الانتخابات المقبلة في الكيان الصهيوني– تحليل وسيناريوهات محتملة

كان اعلان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو عن تبكير موعد الانتخابات العامة غير مفاجئ بالنسبة لل
حجم الخط
كان اعلان رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو عن تبكير موعد الانتخابات العامة غير مفاجئ بالنسبة للحلبة السياسية الصهيونية. وتوقع العديد من المحللين السياسيين ان يقوم نتنياهو بهذه الخطوة نظرا لتطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية الداخلية وتطوراتها على الساحتين الاقليمية والخارجية . على الصعيد الداخلي واجه نتنياهو صعوبات جمة في تمرير مشروع ميزانية الكيان للعام المقبل اذ كان من المفترض ان يشمل هذا المشروع اجراءات تقشفية صارمة كان من شأنها ان تثير تذمرا لدى شرائح واسعة من المجتمع الصهيوني, وهذا بطبيعة الحال ما لا يريده اي رجل سياسي في الفترة ما قبل اجراء الانتخابات . ويشار بهذا الصدد الى ان نتنياهو قد علل قراره بتبكير موعد الانتخابات بإحجام شركائه في الائتلاف عن تأييد مشروع ميزانية الكيان . اما على الصعيدين الخارجي والاقليمي فيرى المحللون ان رئيس الوزراء الصهيوني يعتبر انه سيكون من الاسهل مواجهة التحديات في هذين المجالين بعد تلقيه تفويضا جديدا من الشعب من خلال فوزه في الانتخابات وخاصة في حال فوز الرئيس الامريكي بارك اوباما بفترة ولاية ثانية . وعلى الصعيد الحزبي يعتبر نتنياهو ان هناك فرصة سانحة حاليا لخوض الانتخابات وللفوز بفترة ولاية اخرى مستغلا شعبيته وعدم وجود اي منافس بارز له في الاحزاب الاخرى . واذا نظرنا الى الخارطة السياسية الصهيونية في الوقت الراهن لرأينا ان حسابات نتنياهو لها ما يبررها . اولا انه يسيطر على حزب الليكود بصورة شبه مطلقة حيث لا يوجد له حاليا اي منافس ذي شأن في صفوف هذا الحزب , وثانيا انه لا يزال يحظى بدعم حلفائه التقليديين في كتل اليمين بفضل عدم بروز اي بديل له في قيادة هذا المعسكر . وبالرغم من تزايد شعبية حزب اسرائيل بيتنو بقيادة المتطرف افيغدور ليبرمان, بحسب استطلاعات الراي العام الاخيرة, فانه لا يشكل حاليا تهديدا حقيقيا لهيمنة الليكود على معسكر اليمين . اما معسكرا اليسار والوسط فلا يزال ينتابهما ضعف كبير خاصة في اعقاب ما تشير اليه الاستطلاعات من تحطم شعبية حزب كاديما الوسطي الذي كان قد حصل على اكبر عدد من المقاعد في الانتخابات السابقة . وبحسب هذه الاستطلاعات لن يحصل هذا الحزب بقيادة شاؤول موفاز على اكثر من سبعة او ثمانية مقاعد في البرلمان القادم . وبالنسبة الى حزب العمل برئاسة الصحفية السابقة شيلي يحيموفيتش يلاحظ ان شعبيته ازدادت خلال الفترة الاخيرة اذ تشير الاستطلاعات الى امكانية حصوله على بين 17 الى 19 مقعدا غير انه لا يزال بعيدا عن تشكيل تهديد حقيقي لهيمنة الليكود . وهناك لاعب جديد دخل الحلبة السياسية بصفة النجم الصاعد الا وهو الصحفي الشهير يئير لابيد الذي اسس حزبا باسم ( هناك مستقبل) فهو يسعى الى قيادة معسكر الوسط . وتمنحه الاستطلاعات حاليا ما بين 15 و18 مقعدا. اما وزير الحرب ايهود براك فقد تحطمت شعبيته هو الاخر خاصة بعد انشقاقه عن حزب العمل وتشكيله حزبا جديدا باسم (الاستقلال) فمن غير الواضح ما اذا كان هذا الحزب سيتجاوز نسبة الحسم . كما هو الشأن بالنسبة للأحزاب اليسارية الصغيرة الاخرى مثل (ميريتس) التي قد تحظى وفقا للاستطلاعات بثلاثة او 4 مقاعد . فيما يتعلق بالأحزاب العربية الثلاثة ( الجبهة والقائمة العربية الموحدة والتجمع ) التي تحتل حاليا 11 مقعدا فهي بطبيعة الحال تحسب على معسكر اليسار – الوسط غير انها عادة تظل في صفوف المعارضة مهما كانت نزعة الائتلاف الحاكم . وفي ضوء ذلك نرى ان الطريقة الصحيحة لتحليل ما يجري على الساحة السياسية الصهيونية ولوضع السيناريوهات المختلفة هي النظر الى المعسكرات وليس الى الاحزاب المختلفة . فبالرغم من التغيرات الاخيرة لا يزال هناك في الكيان الصهيوني معسكران سياسيان رئيسيان هما اليمين واليسار – الوسط . والامر الذي يحسم الانتخابات هو عادة انتقال ما يسمى بالأصوات العائمة (اي اصوات المترددين ) من هذا المعسكر الى ذاك . اذاً ما هي السيناريوهات التي يتوقع ان تفضي اليها الانتخابات المقبلة؟ : السيناريو الاول , وهو الاكثر احتمالا, فوز معسكر اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو وتشكيله للائتلاف الحكومي القادم مع الاحزاب المتدينةالصهيونية. وتشير الاستطلاعات الحالية الى احتمال فوز هذا المعسكر بالأغلبية اللازمة لتحقيق ذلك . وهذا الاحتمال كان يراهن نتنياهو عليه عندما اعلن عن تبكير موعد الانتخابات . اما السيناريو الثاني –وهو اقل احتمالا – فيتمثل بفوز الليكود في غالبية المقاعد وانضمام حزب العمل وحزبي كاديما و(هناك مستقبل) الى الائتلاف في محل الاحزاب اليمينية الاكثر تطرفا . وكانت رئيسة حزب العمل يحيموفيتس قد اعلنت انها لا تستبعد الانضمام الى ائتلاف برئاسة نتنياهو . غير ان المحللين يستبعدون قيام نتنياهو بالتنازل عن حلفائه التقليديين في اليمين من اجل ذلك. والسيناريو الثالث وهو الكابوس الذي يقض مضاجع نتنياهو هو عودة رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت الى الحلبة السياسية مع تسيبي ليفني واقدامه على توحيد معسكر اليسار – الوسط تحت قيادته. ففي هذا الحال تشير الاستطلاعات الى احتمال فوز هذا المعسكر في الانتخابات . وفي مثل هذا الحال قد ينضم حزب (اسرائيل بيتنو) الصهيوني المتطرف الى الائتلاف . غير ان هناك عوائق عدة تقلل من فرصة تحقق هذا السيناريو . اولا محاكمة اولمرت في قضية الفساد "هوليلاند" ما زالت جارية , كما ان النيابة العامة لم تقرر بعد في مسالة استئنافها لتبرئة ساحة اولمرت من قضايا فساد اخرى . ثانيا اعلان رئيسة حزب العمل انها لن تخوض معركة انتخابية مشتركة مع اولمرت باعتباره مجرما ادانته المحكمة بإساءة الائتمان . ولا يزال اولمرت يتخبط في مسالة العودة الى العمل السياسي خاصة بعد ما تعرض له من هجمات شخصية في فترة ولايته السابقة. وتحسبا لوقوع هذا السيناريو أطلق أعضاء ووزراء في الليكود حملة لمنع اولمرت من التنافس في الانتخابات المقبلة على اساس ادانته بهذه الجريمة. ان الاشهر الثلاثة التي بقيت حتى موعد اجراء الانتخابات تعتبر فترة طويلة في الحياة السياسية الصهيونية وقد تكون مفعمة بتقلبات وتغيرات للوضع . غير ان الاعتقاد السائد لدى المحللين هو ان نتنياهو كان صائبا في حساباته عندما اتخذ القرار بتبكير موعد الانتخابات .