومة الفلسطينية، وأيضاً مصر تؤثر أيضاً على القيادة المتنفذة في قيادة «منظمة التحرير»، ما يعني تصويب المسار. مرة أخرى أقول مصر الجديدة ستكون معنا عندما نرتب بيتنا الفلسطيني ونكون قوى موحدة، عنها ستكون الحاضنة لمشروعنا المقاوم.