عذابات يومية للقاصرين في سجن "الشارون

القاصر صالح شحدة اعتقل خلال توجهه للصلاة وما زال موقوفا
والطالب زين ابو ماريا انكر التهم رغم التحقي
حجم الخط
القاصر صالح شحدة اعتقل خلال توجهه للصلاة وما زال موقوفا والطالب زين ابو ماريا انكر التهم رغم التحقيق ويرفضون الافراج عنه جنين – تقرير علي سمودي عندما كانت ماذن الحرم الابراهيمي تردد اذان العشاء مساء يوم 11-2 ،غادر القاصر صالح شحدة ابو سنينة (16 عاما ) منزله قاصدا المسجد لتادية الصلاة كعادته يوميا ، ولم يكن يدر في خلد صالح حتى في اسوأ كوابيسه انه لن يكمل طريقه وسيحرم من تادية صلاته وسينضم لقائمة المعتقلين لدى الاحتلال الاسرائيلي الذي مارس بحق كل صنوف التعذيب والعقاب دون ذنب او سبب . تلك الصورة المؤلمة ، تتكرر فصولها يوميا في مخيلة صالح لتثير مشاعر الحزن والالم لديه والاحتلال يرفض الافراج عنه ويمدد توقيفه ويواصل سلبه حريته والتحكم بحياته التي تحولت لمحطات معاناة في قسم الاشبال في سجن "الشارون ". الاعتقال التعسفي وخلال زيارة المحامية بثينة دقماق رئيسة مؤسسة "مانديلا " للاسير صالح ، روى لها تفاصيل بداية رحلة المعاناة ، فقال " توضات وغادرت منزلي في مدينة الخليل لصلاة العشاء في تمام الساعة التاسعة مساءا ،و بالقرب من بوابة الحرم الابراهيمي اعترضني الجنود ودون مقدمات احتجزوني وقيدوني ووضعوا العصبات على عيوني والقوني في دورية عسكرية ". ويضيف " لم يكن هناك أي مجال لكلمة او اعتراض فالواضح انهم كانوا ينتظروني لاعتقالي الغير مبرر وعندما وصلت الدورية الى مركز اعتقال عتصيون رفضوا استلامي فنقلوني الى سجن عوفر حوالي الساعة الثالثة فجرا ". اللحظات العصيبة لم يغمض جفن لصالح ، فقد اجتمعت عليه عوامل البرد الشديد وهواجس الخوف والقلق ، ويقول " بقيت مصلوبا دون سؤال ومئات الاسئلة والصور تتردد في مخيلتي حول اسرتي ومصيرها بعد اعتقالي المباغت وقلقي اذا علموا بامري وماذا سيحل بامي تحديدا التي كانت تنتظرني بعد كل صلاة فلم انام للحظة واحدة ". في الساعة السابعة صباحا بدأ التحقيق مع صالح من قبل ضباط من جهاز الامن الاسرائيلي " الشاباك" وهو مكبل اليدين والرجلين، ويقول "حاصروني بسلسلة طويلة من التهم رافقها ضغط وتهديد باحضار اخواني وأمي وسط توجيه الشتائم والكلمات النابية التي يصعب على احد تحملها فانكرت التهم ". التحقيق والضغط لم ينتهي المشهد ، وفي نفس اليوم نقلت سلطات الاحتلال صالح الى زنازين المسكوبية ، ويقول " هناك بدات محطة ثانية من العذاب واستمر التحقيق معي بواقع ثلاث جولات يوميا بمشاركة ثلاث محققين ورابع إدعى انه ضابط المنطقة و بين جولات التحقيق كانو يعيدوني الى الزنزانة لاتعرض لمزيد من الضغوطات لخداعي وتضليلي والادلاء باعترافات حول تهم لم انفذها ". حرم صالح من الطعام حتى عصر اليوم التالي ، وقال " تعمدوا منعي من كل الاشياء العادية في حياة الانسان لعزلي وحصاري وكانت اول وجبه اكل عند الساعة الثالثة عصراليوم التالي وهي عبارة عن بيضة ورغيف خبز وعلبة لبن "،ويضيف " بعد ذلك احضروا شخص لا اعرفه وادعى انه شاهد علي بانني القيت زجاجة مولوتوف وحجارة على الجيش واحتجزوني معه لمدة 8 ايام كانت اسوا لحظات حياتي حتى نقلت الى سجن عوفر ثم الشارون ". عزل بسبب دعاء قررت المحكمة تمديد توقيف صالح ورفضت الافراج عنه كونه قاصر ولم يثبت ادانته باي تهمة ، بينما تعددت اشكال معاناته بسبب استهداف الادارة في سجن الشارون التي عاقبته لتادية دعاء في الصلاة ، وقال صالح لمحامية مانديلا " بتاريخ 24/4/2012 واثناء وجودي في سجن هشارون رددت عدة ادعية عند صلاة الجمعة ، ومما قلته " اللهم اجعل السجن سجنا لاولادهم وحرر المسجد الاقصى "، ويضيف " وما لبث ان حضر مدير القسم ووضعني في زنزانة مساحتها متر في مترين وعاقبوني حتى في طعامي فوجبات الطعام قليلة وسيئة و لم تكن لتشبع عصفور "، ويكمل " عزلت في الزنزانة لمدة 7 ايام ، ولم اخرج للفسحة ولم يتوفر لدي سوى بطانية وفرشة ، وكنت انشف جسمي بنفس الملابس التي ارتديها واصبحت اشعر بدوخة وكانني مضرب عن الطعام من قلة الاكل ". صالح ابلغ المحامية دقماق ، ان سلطات الاحتلال كانت اعتقلته عام 2007 وهو في سن 12 عاما وحوكم 4 شهور ، وفي عام 2009 اعتقل لفترة 6 شهور ، وخلال شهر رمضان عام 2010 اعتقل لثلاثة شهور ، ومنذ اعتقاله الاخير لا زال موقوفا ، وما زال ممنوعا من زيارة عائلته وسمح لوالدته بزيارته مرة واحدة فقط . حكاية اخرى في نفس السجن ، تكثر الصورة المريرة والمؤلمة لحكايات الاطفال الذين انتزعهم الاحتلال من اسرهم وحياتهم وحرمهم الحرية والتعليم وفرض عليهم القيود والعذاب باقسى صوره التي وثقتها محامية مانديلا . وتشكل حكاية الاسير القاصر زين هشام ابو ماريا ( 16 عاما ) من بلدة بيت امر قضاء الخليل نموذجا اخرى روى لدقماق تفاصيل تجربته ، ويقول " في الساعة الثالثة والنصف من فجر 7-3-2012 حاصرت قوات الاحتلال منزلنا واحتجزونا وفتشوه ثم عزولوني ودون ابداء أي سبب قيدوا يدي ووضعوا العصبات على عيوني وانتزعوني من بين اسرتي التي ابلغوها باعتقالي دون توضيح السبب ". لحظات مريرة تمتزج فيها كل صور الرعب والخوف عاشها زين الطالب المتفوق والمجتهد في السن العاشر والجنود يحاصرونه ويكلبونه ويقتادونه للمصير المجهول ، ويقول " لم يرعوا طفولتي وتعمدوا ترويعي طوال الطريق التي كنت اصلي ان تنتهي وتزال العصبات عن عيوني فلا يوجد شيء اشد الما من الظلمة والقيد والجهل بالمصير فكنت اسال نفسي في كل لحظة ما السبب وماذا يريدون مني ؟". التحقيق والتهديد توقفت الدورية ، فاعتقد زين انها نهاية الكابوس ولكنه سرعان ما وجد نفسه امام صورة اكثر ترويعا كما وصفها " ففورا اقتادوني للتحقيق صلبوني مقيد ومعصب وهددوا بتكسير جسدي اذا لم اعترف بضربي الحجارة على الجيش "، ويضيف " رفضت التهمة وبدأوا بضربي على وجهي وبطنني لارغامي على الاعتراف". فوجيء المحققين بصلابة الطفل الذي بدى في سن اكبر من عمره لم ترهبه الضغوط ولم يتراجع امام الضرب فنسجوا له حكاية جديدة لخداعه ، ويقول زين " بعد انكاري رفعوا العصبة عن عيني وعرضوا امامي شريط فيديو مدعين بأنني احد الافراد الذين يضربون الحجارة، فقلت لهم انا غير موجود في هذا الشريط ولم اقم بضرب الحجارة". استشاط الجنود غضبا ،واعادوا ربط زين وتعصيب عينيه ، ويقول " ضربوني والقوني خارج الغرفة ممدا على الارض مقيد ومعصيب في الشمس لمدة ساعيتن ثم ادخلوني مرة اخرى الى غرفة التحقيق وهناك وجدت محقق جالس امام جهاز الكمبيوتر ، فقلت له انا لم اضرب الحجارة ولم اعمل شيء مخالف للقانون". 12 محكمة رفض زين الاعتراف وتمسك بموقفه فنقل بعد جولات تحقيق مكثفة الى الى سجن عوفر ثم الى "الشارون"، ويقول " اثناء وجودي في سجن عوفر تم انزالى الى المحكمة العسكرية 12 مرة ورفضوا الافراج عني واستمروا في تجديد توقيفي "، ويضيف " خلال وجودي في الشارون تعرضت لعقوبات عديدة ولكن اشد لحظات المعاناة كانت يوم نقلي للمحكمة فقد كانت ادارة مصلحة السجن تدخل علي الغرفة الساعة الثانية فجرا يوقظونني من نومي ويكبلوني من اليدين والرجلين ويخرجونني الى الاقفاص بانتظار البوسطة واعود بعد الساعة الخامسة مساءا لاواجه محطة الم لن تنتهي ما دام الاحتلال يسلبنا حريتنا واحلامنا وحياتنا "، ويضيف " ففي السجن رفضوا السماح لي بمواصلة دراستي وخسرت عاما دراسيا من عمري ولا ادري الى متى ستستمر هذا الرحلة القاسية ". القانون والاحتلال واكدت المحامية دقماق ، ان "اسرائيل" تواصل ملاحقة واستهداف واعتقال الاطفال القاصرين واحتجازهم في ظروف غير انسانية وحرمانهم من ابسط حقوقهم ، وقالت " ان عجز وصمت المجتمع الدولي امام انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي الانساني الذي يحضر اعتقال الاطفال يشجع الاحتلال على المضي في هذه السياسات التي تدمر حياة ونفسيات ومستقبل هؤلاء الاطفال الذي كفل لهم القانون حياة كريمة " واضافت " في السجن يعيش القاصرين كوابيس ومعاناة وعذاب في كل لحظة مما يؤكد اهمية التحرك الفوري والعاجل من كافة مؤسسات المجتمع الدولي للضغط للافراج عنهم وتحريم اعتقالهم ".