العُنف ضد المرأة .

المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة 
   
يبقى العنف الممارس ضد المرأة السمة ا
حجم الخط
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة يبقى العنف الممارس ضد المرأة السمة المميزة لكل العصور وفي كل بقاع الأرض لا يحده مكان أو زمان ولا تحده ثقافة أو تخلف ويجمع بين المتحظرين والمتخلفين . لا أتحدث هنا عن تأريخ العنف عبر العصور ضد المرأة ولكني سألتقط شواهد ملموسة وأُحللها وهي خير دليل على أن العنف لا يحده المستوى الثقافي ولا الإجتماعي بل هو ظاهرة إجتماعية خطرة تنبع من تضاربات عقلية وحسية ضد المرأة يمكن أن تصدر من مستويات ثقافية عالية نتيجة عدم تقبل باطني لموقف محدد مع المرأة أو مواقف عديدة وتعالي ذكوري على ضعف المرأة وإتخاذ للقرار عنها حتى لو كان قراراً يخص الحياة أو الموت أو يخص مستقبل المرأة أو معايشتها وأخذ سريع لزمام الأمور وقد يكون بمستويات مختلفة ما بين الرفض السهل والرفض المتوحش , كأن يرفض مثلاً رجل متحضر ترْك زوجته أو صديقته له , وقد يكون رد الفعل لهذا الموقف عنيفاً جداً وقد يصل الى درجة القتل , فهنا لدينا مثلاً رجل أكاديمي نيوزيلندي قام بقتل صديقته بطعنها بالمقص مئة طعنة بمجرد أنها أنهت علاقتها معه , وقد يصدر هذا الفعل عن رجل متخلف وفي مجتمع شرق أوسطي كالعراق حين دخل ذات رجل عاطل عن العمل الى صيدلية ليحصل على نوع من أنواع المخدرات الطبية وحينما رفضت الصيدلانية الشابة بيعه هذه المخدرات قام بقتلها وطعنها مئة طعنة ايضاً ؟ , والغريب أن الرجلين لن يجدا غير المقص والسكين وسيلة للتعامل مع المرأة , يجمع بين هذين الرجلين ضعف التوازن الذي قد يصل الى حالة العنف والتي لن يجدا لها حلاً إلا بالقتل , وهناك ايضاً خلل نابع من طريقة تحليلهما للأمور وإستنتاجاتهما , وقد إستطاعا حتماً أن يتلافا هذه الحالة في الحياة العادية لكنهما لن يستطيعا أن يتلافاها في الحياة الحسية والعاطفية وهي الحاسمة بالنسبة للكثير من الرجال , فالأول رفض عقله إنهاء علاقته الحسية والثاني رفض عقله الصحو المفروض عليه لعدم قدرته على تناول وجبته من المخدرات . وقد يفضل البعض ممارسة العنف أثناء الحياة العملية ويُظهر تأزمه أو يحقق ذاته فيه , وقد يفضل البعض الآخر أن يحقق ذاته ويثأر لها في علاقاته العاطفية وهذا هو منحى العرب بشكل عام . إن ظاهرة العنف ضد المرأة في الدول العربية قد تأتي لأسباب واهية كالإشتباه الأخلاقي , ويتفنن المجتمع العربي في التخلص من المرأة في هذه الحالة , فقد تُجبر على الإنتحار بوسائل مختلفة لكي يبدو الموت بعيداً عن المشتبه بهم , أو أن يقوم المجتمع بعملية إعدام علنية أمام الجمهور كما حدث أكثر من مرة في أفغانستان حيث أُعدمت نساء في الساحات العامة بسبب الإشتباه بهن من قِبل أزواجهن , وربما كان الزوج راغباً في التخلص من زوجته , وهناك ايضاً أسلوب الرجم حتى الموت , ويذكرني هذا بالعصور الوسطى حين كانت الكنيسة تأمر بحرق المرأة المشتبه بها , أو ماكانت تفعله بعض القبائل الهندية حيث كانت تُدفن المرأة وهي حيّة مع زوجها بعد موته , وليس بعيداً عنا ما كان يفعله الرجل العربي في الجاهلية حين كان يدفن إبنته وهي حيّة ايضأ خوفاً من العار , وليس بعيداً عنا ايضاً التجاوزات الأخلاقية على جسد المرأة كأن تُجرى لها عملية الختان , أو تُقسر على الزواج المبكر قبل سن البلوغ أو يُتاجر بها لغرض الإستفادة المادية بتزويجها وتطليقها لأكثر من مرة , وهكذا أصبح جسد المرأة عُرضة للمتاجرة وفق القانون . إن المجتمع العربي يُصعد قيمه تجاه المرأة لكن هذه القيم لا تستخدم ضد الرجل , فلم نسمع يوماً أن رجلاً أُعدم بالرصاص لإتهامه بالزنى , إن قوانين العُرف الإجتماعي تتصلب في المجتمعات المتخلفة وتصبح المرأة فيها الحفرة التي تُرمى فيها كل المزابل , وتظهر في أوضاع المرأة كل أنواع الإحباط والظلم الإجتماعي التي يمر بها الرجل العربي , فيقوم بتفريغ إحباطه بالكيان المادي والروحي للزوجة والأطفال وكأنه يثأر لنفسه من مجتمعه , فهو يثأر لفقره وتهميشه من قِبل المجتمع , ويبقى الرجل في العالمين المتحضر والمتخلف منتقماً لذاته وهذا ما يجمع الإثنين مع إختلاف الأسباب , ويبقى العنف الذكوري تجاه المرأة مختلفاً في واقعه وظروفه لكن النتيجة واحدة وهي أن الجنس الأضعف من الجنس البشري يقع تحت الضغط المادي والأخلاقي للجنس الأقوى .