المرأة في الانتخابات المحلية القادمة

حجم الخط
سأنطلق من فرضية أن عملية التوجه لإجراء الانتخابات المحلية جادة، وبأن الاتفاق الجديد الموقع بين حركتي فتح وحماس ليس موجهاً ضدها. الارتياب في جدية إجراء الانتخابات موضوعي بسبب الحمولة الزائدة في المجتمع على خلفية خبرة وتجارب المصالحة الفاشلة التي أنشأت وعياً عاماً بأن مواعيد الوحدة الوطنية غير مقدسة.. في أعقاب أكثر من سبع سنوات مضت على انتخاب أول هيئة محلية في عام 2004، لا بد وانه قد تشكل وعي عام حول متطلبات ووظيفة المجالس المحلية، كما يفترض بأنه قد تم استيعاب أبرز الدروس المستخلصة من مصاعب التجربة، التي أبرزت مضار التسييس المفرط التي وقعت في حبائله المجالس برمتها، غير معوِّلة كثيراً على أن الاستخلاص الصائب يؤدي حتماً إلى الإصلاح الصحيح.. بل أبني على تكرار "تجريب المجرب" ..او الإصرار على تراث: عنزة لو طارت.. كما لا بد وأن المرأة بمؤسساتها الجماهيرية والمتخصصة لديها الجاهزية لتعمل ما ينبغي فعله، بشرط توفر الإرادة للمشاركة باختيار المرشحات، ورفض حصر مهمتها في الموافقة على الخيار الحزبي الضيق، البعيد عن الاهتمام بالأبعاد المهنية ومتطلبات الكفاءة اللصيقة بعمل ووظيفة المجالس ذات المهام الخدمية والفنية دون إشاحة الوجه عن خبرة العمل الاجتماعي والمواصفات الشخصية .. في مراجعة التجربة النسائية الماضية لا بد من إبراز الخلل الذي شاب عملية فرز المرشحات، حيث لم يكن الحزب السياسي جاهزا لعملية انتخابية باتساع حجم المجالس المحلية، فوقع في براثن اعتبارات بعيدة عن المعايير والمواصفات المفترض توفرها بالمرشحات بما فيها الخضوع لمقاييس العشائر التي تقلق الحركة النسائية. وهكذا عرفنا عمليات فرز للعضوات بهدف استكمال القوائم، وهو الفرز الذي اتسم بالعشوائية أو الخضوع لاعتبارات فئوية أو عشائرية. ان العوامل الظرفية الفلسطينية أنشأت الإفراط في تسييس أي عملية انتخابية مهما كانت وظيفتها وغاياتها، حتى لو دفع المجتمع ثمنا للمغالاة في التسييس. وأضيف الى الاعتبارات الفئوية تلك الاعتبارات الخاصة بالنساء، وهي المعايير التي تتحكم في اختيار النساء التي تطل من نوافذ النظرة الدونية، حيث لا يجري التدقيق والمقارنة بين المرشحات استكمالا لدواعي استكمال القائمة والنظر للنساء كقطيع بلا ملامح ولا فروق تميز الواحدة عن الأخرى. أفترض بأن المرأة ممثلة باطرها السياسية والاجتماعية مدعوة لعلاج الثغرات والعثرات التي رافقت فرز المرشحات، وهو الأمر الذي يتطلب منها الإصرار على قيادة الدفة لحماية معايير الاختيار وكذلك للتدخل في موقع وترتيب مقعد المرأة في القائمة، فليس قدرا لا رادّ له ان يُطوب المقعد الخامس على اسمها وما قبله يطوب للرجال كإرث أبدي. انطلق الى التدقيق في الترتيب على الرغم من ان "الكوتا" ستحمي وصول المرأة الى المجلس، بل للذهاب الى التفاصيل لعدم اقتصار الأمر في نظري على ايصال المرأة الى المقعد، لأن العين والهدف على عملية التغيير الاجتماعي برمتها، والكوتا إحدى الوسائل المحدودة التأثير ان استهدفت بشكل مجرد عن السياسات. لقد ركز الجميع، الأحزاب التي تملك رؤية اجتماعية وكذلك الحركة النسائية، اهتمامها على الوصول الكمي الى المقعد، ونظرت الى "الكوتا" كوسيلة لادماج المرأة في هيئات صنع القرار، دون ربط عملية الادماج بأجندة التغيير الاجتماعي بشكل شامل في السياسات العامة وعلى صعيد المناهج الدراسية والإعلام والثقافة والسياسة..الخ. ومن هنا لا بد وان ننتهي من إرساء المفاهيم على الجوهر دون الشكل، وأن نتفاهم على أهداف التغيير ووسائله..وبالوقت الذي نطالب الأحزاب الكف عن اعتبار ان معيار الكفاءة من نواقص المرأة فقط، وأن تظهر الإخلاص لبرنامجها الديمقراطي وتطبقه قولا وفعلا.. أطالب بأن تكف المرأة عن البكائيات والاحتجاج السلبي واستبداله بالفعل الإيجابي والحازم.. وأخيرا، على الرغم من أن قانون انتخابات الهيئات المحلية مغلق أمام احتياجات التعديل في الدورة القادمة التي كشف التطبيق عيوبه. ادعو أطر المرأة لأن تعمد الى المطالبة بفك رموز والتباسات بعض بنوده المتعلقة بالمرأة. لقد قام التعديل المستحدث بموجب مرسوم بقرار في آب 2007 باستثناء الهيئات التي يقل عدد الناخبين فيها عن الألف ناخب من تحديد ترتيب المرأة في القائمة الانتخابية، ووضع صلاحية الترتيب بيد القائمة، الأمر الذي يفتح الباب مفتوحاً أمام شياطين الإقصاء والتمييز للدخول منه..! أضيف الى الالتباس السابق الغموض الذي يحيط بانتخابات المجالس المشتركة ليس بخصوص الرجال فقط.. بل يحيط بمشاركة المرأة المتضررة من غموضه بشكل أكبر، الذي يجعل من التحرك باتجاه إجلاء الالتباس والغموض وجيهاً للمطالبة بالتوضيح والإصلاح بمرسوم رئاسي..